البدائل الاستراتيجية
المقدمة :
تنوعت جهود الكتاب في محاولة تقديم الإستراتيجيات التي تستخدمها منظمات الأعمال، والتي عادة ما تقسم إلى ثلاث مجموعات هي :
- الاستراتيجيات على مستوى المنظمة.
- الاستراتيجيات على مستوى وحدة الأعمال الاستراتيجية.
- الاستراتيجيات على المستوى الوظيفي.
لذلك يقدم البحث هذه الإستراتيجيات مرتكزة بشكل أساسي على الكتابات الحديثة في هذا المجال.
وفيما يلي عرض مختصر للاستراتيجيات الرئيسية منها :
الاستراتيجيات على مستوى المنظمة Corporate Strategic:
يمكن تقسيم الاستراتيجيات على مستوى المنظمة بشكل عام إلى ثلاثة أنواع: هي استراتيجيات الاستقرار، استراتيجيات النمو، استراتيجيات الانكماش .
استراتيجيات الاستقرار Stability Strategy
ترتكز هذه الاستراتيجية على فلسفة عدم إجراء أي تغييرات جوهرية في الأهداف والخطط الحالية، وتتضمن هذه المجموعة عدة استراتيجيات فرعية هي :
1- استراتيجية عدم إجراء أي تغيير No Change Strategy
تتطلب هذه الاستراتيجية الإبقاء على الأهداف القائمة والخطط الموضوعة، وعدم إجراء أي تغيير عليها، ويعتمد نجاح هذه الاستراتيجية على عدم التغيير الجوهري في البيئة الداخلية والخارجية .
۲- استراتيجية الربح Profit Strategy
تعتمد هذه الاستراتيجية على تخفيض كبير في حجم الموارد المخصصة للإنفاق على المصاريف الحرجة، فالمصاريف الحرجة تعرف بأنها تلك المصاريف التي تنفق الآن وتظهر آثارها في المستقبل . إن هذا يعني أن المصاريف الحرجة تتضمن الإنفاق على الجوانب ذات الصلة بالنمو المستقبلي كنفقات البحث والتطوير والصيانة والتدريب والتأهيل والدعاية والإعلان وغيرها من المصروفات ذات العلاقة بالنمو المستقبلي لعمل المؤسسة .
إن النتيجة التي تتمخض عن استخدام هذه الاستراتيجية تظهر على شكل زيادة كبيرة في الأرباح السنوية الصافية على حساب الشروط الضرورية لضمان مستقبل المؤسسة، وقد تناسب هذه الاستراتيجية مؤسسة تمر في ضائقة مالية مؤقتة تتبناها لحين تجاوز تلك الضائقة لتعود بعد ذلك إلى وضعها الطبيعي، وينصح عادة ألا تطول الفترة الزمنية التي تستغرقها هذه الاستراتيجية.
۳- استراتيجية التوقف المؤقت Puse Strategy
هي استراتيجية مؤقتة لتمكين منظمة الأعمال من تنظيم جهودها ومواردها للتعامل مع المستقبل غير المؤكد ، وتناسب مؤسسة مرت بمراحل طويلة من النمو المتميز وتضاعف حجم أعمالها مما يتطلب وقفة مؤقتة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب البيت الداخلي استعدادا لمرحلة جديدة من النمو.
4- استراتيجية التقدم الحذر إلى الأمام Proceed With Caution Strategy
تعني هذه الاستراتيجية الاستمرار بحذر تجنبا للمفاجآت وتتطلب عادة مراقبة واعية متأنية العوامل هامة غير محددة الاتجاه في البيئة الخارجية تستدعي الحذر وممارسة عمل المؤسسة الاستراتيجي بحذر ويقظة.
ولتبني منظمات الأعمال لاستراتيجيات الاستقرار مبررات عديدة منها ما يلي :
1- تمكين المنظمة من المحافظة والتركيز على جهودها الإدارية في مجالات الأعمال الحالية بغية تعزيز وتقوية موقفها التنافسي .
۲- قناعة أصحاب المنظمات بنسب أرباح متواضعة ورغبتهم في الحفاظ عليها وحمايتها عند تلك المستويات.
عدم قدرة المنظمات على توفير الموارد المالية والمادية والبشرية لتحقيق النمو في أعمالها .
استراتيجيات النمو Growth Strategy :
تتخذ استراتيجيات النمو أشكالا متعددة وفيما يلي استراتيجيات النمو الرئيسية:
1- استراتيجية التكامل الأفقي أو النمو الأفقي Horizontal Integration or Horizontal Growth
تتضمن هذه الاستراتيجية قيام المنظمة بإضافة وحدة أعمال استراتيجية أو أكثر أو منظمة أعمال أو أكثر تقوم بتصنيع منتجات متشابهة مع منتجات المنظمة، بحيث يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق عملها ويزيد مبيعاتها وأرباحها ويغطي أسواق جغرافية جديدة، ومن مزايا تطبيق هذه الاستراتيجية الحصول على حصص سوقية أكبر وتحسين اقتصاديات الحجم الكبير. إلا أن اتباع هذه الاستراتيجية لا يخلو من المخاطرة، حيث تكون المخاطرة نابعة من تركيز كل نشاط المنظمة في مجال عمل واحد.
۲- استراتيجية التكامل العمودي Vertical Integration
تتمثل استراتيجية التكامل العمودي بإضافة مرحلة أو حلقة سابقة، وعندها يسمى التكامل بالتكامل الخلفي Backward Integration، أو مرحلة أو حلقة لاحقة لأنشطة المنظمة وعندها يسمى التكامل الأمامي Forward Integration .
ومن مزايا اتباع استراتيجية التكامل العمودي التحكم في تسويق المنتج النهائي والرقابة عليه، هذا في حال كان التكامل للأمام ، والتأكد من نوعية المواد والأجزاء والتحكم في استمرار تدفق المواد والأجزاء في حال كان التكامل للخلف.
غير أن إتباع هذه الاستراتيجية لا يخلو من العيوب وأهم هذه العيوب ما يلي :
1- عندما تطرأ تغيرات سريعة على التكنولوجيا المتكاملة فإن هذا يعرض منظمة الأعمال الأخطار التقنية الآيلة للزوال.
۲- توسيع أنشطة منظمة الأعمال بما يحمل أعباء ومسؤولات جديدة على الإدارة.
۳- استراتيجية التنويع Diversification Strategy
يوجد نوعان للتنويع هما التنويع المرتبط والتنويع غير المرتبط :
التنويع المرتبط : Related Diversification Strategy
يقصد به التنويع داخل نشاط جديد يرتبط بالنشاط أو الأنشطة الحالية للمنظمة من خلال وجود سمة مشتركة بين واحد أو أكثر من مكونات كل نشاط في سلسلة القيمة. وترتكز تلك الارتباطات على عناصر التصنيع ، التسويق، التكنولوجيا .
التنويع غير المرتبط : Conglomerate Diversification Strategy
هو تنويع يستهدف مجالات عمل جديدة لا ترتبط بأية علاقة واضحة مع أنشطة المنظمة القائمة. ويمكن للتنويع المرتبط أن يخلق القيمة من خلال تقاسم الموارد أو من خلال نقل الكفاءات بين الأنشطة، كما أنه يمكن أن يتضمن عملية الاكتساب وإعادة الهيكلة.
وعلى نقيض ذلك وحيث إنه لا يوجد عوامل مشتركة بين سلسلة القيمة الخاصة بالأنشطة غير المرتبطة فإن منظمة الأعمال التي تنتهج هذا المسلك لا يمكنها خلق القيمة إلا من خلال السعي لتحقيق الاكتساب وإعادة الهيكلة.
وحيث إن التنويع المرتبط يؤدي إلى خلق القيمة بطرق متعددة مقارنة بالتنويع غير المرتبط فقد يدفع ذلك للاعتقاد بأن التنويع المرتبط ينظر إليه على أنه الأقل انطواء للمخاطر، وذلك نظرا لأن المنظمة تتحرك في مجال نشاط لديها المعرفة حياله، وربما بسبب هذه الاعتبارات تفضل معظم منظمات الأعمال التنويع المرتبط .
إلا أن الأبحاث تشير إلى أنه في المتوسط نجد أن منظمة الأعمال التي تطبق التنويع المرتبط تحقق ربحا أفضل بدرجة بسيطة مقارنة بمنظمة الأعمال التي تعتمد التنويع غير المرتبط .
وذلك لأن منظمة الأعمال التي تنتهج التنويع المرتبط يتعين عليها تحقيق التنسيق بين وحدات النشاط التابعة لها، إذا ما رغبت في تحقيق القيمة التي تنشأ عن نقل المهارات وتقاسم الموارد، و بالتالي يجب على منظمة الاعمال أن تتعامل مع التكاليف التي تنشأ عن كل من تعدد وحدات النشاط في محفظته، ومن التنسيق بين تلك الأنشطة بينما لا يتعين على منظمة الاعمال التي تنتهج التنويع غير المرتبط تحقيق التنسيق بين وحدات النشاط، لكن يجب أن تتعامل مع التكاليف التي تنشأ عن تعدد الأنشطة في محفظتها.
وهكذا نجد أنه على الرغم من الحقيقة المتمثلة في أن منظمات الأعمال التي تنتهج التنويع المرتبط يمكن أن تخلق القيمة بطرق متعددة مقارنة بمنظمات الأعمال التي تنتهج التنويع غير المرتبط، إلا أنه يتعين عليها تحمل تكاليف أعلى كي تتمكن من ذلك، وقد تقضي التكاليف العالية على المزايا العالية مما يجعل الاستراتيجية ليست أكثر ربحية من إستراتيجية التنويع غير المرتبط.
4- استراتيجية المشروعات الداخلية:
يجري استخدام تلك المشروعات کإستراتيجية دخول إلى أنشطة أخرى. وكقاعدة عامة نجد أن منظمات الاعمال التي تقوم على قاعدة علمية والتي تستخدم التقنية لخلق فرص تسويقية في المجالات المرتبطة بنشاطها تميل إلى تفضيل المشروعات الداخلية كاستراتيجية دخول .
5- استراتيجية الاندماج واستراتيجية الاكتساب Merger Strategy & Acquisition Strategy
يقصد بالاندماج : اتفاق بين شركتين أو أكثر لإعادة التنظيم، بحيث تصبحا منظمة أعمال واحدة.
أما الاكتساب : فيعني أن تستحوذ منظمة الأعمال على منظمة أعمال قائمة ، وتعتمد منظمة الأعمال على هاتين الاستراتيجيين لدخول أنشطة أخرى عندما تفتقر إلى الموارد الضرورية المطلوبة للمنافسة في ذلك المجال.
ولكنها تستطيع شراء منظمة أعمال قائمة تمتلك هذه الكفاءات كما تفضل منظمات الأعمال استراتيجيتي الاكتساب والاندماج كأسلوب دخول إلى أعمال جديدة، عندما تستشعر الحاجة إلى ضرورة التحرك السريع على أسلوب المشروعات الداخلية الذي يتميز بالبطء النسبي، وغالبا ما ينظر لعمليتي الاكتساب والاندماج على أنهما أقل مخاطرة مقارنة بالمشروعات الداخلية بسبب عدم التأكد .
وأخيرا تعد استراتيجيتا الاكتساب والاندماج أسلوب الدخول المفضل عندما يكون المجال الصناعي المزمع الدخول إليه قائمة على أسس راسخة، وتتمتع المنشآت العاملة فيه بحماية من عوائق الدخول .
بسبب المغريات السابقة وغيرها تعتبر كل من إستراتيجية الاكتساب والاندماج الوسيلة الشائعة لمد نطاق عمل المنظمة أنشطة أخرى، ورغم هذا الشيوع إلا أن هناك أدلة دامغة على أن كثيرا من عمليات الاكتساب والدمج تفشل في إضافة قيمة للمنظمة التي تنتهجها.
وهناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء ذلك هي :
1- غالبا ما تعاني منظمات الأعمال صعوبة في إحداث التكامل بين الثقافات المختلفة في الشركة.
٢- الدراسة والمراجعة غير الكافية قبل عملية الاكتساب أو الدمج .
3- إن اكتساب منظمات الأعمال التي يتم تداول أسهمها بشكل عام يعد مكلفة جدا.
6- المشروعات المشتركة : Joint Venture Strategy
تعرف المشروعات المشتركة بأنها قيام منظمتين أو أكثر من المنظمات بالاتفاق على ش راكة فيما بينها لإنجاز مشروع مشترك، وتتسم هذه المشروعات المشتركة بكيان مستقل عن كيان المنظمات السابقة، وعادة تقدم كل واحدة من المنظمات المشاركة أفضل ما لديها للمشروع للمشترك .
ويمكننا إجمال أهم الأسباب التي تدعو المنظمات الإتباع استراتيجية المشروعات المشتركة بما يلي:
1- الدخول في أعمال لا تستطيع المنظمة في ظل إمكانياتها القيام بها .
۲- اقتسام التكاليف والمخاطر والأرباح.
وبالطبع هناك بعض العيوب لهذه الاستراتيجية وأهمها :
1- منظمة الأعمال التي تدخل في مشروع مشترك عادة ما تتحمل مخاطر التفريط بمهاراتها المعرفية لصالح شريكها الذي يمكن أن يستخدم تلك المهارات في التنافس مباشرة مع المنظمة في المستقبل .
۲- يجب على الشركاء أن يتقاسموا الرقابة والتحكم، وإذا ما كان لكل شريك فلسفته الخاصة التي تختلف عن الآخر فيما يتعلق بإدارة المشروع فإنه في هذه الحالة يمكن أن يبرز العديد من المشاكل، كما أن الصراعات حول كيفية إدارة المشروع المشترك قد يترتب عليها تمزق وفشل المشروع.
استراتيجيات الانكماش Retrenchment Strategy:
يشكل الفشل الدافع الرئيسي لاستخدام هذه المجموعة من البدائل الاستراتيجية، وتعتبر أقل البدائل شعبية لكنها بدائل هامة ضمن ظروفها. وفيما يلي الاستراتيجيات الرئيسية منها :
1- استراتيجيات التخفيض : Cutbacks Strategy
يقصد باستراتيجيات التخفيض تقليص حجم وكلفة الأنشطة الحالية مع الإبقاء على مزيج الأنشطة ذاته .
ومن المبررات التي تدعو لاتباعها ما يأتي :
١- تغير الظروف الاقتصادية والتي تؤدي إلى تخفيض الطلب على المنتجات.
۲- محدودية الإمكانيات المالية التي تستلزم تخفيض حجم النفقات أو المصروفات غير الضرورية.
٣- عندما لا تتمتع المنظمة بقوة تنافسية إزاء المتنافسين عندها تلجأ إلى تخفيض حجم بعض وحدات العمل بما يمكنها من التركيز على وحدات عمل أقل لكنها ذات كفاءة وفاعلية أعلى.
۲- استراتيجية الحصاد Harvest Strategy
أي تعليق الاستثمار في الوحدة قبل تصفيتها من أجل تعظيم السيولة على المدى القصير والمتوسط فيها، ورغم أن هذه الاستراتيجية تبدو مقبولة نظرية إلا أنها تتسم بالضعف من حيث التطبيق العملي، فعندما يتضح أن الوحدة تتبنى استراتيجية الحصاد فإن معنويات موظفي الوحدة وثقة عملائها ومورديها في استمرار عملياتها تبدأ في التدهور، وإذا ما حدث ذلك وهو ما يحدث غالبا فإن التدهور السريع في عوائد الوحدة يمكن أن يجعل الاستراتيجية غير مجدية .
۳- استراتيجية التجرد Divestment Strategy
وتعني بيع وحدة نشاط أو أكثر في حالة التشغيل إلى صاحب أعلى عطاء مقدم، وهناك ثلاثة أنواع من المستثمرين هم: المستثمرون المستقلون وعادة ما يشار للتخلص بالبيع من وحدة النشاط لهم ب ( Spin off )، ومنظمات الأعمال الأخرى، وإدارة وحدة العمل المطلوب التخلص منها بالبيع ويشار للتخلص من الوحدة بيعها لإدارتها بمصطلح السيطرة الإدارية على كامل الحصة.
4- استراتيجية البيع : Sale
وتعني خروج المشروع من السوق وذلك بنقل ملكية المشروع كله ( كوحدة تعمل بصورة متكاملة ) إلى طرف آخر، ولا يجب اللجوء إلى بيع المشروع إلا في حال عجز استمرار هذا المشروع عن العمل، أو في حال وجود فرص بديلة أنجح من المشروع الحالي، أو لوجود أحد المشترين المستعدين للدفع بسخاء، وهناك عدة صور لبيع المشروع منها البيع نقدا، أو عن طريق سندات طويلة الأجل .
5- استراتيجية التصفية : Liquidation Strategy
هي نوع من خروج المشروع من السوق وذلك بنقل ملكية وحدات المشروع وموارده كأجزاء إلى مشاريع أخرى، وبناء على التصفية يتم إلغاء اسم منظمة الأعمال وينتهي الوجود القانوني للمشروع، وعند القيام بتصفية المشروع يجب تجزئة موارد المشروع في صورة قابلة للبيع ( مثل سلع تامة الصنع، أجزاء نصف مصنعة، خامات ، آلات، مباني )، و كل جزء يباع على حدة في مرحلة التصفية، وهناك صور عديدة للتصفية منها ( البيع بالمزاد العلني ، المناقصات)، كما يجب أن تحدد المنظمة أسلوب إجراء التسوية المناسب لأصحاب المشروع .
الاستراتيجيات على مستوى وحدة العمل الاستراتيجية Strategic Business Unit:
تستخدم هذه الاستراتيجيات على مستوى المنظمة أو على مستوى وحدة العمل، وتتضمن هذه الاستراتيجيات معظم الاستراتيجيات السابق ذكرها، بالإضافة للاستراتيجيات التي قدمها Michael porter والتي تعتبر الأساس الأكاديمي للتفكير الاستراتيجي في مجال إدراة عمليات التنافس الاستراتيجي .
حيث اقترح Porter ثلاث استراتيجيات تنافسية أساسية عامة هي: ريادة التكلفة ، التمييز، التركيز، ويمكن المزاوجة بينها بطرق مختلفة وتترتب كل استراتيجية من تلك الاستراتيجيات العامة نتيجة لتبني المنظمة لخيارات مناسبة تتعلق بتمييز المنتج وتجزئة السوق وتحديد أي الكفاءات المتميزة يتعين السعي وراء تحقيقها للوفاء باحتياجات العملاء.
بالإضافة إلى هذه الاستراتيجيات التنافسية الأساسية وضع Porter مجموعة من التكتيكات المناسبة، ويعرف التكتيك في هذا السياق بأنه خطة محددة تبنين بالتفصيل الكيفية التي سيتم من خلالها تنفيذ البديل الاستراتيجي المختار من حيث أين ومتى سيوضع هذا البديل الاستراتيجي موضع التنفيذ .
وفيما يلي شرح مختصر للاستراتيجيات والتكتيكات التنافسية التي قدمهاPorter:
استراتيجية ريادة التكلفة : Cost - Leader Ship Strategy
يتجسد هدف منظمة الأعمال في السعي وراء هذه الاستراتيجية في إحراز التفوق على المنافسين وذلك بعمل كل ما يمكن عمله لإنتاج سلع وخدمات بتكلفة أقل من تكلفة المنافسين وغالبا ما يميل رائد التكلفة إلى اختيار مستوى منخفض من تمييز المنتج.
لأن التمييز مكلف و يستهدف رائد التكلفة مستوى من التمييز لا يكون تابعا أو متأثرة بفلسفة التمييز التي تتبناها منظمة الأعمال التي تنفق كثيرا من مواردها من أجل التمييز ولكنه يتطلع إلى إدراك مستوى يتميز بانخفاض التكلفة، ولا يحاول رائد التكلفة أن يصبح رائد المجال الصناعي في مجال التمييز إذ أنه يتروى حتى يتيقن أن العملاء في حاجة فعلا إلى خاصية معينة أو خدمة خاصة. أيضا يتجاهل رائد التكلفة شرائح السوق المختلفة ويضع منتجه في السوق مستهدفة به المستهلك العادي .
وعادة ما يرتبط بنطاق محدد من شرائح السوق، والهدف الأسمى له يتجسد في رفع معدلات كفاءته مقارنة بمنافسيه .
وتعتبر عملية تطوير الكفاءات المتميزة في قسمي التصنيع وإدارة المواد عنصرا هاما ومحورية التحقيق هذا الهدف، كما يجب على بقية الأقسام تشكيل كفاءاتهم المميزة للوفاء باحتياجات قسمي التصنيع وإدارة المواد .وهناك مصدر أخر من توفير النفقات في طريق السعي وراء ريادة التكلفة ألا وهو تصميم الهيكل التنظيمي ليتوافق مع هذه الاستراتيجية حيث إن الهيكل يعتبر مصدرا رئيسية التكاليف منظمة الأعمال.
ولتبني استراتيجية ريادة التكلفة مزايا عدة منها :
1- نظرا لانخفاض التكاليف المرتبطة بها فإن المنظمة التي تتبناها قادرة على فرض سعر أقل من أسعار المنافسين مع تحقيق نفس مستوى الربح.
۲- منظمة الأعمال ذات المنتج الأقل تكلفة قادرة على تحمل المنافسة بشكل أفضل من منظمات الأعمال الأخرى نظرا لانخفاض تكاليفها .
أما بالنسبة للعيوب فإن الخطر الرئيسي المرتبط بمفهوم ريادة التكلفة يكمن في قدرة المنافسين على إيجاد طرق ووسائل الإنتاج منتجات بتكاليف أقل من المنظمات ذات المنتج الأقل تكلفة.
استراتيجية التمييز Differentiation – Strategy
يتجسد الهدف من استراتيجية التمييز العامة في تحقيق المزايا التنافسية وذلك من خلال ابتكار منتج ينظر إليه المستهلكون على أنه منتج متفرد .ويتجه المنتج الذي يعتمد على سياسة التمييز إلى اختيار مستوى عال من التمييز من المنتج لاكتساب مزایا تنافسية، وعادة ما يتكبد تكاليف أعلى مما يتحمله رائد التكلفة، ولكن هذا لا يعني أن الرقابة على التكاليف ليست أمرا مهما.
ويمكن تحقيق تمیز المنتج باستخدام ثلاث طرق أساسية هي: الجودة، التطوير، الاستجابة الحاجات العميل. وفيما يلي تعريف هذه الطرق :
1- الجودة Quality:
إن المنتجات ذات الجودة هي السلع والخدمات التي يمكن الاعتماد عليها والثقة بها لإنجاز الوظائف المصممة لأدائها . وإن الجودة المتفوقة تمنح منظمة الأعمال ميزتين إذ أن تدعيم السمعة بالنظر إلى الجودة يهيئ للمنظمة فرصة فرض سعر عال على منتجاتها، كما أن العمل على سلامة العملية الإنتاجية من أي عيوب يدعم ويزيد الكفاءة ومن ثم يخفض التكاليف .
٢- التطوير Development
يمثل التطوير أحد أهم الأسس البنائية للمزايا التنافسية، وعلى المدى الطويل يمكن النظر إلى المنافسة كعملية موجهة بواسطة التطوير، ذلك لأن عمليات التطوير التي تحرز نجاحا يمكن أن تشكل مصدرا رئيسا للمزايا التنافسية لأنها تمنح منظمة الأعمال شيئا متفردا يفتقر إليه منافسوها، ويسمح التفرد بإمكانية فرض أسعار عالية لمنتجاتها، أو خفض تكاليف منتجاتها بنسبة كبيرة مقارنة بمنافسيها.
٣- الاستجابة لحاجات ورغبات العميل Customer Responsiveness
لتحقيق هذا العامل بشكل متفوق يتعين على منظمة الأعمال أن تكون قادرة على أداء المهام بشكل أفضل من المنافسين في تحديد وإشباع احتياجات ورغبات عملائها، وعندئذ سیولي المستهلكون قيمة أكبر لمنتجاتها وهذا يمنح المنظمة القدرة على فرض أسعار عالية لمنتجاتها.
والمنظمة التي تفضل خيار التمييز يمكن أن تقسم سوقها إلى شرائح كثيرة، حيث تعمل على طرح منتج معين مصمم لكل شريحة من شرائح السوق أوقد تختار المنظمة أن تقدم منتجها لعملاء تلك الشرائح على أساس ما تمتلكه من مزايا خاصة بالتمييز.
وتقوم منظمة الأعمال المتميزة بالتركيز على الوظائف التنظيمية التي من شأنها توفير مصادر التميز بالنسبة لمنظمة الأعمال، فمثلا إن التميز الذي يرتكز على قاعدة التطوير والكفاءة التقنية يعتمد على قسم البحوث والتطوير، وتعتمد الجهود الخاصة بتحسين مستوى خدمة العملاء على مدى جودة السياسات التي يتبعها قسم المبيعات.
ولتبني استراتيجية التمييز مزايا عدة منها :
1- يستطيع المنتجون المتميزون فرض زيادات على الأسعار .
٢- أنه يحمي منظمة الأعمال من منافسيها.
أما بالنسبة للعيوب فإن المشكلة الرئيسة التي تكتنف استراتيجية التمييز تتجسد في عدم قدرة منظمة الأعمال بالاحتفاظ بتميزهافي أعين العملاء على المدى الطويل.
استراتيجية التركيز Focus Strategy
وهي ثالث استراتيجية تنافسية عامة، وتعني هذه الاستراتيجية التركيز على خدمة قسم خاص من السوق يمكن تحديده إما على أساس جغرافي، أو حسب نوع العميل، أو حسب خط الإنتاج. وعقب اختيار منظمة الأعمال لهذا القسم تتجه للسعي وراء استراتيجية التركيز من خلال أسلوب التمييز أو أسلوب التكلفة المنخفضة أو (الأسلوبين معا) .
ومن أهم المزايا التي تنطوي عليها هذه الاستراتيجية أنها تسمح لمنظمة الأعمال بالبقاء قريبة من عملائها والاستجابة لاحتياجاتهم المتغيرة ومن العيوب التي تعتريها: احتمال الاختفاء المفاجئ الشريحة منظمة الأعمال المتبنية لها بسبب بعض التغيرات كالتغيرات التي قد تطرأ على أذواق العملاء.
التكتيكات التنافسية:
حدد Porter نوعين من التكتيكات المتاحة للاستخدام هما: التكتيك الزماني، والتكتيك المكاني .وفيما يلي شرح مختصر لهما :
١- التكتيك الزماني : يركز التكتيك الزماني على الإجابة عن السؤال التالي : متى يجب أن تبدأ المنظمة عملية التنافس ؟ هل ترغب المنظمة أن تكون رائدة أم تابعة في هذا المجال؟
٢- التكتيك المكاني : ويركز هذا التكتيك على الإجابة عن السؤال التالي : أين سيتم التنافس أي ما هو السوق المناسب لذلك ؟ وعادة تستخدم المؤسسة واحدة من سبيلين فإما أن تستخدم أسلوب الهجوم الذي ينفذ ( في سوق مؤسسة أخرى )، أو أسلوب الدفاع الذي ينفذ في ( نفس سوق المؤسسة ) كطريقة وقائية ضد دخول منافسين جدد محتملين إلى أسواقها .
- التكتيك الهجومي :
هناك العديد من الأساليب الهجومية التي اقترحها Porterأهمها ما يلي:
١- الهجوم المباشر : يتضمن هذا الأسلوب أن تقوم منظمة الأعمال بهجوم تنافسي مباشر علی أسواق المؤسسة المنافسة، وذلك بإنتاج منتجات مطابقة لمنتجات المؤسسة المستهدفة في جميع الخصائص الإنتاجية والتسويقية .
٢- الانحناء للعاصفة : ويقصد بهذا الأسلوب أن تقوم منظمة الأعمال بمحاولة " سحب البساط " من تحت أقدام المؤسسة المنافسة وذلك بطرح منتج جديد يؤدي إلى أن يصبح منتج المؤسسة المستهدفة الحالي غير ضروري .
٣- التطويق : ويقصد بهذا الأسلوب أن تقوم منظمة الأعمال بتطويق أو فرض حصار على منتجات منظمة الأعمال المنافسة، سواء أكان هذا الحصار موجها إلى منتجاتها، أم أسواقها ،أم كليهما معا. وهذا يتطلب أن تنتج المؤسسة المهاجمة منتجات متنوعة تتراوح من المنتجات العالية السعر إلى المنتجات المنخفضة السعر وتخدم أسواقة متعددة أي تهيمن على كافة أجزاء السوق .
- التكتيك الدفاعي : تهدف التكتيكات الدفاعية إلى محاولة المحافظة على الميزة التنافسية لمنظمة الأعمال وفيما يلي وصف لها :
١- رفع عوائق الدخول : قد تضع بعض منظمات الأعمال عوائق تجعل عملية الدخول إلى أسواقها صعبة ومكلفة ومحفوفة بالمخاطر، مما قد يؤدي إلى منع منظمات الأعمال الأخرى من الإقدام عليها. وفيما يلي بعض من أهم هذه التكتيكات :
أ- طرح أكبر قدر ممكن من المنتجات المتنوعة من حيث الجودة والسعر بحيث تغطي كافة أجزاء السوق .
ب- إغلاق الطرق المؤدية إلى مصادر التوزيع وذلك بعقد اتفاقيات ثنائية ملزمة قانونيا مع المزودين .
ت- تقديم خدمات ما بعد البيع إلى المستهلكين بحيث تتصف هذه الخدمات بالجودة العالية.
ث - البيع بأسعار منخفضة وذلك بالاستفادة من اقتصاديات الإنتاج الواسع .
۲- رفع احتمالية الرد : يتضمن هذا التكتيك اتخاذ أي عمل يؤدي إلى جعل منظمات الأعمال التي تفكر بالهجوم تتحسب لرد قوي وصارم من قبل المؤسسة المستهدفة .
٣- تخفيض حوافز الهجوم : يركز هذا التكتيك على تخفيض مستوى المنفعة التي تتوقعها المؤسسة المهاجمة بحيث تحجم تلك المؤسسة عن تنفيذ استراتيجية الهجوم بسبب عدم جدوى النتائج المتوقعة منه .
-الاستراتيجيات على المستوى الوظيفي Functional Strategies :
هي استراتيجيات الإدارات الوظيفية في المنظمة مثل استراتيجيات العمليات، التسويق ، التمويل ، البحوث والتطوير .... الخ .
ومن أمثلة هذه الاستراتيجيات ما يلي :
أ- استراتيجيات العمليات :
يوجد أمام الإدارة العديد من استراتيجيات العمليات يتم الاختيار من بينها. فعلى سبيل المثال :
- بالنسبة لاستراتيجيات المنتج : هل يكون نمطيا أم متنوعا.
- وبالنسبة لاستراتيجيات نظام التشغيل : هل هو آلي أو مبرمج أو يدوي.
- وبالنسبة لاستراتيجيات الصيانة : هل هي دورية أو مستمرة.. الخ.
ب- استراتيجيات التسويق :Marketing Strategies :
ترتبط هذه الاستراتيجيات بالأنشطة التسويقية المختلفة. فعلى سبيل المثال:
- هناك استراتيجيات خاصة بالتسعير : هل نسعر حسب التكلفة أم السوق هل يكون موحدا أم متعددة ، هل هو ثابت أو متغير .
- وهناك استراتيجيات خاصة بالتغليف : ما هو النوع ، ما هو الحجم، ماهي البيانات، وهناك استراتيجيات خاصة بمنافذ التوزيع : سماسرة ، معارض، جملة، تجزئة، مباشرة.
متطلبات التصميم الفعال للاستراتيجيات:
وتجدر الإشارة بعد استعراض مكونات تصميم الاستراتيجية (صياغة الرسالة والأهداف الاستراتيجية للمنظمة، التحليل الاستراتيجي، الاختيار الاستراتيجي) إلى أن التصميم الفعال للاستراتيجية يتطلب توافر عناصر كثيرة أهمها ما يلي:
1-وجود مديرين ذوي خبرة في مجال تصميم الاستراتيجيات.
۲-اعتماد منظمة الأعمال على مستشارين متخصصين في مجال تصميم الاستراتيجيات عند الحاجة.
۳-توفر نظم معلومات إدارية فعالة.
4- تحديد القواعد المتعلقة باتخاذ القرارات حيث يجب تحديثها إذا ما وجدت أو السماح بإنشائها عند عدم وجودها بغية قيادة قرارات وسلوك المديرين الاستراتيجيين عند قيامهم بتصميم الاستراتيجيات.
5-توفر الموارد المادية اللازمة لعملية تصميم الاستراتيجيات.
تعليقات