بحث عن الحكم الرشيد :
محتويات البحث :
1. مقدمة عن الحكم الرشيد .
2. تعريف الحكم الرشيد .
3. أهمية الحكم الرشيد .
4. معايير الحكم الرشيد .
5. مكونات الحكم الرشيد .
6. شروط تطبيق الحكم الرشيد في مؤسسات العمل الأهلي .
7. معوقات تطبيق الحكم الرشيد .
8. الخاتمة .
مقدمة عن الحكم الرشيد :
هذا البحث يتناول الحكم الرشيد من خلال التعريف به، والتعرف على أهميته وأهدافه ومعاييره ومكوناته .
ويتفق الكتاب والخبراء على أهمية تطبيق مبادئ الحكم الرشيد، حيث يساهم في الحفاظ على استمرارية المنظمات قوية ومعافاه، من خلال تطبيق مجموعة من المبادئ التي تحفظ للمنظمة كيانها وتحميها من الفساد، فالمسائلة والشفافية والمشاركة وغيرها من المبادئ عندما تترسخ وتصبح من أهم عناصر ثقافة المنظمة ، فإنها تساعدها في المحافظة على إنجازاتها ومكتسباتها.
لقد أصبح مفهوم الحوكمة الرشيدة - أو الحكم الجيد- من المفاهيم الشائعة في الكتابات الحديثة حول التنمية والديمقراطية، حيث ساهمت التحولات التي شهدها العالم وكان لها أثرها على العالم ومن ضمنه العالم العربي - في تبني هذا المفهوم من قبل العديد من الحكومات، ووكالات التنمية، والمنظمات الغير حكومية، وبات تحقيق هذا المفهوم شرطة ضرورية لمنح المساعدات الإنمائية للدول النامية. ( السكارنة، 2009: 321).
وعند الشروع في الحديث عن الحكم الصالح وبروزه كمفهوم لصيق بالتنمية البشرية المستدامة، يمكننا القول: إن المصطلح المذكور ولد مع الدعوات الجديدة إلى إعادة بناء الديمقراطية، وتبني الإصلاحات الاقتصادية على أساس اقتصاد السوق واعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، بالإضافة إلى المطالبة بزيادة حجم مشاركة الجمهور في العملية السياسية والاقتصادية، من خلال تجمعات مجتمعة ناطقة باسمه ومعبرة عن رأيه هي منظمات المجتمع المدني ( الشيخ داوود، 2006: 165).
مفهوم الحكم الرشيد
يستخدم مفهوم الحكم الصالح من عقدين من الزمن من قبل مؤسسات الأمم المتحدة لإعطاء حكم قيمي على ممارسة السلطة السياسية لإدارة شؤون المجتمع باتجاه تطويري وتقدمي، أي أن الحكم الصالح هو الحكم الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة، وكوادر إدارية ملتزمة بتطوير موارد المجتمع، وبتقدم المواطنين وبتحسين نوعية حياتهم ورفاهيتهم، وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم (کريم، 2004: 96).
ويشير مفهوم الحكم الصالح إلى ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية والإدارية لإدارة شؤون بلد ما على جميع المستويات بطريقة محددة وتتصف بأنها "صالحة" وبمعنى أدق ينصرف مفهوم الحكم الصالح إلى منظومة الحكم التي تعزز وتدعم وتصون رفاه الإنسان، وتقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم، وفرصهم، وحرياتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، لا سيما بالنسبة لأكثر أفراد المجتمع فقرة وتهميشا ( مصلح، 2008: 10).
والحكم الرشيد نظام يتم بموجبه إخضاع نشاط المؤسسات إلى مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف المؤسسة وضبط العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء ( ناصر الدين، 2012: 3).
ويعرف تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002 الحكم الصالح الذي يستهدف تحقيق مصلحة عموم الناس في المجتمع، على أنه: نسق من المؤسسات المجتمعية، المعبرة عن الناس تعبير سليمة، وتربط بينها شبكة متينة من علاقات الضبط والمساءلة بواسطة المؤسسات، وفي النهاية بواسطة الناس (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2002 : 101)
أما الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فتعرف الحكم الرشيد على أنه قدرة الحكومة على الحفاظ على السلام الاجتماعي، وضمان القانون والنظام، والترويج من أجل خلق الظروف الضرورية للنمو الاقتصادي، وضمان الحد الأدنى من التأمين الاجتماعي، كما تم تعريف الحكم الرشيد على أنه قدرة الحكومة على عملية الإدارة العامة بكفاءة وفاعلية، وبحيث تكون خاضعة للمساءلة ومفتوحة لمشاركة المواطنين، وتدعم من النظام الديمقراطي للحكومة (عبد النور، 107 :2006 ).
والحوكمة تعني النظام العام، أي وجود نظم تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء، كما تشمل مقومات تقوية المؤسسة على المدى البعيد وتحديد المسؤول عن التصرفات الادارية والمالية غير الصحيحة، مع تحميل المسؤولية لكل من ألحق ضرر بالمصلحة العامة.
ويمكن أن نعرف الحوكمة بأنها:
مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء الإداري عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف أي عمل منظم سواء في وحدات القطاع الخاص أو في وحدات القطاع العام (غادر، 2012: 12).
ان كافة التعريفات وإن اختلفت في مفرداتها، إلا أنها اتفقت في المضمون من حيث أنها تتناول :
أهمية الحكم الرشيد ودوره في تحقيق المصلحة العامة، وتحقيق الديمقراطية والمساواة، وتعزيز المشاركة واحترام الحريات، وتحقيق التميز والجودة.
ولقد استخدمت التعريفات مفردات ومصطلحات عامة، وفضفاضة، كصون الرفاه الانساني، والسلام الاجتماعي، وتحقيق مصلحة عموم الناس في المجتمع؛ وما سبق من مصطلحات من الصعب قياسها، ومعرفة ما يتحقق منها؛ ليتم تعزيزه والبناء عليه.
تعريف الحكم الرشيد :
مما سبق يمكننا تعريف الحكم الرشيد كالتالي :
الحكم الذي يستهدف تحقيق مصلحة أعضاء الجمعية العمومية، وخدمة المجتمع، من خلال تحقيق الأهداف الموضوعة، بكفاءة، وفاعلية، في إطار القوانين والأنظمة، وتطبيق معايير الحكم الرشيد( المشاركة، حكم القانون، الشفافية، حسن الاستجابة، التوافق، المساواة، الفعالية، المحاسبة، الرؤية الاستراتيجية)، وذلك عبر إدارة مفوضة ومتطوعة.
أهمية الحكم الرشيد
لتطبيق الحكم الرشيد في المنظمات كافة، أهمية في ضمان تحقيق أداء أفضل نوضحها فيما يلي:
1- تمتع نظام الحوكمة بالعديد من المزايا والفوائد من أهمها:
تشجيع الاستثمار، والابتكار، واستقرار الأسواق المالية ونموها، وتخفيض المخاطر وتخفيض تكلفة رأس المال، وضمان المعاملة المنصفة لحملة الأسهم، وتعزيز الثقة والمصداقية، وإيجاد بيئة عمل سليمة، وضمان المشاركة والمساءلة والمحاسبة (ستيتية، 2010).
2- الحكم الرشيد (الصالح)، هو عنصر قوة للدولة :
فهو يوفر بيئة من المميزات الحسنة، تحقق الشرعية وتوفر الحرية لإنشاء منظمات المجتمع المدني، ترتقي بالمجتمع وتفعل المشاركة الإيجابية في الحياة العامة وتدعم حرية التعبير، تضمن وجود هياكل ونظم قانونية وتشريعية ثابتة وعادلة، وتعتمد الشفافية والنزاهة والمساءلة وحكم القانون في عمل كل الإدارات، وتحقق التعاون المثمر بين الحكومة ومنظمات المجتمع الدولي ( الغزالي، 2010: 4).
3- للحكم الرشيد انعكاسات على المجتمع:
الولاء والانتماء والإبداع والرقابة الذاتية والمرونة ( مصطفی، 2006).
4- يساهم في تعزيز رفاه الإنسان :
وتوسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم وحرياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وخاصة الأكثر فقرا وتهميشا (فارس، 2006).
اهمية الحكم الرشيد في الجمعيات الأهلية :
و في الجمعيات الأهلية تتمثل أهمية ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة (الحوكمة) فيما يلي: (دليل المتدرب، 2012: 4-5).
1. تقاوم الحوكمة أشكال الفساد الإداري والمالي عن طريق قيامها بتوفير الشفافية والمحاسبة، بحيث يمكن لأي مواطن أن يتأكد بأن الجمعية تترجم الموارد إلى برامج تحقق التنمية، وذلك عن طريق معرفة آليات صنع القرار، وتكلفة تقديم الخدمة المقدمة.
2. تساعد على بناء كوادر في الجمعيات الأهلية، وإعداد صف ثاني من القيادات المستقبلية، وتمنع إغلاق باب العضوية على عدد محدود من الأعضاء.
3. تساعد في تحديد الأهداف وسبل تحقيقها والرقابة على الأداء، وضمان الاستمرارية بأسلوب علمي يعتمد على دراسة احتياجات وأولويات المجتمعات المستهدفة.
4. تقلل من الأزمات المالية والإدارية، وتساعد على الخروج بأقل الخسائر، وتضمن استمرار وبقاء الجمعية.
5. تحقق الكفاءة والفعالية في استخدام الموارد.
6. تساعد في تقويم عمل الجمعيات الأهلية وقياس العائد الاقتصادي منها وابرازه.
ان أهمية حوكمة الجمعيات تكمن في أنها تمنع ظاهرة شخصنة الجمعيات وتحول دون جعلها حكرا على شخص رئيسها، بحيث يكون لكل عضو في مجلس الإدارة دور ومهام يؤديها، مما يساعد في تطوير قدرات الأعضاء القيادية والإدارية.
كذلك فإن الحوكمة تساهم في تعزيز مفهوم التطوع من خلال ترسيخ مفهوم المشاركة.
معايير الحكم الرشيد
تعددت الدراسات التي تناولت معايير الحكم الرشيد ولكن درا سات برنامج الأمم المتحدة كانت أكثر شمولا وتضمنت تسعة معايير للحكم الرشيد وهي ( كريم، 2013: 18):
1- حكم القانون
2- المشاركة
3- الشفافية
4- حسن الاستجابة
5- التوافق
6- المساواة وخاصة تكافؤ الفرص
7- الفعالية
8- المحاسبة
9- الرؤية الاستراتيجية.
أ- حكم القانون :
يعني أن الجميع، حكامة ومسؤولين ومواطنين، يخضعون للقانون ولا شيء يسمو عليه، وهناك أطر قانونية وآليات النزاع القانوني وضمان حق التقاضي، واستقلال القضاء، وأن تطبق الأحكام والنصوص القانونية بصورة عادلة وبدون تمييز بين أفراد المجتمع في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن تكون هذه القوانين متفقة مع معايير حقوق الإنسان وتكون ضمانة لها ولحريات الإنسان. ويجب أن تكون كافة الأطراف واثقة من احترام هذه القواعد ومن تطبيقها (العجلوني، 2013: 6).
ب- المشاركة :
وهي أحد المبادئ الأساسية في بناء الحكم الرشيد وهي من العلاقات الدالة على رشاده ومن المؤشرات على مدى كفاءته.
ولا تقوم المشاركة إلا بوجود المجتمع المدني وبدورية الانتخابات وتمكين المرأة وصوابية التشريع وحسن الإدارة المحلية ( المشاقبة وعلوي، 2012: 58 )
وتعني: مشاركة جميع أفراد المجتمع في اتخاذ القرار وذلك من خلال قنوات مؤسسية تمكن المجتمع من التعبير عن رأيه في صنع القرار، والتي تضمن حرية الرأي والتعبير والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان (العجلوني، 2013: 6).
ت- الشفافية :
توافر المعلومات الدقيقة في مواقيتها، وإفساح المجال أمام الجميع للاطلاع على المعلومات الضرورية والموثوقة، مما يساعد في اتخاذ القرارات الصالحة، في مجال السياسات العامة ( كريم، 2013: 18).
ويعتبر الحصول على المعلومات من أهم الخطوات التي يجب تحقيقها لتحسين الحكم الديمقراطي الصالح، فالمعلومات تغذي الشفافية والمحاسبية وبالتالي تؤدي إلى الحوكمة الجيدة في جميع المجالات، والشفافية هي تدفق المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الشاملة في الوقت المناسب وبطريقة يمكن الاعتماد عليها.
وهناك ثلاثة مكونات للمعلومات الشفافة وهي :
1- إمكانية الحصول على المعلومات أي أن تكون متاحة لجميع المواطنين.
2- أن تكون المعلومات وثيقة الصلة بالموضوع أي أن تكون متعلقة بالقضية المعنية بإصدار قرار معين.
3- إمكانية الاعتماد على المعلومات لذلك يجب أن تكون المعلومات دقيقة وحديثة وشاملة (سوليفان ۲۰۰4: 16).
ث - حسن الاستجابة :
حتى تتمكن المؤسسات والآليات المستخدمة من خدمة الجميع دون استثناء؛ لابد من وجود إطار زمني ملائم، تقدم من خلاله المؤسسة خدماتها وتقوم بعملياتها، وهذا يعني بالضرورة وجود درجة من التفاعل بين ردة فعل المجتمع تجاه القرارات والعمليات، وسرعة التفاعل مع التغذية الراجعة من هذا المجتمع، وتعديل عمليات التنفيذ أو أطر القرارات، بناء على ذلك ( مصلح، 2013: 46).
ج- التوافق :
ويرمز إلى القدرة على التوسط والتحكيم بين المصالح المتضاربة من أجل الوصول إلى إجماع واسع حول مصلحة المصالح المتضاربة من أجل الوصول إلى إجماع واسع حول مصلحة الجميع، وإن أمكن حول المصلحة العامة، والسياسات العامة ( كريم، 2013: 18).
ح- المساواة :
تعني المساواة توفير الفرص للجميع، لتحسين رفاهيتهم وحمايتهم، مما يتطلب توافر العدل الاجتماعي لجميع المواطنين، لتكون لديهم الفرص الحياتية لتحسين أوضاعهم، مع وضع سياسات ذات أولوية لاستهداف تحسين أوضاع الفئات المحرومة؛ من أجل ضمان إشباع حاجاتهم الأساسية وضمان أمنهم المجتمعي ( مصلح، 2013: 45).
خ- الفعالية :
وتهدف إلى توفر القدرة على تنفيذ المشاريع بنتائج تستجيب إلى احتياجات المواطنين وتطلعاتهم على أساس إدارة عقلانية وراشدة للموارد ( كريم، 2013: 18).
د- المحاسبة :
من الحقائق التي ترسخت في سياق عملية التنمية في معظم المجتمعات الإنسانية ضرورة وجود آليات لضبط أداء السلطة والعمل على تقويم المؤسسات، ممثلة بالقائمين عليها، عندما تجري مساءلتهم من قبل هيئات مخولة رسمية بذلك، أو من قبل مؤسسات المجتمع المدني أو الرأي العام وذلك حين تجاوزهم الحقوق وانحرافهم ( المشاقبة وعلوي، 64 :2012 ).
وتعني: وجود نظام متكامل من المحاسبة، والمساءلة السياسية والإدارية للمسؤولين في وظائفهم العامة والمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، والقدرة على محاسبة المسئولين عن إدارتهم للموارد العامة، وخصوصا تطبيق مبدأ فصل الخاص عن العام، وحماية الصالح العام من تعسف واستغلال السياسيين ( كريم، 2013: 18).
ذ- الرؤية الاستراتيجية :
لابد للحكم الصالح من امتلاك رؤية استراتيجية، توحد منظور القادة والجمهور للحكم والتنمية الإنسانية ومتطلباتها، بحيث تتفق هذه الرؤية مع تفهم السياق التاريخي والثقافي والاجتماعي المركب لهذا المنظور، وتتحدد مثل هذه الرؤية التنموية، التي ينبغي أن يتم تبنيها من قبل مؤسسات المجتمع والدولة؛ بوجود منظور بعيد المدى لعملية التطوير المجتمعي، والحكم الصالح والتنمية البشرية، مع توفير الوضوح في رسم البدائل، واختيار الأفضل من بينها، ومع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المحلية والدولية، الحالية والمستقبلية (مصلح،2013: 47).
مكونات الحكم الرشيد
- الدولة
- المجتمع المدني
- القطاع الخاص
يعتمد عمل الحكم الصالح على تكامل عمل الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ويشمل القطاع الخاص كل المشاريع الخاصة غير المملوكة من الدولة في قطاعات العمل الخاصة والصناعة والزراعة والتجارة والخدمات مثل المصارف الخاصة ووسائل الاعلام الخاصة وغيرها.
ويتكون المجتمع المدني الذي يقع بين الأفراد والدولة من مجموعات منظمة وغير منظمة وأفراد يتفاعلون اجتماعية وسياسية واقتصادية، وينظمون بقواعد وقوانين رسمية وغير رسمية ( كريم، 2013: 8).
ويتضمن الحكم الرشيد، الدولة، من خلال إدراج القطاع الخاص والمجتمع المدني، هذه العناصر الثلاث تكون جد مهمة لضمان ديمومة التنمية البشرية .
فالدولة تخلق بيئة سياسية وقانونية مقبولة، كما أن القطاع الخاص يؤدي إلى خلق مناصب شغل، أما المجتمع المدني فإنه يسهل تقاطع الفعل السياسي والاجتماعي عبر تعبئة الجماعات حتى تقوم بالمشاركة في الأنشطة السياسية والاجتماعية (عزي، 2008: 7).
وفي الحقيقة فإن تكامل الأدوار مطلوب بين المكونات الثلاث : الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لتحقيق شمولية تطبيق الحكم الرشيد في أي مجتمع من المجتمعات، بالإضافة الكون المكونات الثلاث تمثل جهات رقابية على بعضها البعض، فالدولة ومؤسساتها الحكومية مراقبة من قبل مؤسسات المجتمع المدني وأفراده والدولة تتابع عمل منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
شروط تطبيق الحكم الرشيد في مؤسسات العمل الأهلي
من الضروري أن يكون النظام الأساسي للمؤسسات الأهلية شاملا ويعكس مفهوم الحكم الصالح بحيث يتسم بالوضوح التام للأهداف، وطريقة الحكم، وتداول السلطة، وتوزيع الأدوار، وفتح باب العضوية وشروطها، وأنظمة اتخاذ القرارات وآلياته، وتبادل المعلومات وانسيابها باتجاه الهيئة العامة للمؤسسة، وباتجاه كافة الجهات ذات العلاقة.
إضافة إلى تحديد آليات التعيينات والشراء، ونظم المخالفات والعقوبات، والأنظمة المالية والمحاسبية، وسياسات استعمال موارد المؤسسة، وشروط قبول المنح وصرفها، وسياسات التقارير والتقويمات، وفض النزاعات، وسلم الرواتب والمكافآت، وحقوق العاملين.
إضافة إلى آليات تنظيم عمل المتطوعين وحقوقهم، بدءا من أعضاء مجلس الإدارة، وانتهاء بالمتطوعين الذين يقدمون الخدمات، وإعداد دليل شامل يحتوي على تلك السياسات والأنظمة وتوزيعه على جميع المعنيين (مصلح، 2013: 87).
معوقات تطبيق الحكم الرشيد
بصفة عامة، ثمة معوقات تحد من تطبيق الحكم الرشيد في الدولة من بينها:
- ضعف التنسيق السياسي بين الأحزاب الحاكمة
- ضعف التنسيق ما بين مؤسسات الدولة المختلفة من خلال تداخل الصلاحيات والمسؤوليات .
- غياب الديمقراطية الحقيقية، وعدم وجود مناخ سياسي وبيئة فكرية مناسبة لها .
- عدم احترام الحريات الفردية والجماعية .
- عدم تمكين المرأة وأخذ دورها في المجتمع نتيجة عادات وتقاليد المجتمع .
- ضعف اكتساب المعرفة وتوظيفها في خدمة المجتمع بالشكل الذي يطور القدرات البشرية .
- تدهور الوضع الأمني .
وهنالك بعض العوامل تقف بالضد من تطبيق مفهوم الحكم الصالح كالفساد الإداري والمالي (بخيت، 2013: 111 ) .
وعلى مستوى العمل الأهلي يواجه مفهوم الحكم الصالح عدة معوقات داخل الهيئات الأهلية من غياب للشفافية والمساءلة، مما يؤدي إلى وجود بيئة عمل تزداد فيها فرص استخدام المسؤولين في الهيئات الأهلية للمقدرات العامة لمصالح شخصية (فساد).
كما يؤدي إلى شخصنة هذه الهيئات، حيث تعرف باسم مؤسسها أو مديرها أو رئيس مجلس إدارتها، أو احتكار إدارتها في يد واحدة، بالإضافة لغياب عمليات التوثيق الممنهجة داخل الهيئات الأهلية مما يعوق الشفافية، إذا ما رغبت الهيئة في تطبيقها (مساءلة العمل الأهلي دراسة تقييمية 19 :2007 ) .
الخاتمة :
بعد استعراض مفهوم الحكم الرشيد ومكوناته ومعاييره ومعوقات تطبيقه، وأهميته، خلص الباحث إلى أن مفهوم الحكم الرشيد يرتبط إلى حد كبير بمفهوم حقوق الإنسان والتنمية والاستقرار، وغيرها من المفاهيم التي تعزز مفهوم الديمقراطية، كذلك فإن تحقيق الحكم الرشيد بصفة عامة، يتطلب تعاون واتصال بين الدولة الحكومية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، ومن خلال قيام الجهات الثلاث السابقة بدورها، يمكن تحقيق الحكم الرشيد، عبر تكامل المهام والأدوار وتبادل المعلومات والخبرات.
والحكم الرشيد في الجمعيات الأهلية يهدف إلى تعزيز وترسيخ مبادئ المشاركة والشفافية وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الأعضاء، كما يهدف إلى تحقيق مصالح الأعضاء، ويحول دون تفرد شخص المسئول، وهي الآفة التي تكاد تكون هي الأخطر على العمل الأهلي.
وأمام أهمية الحكم الرشيد في الجمعيات الأهلية، من حيث دوره في الحفاظ على حقوق الأعضاء، وكذلك في بناء قيادة جديدة مستقبلية، فلابد من أن تكون معاييره من أولويات رسالة المنظمة وثقافتها ، وأن تفرغ ضمن أهدافها وبرامجها، ولعل هذه هي العلاقة التي يجب أن تبني، وأن يبنى عليها.
تعليقات