تعريف الصناعة وأهميتها
تعريف الصناعة :
ورد مضمون أو معنى الصناعة في آيات الذكر الحكيم، في قوله تعالى "خلق الإنسان من صلصال كالفخار".. و(الصناعة) لغة، بالكسر حرفة الصانع، وعمله الصنعة ، أما اصطلاحا فقد ذكرها أبن خلدون في مقدمته إذ قال (اعلم إن الصناعة ملكه في أمر عملي فكري، وبكونه عمليا فهو جسماني محسوس) .
هناك عدة تعاريف للصناعة، إذ يعرفها بعض الباحثين بأنها عملية يتم فيها تحويل مادة من المواد من حالتها الأصلية إلى حالة أو صورة جديدة تصبح معها أكثر نفعا وإشباعا لحاجات الإنسان ورغباته، كأن نحول القطن الخام إلى المنسوجات القطنية، ونحول الحديد الخام إلى مكائن وآلات حديدية).
وعرفت أيضا بأنها ( ذلك النشاط البشري الذي يؤدي إلى إنتاج مواد جديدة من مواد أولية مختلفة، وهي العمليات التي يقوم بها الإنسان مستخدما نوعا من الآلات و الأجهزة ومعتمدا على نوع من الطاقة أو الوقود، لإنتاج مواد جديدة يستفيد منها الإنسان بصوره اكبر من حالة المواد السابقة التي استخدمت في صنعها) .
لعل تعريف هيأة الأمم المتحدة للصناعة يعد أكثر شمولا، من خلال وصفها بأنها ( تحويل مواد عضوية أو غير عضوية بعمليات ميكانيكية أو بعمليات كيميائية إلى منتجات أخرى سواء أنجزت بواسطة آلات ميكانيكية تحركها قدرة أم أنجزت بالأيدي، وسواء أحدث إنجازها في مصنع أم في ورشة أم في بيت، وسواء بيعت إلى تاجر جملة أو إلى تاجر مفرد).
إن كلمة الصناعة (Industry) قد أتسع مفهومها ليشمل مفاهيم الأنشطة الاقتصادية الأخرى، كمفاهيم صناعة النقل (Transportation Industry) وصناعة السياحة (Tourism Industry) وصناعة الزراعة (Agricultural Industry) إذ يقصد بذلك النشاط الإنتاجي في تلك المجالات .
وبالرغم من تعدد تعاريف الصناعة واتساع مفهومها واتجاهاتها، إلا أنها لا تخرج عن الحالات الآتية:
1. حالة استخراج الخامات من باطن الأرض، أو تقطيع الصخور وتدعى بالصناعة الإستخراجية (Extractive Industry)
2. حالة تحويل المواد الأولية من صورة إلى أخرى لتكون أكثر فائدة للإنسان وتدعى بالصناعة التحويلية (Manufucture Industry).
3) حالة إنتاج الطاقة من أحد مصادر الوقود، كالفحم والنفط والغاز الطبيعي أو من المساقط المائية أو من الانفلاق الذري وغيرها. وتسمى بصناعة إنتاج الطاقة (Energy Industry).
وللصناعة أثر فاعل في تدعيم بنية الاقتصاد الإقليمي وفي تحفيز نمو قطاعاته، بل وتعتبر العامل الأكثر تأثيرا وسرعة في هذا المجال مقارنة بالأنشطة الاقتصادية الأخرى لما للصناعة من روابط باتجاهات مختلفة مع تلك الأنشطة، فضلا عن المؤثرات المضاعفة اللاحقة.
أهمية الصناعة :
تأثيرات الصناعة الأساسية :
ويمكن أن نلخص تأثيرات الصناعة الأساسية بالنقاط الآتية:
1. تعتمد الصناعة في توفير مستلزماتها السلعية على إنتاج الحرف الأولية، الزراعية والرعي، التحجير والتعدين، جمع ثروات الغابات، صيد الحيوانات البر والبحر) وتعزيز الإنتاج الصناعي يتطلب توفير مزيد من المدخلات، إذ يضيف طلبا على إنتاج هذه الحرف مما يوفر حافزا قويا لتنشيط الحركة الاقتصادية في تلك القطاعات.
2. تعمل الصناعة في الإقليم على تشغيل الأيدي العاطلة وإضافة فرص عمل، وبغية تطوير مهارات الأيدي العاملة يتطلب فتح مراكز تدريب وإقامة دورات تأهيل واستخدام مزيد من التقنيات الصناعية مما ينعكس في أحداث تأثيرات إيجابية على البنية السكانية، ثم التأثير في عملية التحضر، بما يتضمن ذلك من تطوير المستوى التعليم والصحة والثقافة و غيرها من جوانب الحياة الاجتماعية.
3. تتمتع الصناعة بقدرتها الإنتاجية العالية من الناحية الكمية والنوعية، وإنتاجها لوسائل إنتاج القطاعات الأخرى، إذ تنتج سلعة نهائية إنتاجية تساعد على تطوير القطاعات الزراعة، التجارة، النقل، الخدمات..) وتنتج سلعا أخرى استهلاكية لها أثر في رفع المستوى المعاشي والحضاري للسكان.
4. تعمل الصناعة على تعظيم القيمة المضافة وذلك من خلال التعميق المستمر للتصنيع المحلي.
5. إمكانية الصناعة على زيادة الناتج الإجمالي ونمو متوسط نصيب الفرد مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع الصناعية والخدمات المختلفة، وهذا ينجم عن قدرة العمليات الصناعية على إضافة قيمة ومنفعة كبيرة للمواد الداخلة فيها، فضلا عن ارتفاع قيمة المنتجات الصناعية مقارنة بمثيلاتها من الأنشطة الأخرى.
6. كثير من الصناعات كالصناعات الهندسية والكيمياوية لها روابط مع غيرها من الصناعات، فبعض منشآتها مثلا تنتج سلعا وسيطة، وهذا يشجع إقامة منشات أخرى تزودها بالمواد الأولية أو تستخدم منتجاتها كمواد أولية في عملياتها الصناعية ما ينتج عن ذلك تسارع في حركة النمو الاقتصادي
7. يظهر تأثير النشاط الصناعي من خلال تطوير البني الأرتكازية وخدمات رأس المال الاجتماعي والتسهيلات المالية والمصرفية، وهذا التطور ينعكس في إحداث تأثيرات إيجابية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
8. للصناعة تأثيرات غير مباشرة يحدث بعضها في الأمد البعيد، فهي مثلا توفر فرص عمل في قطاعات البناء والتشييد، نقل العاملين، التسويق والخزن ) وتزيد في الطلب على السلع الزراعية والصناعية لاستهلاك العاملين فيها، مما يوفر فرص عمل إضافية في قطاعات اقتصادية وخدمية أخرى.
9. إن التطور الصناعي يسهم في استقرار الاقتصاد وحمايته من التقلبات المختلفة التي قد يتعرض الأسباب شتى.
10. للصناعة أثرها وأهميتها من خلال بعدها المكاني، حيث أن معظم الأنشطة الاقتصادية يرتبط نجاحها بالتوطن في مواقع معينة تتميز بتقديم مزايا ومنافع كثيرة للأنشطة القائمة فيها، مثال ذلك المراكز السكنية والصناعية الكبيرة) مما يحرم مواقع أخرى من فرص النمو والتطور وقطف ثمارها مما يخلق تباينا واضحا في مستويات النمو والدخول بين إقليم وأخر.
والصناعة هي الأكثر قدرة وسرعة على تقليص هذا التباين، إذ كثير من فروعها تتميز بإمكانية إقامتها في مواقع كثيرة وان اختلفت هذه في خصائصها وبذلك يمكن الإفادة من هذه الفروع في إحداث حركة نمو في الأقاليم والمواقع التي تعاني من تباطؤ في نموها الاقتصادي أو الاجتماعي أو السكاني.
11. إن إسهام الصناعة في عملية التقدم العلمي التكنولوجي يزيد من فاعليتها في عملية تجديد الإنتاج ويبقى تطور القطاعات الأخرى مرهونا بالتطور الصناعي وعلى مدى استيعابه لأحدث الاكتشافات العلمية.
12. إن التقدم الصناعي يسهم في ترسيخ الاقتصاد الإقليمي والقومي وبالتالي يوفر إمكانية تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي والقدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
13. قدرة القطاع الصناعي في تحقيق التغيرات الهيكلية القطاعية فيما بين قطاعاته من جهة وبين القطاعات الأخرى من جهة أخرى، مما يمكن عد الصناعة القاعدة التي تستند عليها عملية التنمية الإقليمية
14. إن الصناعة كفيلة بتحقيق القدر الأعظم من التنمية، التي تكون التنمية الصناعية أهم مجالات العمل الرئيس فيها، بهدف تعزيز القدرة الإنتاجية للإقليم.
تعليقات