الدولة
المحتويات :
1. مقدمة .
2. تعريف الدولة .
3. المفهوم العام للدولة .
4. اركان الدولة .
- الشعب .
- الاقليم .
- السلطة السياسية .
5- خصائص الدولة .
- الشخصية المعنوية .
- السيادة .
- خضوع الدولة للقانون .
6- اشكال الدولة .
- دولة بسيطة .
- دولة مركبة .
7- وظائف الدولة .
- وظائف الدولة بشكل عام .
- وظائف الدولة في الاسلام .
مقدمة :
إن المدينة الفاضلة كانت ولا تزال الحلم الأعظم للناس، وإن محاولة الوصول إلى المجتمع الفاضل، من السمات البارزة لتطور الوعي الإنساني عبر التاريخ، وكان السعي لتحسين الواقع الإنساني في المجتمع بمثابة الخطوة الأولى لبداية نشوء الدولة . (المنياوي، 2009: 9)
وفيما يلي وقفة للتعرف- وبشكل تفصيلي - على خمس قضايا أساسية تتعلق بالدولة وهي كالآتي:
1- مفهوم الدولة.
2- أركان الدولة.
3- خصائص الدولة.
4- أشكال الدولة.
5- وظائف الدولة.
تعريف الدولة
يرتبط تعريف الدولة والمجتمع ارتباطا وثيقة؛ بحيث نجد أنه من الصعب إدراك أحدهما بمعزل عن الآخر كما لا يمكن متابعة تطورهما عبر التاريخ بصورة منفصلة؛ فالدولة كائن حي له طبيعته الخاصة به، ويحكمها قانون السببية ، وهي مؤسسة بشرية طبيعية وضرورية ، وهي أيضا وحدة سياسية واجتماعية لا يمكن أن تقوم الحضارة إلأ بها. (ابن خلدون، 2004: 101)
أولا: الدولة لغة:
لم يكن تعريف الدولة لغة مقتصرة على العرب فقط؛ كون الأمم الأخرى قد سبقت العرب في معرفة الدولة وتكوينها، لذلك سنجد تعريفات لغوية للدولة في أكثر من لغة، وهي أربعة على النحو الآتي:
أ. الدولة في القرآن الكريم:
وردت في القرآن الكريم حروف كلمة دولة في قوله تعالى: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم } [الحشر: 7]، بمعنى التداول والتغيير والتحويل.
"وقيل في تفسيرها إن دولة بضم الدال أو فتحها لغتان: وإن الضم تشير إلى المال، والفتح إلى الحرب، والمعنى العام حتى لا يقع مال الفيء في أيدي الأغنياء فيتداولونه بينهم دون الفقراء، وهو ذات معنى التغيير والتحويل" . (شلبي، 1996: 21).
وكذلك وردت في القرآن الكريم في موضع آخر، ولكن استخدمت بصيغة الفعل في قوله تعالى: {وتلك الأيام نداولها بين الناس} [آل عمران: 140]، أي بمعنی نجعل الدولة والغلبة فيها لقوم، وفي غيرها لآخرين.
ب. الدولة لغة عند العرب:
الدولة في اللغة العربية لها مدلولات مختلفة عنها في اللغات الأخرى من الناحية اللغوية، والتقصي عن المعاني اللفظية الصرفة لمدلول كلمة (دولة) في أشهر قواميس اللغة العربية القديمة يبعدنا بشكل واضح، وذي مغزي، عن مفهومها اللغوي الشائع عند الغرب، الكلمة دولة تجد جذورها اللغوية في تعبير (status) اللاتيني القديم.
والحقيقة أن هذه الكلمة كلمة محايدة؛ حيث تعني طريقة العيش أو حالته؛ لذا فإنها لصيقة بمعاني الثبات والاستقرار، لكنها على الرغم من ذلك تبقى غامضة وعامة" (الأسود، 1973: 10).
لذلك نجد أن تعريفات الدولة قد تعددت، ومنها هذه الأربعة:
1. كلمة دولة: مأخوذة من الدال والواو واللام، وهو أصل واحد، يدل على تحول شيء من مكان، "يقال الدولة والأولة، وهما بمعنى واحد، وتطلق الدولة على الاستيلاء والغلبة وانقلاب الزمان، وعلى الشيء المتداول، والدولة في الحرب بين الفئتين، أن تنال إحدى الفئتين على الأخرى، فتهزم هذه مرة وهذه مرة، والدولة أي الغلبة، يقال أديل لنا على أعدائنا، أي تصرنا عليهم . (ابن منظور، 1414ه :252/ج11)
2. "كلمة (دولة) ليست مجرد فعل أو انتقال، بل انقلاب الزمان والدهر من حال إلى حال" . الفيروز ( آبادي، 2005 :1000).
3. "الدولة تعني الانتقال من حال إلى حال، وداول تعني جعله تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء؛ حيث يقول الحق تبارك وتعالى: {وتلك الأيام تداولها بين الناس}[آل عمران:140]" . (مجمع اللغة العربية .(239: 1989 )
4. "للدولة أعمار طبيعية-كما للأشخاص ، وفي الغالب لا تعدو أعمار ثلاثة أجيال، مرحلة النشأة والتكوين، ومرحلة الشباب والاستواء، ومرحلة الشيخوخة والهرم". (ابن خلدون، 2004 : 170 )
ج. الدولة لغة عند الغرب:
يختلف المعنى اللغوي لكلمة دولة في القواميس العربية عن معناها عند الغرب، وهذا الاختلاف يعبر عن المدلولات السياسية والفكرية البعيدة، والمغزى الكبير الذي يتجاوز الحدود اللغوية البحتة، فهذا الاختلاف اللغوي يعكس في الواقع اختلافا في مفهوم الدولة وموقعها في الفكر العربي والفكر الغربي.
فالدولة عند الغربيين لم تجد تعبيرة للدلالة على معناها أشد من كلمة (status) في اللاتينية، و(Stato) في الإيطالية، و(Etat) في الفرنسية، و (State) في الإنجليزية، للإشارة إلى أن الأمر والحكم لا يتبدل، ولا ينبغي أن يتبدل، بل هو دائم وقائم ومستت . (رباط، 1960: 103)
ويعكس المعنى التقليدي للدولة عند الغربيين فلسفة لا تخفي أبعادها الاجتماعية والاقتصادية، هدفها الأساس دعم الدولة وتمجيدها، واستبعاد احتمال تغييرها، في حين إنها لا تأخذ ذلك الطابع المقدس عند غالبية العرب والمسلمين. (195 :1967, Nassar).
فالدولة عند ابن خلدون مثلا هي ظاهرة في كل مرة تنتهي فيها الدورة السياسية، فهي في نظره لا دائمة ولا مستقرة، وينطلق ابن خلدون في تفسيره لظاهرة عدم استقرار الدولة من فكرة أكثر شمولية، وهي علم بیان ظواهر الاجتماع الإنساني على الإطلاق عنده، حيث يقول في مقدمته:
إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ويلهم لا تدوم على وتيرة واحدة، ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار؛ فان ذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول" لذلك فإن الدولة تبقى مؤسسة دائمة التعرض للتبدل والتغيير. (ابن خلدون، 2004 : 28)
د. الدولة عند الفلاسفة:
تعتبر جمهورية (أفلاطون) أساسا متينة، ومصدرا مهمة، لكل المدن الفاضلة التي كتب عنها الفلاسفة من بعده، ونلاحظ أن أفلاطون على الرغم من أنه كان يسعى إلى تكوين شعب سعيد ينعم بالحرية والرفاهية.
ومع أن كتابه غرف بجمهورية أفلاطون الفاضلة؛ إلا أنه كاد يخصص لتربية رئيس المدينة، أفلاطون كان يهدف إلى تربية الملك الفيلسوف؛ لأن التجمعات البشرية في رأيه تسعد إذا حكم الملك الفيلسوف، وإذا كان من الصعب إيجاد الملك الفيلسوف فلا بد بأن يتفلسف الملوك. (المنياوي، 2009: 10)
حيث يتوجب أن يتزود حكام المدينة بالحكمة، كي يدير الحاكم شؤون الدولة على الوجه الأكمل، وهكذا نجد أن الفلاسفة بعد أفلاطون - أعطوا لرأس الدولة الأهمية القصوى، حيث اعتبر (أرسطو) الإنسان مدنية بالطبع، بينما قال الفارابي إن الإنسان دعت الحاجة إلى الاجتماع، وليس بالطبع والفطرة، والهدف من ذلك هو إسعاد الفرد والمجتمع.
وأيضا أعطى صفات أخلاقية يجب على الحاكم أن يتمتع بها؛ أما (مكيافيللي) فقد أعطى الحق للأمير بالتصرف المطلق، فيما أوجب (هوبز) على الناس أن يتنازلوا عن حرياتهم للملك، وكان ل (جان جاك روسو) رأي آخر عندما قال بأن المجتمع تنازل عن حرياته لرئيس الدولة وفق عقد اجتماعي . (المنياوي، 2009: 11)
وهكذا نجد أن الفلاسفة هم الذين استوعبوا الازدهار الثقافي المحيط بهم، وتلقوا معطيات الحضارة الإنسانية، ثم فكروا بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مما يرون أمامهم من تخلف وتفكك، وانحطاط واستبداد؛ ليقدموا ما تجود به أنفسهم من اقتراحات تحت اسم المدينة الفاضلة.
المفهوم العام للدولة:
إن الشعور بالدولة سابق على قيامها؛ فالدولة قد اتخذت عبر العصور التاريخية المختلفة أسماء عدة، و "الدولة تكتسب قيمتها من شعور الناس بها، وإحساسهم بوجودها، فبدون هذا الشعور لا وجود للدولة" فهذا الشعور يعني الاعتراف بأن ثمة سلطة حاكمة في المجتمع، يخضع لها كل فرد فيه. (رباط ، 1968: 5)
وقد وردت تعريفات عديدة لمفهوم الدولة، منها:
1. الدولة وحدة قانونية دائمة، تتضمن وجود هيئة اجتماعية، لها حق ممارسة سلطات قانونية معينة، في مواجهة أمة مستقرة على إقليم محدد، وتباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المنفردة عن طريق استخدام القوة المادية التي تحتكرها . ( ليله، 1958: 223).
2. الدولة جماعة من الناس تقيم دائما في إقليم معين، ولها شخصيتها المعنوية، ونظامها الذي تخضع له، ولحكامها، واستقلالها السياسي . ( موسی، 1988: 17).
3. الدولة مجموعة من الأفراد الشعب) يعيشون على إقليم محدد (الأرض)، ويخضعون لسلطة سياسية حاكمة (الحكومة)، وتتمتع بالاعتراف الدولي، كشرط للتمتع بالصفة الدولية . ( سالم،2011: 37).
4. الدولة عبارة عن ذلك الشخص المعنوي الذي يمثل أمة (تقطن أرضا معينة)، والذي بيده السلطة العامة، أو كما يسمونها السيادة . (متولي، 1975: 28)
وبدراسة ما سبق من تعريفات يمكننا تعريف الدولة بالتعريف التالي :
الدولة هي عبارة عن كيان سياسي منظم، يتمثل في مجموعة من الأفراد الذين يقيمون على أرض محددة، ويخضعون لتنظيم سياسي وقانوني واجتماعي معين، تفرضه سلطة عليا".
يمكننا اعتبار هذا التعريف جامع، وشامل؛ كونه تتمثل فيه جميع عناصر الدولة الرئيسية وهي:
- الكيان والنظام السياسي.
- المجتمع.
- الأرض.
أركان الدولة
للدولة ثلاثة أركان أساسية، هي:
- الشعب.
- الإقليم.
- السلطة السياسية.
الشعب:
وهنا يلزم التفريق بين مفاهيم الشعب والأمة والدولة:
1. يتكون الشعب من مجموعة كبيرة من الناس تجمعهم الرغبة في العيش المشترك، وإن كان لا يمكن تحديد عدد مناسب، أو حير أدني وحير أقصى، لعدد الناس، أو أفراد الشعب؛ إلا أن كثرة عدد السكان يعتبر عاملا هاما في ازدياد قدر الدولة وشأنها، وقد يتطابق تعريف الشعب مع الأمة، وقد يختلف عنها، كما هو حال الأمة العربية المقسمة إلى دول، فشعب الدولة يتكون من أمة، أو جزء منها، أو عدة أمم، فالشعب مجموعة من الأفراد تقطن أرض معينة.
2. أما الأمة فهي إلى جانب ذلك تتميز باشتراك أفرادها في عنصر، أو عدة عناصر؛ كاللغة، والدين، والأصل، أو الرغبة المشتركة في العيش معا.
3. أما بالنسبة للأمة والدولة؛ فالاختلاف يكمن في أن الأمة ما قد علمت أنفا، أما الدولة فهي وحدة سياسية قانونية وضعية، إضافة إلى أن الدولة هي عنصر من عناصر الأمة. (بسيوني، 15 :1985 )
وإذا كانت الدولة والأمة تشتركان في عنصري الشعب والإقليم؛ فإن الدولة تتميز عن الأمة بالحكومة التي تعد ركن من أركان الدولة، "ومن وظائف الدولة إخفاء التناقضات الداخلية بين أعضائها من صراع سياسي أو طبقي، وإضفاء صفة المشروعية على السلطة المفروضة من طرف مجموعة، أو فئة، أو طبقة على الأغلبية . (مدكور، 1983: 118).
الإقليم:
يستقر الشعب على أرض معينة، سواء كانت هذه الأرض ذات مساحة كبيرة أو صغيرة، وقد أصبحت الأرض وهي عنصر من عناصر الدولة الثلاثة، تسمى بالإقليم الذي لا يشمل اليابسة فقط، وإنما إلى جانبها المسطحات المائية التابعة لليابسة، والفضاء الذي يعلو الأرض، والبحار الخاضعة للدولة وفقا لقواعد السلوك الدولي، وإن حق الدولة على إقليمها حق عيني نظامي، يتحدد مضمونه بممارسة السيادة العامة بما تفرضه من إجراءات رقابة وادارة للشؤون العامة . (موسی، 1988: 28).
السلطة السياسية:
إن قيام الدولة يتطلب وجود قوة أو حكومة، تفرض السلطة على الشعب في إطار الأرض، وأن تعمل هذه الحكومة على تنظيم أمور الجماعة، وتحقيق مصالحها، والدفاع عن سيادتها، والمراد بالسيادة استقلالية السلطة التي تحكم الشعب، وتنظم شئونه وموارده، وتقيم العدل بين أفراده وتقوم بالدفاع عنه، مع تنظيم العلاقات بالدول الأخرى عن طريق تبادل التمثيل السياسي، والاشتراك في المنظمات الدولية.
ولا بد لممارسة السيادة من شخص وهيئة تعاونه، كما لا بد من تنفيذ قرارات الدولة في الداخل ، والاستقلال السياسي، وعدم الخضوع لمؤثرات خارجية في العلاقات مع الدول الأخرى، ولا يتم ذلك التقيد بقواعد القانون الدولي، وقرارات المنظمات الدولية . (أبو غده، 2006: 5)
وتستمد حكومة أية دولة شرعيتها من رضا شعبها بها، وقبوله لها؛ فإذا انتفى هذا الرضا والقبول؛ فإن الحكومة تكون فعلية، وليست شرعية، مهما فرضت نفوذها على المحكومين، والمبدأ العام أن السلطة إما أن تكون اجتماعية مباشرة، وإما أن تكون مجسدة في شخص معين، أو سلطة مؤسسة.
والسلطة السياسية ظاهرة قانونية لارتباطها بالقانون؛ حيث تلجأ إليها السلطة التنظيم الأفراد، وتقييد مطامعهم واندفاعهم، وتغليب مصالحهم على مصلحة الجماعة، كما أن تلك السلطة يمكن أن تتأثر بعوامل عديدة، سواء كانت دينية، أو نفسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية أو تاريخية.
فالمشروعية والسلطة الشرعية مصطلحان كثيرا الترديد بين الحكام، فالمشروعية هي صفة تطلق على سلطة؛ اعتقاد أنها أصلح فكرة من حيث تطابقها مع آمال المجتمع والأمة، والمشروعية تمنح للسلطات صلاحية إعطاء الأوامر، وفرض الطاعة، أما الشرعية فهي صفة تكتي بها الدولة في أعمالها؛ إذا تطابقت مع الدستور والقانون المطبق في البلد . (الشاعر،1982: 192 )
خصائص الدولة
تتميز الدولة عن غيرها من المنظمات بخصائص رئيسة لعل أهمها هو، السيادة، ومدی حريتها في تعديل القوانين التي تضعها، ومن أهم خصائص الدولة ما يأتي:
(منتدى كلية الحقوق - جامعة المنصورة،www.f-law.net) )
1. الشخصية المعنوية:
تتمتع الدولة بشخصية معنوية مستقلة ، تمارس جميع الحقوق الممنوحة للشخص المعنوي، لكن شخصيتها منفصلة تماما عن شخصيات الأفراد الذين يمارسون السلطة والحكم فيها.
2. السيادة :
تعتبر السيادة من أهم خصائص الدولة التي تنقسم إلى السيادة الداخلية والسيادة الخارجية:
أ- السيادة الداخلية:
وتكون حين تتمتع السلطة بالشرعية من خلال الانتخاب المباشر لهذه السلطة من قبل الشعب، وبما يمثله من تفويض عام، من خلال رأي الأغلبية الشعبية أو البرلمانية، وهذه السلطة الشرعية تمثل الهرم السيادي لمثلث السلطة المتمثل بقاعدتيه؛ السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية.
والسيادة هي التعبير والفكرة التي تضع السلطة فوق إرادة الأفراد من خلال اختيارهم لهذه السلطة وتفويضها بتمثيلهم، بما يعني إقرارهم بالموافقة على أن تكون الدولة ممثلا لهم، ووكي" عن إرادتهم السياسية والقانونية، والتفرد بالقرارات التي تقتضيها الحياة العامة.
ب- السيادة الخارجية:
وتعني عدم سيطرة حكومة، أو سلطة خارجية، على السلطة المحلية، أو عدم خضوع إرادتها إلى أي إرادة خارجية، وتمتعها باستقلالية قرارها السياسي والقانوني الوطني، إضافة إلى موافقة قواعد القانون الدولي عليها.
وإن فكرة السيادة فكرة قانونية تصف بها السلطة السياسية؛ بحيث يتم تفويض أفراد من عموم الشعب؛ لتمثيلهم بنتيجة العقد الاجتماعي، حيث يتم تفويض هذه المجموعة من الأفراد صلاحيات مطلقة أو محددة؛ تبعا للظروف ورغبة الشعب،.
والشعب هو الذي يملك السيادة أصلا، ويفوض بعضا من صلاحياته إلى هذه المجموعة؛ لتمثيله ضمن صيغة قانونية؛ وفقا لانتخابات عامة أو محددة، أو وفقا لتخويل من البرلمان المنتخب، أو أية صيغة شرعية أخرى.
3. خضوع الدولة القانون:
إن دولة القانون هي الدولة التي تخضع جميع أوجه نشاطها للقانون، سواء في التشريع، أو التنفيذ، أو القضاء، وإن أهم ما يميز الدولة القانونية عن غيرها من الدول، هو خضوع جميع نشاطها للقواعد القانونية؛ أي عدم إلزام الأفراد بشيء خارج القانون.
ولكي تقوم الدولة القانونية يجب أن تتوفر ستة ضمانات أساسية:
(منتدى كلية الحقوق جامعة المنصورة، www.f-law.net )
أ. وجود الدستور.
ب. تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات.
ت. احترام مبدأ سيادة القانون.
ث. تدرج القواعد القانونية.
ج. الاعتراف بالحقوق والحريات العامة. ح. تنظيم رقابة قضائية، واستقلالها.
أشكال الدولة
تنقسم الدولة من حيث شكل تكوينها إلى :
- دولة بسيطة.
- دولة مركبة.
الدول البسيطة الموحدة:
الدولة البسيطة: هي الدولة التي تكون فيها السلطة واحدة، ولها دستور واحد، ويكون شعبها وحدة بشرية متجانسة، تخضع لقوانين واحدة داخل إقليم الدولة الموحد، وتتميز الدولة الموحدة بوجود تنظيم سياسي واحد للسلطة، تكون موزعة على عدة هيئات، ثمار في شكل وظائف أو اختصاصات مختلفة بمبدأ الفصل بين السلطات.
ولكن هذه الهيئات أو السلطات هي عبارة عن جهاز سلطوي واحد في الدولة البسيطة، وفيما يخص توزيع السلطات الإدارية على الأقاليم والهيئات؛ فإن السلطة التنفيذية في الدولة تتولى مهمتين، وظيفة الحكم، ووظيفة الإدارة، التي يمكن تقسيمها وتوزيعها على هيئات لامركزية، تتمتع بالاستقلال في أداء وظيفتها الإدارية، فالاعتماد على نظام اللامركزية الإدارية لا يؤثر في وحدة الدولة السياسية، ومثال هذه الدول على سبيل المثال لا الحصر فرنسا وإيطاليا. (بدوي، 1970: 56).
الدولة المركبة:
الدولة المركبة: هي الدولة التي تتكون من اتحاد دولتين أو أكثر، غير أن هذا الاتحاد ينقسم إلى عدة أشكال؛ بسبب اختلاف نوع الاتحاد الذي يقوم بين هذه الدول وطبيعته.
تنحصر الدولة المركبة في الأشكال الأربعة الآتية:
1. الاتحاد الشخصي:
وهو أضعف أنواع الاتحاد بين الدول، وهو وليد الصدفة؛ لأنه نتيجة حادث عارض في حياة الدول، يتمثل في تولي شخص واحد الرئاسة، مع احتفاظ الدول بالاستقلال الكامل، ويمكن أن يتمثل هذا النوع في الاتحاد لشخص حاکم ( ملك إمبراطور، رئيسا لجمهورية نتيجة اجتماع حق وراثة عرش دولتين في يد الأسرة الملكية، أو نتيجة زواج بين عرشين ملكيين، وهو ما حدث بين انجلترا وهانوفر سنة 1714م. (قدور، 1997: 45)
2. الاتحاد الكونفدرالي أو الاستقلالي:
"وهو نتيجة الاتفاق بين دولتين، أو أكثر، في معاهدة دولية على الدخول في الاتحاد، مع احتفاظ كل دولة باستقلالها الخارجي والداخلي؛ أي بقاء نظمها الداخلية دون تغيير، ومثال على هذا الاتحاد ما حدث عام 1815م، فيما غرف بالاتحاد السويسري الذي تم بين المقاطعات السويسرية . (قدور، 1997: 46)
3. الاتحاد الحقيقي أو الفعلي:
يقوم بين دولتين؛ أو أكثر، تخضع جميعها لرئيس واحد، وتندمج في شخصية دولية واحدة، ولها-وحدها -حق ممارسة الشؤون الخارجية، والتمثيل السياسي الدبلوماسي، والدفاع، مع احتفاظ كل دولة من الدول الأعضاء بدستورها، وقوانينها، ونظامها السياسي الداخلي الخاص، ومثال على دول هذا الاتحاد، ما تم بين السويد والنرويج من سنة 1815م - 1905م، وما تم بين النمسا والمجر من سنة 1867م- 1918م. (غالي، 1963: 242).
4. الاتحاد الفدرالي أو المركزي:
ويضم وحدات متعددة (ولايات، دويلات) في شكل دولة واحدة هي دولة الاتحاد، وهي التي تتولى تصريف بعض الشؤون الداخلية لكل دولة وتسييرها، والشؤون الخارجية الخاصة بالدول جميعا.
ويعتبر هذا النوع من أهم صور الاتحاد، على خلاف الاتحادات السابقة، فهذا الاتحاد يستند إلى دستور الدولة الاتحادية ذاته، ولا يعتبر الاتحاد المركزي بعد قيامه اتحادة؛ بل هو دولة واحدة مركزية تضم مقاطعات أو جمهوريات، وتنحصر نشأته في اندماج عدة دول مستقلة في الاتحاد، أو تفكك دولة موحدة إلى عدة دويلات.
وينتهي الاتحاد بزوال أحد أركان الدولة، أو تغيير شكل الدولة من اتحاد مرکزي إلى دولة موحدة وبسيطة، ومثال هذا الاتحاد يتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية. ( بدوي ، 1970 : 73 )
وظائف الدولة
الدولة لا يمكن اعتبارها هدفا في ذاتها، بل هي وسيلة لتحقيق هدف يسعى إليه أعضاؤها .(جريغز، 1961: 44)
وهدف الدولة بوصفها تجمعة بشرية ليس أكثر أهمية أو تقدما بسبب كونه عاما؛ بل إنه القيمة التي تضفي على نشاطها بمقارنتها بأي تجمع أخر؛ كالنقابة، أو الحزب، لذلك فإن أي تجمع بما في ذلك الدولة يجب تقييمه على ضوء أهدافه بوصفه أداة لتحقيقها.
حيث تسعى الدولة إلى تحقيق وظائف معينة، وهذه الوظائف بغض النظر عن مضامينهاتحددها عقائد وأيديولوجيات سياسية، لذلك نجد تباين هذه الوظائف من دولة إلى أخرى؛ تبعا الاختلاف العقائد والأيديولوجيات، بحيث يمكن القول: إن ثمة كليات عقائدية تحدد مضمون هذه الوظائف وأبعادها، وتحكم حركتها، سواء في الداخل أو الخارج .
فالدولة أصبحت أداة الجماعة ووسيلتها في تحقيق عقيدتها أو أيديولوجيتها السياسية، وأن ذلك يمثل أساسا لشرعية الدولة، ومبررا لوجودها. (ربيع، 1985: 195)
أما فيما يخص الدولة الإسلامية؛ فإن القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، قدما مجموعة من المبادئ التي يجب أن تحكم الدولة في تعاملها الداخلي والخارجي.
كما يقدمان مجموعة من الغايات والأهداف التي ينبغي أن تسعى الدولة نحو تحقيقها في حركتها وممارستها السياسية، هذه المبادئ والغايات والأهداف - رغم كونها في أصولها قيمة عقائدية إسلامية- إلا أن جوهرها ذو طبيعة إنسانية عامة ومجردة، كما أنها مبادئ أخلاقية مطلقة . (قويس، 1989: 62)
العقيدة الإسلامية تؤكد قيمة وقواعد تحكم السلوك الفردي والجماعي، كما تحكم وظائف الدولة، وذلك عبر قواعد تشريعية، يتجاوب من خلالها المؤمن مع الدولة في أداء التزام ديني، يرتبط بجوهر العقيدة الإسلامية المتمثل بمبدأ التوحيد، خصوصا في أبعادها السياسية، وبذلك تصبح عقيدة التوحيد- بقدر ما هي التزام فردي وجماعي- فهي التزام على الدولة، وجوهر لوظائفها . (زيدان، 1965: 12)
أما التقاليد الفكرية المعاصرة؛ فإنها تنطلق في دراسة الدولة من الواقع الأوروبي؛ أي أنها تعبير عن الحضارة الأوروبية وواقعها . (السيد، 1985: 134)
لذلك فإنه يلزم التعريج على وظائف الدولة مطلقة، ثم على وظائفها في الإسلام في فرعين:
أولا: وظائف الدولة بشكل عام:
تعتبر الدولة ظاهرة عالمية عامة، ولكن إذا أمعنا النظر في مضمون فكرة الدولة سوف نجدها تعبر عن نظام قيمي وسلوكي معين، لذلك نجد تعدد مفهوم الدولة وتنوعه بوجه عام، وبقدر ما تكون فكرة الدولة تعبيرا عن حضارة؛ فإنها ستكون انعكاسا لجملة تفاعلات سياسية، واقتصادية، واجتماعية، في مرحلة تاريخية معينة، لذلك فقد تعددت الدراسات التي تناولت الدولة.
وفي إطار وظائف الدولة نلاحظ الانتقال من الدولة الحارس التي تكون محددة الوظائف إلى الدولة المتدخلة التي يتسع نطاق وظائفها حسب الأوضاع التي تمر بها، ثم إلى الدولة المنتجة التي امتد نطاق وظائفها بدرجة كبيرة، حتى هيمنت على المجتمع كله، ثم نلاحظ بروز مفاهیم؛ مثل دولة الرفاه، والدولة التسلطية، كل ذلك يعكس تفاعلات الواقع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، في مرحلة تاريخية، وواقع اجتماعي معين. (الشاوي، 1970: 214)
إن الدولة بغض النظر عن طريقة نشوئها- لا بد أن تقوم على جملة أفكار رئيسة، تعبر عن الوعي المجتمعي، وعن قناعات الأغلبية من المواطنين،
ولما كانت هذه الأسس متباينة بين الجماعات البشرية تبعا لاختلاف نظرتها إلى الكون والإنسان؛ فإنه من الطبيعي أن تتباين وظائف الدولة، وتتوزع وفق اجتهادات مختلفة، يمكن أن نجملها بالمذاهب الثلاثة الآتية:
(الشاوي، 1970: 221 )
1. المذهب الفردي.
2. المذهب الاشتراكي.
3. المذهب الاجتماعي.
وفيما يلي عرض لوظيفة الدولة وفق المذاهب المختلفة:
1. المذهب الفردي:
يقوم هذا المذهب-كما يدل عليه اسمه- على جعل الفرد غاية التنظيم الجماعي، ومن ثم فهو يجعل الفرد محور قيام الدولة وأساس وظائفها.
ولذلك فإن وظائف الدولة تتحدد وفق هذا المذهب بالوظائف الأساسية، وهي الثلاث التالية:
أ. الدفاع الخارجي.
ب. الأمن الداخلي.
ت. إقامة العدالة بين الأفراد.
فالدولة وفق هذا المفهوم تسمى الدولة الحارسة التي لا تجرؤ على التدخل في المجالين الاقتصادي والاجتماعي تبعا للمبدأ المعروف (دعه يعمل، دعه يمر)، ويعني علم التدخل في شؤن الناس كي لا تتعطل مصالحهم .
(متولي، 1975: 224).
وقد استند أنصار هذا المذهب إلى عدة جج؛ لتبرير نظرتهم إلى الدولة ووظائفها، أهمها التركيز على قدرة الأفراد على تنظيم حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، ونجاحهم في إشباع رغباتهم في حين أن الدولة غالبا ما تتعثر بمشروعاتها الاقتصادية والاجتماعية . (متولي، 1975: 232 )
إن هذا المذهب قد انتشر بشدة في القرن الثامن عشر، ثم ما لبث أن خفت صوته مع تقدم المدنية، وتعقد الحياة، وأشد ما يؤخذ على هذا المذهب أنه يؤدي إلى تحقيق المساواة القانونية، ولكن لا يؤدي إلى تحقيق المساواة الفعلية بين المواطنين، ما يؤدي إلى سيطرة القوي على الضعيف، والغني على الفقير؛ إضافة إلى أنه يعتبر وظائف الأمن الاجتماعي؛ من ثقافة وتعليم، وصحة، وظائف ثانوية . (رباط، 1960: 282).
2. المذهب الاشتراكي:
هو نقيض المذهب الفردي؛ بحيث يطمس مقام الفرد تحت شعار تأمين الرفاهية والاستقرار للأفراد، فيطلق العنان لتدخل الدولة في كل شيء، وإذا كان أفراد هذا المذهب يتفقون على ضرورة إطلاق العنان لتدخل الدولة.
إلا أنهم مختلفون على مدى هذا التدخل وفق اتجاهين متمايزين، وهما:
(عبد الله، 1997: 135-136)
أ. الشيوعية:
حيث ترى وجوب إلغاء الملكية الفردية، والقضاء على مؤسسة الأسرة، ومصادرة واحتكار الثروة العامة، وأدوات الإنتاج، ثم إعادة توزيعها تحت الشعار المعروف "من كل جهده، ولكل حاجته .
ب. الجماعية:
وهي ترى وجوب سيطرة الدولة على جميع مصادر الإنتاج الأساسية؛ کالأرض، والمناجم، والسكك الحديدية، والمصانع، وأما وسائل الإنتاج فتبقى مملوكة للأفراد، ما يؤدي إلى توزيع ثمرات الإنتاج على جميع الأفراد، لا تبعا للمبدأ الذي نادي به الشيوعيون "من كل جهده، ولكل حاجته"؛ بل تبعا لمبدأ آخر هو " حسب عمله".
فالمذهب الاشتراكي باتجاهية الشيوعي والجماعي يقوم على عد من الحجج والأسانيد، أهمها:
- أن النظام الرأسمالي الذي يقوم وفق المذهب الفردي نظام ظالم، يشجع على الطبقية والاستغلال، وأنه نظام علي المصالح الفردية على مصالح الجماعة.
- وأن التطبيق العملي الاشتراكي لبعض المرافق في بعض الدول قد أدى إلى مصائب جليلة . (عبد الله، 1997: 137)
إن المذهب الاشتراكي، وإن كان نظرية يشير إلى المساواة؛ فإنه عملية ينقل الاستغلال من أيدي الأفراد في النظام الفردي إلى طائفة كبار الحكام الذي يولون إدارة الإنتاج في النظام الاشتراكي، كما أن هذا المذهب ينطوي على انتهاك الحريات والحقوق الفردية.
ويقوم على إلغاء الملكية الخاصة، ما يتصادم والطبيعة البشرية للأفراد المفطورة على حب التملك، كما يؤدي إلى بعث الخمول والاستكانة بدلا من روح الابتكار والعمل، فضلا على أن الناحية التطبيقية قد أدت إلى قهر واستبداد شدیدین؛ دفعا الشعوب للثورة على هذا النظام . (الطعيمات، 2001 :95)
3. المذهب الاجتماعي:
وهو المذهب الوسط الذي يقف بين المذهب الفردي المتطرف في التركيز على دور الفرد والمذهب الاشتراكي الموغل في التركيز على دور الجماعة، وقد بدأت الدول المعاصرة تتجه إليه، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، وصار فقهاء القانون الدستوري المعاصرون يتنمون به، وينظرون له، ويسمونه (مذهب الوسط)، أو (المذهب الاجتماعي) . (عبد الله، 1997: 147).
يتضمن هذا المذهب المرونة الكافية، لتحديد طريقة تدخل الدولة ومداها حسب الحاجة، فهو قد يتخذ صورة المراقبة والإشراف على النشاط الفرد؛، إذا كان الأفراد قادرين على إشباع الحاجات العامة، مع وضع الدولة السقوف اجتماعية واقتصادية؛ كقيامها بتحديد الأسعار، أو تنظيم شؤون الاقتصاد، وعلاقات أرباب العمل بالعمال.
وقد يتخذ شكل تدخل الدولة بصورة المعاونة؛ إذا كان النشاط الفردي غير قادر على تأمين الحاجات الأساسية؛ كقيام الدولة بالمساعدة على تأمين الدخل، والعمل، والمسكن، والصحة..، وقد يتخذ صورة التدخل المباشر إذا رأت الدولة أن المشروعات الفردية عاجزة عن أن تقوم بنفسها بسد الحاجات الأساسية.
وإذا رأت أن طبقات اجتماعية قد تسيطر على أخرى؛ عندها تتدخل الدولة بشكل مباشر حماية للمجتمع والأمن الاجتماعي؛ كقيام الدولة بالمشاريع الإنتاجية على قدم المساواة مع القطاع الخاص، أو بمشاركته، أو حتى بقيامها بها على وجه الانفراد في قطاعات معينة . (عطية، 1989: 80)
ثانيا: وظائف الدولة في الإسلام:
إن أهم وظائف الدولة في الاسلام خمسة وهي كما يأتي:
1. إقامة حكم الله في الأرض:
إن الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى هو الركن المميز للدولة الإسلامية، فإقامة حكم الله في الأرض هو الوظيفة الأساسية للدولة، يقول الله تعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور } (الحج:41).
فتحكيم غير شريعة الله، والرضا بذلك، هو خروج عن الإيمان، والدولة الإسلامية ملزمة بحماية القانون الإسلامي، وتطبيقه، وإجبار الناس على الالتزام به طوعا او كرها، وتقاعسها عن أداء هذا الواجب يفقدها وظيفتها، ومسوغات وجودها. (الفقي، 2000: 15)
2. تأمين الحاجات الأساسية للناس:
تحرص الدولة الإسلامية على مصلحة رعاياها، وإدارة مصالح الناس، ورعاية شؤونهم، وحل مشاكلهم، وتنظيم علاقاتهم، وتأمين حاجاتهم، وتيسير عيشهم، دون مشاكل أو تعقيير في شتى المجالات . (بسيوني، 1985: 70)
3. إقامة العدل:
يحتل القضاء في الدولة الإسلامية مكانة مرموقة، نظرا للمهمة الخطيرة المنوطة به، والمتمثلة في إقامة العدالة بين الناس، والفصل في الخصومات والنزاعات التي تقع بينهم، ويمل تنفيذ الأحكام الصادرة أحد الواجبات الأساسية التي تقع على عاتق الدولة الإسلامية، وما بها من هيئات تنفيذية، ولعل إقامة العدل، ورد المظالم.
ومن أبرز ما أكدته الشريعة الإسلامية؛ يقول الله تعالى: { وإذا حكم بين الناس أن تحكموا بالعدل } [النساء:58] (شريف، 1991: 34).
4. حفظ الدين، وحسن الدعوة إليه:
من أهم واجبات الدولة الإسلامية حفظ الدين الذي هو أحد المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية، ويكون حفظ الدين بتطبيق أحكامه، وتحقيق مقاصده وغاياته، وحمايته من كل مبتدع، أو صاحب هوى، والمحافظة على العقيدة، وإبعادها عن الخرافات والأهواء، وإبعاد كل شبهه وزيغ عن آيات الله، عن طريق المناقشة والحوار الهادئ، وإيقاع العقوبة على المرتدين، وقتال المغرضين والمستهزئين.
يقول تعالى: {وإن نكثوا أيمانهم من يعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون} [التوبة:12].
فالدولة الإسلامية تأخذ على عاتقها نشر الإسلام بصورته الناصعة؛ لتظل نقية صافية، وفي الوقت نفسه، تقوم الدولة بأخذ الناس بأمور العبادة؛ كإقامة الصلاة، والمحافظة على حرمة رمضان، وحج البيت، وتنظيم جباية الزكاة، وتوزيعها في مصارفها، وغيرها من الأحكام والشعائر الدينية. (خالد، 1985: 54)
5. الجهاد في سبيل الله:
يقع على عاتق الدولة الإسلامية واجب الإعداد للجهاد، وتهيئة جميع وسائل القوة التي تدخل في نطاق الرمي بكل أنواعه وأشكاله، تطبيقا لقوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون په عدو الله وعدكم وآخرين من دونهم لا تعلموهم الله يعلمهم} [الأنفال: 60]، وعلى الدولة أن تقوم بتجهيز كل ما يلزم، وإعداډير وبنائه؛ لتحقيق القوة من عتاد حربي بمختلف أنواعه، وأدواته، ووسائله المتغيرة، وتدريب أبنائها على استخدامه؛ للدفاع عن الإسلام والمسلمين . (ربيع، 1983: 35)
تعليقات