السياسة الشرعية
بحث عن السياسة الشرعية :
1. مقدمة عن السياسة الشرعية .
2. مفهوم السياسة والسياسة الشرعية .
- مفهوم السياسة في اللغة والاصطلاح .
- مفهوم السياسة الشرعية .
3. أهداف السياسة الشرعية .
- حراسة الدين .
- سياسة الدنيا بالدين .
4. أسس ومرتكزات السياسة الشرعية .
- فقه النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية .
- فقه الواقع وتغير الفتوي بتغيره .
- فقه الموازنات بين المصالح والمفاسد .
- فقه الاولويات .
- فقه التغيير .
مقدمة عن السياسة الشرعية :
إن السياسة الشرعية علم يبحث فيه عما ثبر به شئون الدولة الإسلامية من القوانين والنظم التي تتفق وأصول الإسلام، وإن لم يقم على كل تدبير دليل خاص.
وموضوعه: النظم والقوانين التي تتطلبها شئون الدولة من حيث مطابقتها لأصول الدين، وتحقيقها مصالح الناس وحاجاتهم.
وغايته: الوصول إلى تدبير شئون الدولة الإسلامية بنظم من دينها، وللإبانة عن كفاية الإسلام بالسياسة العالية، وتقبله رعاية مصالح الناس في مختلف العصور والبلدان. (خلاف، 1997 : 6-7 )
وفيما يلي وقفة مع تعريف السياسة الشرعية لغة واصطلاحا، وأهداف السياسة الشرعية، وأسس السياسة الشرعية ومرتكزاتها .
مفهوم السياسة والسياسة الشرعية :
إن السياسة الشرعية "باب من أبواب العلم، والفقه في الدين، وفي قيادة الأمة، وتحقيق مصالحها الدينية والدنيوية، وهي علم جلیل القدر عظیم النفع، أفرده جماعة من العلماء بالتصنيف في القديم والحديث، وانتشرت كثير من مباحثه أو مسائله في بطون كتب التفسير، والفقه، والتاريخ، وشروح الحديث، وهذا الباب خطره عظيم، ينتج عن اللغط فيه، وعدم الفهم، له شر مستطير، والخطأ في التفريط فيه كالخطأ في الإفراط؛ إذ كلاهما يقود إلى نتائج مرذولة غير مقبولة . (الشریف: موقع صيد الفوائد، www.saaid.net )
مفهوم السياسة في اللغة والاصطلاح
1. السياسة لغة:
ساس الناس سیاس: تولی ریاستهم وقيادتهم، وساس الأمور: قام بإصلاحها، فهو سائس، والسياسة تدبير أمور الدولة (المعجم الوجيز: 328).
وفي مختار الصحاح: "ساس الرعية يسوسها سياسة" (الرازي، 666هـ :321).
2. السياسة اصطلاحا:
هي تدبير أمور الدولة، وهي علم فن حكم الدول، وعليه فإن السياسة علم وفن؛ لما لها من مبادئ وقوانين خاصة، تشكل في مجموعها (علم السياسة)، والسياسة تستلزم براعة معينة تكتسب بالتجربة، وبمعرفة قواعد ملموسة معينة . ( العنبري، 2009: 9 )
مفهوم السياسة الشرعية :
السياسة الشرعية: "هي رعاية شؤون الأمة من الداخل والخارج؛ بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، فالسياسة الشرعية لا تقف على ما نطق به الشرع وإنما شرطها ألا تخالف نصوص القرآن، والسنة، وإجماع الأمة، وقواعد الشريعة، وأصولها العامة" . (العنبري، 2004 :10)
وفي صدد الحديث عن السياسة الشرعية يقول الإمام الشافعي فيما ينقله عنه ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية: لا سياسة إلا ما وافق الشرع، فأينما كانت مصلحة العباد ثم شرع الله؛ ما لم تتعارض مع نص قطعي، ويقول ابن عقيل فيما ينقله ابن القيم أيضا:
"السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول -صلى الله عليه وسلم - ولا نزل به وحي" (ابن الجوزية، 751ه :21)، ومعنى ذلك أنه ينبغي لمن له أهلية النظر والاجتهاد من ولاة الأمور، أو من يعينه ولاة الأمور، أن يضع من القوانين الملائمة لحال الناس أي كانوا وفق مقتضيات الحياة والعصر الذي يعيشونه، على أن لا يتعارض ذلك مع نصوص الشريعة الإسلامية القطعية . (الجبوري، 2007: 377)
أهداف السياسة الشرعية
إن الأهداف الأساسية للسياسة الشرعية هي حراسة الدين، وسياسة الدنيا به، لذلك فهي تحرص على أمرين أساسيين:
- الأول: حراسة الدين.
- الثاني: سياسة الدنيا به.
1. حراسة الدين
إن حراسة الدين هي الواجب الأول لمقاصد السياسة الشرعية، وهو الهدف الأول والأسمی؛ لقوله تعالى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56]، وقوله تعالى : { أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه} [الشورى:13]، وقوله تعالى : {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله } [البقرة: 193].
فإقامة الدين هي الغاية الأسمى، وليست الغاية الأولى هي إقامة المجتمعات والدول؟ بل حراسة الدين هي الأساس في بناء المجتمعات، يقول تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي} [طه:124].
لذلك حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- في أول الدعوة على إقامة الدين، وبقي على ذلك ثلاثة عشر عاما دون النظر إلى حال المجتمعات والدول، ليس لأنها ليست غاية، ولكن لعدم جهوزيتها، ولم يشرع حينها نظام المجتمع أو دولة، وإنما شرع الدين وإقامته، وأمر الناس بإقامة الدين لله رب العالمين، فمتى أقام الناس الذين تحقق لهم إقامة الدولة والمجتمع.
وفي ذلك يقول ابن تيمية: "المقصود الواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانة مبينة، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا" ، فجعل المقصود بالولايات هو تنصيب الأئمة، وإيجاد الدولة والمجتمع، لإصلاح دين الخلق، حيث به يته لهم الأمر الثاني، وبخسرانه يخسرونه، لذلك فقد قدم إقامة الدين وحراسته على إيجاد الدولة والمجتمع . (ابن تيمية :262)
إن الغرض المقصود للشارع من نصب الأئمة أمران : أولهما وأهمهما: إقامة منار الدين، وتثبيت العباد على صراطه المستقيم، ودفعهم عن مخالفته، أو الوقوع في مناهيه طوعا وكرها. وثانيهما: تدبير المسلمين في جلب مصالحهم، ودفع المفاسد عنهم" . (العنبري، 2004 :50)
2. سياسة الدنيا بالدين
إن هذا الأمر يقتضي إيجاد الدول والمجتمعات التي تساس بالدين ، والسياسة بالدين تنطوي علي معنيين : العدل ، وإصلاح دنيا الناس .
حيث إن السياسة الشرعية تهدف إلى إقامة العدل بأبلغ معانيه، وفي جميع مجالات الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والإدارية، والقضائية، والدولية.
والعدل هو الذي أمر به الله سبحانه وتعالى- بقوله: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل:90]، وقوله تعالى: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} [النساء:58].
وتهدف السياسة الشرعية إلى إصلاح دنيا الناس، وتحقيق سبل العيش الكريم لرعاياها، فهي تهدف إلى أن تكون دولة الإسلام هي الدولة النموذجية من بين الدول في المعمورة؛ ليحتذي بها، وينتهج نهجها، وقد شهد التاريخ حقيقة ذلك.
فلما كانت دول الإسلام تسوس بالشريعة كان في دنياهم من الصلاح ما حدا بكثير من الدول أن تنتهج نهجها، وما أن تخلت دول الإسلام عن الشريعة حتى عمها الفساد والخراب، وسوء الحال الذي صار يشتكي منه كل مسلم، فلا تصلح دنيا الناس إلا بإقامة العدل والشرع فيها.
إن المتأمل لجميع قواعد النظام السياسي الإسلامي وأحكامه يجدها تهدف إلى مقاصد ثلاثة، هي:
( الجبوري، 2007: 377-378)
1. درء المفاسد.
2. جلب المصالح.
3. الجري على مكارم الأخلاق.
فبإقامة النظام السياسي، الإسلامي وشرع الله تبارك وتعالى، تتحقق هذه المقاصد الثلاثة، وتصلح دنيا الناس.
أسس ومرتكزات السياسة الشرعية
إن دراسة الهدي النبوي في تربية الأمة وإقامة الدولة، يساعد العلماء والقادة، والفقهاء والحكام، على معرفة الطريق إلى عز الإسلام والمسلمين، بمعرفة عوامل النهوض، وأسباب السقوط، ويتعرفون على فقه النبي -صلى الله عليه وسلم- في تربية الأفراد، وبناء الجماعة المسلمة، وإحياء المجتمع، وإقامة الدولة . (الصلابي، 2001: 5)
فالتمكين لا يأتي عفوا، ولا ينزل اعتباطأ، ولا يخبط عشواء، بل إن له قوانينه التي سجلها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم؛ ليعرفها عباده المؤمنون، ويتعاملوا معها على بصيرة . ( القرضاوي، 1986: 15)
فالمسلم يتعلم من المنهاج النبوي كل فنون إدارة الصراع والبراعة في إدارة كل مرحلة، والانتقال من مستوى إلى آخر، وكيف واجه النبي -عليه الصلاة والسلام - القوى المضادة من اليهود والمنافقين، والكفار والنصارى، وكيف تغلب عليها كلها؛ بسبب توفيق الله تعالى أولا، ثم الالتزام بشروط النصر، وأسبابه التي أرشد إليها المولى عز وجل في كتابه الكريم .
حيث يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - : {إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تتفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم} (مسلم: ح1715).
ويقول الله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ان الله ما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا، يا أيها الذين آمنوا أطيعو ا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} [النساء: 58، 59].
نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور، وأوجبت عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم، عليهم طاعة أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم، وغير ذلك إلا أن يأمروا بمعصية الله عز وجل، فإذا أمروا بمعصية؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل، فهذا نتاج السياسة العادلة، والولاية الصالحة . (ابن تيمية:5-6).
والسياسة نوعان: سياسة ظالمة، فالشريعة تحرمها، وسياسة عادلة، خرج الحق من الظالم، وتدفع كثيرة من المظالم، وتردع أهل الفساد، ويتوصل بها إلى مقاصد الشريعة، فالشريعة توجب المصير إليها، والاعتماد عليها، في إظهار الحق . (الطرابلسي، 1973: 168).
وأما السياسة الشرعية فهي ليست مجرد دعوى تدعى، أو شعار يرفع، وإنما هي مجموعة من المفاهيم الشرعية في تدبير أمر الأمة العام في ضوء الشريعة السمحة، وإن بعض هذه المفاهيم من الثوابت التي لا تتغير بتغيير الزمان والمكان، وبعضها الآخر من المتغيرات القابلة للتغيير في إطار الثوابت، فهي مشدودة إليها، تنطلق منها، وترجع إليها، وتدور حولها، والثوابت دائمة قليلة ومحدودة من ناحية الكم .
ولكنها في غاية الأهمية (من ناحية الكيف)؛ لأنها هي التي تجسد وحدة الأمة، وتميزها، وقدرتها على الصمود محتفظة بمقوماتها وخصائصها، وهذه الثوابت) تعبر عنها (القطعيات) من نصوص القرآن والسنة، مما انعقد عليه إجماع الأمة، واستقر عليه أمرها علما وعملا، نظرة وتطبيقا، وذلك مثل قيام نظامها الفكري والتربوي والتشريعي على أساس العقيدة . (القرضاوي، 2011: 225)
إن الفقه في السياسة الشرعية هو الذي يربط المتغيرات بالثوابت، ويرد المتشابهات إلى المحكمات، والجزئيات إلى الكليات والفروع إلى الأصول، وهو الفقه الذي كان عليه الصحابة، والخلفاء الراشدون، ومن سار على دربهم من التابعين . (القرضاوي، 2011: 227)
وبناء على ما سبق؛ فإن المرتكزات الفقهية للسياسة الشرعية هي خمسة كما هي موضحة في النقاط التالية :
فقه النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية
إن أول ما يرتكز عليه فقه السياسة الشرعية هو أن نفقة النصوص الشرعية الجزئية في ضوء مقاصد الشرع الكلية؛ بحيث تدور الجزئيات حول الكليات، وترتبط الأحكام بمقاصدها الحقيقية، ولا تنفصل عنها . (القرضاوي، 2011: 228)
فقه الواقع وتغير الفتوى بتغيره
إن فقه الواقع يقوم على دراسته على الطبيعة لا على الورق - دراسة علمية موضوعية، تستكشف جميع أبعاده وعناصره بإيجابياته وسلبياته، والعوامل المؤثرة فيه بعيدا عن التهوين والتهويل، وبمعزل عن النظرات المثالية الحالمة، والنظرات الانهزامية المتشائمة، والنظرات التبريرية، التي تريد أن تصوغ كل شيء، وإن كان أبعد ما يكون عن الحق . (القرضاوي، 2011: 287 )
فقه الموازنات بين المصالح والمفاسد
إن فقه الموازنات تشتد حاجة الناس إليه في حياتهم، ولا سيما في عصرنا الذي تختلط فيه الأمور بعضها ببعض، وتتشابك المصالح والمفاسد، والخيرات والشرور، بحيث يصعب أن نجد خيرة خالصة، أو شرا خالصة؛ بل يمتزج كل منهما بالآخر، امتزاج الملح بالماء. (القرضاوي، 300 :2011 )
وأحوج فقه للموازنات هو فقه السياسة الشرعية ، ونعني به ثلاث من الأمور وهي :
( القرضاوي، 2011 : 301 )
1. الموازنة بين المصالح بعضها مع بعض، من حيث حجمها وسعتها، ومن حيث عمقها وتأثيرها، ومن حيث بقاؤها ودوامها، ومن حيث تيقنها أو توهمها ..، وأبنها ينبغي أن يقدم ويعتبر، وأبيها ينبغي أن يسقط ويلغی.
2. الموازنة بين المفاسد بعضها وبعض، من تلك الحيثيات التي ذكرناها في شأن المصالح، وأيها يجب تقديمه، وأيها يجب تأخيره وإسقاطه.
3. الموازنة بين المصالح والمفاسد، إذا تعارضتا؛ بحيث نعرف متى يقدم درء المفسدة على جلب المصلحة، ومتى تغتفر المفسدة من أجل المصلحة.
فقه الأولويات
إن فقه الأولويات مرتبط بفقه الموازنات، فكثيرا ما تؤدي الموازنات إلى أولويات، ونعني بفقه الأولويات أن تعطي كل عمل قيمته، أو (سعره في ميزان الشرع، لا نبخسه ولا نشتط في تقويمه، وبهذا نقدم ما حقه أن يقدم، وتؤځر ما حقه أن يؤر" . (القرضاوي، 2011: 306)
فقه التغيير
في فقه التغيير نحتاج إلى فقه رشید، يتجسد في فقه الموازنات، وفقه الأولويات، وفقه المقاصد، وفقه الواقع، حتى نحسن سياسة التغيير الأوضاعنا وأنظمتنا الحالية إلى أوضاع وأنظمة إسلامية. (القرضاوي، 2011: 324)
إن هناك ثلاث قواعد لا بد أن تؤخذ في الاعتبار عند الاتجاه إلى التغيير، وتطبيق النظام الإسلامي، وإقامة المجتمع المسلم المنشود، وهي كالآتي:
(القرضاوي، 2011: 326-327)
1. قاعدة رعاية الضرورات التي اعترف بها الشرع، وجعل لها أحكامها، وتقرر ذلك في قواعد فقهية عامة، أصلها علماؤنا في كتب (القواعد الفقهية)، وفي كتب (الأشباه والنظائر) هي ( الضرورات تبيح المحظورات)، (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها)، (الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة).
2. قاعدة ارتكاب أخف الضررين، وهي السكوت عن المنكر؛ إذا ترتب على تغييره منكر أكبر منه، دفعا لأعظم المفسدتين، وارتكاب الأخف الضررين.
3. قاعدة سنة التدرج الحكيم الذي نهجه الإسلام عند إنشاء مجتمعه الأول، فقد تدرج بهم في فرض الفرائض، كالصلاة، والصيام، والجهاد، كما تدرج في تحريم المحرمات؛ كالخمر.
فالسنة الربانية في رعاية التدرج ينبغي أن تتبع في سياسة الناس، وعندما يراد تطبيق الإسلام في الحياة، واستئناف حياة إسلامية متكاملة، يكون التمكين من ثمراتها.
فإذا أردنا أن نقيم مجتمعة إسلامية حقيقية؛ فلا نتوهم أن ذلك يمكن أن يتحقق بقرار يصدر من رئيس، أو ملك، أو من مجلس قيادي أو برلماني، إنما يتحقق ذلك بطريق التدرج؛ أي الإعداد، والتهيئة الفكرية، والنفسية، والاجتماعية. (القرضاوي، 1989: 168)
وقد كان منهاج النبي -صلى الله عليه وسلم في تربية الأمة، وإقامة الدولة، شاملا متكاملا متوازنة وخاضعة لسنن الله في المجتمعات، وإحياء الشعوب، وبناء الدول؛ فتعامل مع هذه السنن بغاية الحكمة، وقمة الذكاء؛ كسنة التدرج، والتدافع، والابتلاء، والأخذ بالأسباب، وتغيير النفوس، وإن بناء الدول، وتربية الأمم، والنهوض بها، يخضع لقوانين وسنن ونواميس تتحكم في مسيرة الأفراد والشعوب والأمم والدول، وعند التأمل في سيرة الحبيب المصطفى - عليه الصلاة والسلام-، نراه قد تعامل مع السنن والقوانين بحكمة وقدرة فائقة . (الصلابي، 2001: 123).
تعليقات