المقدمة :
الأداء يعد القاسم المشترك لجهود الأفراد العاملين داخل أية منظمة ، فالاتجاهات التقليدية في الإدارة تنظر إلى الأداء المتميز من خلال توجه و إصرار على ممارسات إدارية و عملياتية تصب في تحسين الأداء الكلي للشركة ( 457 : 2002 , William )، أما التطور الحاصل في مفهوم الأداء التنظيمي فقد أتى على عدة مراحل، سواء في الإطار الصناعي کشركات أو منظمات أو دول، و الملحوظ أن هذا التطور انصب أولا على المؤشرات المالية فقط، وفق اعتبارات تأثرت بالظروف الاجتماعية و الإنسانية ( friedlob , et , al , 2002 ) ، ثم أت بعد ذلك عدة محاولات لربط الأنشطة و العمليات و كذلك المخرجات في تقييم أداء العمل ( 460 : 2002 , William ).
مفهوم الاداء التنظيمي :
يرى ( 131 : 1991 , Eccle ) أن الأداء هو العاكس الرئيسي لقدرة المنظمة على تحقيق أهدافها، و يتفق معه كل من ( Robins & wiersema , 1995 : 278 ) في أن الأداء هو قدرة الشركة في الوصول إلى أهدافها طويلة الأجل،
أما ( Miller & Bromiley , 1990 : 757 ) يعتقدان أن الأداء هو محصلة قدرة المنظمة في الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لها و توجيهها نحو تحقيق الأهداف المخطط لها.
و من وجهة نظر ( Wright, et al, 1998 : 259 ) فإن الأداء يمثل الناتج المرغوب أو المراد تحقيقه الوصول إليه من قبل المنظمة، مرتكزا فقط على الجوانب الإيجابية لنتائج الأداء، و مفترضا قدرة المنظمة على تحقيق مستوى عال لأدائها، و بما أنه ينظر إلى الأداء على أنه الناتج لمختلف الأنشطة و الأعمال التي تمارسها الشركة، فإن قياسه يتحدد نسبة للعوامل المؤثرة فيه و مدى قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها من خلاله .
يرى ( 119 : 1995 ,Collis & Montgomry ) أن القدرات المميزة للمنظمة الاستغلال الأمثل لمواردها هو الذي يحدد مدى كفاءة المنظمة في أدائها، و يعرف ( Wit & Meyer , 1998 : 40 ) الأداء من خلال مدخل النظم مرتبطا بمستوى مخرجات المنظمة بعد إجراء العمليات اللازمة على مدخلاتها .
يختلف الكثير من الباحثين و الكتاب في تحديدهم لمجالات الأداء و طرق قياسها، فمنهم من ينظر إلى أهداف أصحاب المصالح بوصفها مجالات رئيسة يجب على المنظمة قياسها كما يرى آخرون أن تحديد مجالات الأداء يعود إلى ما تهتم به بعض إدارات المنظمات التي تمثل أولوياتها، و فيما يلي توضيح لهذه المجالات :
مجالات الأداء :
1. مجالات الأداء المالي ( الربحية )
اتفق الكثير من الكتاب و الباحثين في استخدام مؤشرات الأداء المالي في عملية قياس الأداء المؤسسي في مختلف منظمات الأعمال الشركات.
فقد أكد( 376 : 2003 ,Lynch ) أن الأداء المالي هو المقياس الأساسي لمدى نجاح المنظمات، كما أن عدم تحقيق المنظمات و الشركات للأداء المالي المطلوب و الأساسي قد يهدد بوجودها و استمراريتها، و يعبر) 6 : 1995 , Hunt & Morgan ) بقولهما: الأداء المالي المتفوق و المتميز يعد هدف المنظمة الرئيس، و أن جميع الأهداف الثانوية للمنظمة يمكن تحقيقها ضمنيا من خلال تحقيق الأداء المالي العالي و ضمن المنظور الاستراتيجي للأداء المالي .
و يعتقد ( 48 - 47 : 1998 , Harrison & John ) أن نتاج الأداء المالي يمكن استخدامه كمؤشر رئيسي في عملية التحليل الداخلي للمنظمة، و بحسب رأيهما يمكن للمديرين استخدام هذه النتائج في تحديد مستوى الأداء الكلي للمنظمة. كما يؤكدان أيضا على أهمية الأداء المالي فيما يتعلق بالعوامل البيئية الخارجية للمنظمة، فالشركة التي تتمتع بأداء مالي مرتفع تكون أكثر من غيرها قادرة على استغلال الفرص التي تتاح لها في مواجهة التحديات التي تواجهها في بيئة عملها الخارجية كما أنها تتعرض لضغوطات أقل من قبل أصحاب المصالح و الحقوق .
و يؤكد على ذلك أيضا ( 306 : 1997 , Waddock& Graves ) عندما يعتبر أن الأداء المالي المتميز و المرتفع يتيح للمنظمة الموارد المالية الكافية لاستغلال أي فرص استثمارية، و يساعدها على تلبية احتياجات أصحاب المصالح و الحقوق.
و يحدد) 182 : 1994 , Thompson ) النسب المالية الأكثر ملاءمة في قياس أداء المنظمة كالآتي : العائد على صافي الموجودات، هامش الربح الصافي، هامش الربح الإجمالي و دوران صافي الموجودات، في حين يرى) 304 : 2001 , David ) أن أهم هذه المؤشرات هي : العائد على الاستثمار و نمو الموجودات، أما ( 241 - 240 : 2008 , Wheelen & Hunger ) يعتقدان بأن نسب العائد على الاستثمار، العائد على حقوق الملكية وعائد السهم الواحد هي المؤشرات الأكثر ملا مة للاستخدام في قياس الأداء .
2. مجالات الأداء العملياتي ( الحصة السوقية )
بالإضافة إلى المؤشرات المالية، يعتمد أيضا على مقاييس و مؤشرات تشغيلية في الأداء كالحصة السوقية، تقديم منتجات جديدة، نوعية المنتج الخدمة المقدمة أو الإنتاجية و غيرها من المقاييس التي ترتبط بمستوى أداء المنظمة، إن تضمين مقاييس الأداء المقاييس تشغيلية يظهر للإدارة الصورة الواقعية للأداء الذي تستطيع المؤشرات المالية إظهاره ( 804 : 1986 , Venkatarman & Ramanjam ) .
و من وجهة نظر ( 324 - 323 : 1999 , Macmenamin )ن اعتماد المؤشرات و النسب المالية فقط كأداة و مقاييس لتقييم أداء المنظمة، لا يعطي الرؤية المتكاملة حول الأداء الكلي لها، و أنه من الضروري اعتماد أساليب غير مالية أيضا من أجل بناء نظام فعال لقياس الأداء الكلي للمنظمة.
و يرى ( 23 : 2005 ,Holbech ) بأنه إذا تم الاهتمام بالأداء الشامل و الكلي للمنظمة من قبل المدير سيكون أكثر ميلا لإيجاد التوازن بين الاهتمام المالي و العملياتي .
كما قدم ( 1992 : 71 , Kaplan & Norton ) نظام Balance Scorecard ، و هو نظام يسمح بقياس الأداء المالي و العملياتي للمنظمة، و تعزز هذه البطاقة المؤشرات المالية بمؤشرات عملياتية تتمحور حول العملاء و العمليات الداخلية، و أنشطة التطوير و الإبداع في المنظمة بحيث يتم تعزيز الأداء المستقبلي للشركة .
إن الإجماع و التوصل لمفهوم محدد للأداء صعب جدا، بالرغم من الأبحاث و الدراسات التي تناولت هذا الموضوع، فتعدد الأبعاد ضمن هذا الموضوع و استمرارية الشركات بالاهتمام بمختلف جوانبه يجعل من الأداء موضوعا عميقا للبحث و الدراسة، و ذلك بسبب ارتباطه بمختلف المتغيرات البيئية الداخلية و الخارجية المحيطة بالمنظمة ( 7: 2006 , Armstrong).
و يؤكد 13 : 2004 , Hale ) أن الأداء التنظيمي مفهوم واسع، كما ن متغيراته محددة بقدر تحدد و تطور أي من مكونات المنظمة، لذلك فإن الاختلاف حول موضوع الأداء أتى ناتج من اختلاف المعايير و المقاييس المعتمدة لقياس الأداء من قبل المديرين و المنظمات كما يرى بعض العلماء أن هذا الاختلاف يعود إلى تنوع و تشعب أهداف قياس الأداء .
و تأكيدا على ذلك فقد تبني البحث الجمع بين مؤشرات الأداء المالي و المتمثل بالربحية، و مؤشرات الأداء العملياتي و المتمثل بالحصة السوقية لقياس أداء المنظمة .
علاقة القيادة التحويلية و إدارة المعرفة بالأداء التنظيمي :
أدت ظهور المداخل الجديدة في الفكر الإداري و التنظيمي إلى زيادة تركيز المنظمات على القيادة الإدارية و إدارة المعرفة في تحسين مستوى الأداء لهذه المنظمات. فالمنظمات المعاصرة ديناميكية في جوهرها، فحاجات و رغبات العاملين و المتعاملين فيها متجددة متغيرة مما يستدعي وجود قيادات تمتلك خصائص و قيما و معتقدات تختلف جذريا عن خصائص القيادة التقليدية، بحيث تكون قادرة على التوظيف الفاعل للموارد و المعلومات بكافة أنواعها - و قيادة المنظمة في أجواء تنافسية، فالمنظمات الفاعلة هي المنظمات التي تتمتع بالمرونة و الابتكار و تعتمد استراتيجيات واضحة للتميز ( Bass & Avolio, 1992 : 22)
تهتم القيادة التحويلية – كأحد أحدث و أشمل المداخل القيادية - بعملية كيف أن قادة معنيين يكونون قادرين على إلهام الأتباع لإنجاز مهمات عظيمة، و يؤكد هذا المدخل أن القادة يحتاجون إلى أن يفهموا و يتكيفوا مع حاجات الأتباع و دوافعهم.
و يعرف القادة التحويليون من خلال الدور الذي يلعبونه باعتبارهم دعاة للتغيير، فهم يعدون نماذج رائدة يحتذى بها، وهم قادرون على إيجاد رؤية مستقبلية واضحة للمنظمة، و يدعمون الأتباع من أجل تحقيق معايير أداء عالية من خلال معرفتهم بأساليب دعم و تحفيز العاملين لديهم و استثارة الإبداع الكامن عندهم لتحقيق أهداف المنظمة و بالتالي الارتقاء بالمستوى التنظيمي إلى أعلى المستويات، و هذا ما أكدته العديد من الدراسات على أهمية دور القيادة التحويلية نمطا و سلوكا على الأداء التنظيمي، و منهم على سبيل الذكر لا الحصر ( Burns, 1978, Bass 1985 ) ( Tichy & Devanna, 1986) ( Northouse, 2001 : 216 )
تؤثر إدارة المعرفة و بشكل كبير أيضا على الأداء التنظيمي، إذ تؤثر بشكل مباشر على الأداء التنظيمي عند استخدام المعرفة في تطوير و ابتكار المنتجات الجديدة التي تؤدي إلى زيادة العوائد و الأرباح، و أيضا يظهر تأثير إدارة المعرفة على الأداء التنظيمي عندما تتواءم استراتيجية إدارة المعرفة مع استراتيجية الأعمال في المنظمة،
و مثال على التأثير المباشر لإدارة المعرفة على الأداء العام للمنظمة، تلك النتائج ذات العلاقة مع العوائد و الكلف و التي ترتبط مع رؤية المنظمة و استراتيجيتها . و أما التأثير غير المباشر على الأداء التنظيمي فينتج عادة من الفعاليات غير المباشرة المرتبطة برؤية المنظمة و استراتيجيتها، أو مع العوائد و الكلف، و مثال على ذلك، استعراض القيادة الواعية مع الصناعة التي بدورها تؤدي إلى زيادة ولاء الزبون للمنظمة ( العلي ، 2005 : 282 ).
تعليقات