بحث عن إدارة الأزمات :
محتويات البحث :
1. مفهوم إدارة الأزمات .
2. مراحل إدارة الأزمة .
3. أساسيات في التعامل مع الأزمة .
4. استراتيجيات التعامل مع الأزمات .
- الاستراتيجيات التقليدية للتعامل مع الأزمات .
- الاستراتيجيات غير التقليدية الحديثة للتعامل مع الأزمات .
- الأسلوب العلمي لمواجهة الأزمات .
مفهوم إدارة الأزمات :
عرف ( Little ) إدارة الأزمات بأنها " نظام يستخدم للتعامل مع الأزمات، من أجل تجنب وقوعها والتخطيط للحالات التي يصعب تجنبها، بهدف التحكم في النتائج، والحد من الآثار السلبية " ( Little، ۸:۱۹۸۳)
عرف (فنك ) Fink إدارة الأزمات بأنها " القدرة على إزالة الكثير من المخاطر وعدم التأكد التحقيق أكبر قدر من التحكم في مصير المنظمة، وهذا يعني استخدام التخيل لعرض أسوأ ما يمكن حدوثه ثم تقييم القرارات البديلة قبل الحدوث " ( حمدونة، 2006 :۲۷)
أما أحمد فيرى أن إدارة الأزمة هي " العملية الإدارية المستمرة التي تهتم بالتنبؤ بالأزمات المحتملة عن طريق الاستشعار ورصد المتغيرات البيئية الداخلية أو الخارجية المولدة للأزمات، وتعبئة الموارد والإمكانيات المتاحة لمنع أو الإعداد للتعامل مع الأزمات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفاعلية، وبما يحقق أقل قدر ممكن من الأضرار للمنظمة وللبيئة وللعاملين " ( أحمد، 2002 : 36 ) .
أما كردم فيرى أن مفهوم إدارة الأزمات يمكن التعبير عنه بأنه أسلوب التعامل مع الأزمة بالعمليات المنهجية العلمية الإدارية من خلال :
- اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية، التي تعمل على تلافي حدوث الأزمة والتقليل من آثارها السلبية، وتحقيق أكبر قدر من النتائج الإيجابية.
- التنسيق بين جهود أعضاء الفريق والهيئات المساندة التي تبذل لإدارة الأزمة، وترشيد خطوات فريق الأزمات وتزويده بالمعلومات اللازمة لإدارة الأزمة.
- الإشراف على سير العمل في موقف الأزمة؛ للتأكد من صحة مسارات وتنفيذ خطط الطوارئ، وتشكيل فرق لمواجهة الأزمات، حسب طبيعة ونوعية كل أزمة قادرة على التعامل مع الأزمات
- التأثير في فريق الأزمات الدفع نشاطهم وحفزهم على اتخاذ القرار المناسب، الذي يتميز بالفاعلية والرشد والقبول الموقف الأزمة.
- تبادل المعلومات والأفكار المتعلقة بالأزمة، من خلال توفير نظام اتصال فعال يتكون من الأفراد والتجهيزات اللازمة يمكن من إدارة الأزمة بفاعلية، واتخاذ القرار المناسب في موقف الأزمة، في ظل ضيق الوقت، ونقص المعلومات، وتسارع الأحداث.
- اعتبار الأزمات فرص للتعلم، من خلال تقييم موقف الأزمة، والإجراءات التي اتخذت في التعامل مع الأزمة ومحاولة تحسينها.
مراحل إدارة الأزمة Crisis Management Phases
تمر معظم الأزمات بخمس مراحل أساسية، وإذا فشل متخذ القرار في إدارة مرحلة من هذه المراحل، فإنه يصبح مسئولا عن وقوع الأزمة وتفاقم أحداثها :
1. اكتشاف إشارات الإنذار المبكر : Signal Detection
عادة ما ترسل الأزمة قبل وقوعها بفترة طويلة سلسلة من إشارات الإنذار المبكر، أو الأعراض التي تنبئ باحتمال وقوع الأزمة، وما لم يوجه الاهتمام الكافي لهذه الإشارات فمن المحتمل جدا أن تقع الأزمة.
وبالإضافة إلى ذلك فإن كل أزمة ترسل إشارات خاصة بها، وقد يصعب التفرقة بين الإشارات الخاصة بكل أزمة على حدة، وعلى سبيل المثال فقد تكون الكتابة على الجدران أو في بعض الأماكن الخاصة مثلا تعبيرا عن غضب في صدور بعض العاملين، أو ربما لا تحمل هذا المعنى إطلاقا، وربما تعني زيادة عدد أعطال الآلات فجأة إشارة إنذار مبكر لعمليات تخريب داخلي متعمد، أو ربما تكون نتيجة لوجود عيوب في المواد تحت التصنيع.
وقد لوحظ أن المديرين بالمنظمات المستهدفة للازمات Crisis Prone على درجة عالية من المهارة في حجب إشارات الإنذار التي تتنبأ بقرب وقوع الأزمات، بينما يتوافر لدى المديرين في المنظمات المستعدة لمواجهة الأزمات Crisis Prepared مهارات عالية في الشعور بأية إشارات حتى وإن كانت خافتة. والأسوأ من ذلك أن المديرين بالمنظمات المستهدفة للأزمات لا يتعمدون حجب إشارات الإنذار فحسب ولكنهم يعاقبون حملة الأخبار السيئة، وشعارهم:
"No news, good news"
2. الاستعداد والوقاية: Preparation / Prevention
يجب أن يتوافر لدى المجتمع الاستعدادات والأساليب الكافية للوقاية من الأزمات، ويؤكد ذلك على أهمية إشارات الإنذار المبكر، لأنه من الصعب أن تمنع وقوع شيء لم تتنبأ أو تنذر باحتمال وقوعه.
إن الهدف من الوقاية يتلخص في اكتشاف نقاط الضعف في نظام الوقاية بالمجتمع، وهناك علاقة بين التنبؤ بالأزمات وبين الاستعداد والوقاية منها، إذ تعتبر الزلازل والحرائق والسيول وانهيارات المباني القديمة أهم الكوارث التي تتعرض لها الدول، حيث انعكس ذلك على خطط الاستعداد والوقاية التي يقوم بها الدفاع المدني، بما تتضمنه من تدريب للأفراد واختيار للمعدات وما إلى ذلك.
ولكن تعرض المباني الحديثة متعددة الطوابق للانهيار، لم يكن يدخل في دائرة المخاطر المحتملة، فعندما تقع الأزمة لا يستطيع سوى عدد محدود جدا من الناس أن يتصرف بهدوء وبكفاءة دون أن يكون مدربا على ذلك، ولهذا السبب فمن الضروري تصميم سيناريوهات مختلفة وتتابع للأحداث الأزمة نتخيلها، واختبار ذلك كله حتى يصبح دور كل فرد معروفة لديه تماما.
3. احتواء الأضرار والحد منها : Containment / Damage Limitation
من سوء الحظ، بل إنه من المستحيل منع الأزمات من الوقوع طالما أن الميول التدميرية تعد خاصية طبيعية لكافة النظم الحية، وعلى ذلك فإن المرحلة التالية في إدارة الأزمات تتلخص في إعداد وسائل للحد من الأضرار ومنعها من الانتشار لتشمل الأجزاء الأخرى التي لم تتأثر بعد في المجتمع، وتتوقف هذه المرحلة في إدارة الأزمات على طبيعة الحادث الذي وقع.
فعلى سبيل المثال نجد أن كارثة غرق عبارة، وغرقها السريع لم يجعل هناك أي مجال لحماية أرواح من غرقوا فعلا، كما في حال التعرض للعمليات الإرهابية يصعب أن نفعل شيئا لتقليل التأثير الناتج عن الصدمة على نفوس أولئك الأشخاص.
ويعد تسرب المواد الكيماوية من أخطر الأزمات التي يمكن أن تعرض الناس والبيئة لمخاطر لا حدود لها، وإذا أخذنا تسرب الوقود من صهاريج شركات أنابيب البترول وما يترتب عليه من تشريد العديد من الأسر وإتلاف الأراضي الزراعية والمحاصيل، وكذلك تعريض العديد من القرى للحرائق وتهديد الأرواح والممتلكات والثروة الحيوانية، فإننا ندرك أبعاد أهمية احتواء الأضرار التي تنشأ عن مثل هذه الأزمات.
4. استعادة النشاط:Recovery
تشمل هذه المرحلة إعداد وتنفيذ برامج جاهزة واختبرت بالفعل ( قصيرة وطويلة الأجل) ، وإذا لم تختبر هذه البرامج مسبقا فإنه يكون من الصعب الاستجابة ووضع الحلول المناسبة عندما تحتدم الأزمة، وتتضمن مرحلة استعادة النشاط عدة جوانب منها؛ محاولة استعادة الأصول الملموسة والمعنوية التي فقدت والملاحظ أن المديرين الذين يحددون مسبقا العناصر والعمليات والأفراد، الذين يعتبرون على درجة من الأهمية للقيام بالعمليات اليومية يستطيعون إنجاز هذه المرحلة بكفاءة.
وقد ترتكب المنظمات المستهدفة للأزمات خطأ جسيمة بالتركيز على العمليات الداخلية بتجاهل تأثير الأزمة على الأطراف الخارجية أو تهتم بذلك في وقت متأخر، وعادة ما ينتاب الجماعة التي تعمل في هذه المرحلة شيء من الحماس الزائد، حيث تتكاتف الجماعة وتتماسك في مواجهة خطر محدد ومهمة أكثر تحديدا.
5. التعلم:Learning
المرحلة الأخيرة هي التعلم المستمر وإعادة التقييم لتحسين ما تم إنجازه في الماضي، حيث أن التعلم يعد أمرا حيويا، غير أنه مؤلم للغاية ويثير ذكريات مؤلمة خلفتها الأزمة. ولكي يتعلم المرء فإنه يجب أن يكون على استعداد لتقبل القلق دون الاستسلام للفزع. إن استخلاص دروس مستفادة من كارثة أو أزمة رهن بتوافر حس مرهف لدى الإنسان يجعله يقدر معاناة الغير ويتصور نفسه أو أحب الناس إليه يمرون بتجربة الغير.
والتعلم لا يعني تبادل الاتهامات، أو إلقاء اللوم على الغير وتحميله المسؤولية، أو البحث عن كبش فداء، أو إدعاء بطولات كاذبة.
ولقد تعددت وجهات نظر الباحثين في تحديد مراحل إدارة الأزمات على أوجه شتي فمنهم من حددها في ثلاث مراحل فقط، ومنهم من جعلها أربعة، ومنهم من حددها في خمسة كما في النموذج السابق، ومنهم من زاد فجعلها ستة، وكما اختلفوا في تحديد المراحل اختلفوا أيضا في المراحل الزمنية التي تشملها، فمنهم من جعلها تشمل مرحلة ما قبل حدوث الأزمة ومرحلة حدوث الأزمة ومرحلة ما بعد انتهاء الأزمة ومنهم من جعلها دون ذلك.
أساسيات في التعامل مع الأزمة :
يحتاج التعامل مع الأزمات منذ ظهورها وحتى السيطرة والتغلب عليها إلى تطبيق الالتزام بعدة مبادئ رئيسة تمثل مصدرا قويا للدخول في المواجهة مع الأزمة :
1. تحديد الهدف وترتيب الأوليات :
مهما اختلفت أنواع وأسباب الأزمات، فلابد أن نقود الناس إلى بر الأمان دون أن نحرق أنفسنا، وسواء كنا نعمل كأفراد أو داخل مجموعات يجب أن نحدد لنا هدفا، وتحديد الهدف يجعلنا ننظر إلى ما نريد تحقيقه أو نبتعد عنه أو نتجنبه.
وتحديد الأهداف وقت الأزمات يتطلب نوعا من المفاضلة بين أقل التضحيات المفروضة والنتائج المرجوة في ضوء الإمكانيات المتاحة وهذا لا يعني بالتأكيد رفض المخاطرة.
ومن الطبيعي أن يكون هناك هدف رئيسي عند مواجهة الأزمة يكون واضحا ومحددا للقيادات وصانع القرارات، وفي نفس الوقت يمكن أن تكون هناك مجموعة أهداف فرعية أو مجزأة من هذا الهدف، ويتم ترتيبها في ضوء أهميتها ومدى تناسقها مع الأهداف الفرعية المحققة والأهداف الفرعية الأخرى المطلوب تحقيقها .
والأهداف التي يمكن تحقيقها تعني التحفيز والحركة، وفي نفس الوقت فإن الفشل في تحقيق الأهداف يعني المزيد من اليأس والإحباط والخسائر.
2. الحركة السريعة والمبادرة :
أولى الخطوات للسير نحو تحقيق الهدف هو التخلص من مشكلات الحاضر وعدم النظر إلى الماضي كثيرا وتركيز النظر إلى المستقبل، وهذا يعني ضرورة بدء التحرك، فبدون التحرك لن يكون هناك تقدم، وإذا بدأنا فهذا يعني أننا سنحقق أهدافنا.
3. تنظيم القوي المواجهة للازمة :
تفشل الهياكل التقليدية والوظائف المكررة التي قد تكون ساهمت في صناعة الأزمة أن تشارك في الحركة السريعة المطلوبة عند مواجهة الأزمة وذلك للأسباب الآتية :
· التعود على الشكل النمطي في الأداء.
· انشغالها في التنصل من مسؤولية ما حدث.
· رؤية الأزمة من زاوية الأداء السابق.
· التركيز على الماضي والحاضر أكثر من المستقبل .
وتظهر الحاجة الماسة إلى التعامل بواقعية شديدة مع الإمكانات البشرية والمادية المتاحة، وذلك من خلال إعادة توظيفها في اتجاه تحقيق الهدف الذي سبق تحديده.
ويتطلب ذلك إعادة صياغة هيكل تنظيمي سريع ومؤقت للمشاركين في مواجهة الأزمة بعيدا عن الاتجاهات السابقة للعمل في الهياكل الوظيفية وتحميل كل مكان أو موقع في هذا الهيكل بالمسؤوليات والواجبات المناسبة لإمكاناته وللوقت المتاح أمامه للتنفيذ.
ويتوقف نجاح التنظيم الجديد على القوة والإمكانات المتاحة أثناء مواجهة الأزمة وعلى التعامل مع الرغبات والاستعداد وحب المشاركة وليس على الأوامر والإجبار والضغوط مع الأخذ في الاعتبار الظروف الزمنية والمكانية التي يمكن أن تساعد في إضافة القوة المناسبة.
4. المفاجأة :
تمثل المفاجأة أحد الأسس الهامة لمواجهة الأزمة، فإعلان خطوات المواجهة بالتفصيل أو إفشاء أسرار الحركة الموجهة لتخفيف آثار الأزمة يمكن أن يفشل هذه الجهود أو قد يحدث أن يسارع البعض للمشاركة بصورة خاطئة ودون حاجة إليهم أو طلبهم في عمليات المواجهة وهم في هذه الحالة يمثلون عبئا على المختصين.
ومن أهم هذه المظاهر:
- الازدحام في مكان الأزمة وإعاقة الحركة.
- إصدار أفعال هستيرية.
- التطوع بالمساعدة بصورة خاطئة.
- توجيه النقد إلى المسئولين بصورة خاطئة.
- نشر الشائعات والأخبار المشوشة. .
5. تقبل الواقع واغتنام الفرصة :
عندما تشتد المواقف وتكشر الأزمة عن أنيابها فليس أمامنا إلا أن نتقبل ما حدث بسرعة، فإضاعة الوقت في الدهشة والاستغراب والندم ولوم الأخرين ليس هو المطلوب، ولكن المطلوب التعامل مع ما حدث.
وفي هذه الحالة يكون الابتكار ضرورة وليس عملا ترفيهيا، فالطرق والوسائل القديمة التي كانت متبعة أدت إلى الموقف الذي نعيشه مع الأزمة، وهذا يعني أننا في حاجة إلى طرق ووسائل جديدة حتى نستطيع التعامل مع الأزمة.
والفرصة أثناء الأزمة هي تجميع الممكنات مع بعضها ومحاولة الوصول إلى قمة الممكن وليس كما يعتقد البعض أن الفرصة مرتبطة بالقدر والخطر، والنجاح في خلق الفرصة المناسبة للسيطرة علي الأزمة يعني الهروب من السقوط في قاع المستحيل والاستسلام والانهيار التام.
6. المشاركة والتعاون :
يتركز الاهتمام أثناء الأزمة على إنجاز العمل أكثر مما يهتم بنجاح هؤلاء الذين شاركوا في إنجاز العمل، لذلك لابد أن نتذكر أن الأفراد الذين يشاركون في المواجهة و إنجاز العمل ليسوا مجرد أشياء يمكن استبدالها بغيرها ولكنهم كيانات لها قيمتها وتم اختيارها للعمل المناسب لها.
والمشاركة والتعاون يعني اتحاد تفكير وإبداعات الجميع من أجل مضاعفة طاقات الأفراد من أجل البقاء، فالتضامن والاتحاد والمشاركة والتعاون كلها كلمات تحمل مضامين ومعاني قوية ولكنها هامة ومطلوبة وقت الأزمات لتجنب أن تجتاحنا المشاكل.
7. الروح المعنوية المرتفعة :
يختلف معني ومفهوم الروح المعنوية المرتفعة وقت الأزمات عن المقصود بها في الظروف العادية، والاهتمام بالروح المعنوية أثناء مواجهة الأزمة يعني حمايتها من الانهيار التام.
فعندما تكون الروح المعنوية في مأزق أو تعاني من تهديدات داخلية أو خارجية فهناك علامات كثيرة توضح هذا، ويمثل ذلك تهديدا لتعبئة قدرات الأفراد في مواجهة الأزمة، ويبقي علي القائد أن يري هذه العلامات ويفسرها تفسيرا صحيحا، وهذا يأتي من الخبرة بمثل هذه الأمور.
الاحتفاظ بالروح المعنوية مرتفعة لفريق الأزمة أثناء تأديته لعمله عملية تتحكم فيها المشاعر المشتركة بين صانع القرار والقائد وفريق العمل.
8. المرونة :
هناك الكثير من العوائق التي يمكن أن تقف حائلا أمام تحقيق الهدف المرسوم والمطلوب الوصول إليه للسيطرة علي الأزمة، والمشكلة الحقيقية في مواجهة الأزمات هي تلك العوائق والحواجز التي تستهلك الكثير من الوقت والجهد في التعامل معها، والخطأ الكبير هو الإصرار علي اجتياز كل العقبات بغض النظر عن نوعها ومدي تأثيرها على الأمور والإصرار على استخدام الإجراءات الصارمة لتحقيق الهدف.
والمرونة هي إحدى علامات القائد الناجح في إدارة الأزمة، فكثير من الناس يفرضون قواعد صارمة على الموقف لأنه تنقصهم الثقة في قدراتهم وقدرات فريقهم.
9. السيطرة :
يحتاج القائد من أجل السيطرة على الأزمة أن يسيطر على حركة الأدوات والقوى التي يستخدمها، ومن العوامل التي تؤدي إلى فقدانه لسيطرته ما يلي :
· عدم المرونة والصلابة.
· توجيه النقد دائما.
· التهرب من المسؤولية وإلقائها على الآخرين.
· الهروب.
· التشكيك في ولاء الفريق.
وعندما ينجح القائد في السيطرة على حركة الأفراد فإن ذلك سيساعده على مواجهة التتابع السريع والمتزايد لأثار الأزمة، والهدف من السيطرة على حركة الأزمة هو العمل على وقف تدهور الأمور، وعدم التشابك مع عناصر جديدة مؤيدة أو مدعمة لها أو قابلة للتأثر بها.
وعدم السيطرة على الأزمة بالسرعة المناسبة يعني خلق أدوات ضغط جديدة تزيد من تعقيد الأمور، حيث يكون المطلوب مواجهة أزمات أخرى أو مواجهة آثار أكثر شدة ، وتصبح السيطرة على الأزمة هي الهدف الاستراتيجي لكل الأزمات من خلال التفوق على العوامل المسببة لها والوصول إلى نقطة السيطرة قبل أن تصل الأزمة إلى النقطة الحرجة التي تتدهور عندها الأمور إلى درجة يصعب على الإمكانات المتاحة التعامل معها.
10. الحماية والأمن :
تتطلب مواجهة الأزمة السعي إلى تأمين الأفراد من الخوف الداخلي، فالخوف إفراز منطقي لكل متدفق من الممارسات السلبية، وعندما يتأصل الخوف في الأفراد أثناء الأزمة، فلابد أن نتوقع كما متناميا من الآثار السلبية.
وتتطلب عملية التأمين والحماية - أثناء وقوع الأزمة- تحفيز المشاركين في المواجهة لمضاعفة وتعبئة قواهم الذاتية، إنه لا بد أن يكون هناك احتياطي يمكن الاستعانة به لمضاعفة القوى المواجهة للأزمة والسيطرة عليها ومنع انتشارها أو تفاعل أي عوامل أخرى معها.
11. التفاوض المستمر مع الأزمة :
تنشأ الأزمة وتنمو وتتطور في ضوء العوامل والظروف المسببة والمحيطة بها، وتختلف استراتيجيات مواجهة الأزمات من التعامل بقوة أو بعنف بغية القضاء عليها أو الانسحاب، وتحتاج الأزمة إلى التفاوض مع أطرافها دون الاعتماد علي العواطف أو الصدفة أو الظروف، ولكنها تحتاج إلى الخطة والأساليب المناسبة.
والتفاوض مع أطراف الأزمة يعني أن كلا من الأطراف لابد أن يحقق إنجازا، ومن الخطأ الإصرار على الفوز بجميع الإنجازات وإهمال حق الأطراف الأخرى بالخروج ولو ببعض الإنجازات.
استراتيجيات التعامل مع الأزمات :
التعامل مع الأزمات وإدارتها إدارة علمية رشيدة يمر بسلسلة متكاملة ومجموعة مترابطة من الخطوات المنهجية، على أن المقصود بإستراتيجية مواجهة الأزمة الطريقة الشاملة التي يختارها مدير أو فريق الأزمة لإدارتها و معالجتها.
وقد تنبثق هذه الطريقة من الفلسفة الإدارية، أو من الظروف المحيطة بالأزمة، ولكثرة التعامل مع الأزمة.
لذا يجب عند اختيار إستراتيجية معينة أن يؤخذ في الاعتبار مراعاة ما يلي: (البريدي، 1999: 96 _95 )
١. الموقف من الأزمة: من هو صانع الأزمة ؟ ومن هو المستفيد منها ؟
2. تحديد اختيار الإستراتيجية التي تناسب طبيعة الأزمة وإفرازاتها.
3. التأكد من أن الإستراتيجية المختارة يمكن تطبيقها في ظل الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.
4. التعرف إلى استراتيجيات الطرف.
ولقد خلصنا إلى ثلاثة أساليب رئيسة للتعامل مع الأزمات، وكل أسلوب منها يشتمل على العديد من الاستراتيجيات ، وفيما يلي استعراض لهذه الأساليب :
1. الاستراتيجيات التقليدية للتعامل مع الأزمات :
هي مجموعة من الطرق التي تجربتها واستخدامها من جانب جميع دول العالم عندما تتعرض لأزمة من الأزمات. ولهذه الطرق طابعها الخاص الذي يستمد خصوصيته من خصوصية الموقف الأزموي الذي يواجه متخذ القرار في إدارة الأزمات.
وفيما يلي عرض لكل منها بشي من الإيجاز :
أ- طريقة إنكار الأزمة :
وهي أبسط الطرق التقليدية، حيث يعلن المسئول أو متخذ القرار الإداري " أنه لا يوجد أي أزمات "، وأن الأوضاع القائمة تعتبر من أفل الأوضاع، وأن الإنجازات التي تحققت غير مسبوقة، وأنه ليس في الإمكان أفضل مما هو قائم الآن ...، و يطلق على هذه الطريقة " التعتيم الإعلامي للأزمة "، و تستخدم هذه الطريقة في ظل إدارة ديكتاتورية شديدة التسلط.
ب - طريقة كبت الأزمة :
تتم عملية الكبت من خلال إغلاق كافة المنافذ التي يمكن أن تنفذ من خلالها قوي صنع الأزمة، وإفقادها زعاماتها وقادتها ومفكريها ومنظريها، ويطلق على هذه الطريقة تأجيل ظهور الأزمة.
ت - طريقة بخس الأزمة :
محور هذه الطريقة التقليل من شأن الأزمة ومن نتائجها، و لكن يتعين أولا الاعتراف بالأزمة كحدث تم فعلا، ولكنه حدث غير هام.
وتستخدم هذه الطريقة عدة أدوات شديدة التأثير والفاعلية تؤدي جميعها إلى القضاء على قوي صنع الأزمة بالطرق المختلفة.
ث - طريقة تنفيس الأزمة :
يطلق على هذه الطريقة أيضا طريقة تنفيس البركان، وينظر إلي الأزمة على أنها بركان على وشك الانفجار، ولهذا فإنه يتعين التنفيس الأزمة أو البركان إجراء فتحات جانبية حول فوهة البركان تكون بمثابة تنفيس للضغوط الداخلية.
ج - طريقة تفريغ الأزمة :
وهي طريقة فائقة الدهاء، حيث أنه بموجب هذه الطريقة يتم إفقاد تيار الأزمة قوته ووحدته ومساره واتجاهه، بحيث يتم إيجاد مسارات بديلة ومتعددة ومتنوعة، تتسرب إليها قوة الدفع الأزموي؛ ومن ثم تفتقد عناصر الخطر فيها، حيث يصبح تيار الأزمة الرئيس مجزءا إلي تیارات فرعية جانبية.
ح - طريقة عزل قوی صنع الأزمة :
الأزمة لا تنشأ من ذاتها، ولكن بالطبع تنشأ نتيجة وجود قوى معينة عملت على إحداث الأزمة وتصعيد الضغط الأزموي حتى يأتي تأثيره في إحداث خلل أو عدم توازن في الكيان الإداري الذي حدثت فيه الأزمة .
إن عزل الأزمة قائم على نظرية الابعاد ، أو نظرية إقامة السواتر المتصاعدة ، والأسوار المتتالية سواء كان هذا العزل: اقتصادي، أو جغرافي، أو إداري، أو قانوني ..، و من هنا فإن مدير الأزمة يقوم عن طريق جهازه الاستخباراتي برصد وتحديد قوى الأزمة، وعزلها عن بؤرة الأزمة، وإبعادها عن تيارها.
خ - طريقة إخماد الأزمة :
وهي من الطرق بالغة العنف التي تقوم على الصدام العلني والصريح مع كافة القوى التي يضمها التيار الأزموي، وتصفيها بعنف بالغ، وبدون مراعاة لأي مشاعر أو قيم، وعادة لا يلجأ إلي هذه الطريقة إلا عندما تكون الأزمة وصلت إلى حد التهديد الخطير المباشر للكيان الإداري، وأن استمرارها كفيل بانهيار بنيان الكيان الإداري.
إن ( الاستراتيجيات التقليدية ) لا تقدم علاجا ناجحا بقدر ما تقدم معالجة وقتية ظرفية لامتصاص الضغط الأزموي ووقف تصاعده.
2- الاستراتيجيات غير التقليدية _ الحديثة _ للتعامل مع الأزمات
تستخدم هذه الاستراتيجيات مناهج مختلفة تستند إلى تكتيكات وآليات مختلفة للتعامل مع الأزمة، ويتوقف استخدام أيا منها على الظروف الموضوعية للأزمة والإمكانيات المتاحة، والقدرات الشخصية والإدارية للقائمين على مواجهة الأزمة.
وفيما يلي استعراض لهذه الإستراتيجيات :
أ- إستراتيجية العنف :
يتم استخدام هذه الإستراتيجية في الأحوال التالية: المواجهة مع الأزمات المجهولة، أو مع الأزمات الداخلي والخارجي للأزمة.
ب - إستراتيجية إجهاض الفكر:
بما أن الفكر هو الذي يقف وراء الأزمة في صورة قيم واتجاهات معينة تمثل تأثيرا على شدة الأزمة، لذا فإن هذه الإستراتيجية تقوم على إجهاض هذا الفكر والتأثير عليه لكي يفقد أهميته، والتكتيك المستخدم هو: التشكيك في عناصر الأزمة، والتحالف مع بعض الفئات المرتبطة بشكل ضعيف مع ذلك الفكر.
ت - إستراتيجية تصعيد الأزمة:
تهدف هذه الإستراتيجية إلى الإسراع بدفع القوى المشاركة في صناعة الأزمة إلى مرحلة متقدمة كي تظهر خلافتهم وتسرع بوجود الصراع بينهم، وتصلح هذه الإستراتيجية عند تكتل قوي غير متجانسة من أجل صناعة الأزمة، والتكتيك المستخدم هو: التظاهر بعدم القدرة علي المقاومة وتقديم تنازلات تكتيكية تكون مصدرا للصراع عند مناقشة كيفية الاستفادة منها.
ث - إستراتيجية التجزئة:
تقوم هذه الإستراتيجية على محاولة التحليل الدقيق والشامل للأزمات ذات الكتلة الكبيرة وتحويلها إلى أجزاء أو أزمات صغيرة يسهل التعامل معها وتركز هذه الإستراتيجية على ضرب الروابط المجمعة للأزمات لتجزئتها، وتحويل العناصر المتحدة إلى عناصر متعارضة.
والتكتيك المستخدم هو: خلق نوع من التعارض في المصالح بين الأجزاء المكونة لتحالف الأزمة .. مع دعم القيادات المغمورة وتقديم الإغراءات لها.
ج - إستراتيجية تغيير المسار:
تستخدم هذه الإستراتيجية مع الأزمات العنيفة والجارفة التي يصعب الوقوف أمامها، وتتطلب هذه الإستراتيجية الانحناء للعاصفة والسير في اتجاهها، ومحاولة إبطاء سرعتها، والتوجه بها إلى مسارات فرعية، وتصدير الأزمة خارج مجالها، واستثمار الأزمة في شكلها الجديد لتعويض الخسائر.
ح - إستراتيجية وقف النمو:
تهدف هذه الإستراتيجية إلى التركيز على قبول الأمر الواقع وبذل الجهد لمنع تدهوره، وتقليل مشاعر الغضب، وهذه الإستراتيجية تستند إلى التعامل بذكاء وحرص مع القوي المسببة اللازمة، وتلبية بعض طلباتها، وتهيئة الظروف للتفاوض المباشر.
3- الأسلوب العلمي لمواجهة الأزمات :
يمثل المنهج العلمي في مواجهة الأزمات الأسلوب الأكثر ضمانا للسيطرة عليها وتوجيهها إلى مصلحة الكيان أو مجتمع الأزمة. ولم يعد هناك مفر من إتباع الأساليب العلمية والتفكير الابتكاري في المواجهة مع الأزمة وعدم امتدادها أو تدهور الأحداث.
ويشتمل هذا الأسلوب على المراحل التالية : .
- الدراسة المبدئية لأبعاد الأزمة :
ويكون الهدف منها تحديد العوامل المشتركة في الأزمة وتحديد أسباب الاحتكاك الذي أشعل الموقف وتحديد المدى الذي وصل إليه الموقف من حيث ترتيب العوامل المشتركة والمؤثرة حسب خطورتها مع تحديد القوى المؤيدة والمعارضة لكي نستطيع تحديد نقطة البداية للمواجهة.
- الدراسة التحليلية للأزمة :
وهي تعمل على التفرقة الواضحة بين الظواهر والأسباب والتأكد من المصادر بحيث تحدد دور العنصر البشري ومدى تأثيره في ظهور الأزمة وكذلك دور العوامل الطبيعية والعوامل التكنولوجية وأسباب الخلل الذي أدى إلى حدوث الأزمة.
ويتم أيضا تحليل ومعرفة عدد العناصر المشتركة في صناعة الأزمة ونسبة تأثير كل منها على حدوث الاشتعال في الموقف والمرحلة التي وصلت إليها دورة حياة الأزمة. ومن ثم يتم توقع طبيعة وتكاليف الأخطار الناتجة عن الأزمة وأثر الوقت على انتشارها وتحديد الإمكانيات التي يمكن الحصول عليها في وقت مناسب لاستخدامها.
- التخطيط للمواجهة والتعامل مع الأزمة:
وهذه المرحلة تعتمد على ما تم ذكره بحيث تبدأ بتحديد الأهداف وتنتهي بوضع عدد من الحلول وبدائلها من خلال الفهم الكامل للبيانات والتركيز على تحقيق الأهداف .
كما وينتج عنها خطة المواجهة التحرك في الاتجاهات التالية:
· الاستعداد للمواجهة :
وهنا يتم اتخاذ مجموعة من القرارات المتنوعة مثل تحديد مجموعة الإجراءات الواجب اتخاذها لحماية كل ما يحيط، أو ذات صلة بمنطقة ومجال الأزمة،
وترتيب هذه الإجراءات طبقا لما يساعد على تقليل الخسائر، مع العمل على وقف التدهور وتحديد نوع المساعدات المطلوبة من جهات يمكن الاستعانة بها وطلبها لإعطاء التعليمات والتحذيرات اللازمة للأفراد المشاركين في المواجهة والمتواجدين في مجال الأزمة.
ممكن اتخاذ قرارات أخرى بخصوص إعادة هيكلة الموارد البشرية والفنية المتاحة وتحديد المسؤوليات والتعامل مع المشاعر الإنسانية مثل الحماس والخوف والذعر في اتجاه عدم انتشار الأزمة ويتم أيضا تحديد نوع المعلومات وأوقات صدورها ومن ثم يتم تنظيم عمليات الاتصال داخل مجال الأزمة نفسه من الداخل وكذلك مع الجهات والمنظمات خارج مجال الأزمة.
· التفاعل مع الأزمة:
وهي خطة المواجهة الفعلية والتعامل مع الأزمة مباشرة من حيث وقف تدهور الموقف، تقليل الخسائر، السيطرة على الموقف، توجيه الموقف إلى المسار الصحيح، معالجة الآثار النفسية والاجتماعية الناتجة عن الأزمة، تطوير الأداء العملي بصورة أفضل مما سبق، استخدام أنظمة وقاية ومناعة ضد نفس النوع من الأزمات أو الأزمات المشابهة ).
تعليقات