مفهوم الفقر :
تعريف الفقر لغة :
يعرفه المنجد في اللغة و الإعلام على أنه : " فقر فقارة:ضد استغنى أي أحتاج و ذلك أن يصبح الإنسان محتاجا أو ليس له ما يكفيه"...17
ورد للفقر الكثير من التعاريف ضمن العديد من الأدبيات التي تتحدث عن التنمية البشرية والاقتصادية ومكافحة الفقر، وللفقر أشكال وأنواع مختلفة فهناك الفقر المادي وهو النوع المفهوم من قبل الجميع وفقر المشاركة وفقر الاستقلالية وفقر الحماية.
كما أن هناك أنواع أخرى من الفقر تبعا لمدة بقائها، فهناك فقر صدمة وفقر موسمي وفقر دائم، وهناك أنواع أخرى من الفقر نسبة إلى عدد الفقراء مثل الفقر الفردي والفقر الجماعي والفقر المنتشر والفقر المتوطن، وهناك نوع أخر من الفقر نسبة إلى أسلوب قياسه وأهمها الفقر النسبي والفقر المطلق والفقر المدقع.
وتجمع معظم الأدبيات التي تتحدث عن الفقر على أنه: عبارة عن حالة تعبر عن النقص أو العجز في الاحتياجات الأساسية والضرورية للإنسان.
وأهم هذه الاحتياجات: الغذاء، الرعاية الصحية، التعليم، السكن أو المأوى، تملك السلع المعمرة وتوفر الاحتياط المادي لمواجهة الأمور الطارئة أو الأزمات التي قد تتعرض لها الأسرة أو الفرد. إن الفقر هو الوضع الذي يعمل جميع الناس على الهروب منه، الفقر هو الجوع، الفقر هو الافتقار إلى المأوى، الفقر هو أن تكون مريضا وغير قادر على زيارة الطبيب، الفقر هو عدم القدرة على الذهاب إلى المدرسة ومعرفة القراءة، الفقر هو فقدان طفل بسبب تلوث مياه الشرب ….
فالفقر من أكثر المفاهيم التي عرفت من أوجه مختلفة و متعددة، نذكر منها: -
- الفقر يعني الحرمان من الغذاء و المأوي و التعليم و الرعاية الصحية و التمتع بالحياة ، فهو الجوع، وفقدان المأوى، وعدم القدرة على زيارة الطبيب عند المرض، و عدم الانخراط في الدراسة, و البطالة، الخوف من المستقبل ، ويرى البعض أن الفقر صورتان متشابكتان صورة فقر الوعي و صورة فقر الموارد، إما فقر الوعي فهو فقر ثقافي يحول دول الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة ، أما فقر الموارد الإنتاجية فهو يوقف تراكم جهود الناس للعيش جثثا تحت خط الحياة الإنسانية الكريمة .
- و يرى البعض الأخر من الباحثين الاقتصاديين أن الفقر بمعناه الشامل : هو ندرة الموارد أو تبديدها أو توزيعها على نحو غير عادل .
فإذا ما استثنينا ظاهرة الندرة يصبح الفقر مرتبط بالتخلف الذي هو حالة تشمل النمو الاقتصادي و الاجتماعي و تخلق عقبات في طريق استخدام الموارد الطبيعية و الإمكانيات البشرية المتوفرة الاستخدام أمثل ، اعتمادا على جهود الذاتية الممكنة، من هنا تنبع ضرورة ملاحظة لعنة الفقر و محاولات القضاء على التحديات التي يطرحها.
- و يعرف تقرير التنمية الإنسانية العربية 2002 ، الفقر بأنه عبارة عن عجز الناس عن امتلاك القدرات البشرية اللازمة لضمان أحقيات الرفاه الإنساني في كيان اجتماعي ما ، شخصا كان أو أسرة أو مجتمعا محليا .
- إن الفقر هو "عجز الإنسان أو جماعة من الناس في المجتمع عن وجدان ما يوفر مستوی الكفاية في العيش ظاهرة حاربها الإسلام في تشريعه و وصاياه و اعتبارها شرا إنسانيا باعتباره يسبب حرمان الإنسان من أحد حقوقه الذي هو الكفاية في العيش، وشرا اجتماعيا باعتباره يعوق المجتمع عن التقدم المادي و المعنوي". والزكاة باعتبارها أحد أعمدة الإسلام الخمسة ، تمثل شكلا راقيا من أشكال العدالة التوزيعية، بحيث يفرض على مسلم تتعدى ثروته حدا معينا إعطاء نسبة ثابتة من ثروته لمنفعة أفراد الأمة الأقل حظا - مسلمين أو غيرهم - مرة كل سنة، فالزكاة أداة هامة للتخفيف من الفقر و القضاء عليه...
دينيا فيعرف مفهوم الفقر كالتالي :
حديث صحيح رواه البخاري عن أبي هريرة عن الصادق محمد صلى الله عليه وسلم، قال : " ليس المسكين الذي يطوف على الناس ، ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، ولكن المسكين : الذي لا يجد غني يغنيه ، ولا يفطن به فيتصدق عليه ، ولا يقوم فيسأل الناس".
وفي روايـــة أخرى لأبي هريرة أوردها البخاري في صحيحه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، و قال :
" ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان ، ولكن المسكين الذي ليس له غني ، ويستحيي ، أو ، لا يسأل الناس إلحافا" .
قال الله تعالى ((للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ..)) و قوله كذلك ((يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)) فوصفهم بالفقر وأخبر مع ذلك عنهم بالتعفف حتى يحسبهم الجاهل بحالهم أغنياء من التعفف .
فقد ثبت للفقير الملك كقول القائل:
أما الفقير الذي كانت حلوبته ****وفق العيال فلم يترك له ستند.
والمسكين كذلك لقوله تعالى ((أما السفينة فكانت لمساكين )).
ومن العرب من يسوى بينهما كما في القاموس إلا أن قوله تعالى ((إنما الصدقات للفقراء و المساكين..)) ففي هذه الآية تفريق بين الفقراء والمساكين .
الفقر من أكثر المفاهيم التي عرفت من أوجه مختلفة ومتعددة؛ وأكثرها شيوعا هو: "أنه الحالة الاقتصادية التي يفتقد فيها الفرد إلى الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء والملبس والتعليم وكل ما يعد من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق في الحياة ".
وعلى المستوى العام: كثيرا ما يكون الفقر ناتجا عن المستوى المنخفض للتنمية الاقتصادية أو للبطالة المنتشرة، والأفراد الذين لا يملكون القدرة الأقل من المتوسطة للحصول على دخل - لأي سبب كان۔ غالبا ما يكونون فقراء، و بذلك يصبحون تحت عتبة الفقر هذا الذي يفصل بين الفقير و الغني.
والتعريف السابق للفقر يحمل بين طياته إحدى التعريفات الثلاثة التي يعرف بها الفقراء، والتي حددت في منتدى العالم الثالث سنة 1994، و التي نذكرها على النحو التالي:
أولها:
وهو التعريف الموضوعي الذي يركز على كونهم غير القادرين على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة. ويعتبر كلا من دخل الأسرة ومتوسط نفقات الفرد مقياسين كافيين لمستوى المعيشة، وهنا يكمن الفرق بين الفقر وعدم المساواة، فكما ذكر البنك الدولي في تقرير التنمية في العالم (1990) أن الفقر يعبر عن المستوى المطلق لمعيشة جزء من السكان وهم الفقراء، بينما يعبر عدم المساواة عن المستوى النسبي للمعيشة في المجتمع ككل و بدون استثناء.
أما التعريفان الآخران للفقراء فهما التعريف الذاتي للفقراء والتعريف السوسيولوجي للفقراء :
التعريف الذاتي:
يعرف فيه الفقراء من وجهة نظر الفرد ذاته؛ فإذا شعر بأنه لا يحصل عما يحتاج إليه بصرف النظر عن احتياجاته الأساسية. يعد فقيرا.
وأما السوسيولوجي :
فيعرفهم بكونهم من يحصلون من المجتمع على مساعدة اجتماعية، ويعتبر الحد الفاصل للفقر هو الحد الذي يحصل عليه الفرد عندما يعتمد في معاشه على المعونة الاجتماعية.
ومن التعريفات التي تأتي مصاحبة لتعريف الفقر هو تعريف حد الفقر وهو الحد الأدنى من الدخل اللازم لتلبية النفقات الضرورية للغذاء والبنود غير الغذائية لأفراد الأسرة، بحيث يعتبر هذا المستوى من الدخل أو الإنفاق هو الحد الفاصل بين الفقراء وغير الفقراء؛ فمن يقعون عند الحد الفاصل أو أدنى منه يوصفون بأنهم فقراء، ومن يقعون فوق الحد الفاصل هم غير الفقراء. و قد حدده البنك الدولي في تقرير التنمية عام 1992 بأنه 400 دولار للفرد عام 1990 وما يوازيها من دولارات حتى عام 2000 .
أما برنامج الأمم المتحدة للتنمية فقد عرف الفقراء ببعد إنساني أعمق؛ وهو أنه إنكار ورفض للعديد من الاختيارات والفرص الأساسية لتنمية الإنسان، ويتضمن ذلك القدرة على عيش حياة طويلة مبدعة وصحية وعلى اكتساب المعرفة ونيل الحرية والكرامة واحترام الذات واحترام الآخرين، والتوصل إلى المصادر المطلوبة لمستوى معيشة كريم.
وفي تقرير تنمية الإنسان الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1977 قدم مقياس للفقر الإنساني تحت اسم "دليل الفقر الإنساني"، ويقيس هذا الدليل الحرمان والفقر بالنظر لخمس خصائص للفقر من واقع الحياة وهي: الجهل وسوء التغذية بين الأطفال والوفاة المبكرة وفقر الرعاية الصحية وعدم القدرة على الوصول إلى المياه الآمنة.
و حسب تعريف آخر لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية لسنة 2000 حول الفقر ، فقد عرف خصوصا " الفقر المقدع" ، " الفقر العام" و " الفقر البشري" كما يلي :
- ( الفرد الذي يعيش الفقر المدقع هو الذي لا يحصل على الدخل الكافي لإشباع احتياجاته الغذائية الضرورية - عادتا تعرف اعتمادا على أقل کالوريات ).
- ( الفرد الذي يعيش الفقر العام هو الذي لا يحصل على الدخل الكافي لإشباع إحتياجاته الغير الغذائية الضرورية – اللباس، الطاقة و السكن و الغذاء ).
- الفقر الإنساني يمثل بغياب القدرات الإنسانية التي تعتمد على : - الأمية. سوء التغذية - انخفاض أمل الحياة - تدهور صحة الأمومة الأمراض التي يمكن أن نتفاداها ).
- " الفقر هو الجوع والوحدة وعدم وجود مأوى يؤوي عند انتهاء اليوم وحرمان وعنصرية واستغلال وجهل". أم من أمريكا اللاتينية.
- " الفقر معناه أن تستيقظ بلا منظور، الفقر يسلبك تطلعك إلى المستقبل..." • ممثل رابطة نشاطات المؤسسات غير الحكومية • (Ngo).
- " الحقوق التي يثری بها دستورنا الجديد ستكون خاوية، وديمقراطيتنا ستبقى هشة إذا لم يصحبها التحسن والتقدم في حياة البشر؛ خاصة هؤلاء الذين يتحملون عبء الفقر وعدم المساواة" . نيلسون مانديلا.
- " يمكن القول أن "الفقر" موجود داخل مجتمع معين عندما تكون رفاهية فرد أو مجموعة من الأفراد غير محققة لمستوى رفيع كحد أدنى مقبول من كافة أفراد ذلك المجتمع " .
المؤتمر الإحصائي العربي الأول ( الأردن نوفمبر 2007): “ هو جانب من الحرمان المادي يتمثل بإنخفاض استهلاك الغذاء كما و نوعا، و تدني الوضع الصحي و المستوى التعليمي و الوضع السكني و غير ذلك" .
التعريف السوسيولوجي: “من يحصلون من المجتمع على مساعدة اجتماعية، و يعتبر الحد الفاصل للفقر و هو الحد الأدني الرسمي للدخل الذي يحصل عليه الفرد عندما يعتمد في معاشه على المعونة الاجتماعية".
البنك الدولي (2000): يشير إلى أبعاد متعددة تتجاوز مجرد الدخل المنخفض، فهو يعكس الصحة المعتلة و التعليم و الحرمان من المعرفة و الاتصالات، و عدم قدرة الفرد على ممارسة حقوقه الإنسانية و السياسية ، و حرمانه من الكرامة و الثقة و احترام الذات".
برنامج الأمم المتحدة للتنمية 2004: أنه إنكار ورفض للعديد من الاختيارات و الفرص الأساسية لتنمية الإنسان و يتضمن ذلك القدرة على عيش حياة طويلة مبدعة و صحية و على اكتساب المعرفة ونيل الحرية و الكرامة و احترام الذات و احترام الآخرين، و التوصل إلى المصادر المطلوبة لمستوى معيشة كريم".
خلاصة :
يمكن القول أنه لا يوجد تعريف محدد و موحد للفقر بل يوجد مفهوم يختلف من منطقة إلى أخرى من حيث المكان الجغرافي و الزمن الذي يتم تحديده حسب المعايير التي تكون لها صلة وثيقة بالفقر بحد ذاته، ففقر مثلا داخل الجزائر يختلف من منطقة إلى أخرى .
حيث أن الفقر بالجزائر العصمة يختلف عنه بمدن الأخرى كالداخلية و حتى التي لها علاقة بالتراث الثقافي للجزائر ففقير في القبائل و الأوراس و التوارق و بني مزاب لا يحس أنه فقير حيث أن هذه المجتمعات تتصف بالتضامن اتجاه بعضها البعض فلا هناك فرق بين الفقير و الغني.
أما عند الولاية التي تختلط بها ثقافات مختلفة فإن الغني بحد ذاته يرى إلى نفسه أنه غير مكتفي ذاتيا لأنه لا يصل إلى مستوى الرفاه الذي يسعى إليه ، فيرى أنه دوما فقير رغم أنه غني مقارنة مع الأشخاص الذين يعيشون بمناطق أخرى.
بالإضافة إلى ذلك فإن الوسط المناخي يلعب دورا | كبيرا في تحديد الفقير فالأشخاص الذين يعيشون تحت البرد القارص داخل الجزائر جلهم فقراء بالإضافة إلى الذين يعيشون تحت درجة حرارة مرتفعة.
وبهذا يمكن لنا القول أنه لا يمكن تحديد مفهوم معين و دقيق يثبت كل المعايير التي لها صلة بتعريف موحد للفقر و بهذا يكون مفهوم الفقر في الجزائر غير محدد بمعاييره التي تساعدنا القياس دقيق ومطلق و تحليل أدق و أنجع لوصول في النهاية إلى نتيجة تكون مطابقة للواقع المعاش و يتقبلها كل من أراد التطلع عليها ، يمكن بهذا تغير كلمة الفقر بمستوى الرفاهية فهي أدق في تحديدها لمستوى الفقر في الجزائر كما هو مستعمل في الدول الأجنبية و الذي وضعه البنك الدولي و المنظمة العالمية للتنمية (البنود).
تعليقات