ما هي الدافعية ؟ وما هي مفهومها ؟ |
بحث عن الدافعية :
مقدمة عن الدافعية :
الدافعية لها دور مهم في مثابرة الإنسان على إنجاز عمل ما، فهي المحرك الأساسي السلوك الأفراد، لذا كان موضوع الدافعية وكيفية استثارة الرغبة الذاتية للموظفين نحو العمل محور اهتمام المدراء في المؤسسات الناجحة لتحسين مستوى أداء موظفيهم وإنجازهم للعمل بكفاءة وفعالية، ولتقليص معدل الدوران الوظيفي والتغيب عن العمل .
وقد تناولنا في هذا البحث مفهوم الدافعية والعلاقة مع بعض المصطلحات المرتبطة بها، كما تطرق لتصنيف الدوافع، ثم عرض موجز لأهم النظريات التي تبحث موضوع الدافعية، كما تم التطرق للدافعية من خلال المنهج الإسلامي الذي اتفقت معه نظريات المناهج الغربية بجوانب وتميز عنها بجوانب أخرى.
مفهوم الدافعية :
ترجع كلمة الدافعية Motivation إلى الكلمة اللاتينية Movere التي تعني يحرك، وباللغة الإنجليزية كلمة Motivation ممكن أن تقرأ Motive-action أي فعل يصدر عن حافز (2013:7 ,Bernotaite).
ورغم أهمية مصطلح الدافعية إلا أن الباحثين اختلفوا في تعريفه، وكان من الصعب الاتفاق على تعريف دقيق وموحد، وتنبع هذه الصعوبة من اختلاف فلسفة الباحثين وتباين خلفياتهم، وعليه فإن هناك الكثير من التعريفات للدافعية (عياصرة، 2006: 88).
يمكن تعريف الدافعية بأنها مجموعة من القوى الداخلية النشطة غير الملموسة التي تنشأ سواء من داخل الإنسان أو بتأثير من الخارج تدفعه للقيام بسلوك ما وهذه القوي تحدد شكل واتجاه وشدة ومدة هذا السلوك، وأن الدافعية للعمل تعني الرغبة الذاتية للقيام بالعمل بالشكل والطريقة المطلوبة. (2013:7 ,Bernotaite)
يمكن تعريفها ايضا بأنها القوى الداخلية أو القوى الكامنة التي تحرك وتدفع الإنسان لسلوك ما لإشباع حاجاته وتخفيف حالات التوتر المصاحبة للنقص في تلك الحاجات. (أبو شيخة، 2010: 202)
وفي تعريف أخر للدافعية نقوم بتعريفها بأنها مجموعة قوى حيوية نشطة بداخل الإنسان تحرك سلوكه وتحدد شكل هذا السلوك واتجاهه وشدته والمدة التي يستمر بها، وهذه القوى غير مرئية تولد الرغبة الذاتية للقيام بعمل ما، وهذه القوى تعكس كثافة الجهد الذي يبذله الفرد، ودرجة مثابرته واستمراره في الأداء، وفي مدى تقديمه لأفضل ما عنده من قدرات، ومهارات في العمل. (2010:7 ,Kirstein)
كذلك يمكننا تعريف الدافعية بأنها قوى داخلية تحرك الفرد وتوجه سلوكه باتجاه معين لتحقيق هدف أو منفعة لإشباع حاجة معينة فسيولوجية أو نفسية، وهكذا لا يمكن مشاهدة الدافعية أو ملاحظتها أو قياسها وإنما يمكن استنتاجها من السلوك الظاهري للفرد من خلال أفعاله وتصرفاته أثناء أداء العمل. (حريم، 2006: 247)
وفي تعريف مختصر للدافعية بأنها درجة الحماسة لدى الفرد، والتي توجه سلوكه في اتجاه معين لكي يشبع حاجة لديه. (ماهر، 2005: 138)
ومما سبق يمكن تعريف مصطلح الدافعية :
بأنه مجموعة قوى حيوية غير مرئية نشطة بداخل الإنسان، ناتجة عن تأثير عوامل داخلية أو خارجية أو كليهما، تسبب له شعورا بالتوتر لوجود حاجات غير مشبعة تعمل على استثارته ومنحه قوة وطاقة داخلية للقيام بسلوك معين وموجه نحو إشباع تلك الحاجات، وهذه القوى تحدد شكل هذا السلوك واتجاهه وشدته والمدة التي يستمر بها.
كذلك يمكننا تعريف الدافعية للعمل بناء على التعريف السابق بأنها القوى المحركة لحماسة ورغبة الفرد الداخلية للقيام بمهام العمل المطلوبة بكفاءة وفاعلية، وبما يعكس أفضل ما عنده من قدرات ومهارات ليحقق أهداف المؤسسة وأهدافه الشخصية معا.
للتعرف أكثر على مفهوم الدافعية لابد من فهم بعض المصطلحات الأخرى التي لها ارتباط مع الدافعية، ومن هذه المصطلحات :
- الدافع .
- الحافز .
- الحاجة .
- الباعث .
لذا كان لابد أن نميز بين هذه المفاهيم على النحو التالي :
1- الدافع :
هو عبارة عن حاجة داخلية غير مشبعة تحدث نوعا من عدم التوازن والتوتر يدفع الفرد لاتخاذ سلوك باتجاه هدف محدد (الشبلي، والنسور، 2009: 196) .
ويحاول بعض الباحثين مثل "أتكنسون" التميز بين مفهوم كل من الدافع والدافعية، فالدافع: هو عبارة عن استعداد وميل الفرد لبذل الجهد، والسعي لإشباع رغبته لتحقيق هدف ما، أما في حالة دخول هذا الاستعداد أو الميل إلى حيز التحقيق الفعلي، فإن ذلك يعني الدافعية باعتبارها عملية نشطة .
وعلى الرغم من محاولة البعض التمييز بين المفهومين إلا أن الكثير يستخدم مفهوم الدافع كمرادف لمفهوم الدافعية، وإن كانت الدافعية هي المفهوم الأكثر عمومية (خليفة، 2000: 67)
2- الحافز :
الحافز هو عبارة عن عوامل ومثيرات من البيئة الخارجية للإنسان تؤثر عليه وتحرك دوافعه للقيام بسلوك ما لتحسين الأداء باستعمال حوافز إيجابية أو سلبية. فالتحفيز ينمي الدافعية ويقود إليها، فإذا جاء التحفيز من الخارج ووجدت الدافعية من الداخل فإن ذلك يزيد من قوة تحريك السلوك نحو هدف ما ( الصعب، 2009: 57).
3- الحاجة :
هي نقطة البداية لإثارة الدافعية، وهي حالة من النقص تقترن بنوع من التوتر والضيق، وتثير نشاط الإنسان وتحفزه للقيام بسلوك ما من أجل إشباع الحاجة (ملحم، 2009: 198 ) .
4- الباعث :
هو الهدف الفعلي الذي يثير ويحرك دافعية الإنسان للوصول إليه (عوائد ومكافآت)، فهو مثلا، النجاح والشهرة في حالة دافع الإنجاز (غباري؛ وآخرون، 2008: 217).
وعملية الدافعية تبدأ من وجود الحاجات الغير مشبعة للموظف، والتي بدورها تخلق شعور بالتوتر يثير الموظف ويخلق لديه رغبة داخلية ودافعية للقيام بسلوك وأداء معين، يتم من خلاله إشباع حاجاته، مما يجعله راضية عن العمل .
ولكن عندما لا يتم إشباع هذه الحاجات فإن ذلك يقلل من مستوى الدافعية والرضا لديه، وعملية إثارة دافعية الموظف للعمل تعني رفع دافعيته وتحفيزه وإثارة الطاقة الكامنة بداخله، وتلبية حاجاته غير المشبعة للقيام بالعمل بأفضل صورة (عباس، 167 :2011 ) .
كما أن هناك علاقة بين الدافعية والأداء، فمستوى الأداء يتحدد بمدى تفاعل الدافعية مع كل من قدرات الموظف بيئة العمل التي يعمل بها ، فالأداء الجيد يحتاج إلى توفر الرغبة والدافعية للقيام به مع وجود القدرة والمهارة للموظف وتوفر بيئة عمل مناسبة (جواد، 2010: 91).
تصنيف الدوافع :
تصنف الدوافع إلى عدة تصنيفات مختلفة حسب التالي :
(1) تصنيف الدوافع حسب نشأتها :
أ- الدوافع الفسيولوجية :
ويطلق عليها الدوافع البيولوجية أو الفطرية أو الأولية أو غير المتعلمة، وهي دوافع يولد عليها الإنسان، وهي مرتبطة بإشباع الحاجات المهمة البقائه، مثل دوافع الجوع، والعطش، والجنس، والأمومة ..إلخ.
ب- الدوافع السيكولوجية :
ويطلق عليها الدوافع المكتسبة أو الثانوية أو المتعلمة، وهي دوافع مكتسبة من البيئة والخبرة، ومن أمثلتها دوافع السلطة والسيطرة والاستطلاع والمركز الاجتماعي والديني. (المياحي، 2010: 65)
(2) تصنيف الدوافع حسب الهدف :
أ- الدوافع الوسيلية :
(3) تصنيف الدوافع حسب الشعور :
أ- الدوافع الشعورية :
وهي دوافع تؤدي إلى تصرفات يقوم بها الفرد عن وعي وإدراك، ويكون قادرة على معرفتها والتحكم بها وتوجيهها، فالشعور بالنعاس مثلا يمكن التحكم به والسيطرة عليه وتعديله.
ب- الدوافع اللاشعورية :
وهي من الدوافع الكامنة، التي يحركها العقل الباطن للفرد، والتي لا يستطيع التحكم بها، وبهذا المعني كثيرا ما تكون الحاجات النفسية هي دوافع لاشعورية. (المياحي، 2010: 131).
(4) تصنيف الدوافع حسب مصدر استثارتها :
أ- دوافع داخلية :
هي دوافع نابعة من داخل الإنسان، وتمثل قيمة حقيقية له، وكمثال على ذلك عندما يؤدي الفرد العمل الذات العمل وهو يراعي ضميره في ذلك؛ لأنه يجد متعة في أدائه رغم غياب المكافآت الخارجية.
ب- دوافع خارجية :
هي دوافع مصدرها من الخارج، فمثلا التحفيز للعمل من خلال الحصول على جوائز ومكافات وشهادات تقدير من صاحب العمل. (توق وآخرون، 2002: 234)
نظريات الدافعية :
تشكل نظريات الدافعية جزءا هاما من نظريات السلوك الإداري، وهي متعددة ومختلفة فيما بينها باختلاف النظرة إلى الإنسان وسلوكه، واختلاف مبادئ المدارس السيكولوجية التي ينتمي إليها أصحاب هذه النظريات . (درة؛ والصباغ، 2008: 388).
ويعتبر هذا التعدد دليل على اهتمام علماء علم النفس والإدارة بموضوع الدافعية .
وفيما يلي استعراض لأهم نظريات الدافعية :
(1) نظرية العلاقات الإنسانية :
ظهرت النظرية في بداية عشرينيات القرن العشرين، ومن أبرز منظريها العالم "التون مايو"، وجوهر هذه النظرية أنه عندما يتم إشباع حاجات الفرد الاجتماعية والنفسية فإن ذلك يدفعه للبذل ورفع مستوى الإنتاج والجودة، لذا تركز النظرية علي ظروف وبيئة العمل وبناء العلاقات والتعاون المشترك والعمل الجماعي وخلق جو من المودة بين الموظفين ( العميان، 2005: 44).
(2) نظرية الحاجات لماسلو :
تحدث العالم "أبراهام ماسلو" في عام 1954 عن خمس مجموعات من الحاجات الأساسية المهمة للإنسان التي يسعى لإشباعها بالتدرج (المياحي، 2010: 165) .
وفي عام 1970 أضاف ماسلو مجموعتين من الحاجات النمائية التي تساعد في نمو الفرد وبلوغه مستوى عال من التوافق مع بيئته (نت :2007 ,Mcleod)
وقد قام ماسلو بترتيب هذه الحاجات في شكل سلم هرمي يبدأ من القاعدة إلى القمة حسب أهميتها بالنسبة للإنسان .
وفيما يلي شرح لحاجات ماسلو : (نشواتي، 2010: 212- 215).
أ- حاجات فسيولوجية :
مثل الحاجة للهواء والطعام والشراب والملبس والمأوى... الخ.
ب- حاجات الأمن والسلامة :
وهي الحاجة للأمن والأمان وتجنب أي مخاطر أو أذى.
ج- حاجات اجتماعية :
وهي الحاجة للانتماء والصداقة والحب والود.
د- حاجات تقدير الذات :
وهي الحاجة للاحترام والتقدير من الذات والآخرين والثقة والتقبل.
ه - الحاجات المعرفية :
وهي الحاجة للمعرفة والفهم والاستكشاف والحصول على المعلومات.
و- الحاجات الجمالية :
وهي حاجة الإنسان وحبه للجمال والتناسق والترتيب والكمال في الأشياء. ز- حاجات تأكيد الذات: وهي حاجة الإنسان لتحقيق ما هو قادر على بلوغه، والوصول إلى المكانة التي يتخيلها لنفسه ليصبح أكثر تميزة عن الآخرين.
(3) نظرية الحاجات الألدرفر":
تحدث العالم " کلايتون ألدرفر" عن نظريته عام 1972، وذكر أن حاجات الإنسان تتركز في ثلاث حاجات أساسية بدلا من خمس كما عند "ماسلو" وهي حاجات البقاء، وحاجات الانتماء، وحاجات النمو (عواد، 2012: 433) .
وقد توافقت نظرية "ألدرفر" مع نظرية "ماسلو" على وجود سلم للحاجات، وأن الحاجات غير المشبعة هي المحركة للسلوك، ولكنهما اختلفتا في أن "ألدرفر" لم يشترط التدرج في إشباع الحاجات، وأن الفرد يتحرك إلى أعلى وإلى أسفل في سلم الحاجات وذلك حسب حاجته. ( العميان، 2005: 296).
(4) نظرية الحاجات لمكليلاند :
ذكر العالم "ديفيد مكليلاند" عام 1967 أن هناك ثلاثة أنواع من الحاجات الرئيسية المكتسبة لها تأثير كبير في خلق دافعية الفرد إلى العمل.
وفيما يلي شرح لهذه الحاجات : (العميان، 2005: 289).
أ- الحاجة إلى الإنجاز :
هي حاجة الفرد للإنجاز والنجاح والتفوق والإبداع وتحقيق نتائج ايجابية ملموسة، وإن كان ذلك يتضمن قدرة من التحدي.
ب- الحاجة إلى الانتماء :
هي حاجة الفرد للانتماء والصداقة والحب والتقبل من الأخرين.
ت- الحاجة إلى السلطة :
هي حاجة ورغبة الفرد في امتلاك القوة والسيطرة والسلطة، والنفوذ، والمنصب، وممارسة التأثير على الآخرين.
(5) نظرية "X" ونظرية "Y" :
عرض "دوغلاس ماك غريغور" في عام 1960 نظريتين مختلفتين تعكس كل منهما معنى معينة للدافعية، وقد أطلق عليهما نظرية (X)، ونظرية (Y).
وفيما يلي شرح للنظريتين :
أ- نظرية "X" :
تفترض النظرية أن الإنسان بطبيعته كسول، ويكره العمل، وغير طموح ويتهرب من المسئولية، ويعمل خوفا من العقاب والحرمان وليس حبا في العمل، والإدارة التي تؤمن بتلك النظرية تعرف بأنها إدارة ديكتاتورية جافة، وتلجأ غالبة إلى تطبيق أسلوب الرقابة الخارجية المستمرة (أبو شيخة، 2010: 216).
ب- نظرية "Y" :
تفترض النظرية أن الإنسان عندما تتهيأ له ظروف العمل المناسبة؛ فإنه يحب العمل، ولديه طموح عال، ويبحث عن المسئولية، ويمتلك القدرة على الإبداع والابتكار، ويعمل على مواجهة المشاكل وحلها، والإدارة التي تؤمن بتلك النظرية تعرف بأنها إدارة ديمقراطية مرنة، وتقوم هذه الإدارة بتنمية أسلوب الرقابة الذاتية للموظفين، وتعتبر هذه النظرية ذات فاعلية في تحفيز الدافعية عند الموظفين (جواد، 2010: 99).
(6) نظرية ذات العاملين :
تحدث العالم تقريدريك هيرزبرغ" عام 1959 في كتابه الشهير "الدافعية للعمل" عن نوعين من العوامل لهما تأثير كبير على دافعية الموظف ورضاه الوظيفي، أحدهما مرتبط ببيئة العمل وظروفه، والآخر مرتبط بالعمل نفسه.
وفيما يلي توضيح لهما : (أبو شيخة، 2010: 218).
أ- العوامل الوقائية أو "الصحية" :
وهي عوامل خارجية لا ترتبط بالعمل نفسه، بل ترتبط بظروف وبيئة العمل والعوامل المحيطة به، وجود هذه العوامل وتوفرها لا يؤدي إلى دافعية العمل ولا يسبب شعور بالرضا، بل يمنع حالة عدم الرضا والإحباط والاستياء فقط، لذلك شميت عوامل وقائية .
وعند عدم وجود هذه العوامل أو نقصها فإنها تسبب للفرد شعورا بالاستياء وعدم الرضا والإحباط.
وتتمثل هذه العوامل في سياسة المؤسسة، ونمط إدارتها، وأسلوب الإشراف، والعلاقات المتبادلة مع المشرفين والزملاء، والراتب، والمركز الاجتماعي، والأمن الوظيفي، وظروف العمل من حيث كمية وعدد ساعات العمل، وطبيعة المكان نفسه وسبل الراحة، وتوفر أدوات العمل والخدمات الأساسية محمود، 2011: 300).
ب- العوامل الدافعة :
وهي عوامل داخلية ترتبط بالعمل نفسه من حيث المحتوى والمضمون وطريقة التصميم، وجود هذه العوامل وتوفرها له تأثير كبير على دافعية الموظف ومستوى رضاه، وتمنع عنه الاستياء، بينما عدم وجودها أو نقصها لا يؤدي إلى شعوره بعدم الرضا والاستياء .
وتتمثل هذه العوامل في طبيعة العمل ومحتواه، ومستوى الإتقان والإنجاز في العمل، وإدراك الشخص لقيمة عمله، وشعوره بالمسئولية تجاه عمله وعمل الآخرين، ومدى فرص التقدم في العمل، وإمكانية تطوير المهارات والنمو في المركز الوظيفي (درة؛ والصباغ، 2008: 392).
ومن تطبيقات هذه النظرية تصميم العمل من خلال إثرائه، وذلك لرفع مستوى الدافعية عند العاملين، وتعتمد فكرة الإثراء الوظيفي على منح الموظف مزيدا من الاستقلال والحرية والمسئولية، وتركز على إعطاء محتوى العمل مزيدا من المهام والواجبات المختلفة، وذلك يعطي مجالا للموظف لتعلم مهارات متنوعة، مما يجعل العمل ممتعة للعاملين فيعطيهم مجالا للإبداع والتقدم والنمو (ماهر، 2005: 229).
(7) نظرية التوقع :
وضع هذه النظرية العالم "فكتور فروم" عام 1964، وجوهر هذه النظرية أن الفرد سيكون لديه رغبة ودافعية عالية إذا توقع أن جهده سيؤدي إلى الأداء المطلوب، وأن ذلك الأداء سيحقق له ما يريده من عوائد، ويحقق أهدافه الشخصية.
كما أنه يتوقع أن بإمكانه الوصول إلى هذه العوائد بسهوله، ويفترض "فروم" أن سلوك الفرد مبني على عملية إدراك وتحليل ومفاضلة؛ ليختار السلوك الذي يتوقع أن يحقق له أكثر العوائد والمكافات المرتبطة بالعمل (عواد، 2012: 436).
(8) نظرية التوقع المتكافئ :
قام كل من اليمان بورتر" و"أدوارد لولر" في عام 1968 بتطوير نظرية التوقع ل"فكتور فروم"، حيث ربطا الرضا بكل من الإنجاز والعائد، واعتبرا أن العوائد حلقة وسيطة بين الإنجاز والرضا، وجوهر نظريتهما أن مستوى الدافعية يرتفع وينخفض حسب مستوى الرضا عند الفرد، ومستوى الرضا يتحدد بمقدار حصول الفرد على العوائد الفعلية في العمل المادية والمعنوية)، والتي يعتقد الفرد أنه يستحقها مقابل جهده وأدائه (العميان، 2005: 294).
(9) نظرية العدالة :
وضع هذه النظرية "ستاسي أدمز" عام 1963، ومضمون هذه النظرية :
أن الفرد يكون مدفوعة في سلوكه من خلال شعوره بعدالة المكافآت التي يتوقع الحصول عليها مقابل الانجاز الذي يقوم به، ويقارن ما حصل عليه بالآخرين في ضوء متغيرين هما: المدخلات والمخرجات، وتتمثل المدخلات بما يعطيه الموظف للمؤسسة من وقت وجهد وما يمتلك من مهارة وخبرات ومؤهلات، وتتمثل المخرجات في ما يحصل عليه الموظف من عوائد ومكافآت ومكانة، انظر شكل (4) (عواد،2012: 438).
(10) نظرية تحديد الهدف :
وضع هذه النظرية "إدوين لوك" عام 1976، وجوهر هذه النظرية أن أهداف الفرد وغاياته تشكل مصدرا رئيسا للدافعية، وهي المحرك الرئيس السلوك الفرد، وأن عملية المشاركة في وضع أهداف المؤسسة يمكن أن تؤدي إلى دافعية عالية نحو العمل والانجاز، ولكي يتحقق ذلك لابد أن تكون الأهداف محددة بوضوح ومقبولة وتكون ذات أهمية وبها تحدي وقابلة للتحقق، وتعتبر عملية وضع الأهداف عملية عقلية وجدانية حریم، 2006: 256).
وتحت إطار هذه النظرية يندرج أسلوب الإدارة بالأهداف، وهو من الأساليب الرائدة في الإدارة، التي وضع أسها العالم "بيتر دراكر" عام 1954 .
وهناك تشابه بين هذا الأسلوب وأسلوب نظرية تحديد الهدف من حيث اختيار الهدف الواضح والواقعي والقابل للتحقق، إلا أن ما يميز هذا الأسلوب هو جلسات النقاش بين الرئيس والمرؤوسين لوضع الأهداف وسبل الوصول إليها، وبلوغ نهاية متفق عليها (جواد، 2010: 105).
(11) نظرية (z) :
وضع هذه النظرية العالم الياباني "وليم أوتشي" عام 1981، وتركز هذه النظرية على الاهتمامات الإنسانية للعاملين، وكيف يكونوا سعداء بالعمل .
وتقوم النظرية على عدة مبادئ منها :
- منح الثقة للموظف .
- إشاعة جو الحب والمودة .
- المسئولية الجماعية .
- المشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات .
- التوظيف مدى الحياة .
- الرعاية الشمولية .
- الرقابة الذاتية .
- الترقي العادل . (العميان، 2005: 57- 59).
تعقيب على نظريات الدافعية :
من خلال الاطلاع على الدراسات والكتب التي تناولت نظريات الدافعية، وجد أنه لا تسلم نظرية من نظريات الدوافع من النقد، كما أنه لا يوجد اتفاق على أن أحد هذه النظريات يعطي تفسيرا كاملا للدوافع، وكذلك لا توجد إمكانية للاعتماد على نظرية واحدة واستبعاد باقي النظريات في معالجة كافة المشاكل التي تواجهها المؤسسة فيما يتعلق بزيادة دافعية أفرادها، ولكن الكثير من هذه النظريات تعد مكملا للأخر.
كما بينت بعض الكتب والدراسات التي تم تناولها أهمية تلك النظريات في الحياة العملية، وكيفية تطبيق مبادئها في العمل لرفع دافعية العاملين.
وبينت أن دراسة هذه النظريات مهم المعرفة وتفسير وفهم دوافع الأفراد، وكيفية تولد الدافعية لديهم، وذلك يساعد الرؤساء في اختيار أسلوب التعامل المناسب مع المرؤوسين، ومعرفة الوسائل التي ترفع من مستوى دافعيتهم، والتعرف على احتياجاتهم غير المشبعة، وتنمي قدرتهم على التنبؤ بما ستكون عليه سلوكيات أفرادهم مستقبلا لتوجيه هذا السلوك نحو أهداف المؤسسة .
كما تساعد دراسة هذه النظريات الشخص نفسه من خلال فهمه لدوافع الأخرين فتحمله على التسامح ورحابه الصدر، وتساعده على تحديد احتياجاته وحل مشاكله الشخصية في عمله وبيته.
الدافعية في المنهج الإسلامي :
الدافعية منهج رباني ورد ذكرها في العديد من آيات القرآن الكريم، فالدافعية في الإسلام هي مبادرة الفرد الذاتية واستعداده للقيام بفعل الخير والعمل المثمر والنجاح وإعمار الأرض والبعد عن الشر والفشل، قال تعالى : { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوات طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } (النحل: 97)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يغرس غرسة أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة) ( صحيح البخاري: 2195).
فالمسلم يندفع لأعمال الدنيا لأجل الدنيا والآخرة وذلك لتحقيق مصالحه الدنيوية والأخروية معا ، وبالتالي يتحصل أجر الدنيا ورضا الله وثوابه بالأخرة وهذا ما يدفعه للإخلاص وإتقان العمل، قال تعالى { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } . (الأنعام: 160)
وفي هذه الآية إشارة لأهمية مكافأة العاملين على أعمالهم الجيدة ويعد هذا دعم وتعزيز معنوي ، كما أن الإسلام ذكر مبادئ وقواعد كثيرة تعد سبب في زيادة مستوى الدافعية عند الأفراد.
ومن أهم هذه المبادئ على سبيل المثال :
- العدل بين الأفراد قال تعالى ( يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ) . (النساء: 135)،
- أسلوب المدح والثناء على الأفراد الذين يقومون بالعمل على أكمل وجه؛ لأن ذلك يشعرهم بالسعادة ويرفع من مستوى دافعيتهم فقد قال صلى الله عليه وسلم (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) (مسند أحمد: 7755).
- حسن المعاملة للأخرين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء) (سنن الترمذي: 577)،
- ملاطفة العاملين والتبسم في وجوهم ، فقد اتصف رسول الله بالتبسم سائر يومه فكان أكثر الناس تبسما وكان يمازح أصحابه ويلاطفهم ، ولكنه لا يقول إلا حقاً ، فقد روى عبدالله بن الحارث رضي الله عنه قال (ما رأيت أحدا أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم) (سنن الترمذي: 3641).
- الحديث اللين والحسن ، قال تعالى { وقولوا للناس حسنا } . (البقرة: 83).
- كذلك من الأسباب المهمة التي ترفع من مستوى دافعية العاملين تلمس أعذارهم وتقدير ظروفهم الإنسانية قال صلى الله عليه وسلم (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) (صحيح البخاري : 217) .
- أيضا من الأمور التي حث عليها الإسلام والتي تعد سببة لرفع مستوى الدافعية ؛ مشاركة العاملين مناسباتهم المختلفة فقد قال صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد) (صحيح البخاري :6011).
وتعد الدافعية محصلة لوجود طاقة داخلية أو دافع يدفع الفرد للقيام بعمل ما، وهذا الدافع ناتج عن وجود حاجات غير مشبعة بداخل الفرد يشعر بأهميتها المادية أو المعنوية بالنسبة له .
والإسلام دين شامل يتناول كل جوانب الحياة، فقد اتفقت معه المناهج الغربية في ذلك ، والإسلام أقر الكثير من حاجات الإنسان ودوافعه المتعددة، فلم يكبتها أو يلغيها ، بل هذبها ودعا إلى تنظيم إشباعها بالحلال وفق ما شرعه الله عز وجل قال تعالى: { ما فرطنا في الكتاب من شيئ } . (الأنعام: 38)
وكمثال على ذلك ، إباحة إشباع الدافع الجنسي عن طريق الزواج وتحريم إشباعه عن طريق الزنا، قال تعالى : { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيه الله من قضله} . (النور: 33).
كما أن الإسلام ينظر للدوافع والحاجات بفهم دقيق لأسرار النفس البشرية وفي إطار متوازن وبحكمه بالغة بين حاجات الروح وحاجات الجسد ليحقق حاجات وأهداف الإنسان في الدنيا والأخرة ، وبما يضمن له السعادة بهما ، مستندة في ذلك للمرتكزات العقائدية والأخلاقية، وهذا لم يأت به المنهج الغربي الذي يستند للمرتكزات المادية النابعة فقط من المصلحة في الدنيا ، فقال جل شأنه : { وابتغ فيما اتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك } . (القصص: 77).
وقد تميز المنهج الإسلامي عن المنهج الغربي بإضافته لأهم حاجات الإنسان ، وهي الحاجة الروحية للإيمان ، فتلك الحاجة هي محرك أساسي لدافعية المسلم نحو عمل الخير .
يقول الله عز وجل: ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) (الروم: 30).
كما تميز أيضاً المنهج الإسلامي عن المنهج الغربي بتنمية دوافع الرقابة الذاتية للفرد ، لأن المسلم يعتقد أنه محاسب على عمله كما قال تعالى: { ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا } . (الكهف: 49)، وقوله عز وجل: { واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا) . (النساء: 1).
ومن أمثلة الحاجات التي اتفقت المناهج الغربية مع المنهج الإسلامي :
- الحاجات الفطرية ، كالحاجة للطعام والشراب والجنس والإنجاب وامتلاك المال ، قال الله عز وجل: { وكلو واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين } (الأعراف: 31)، وقال تعالى: { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب } . (آل عمران: 14).
- الحاجة للانتماء ، فقد حث الإسلام على لزوم الجماعة وجعل الفردية والانعزالية سبب لكثير من المشاكل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (عليكم بالجماعة ، وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة) (سنن الترمذي، 465/4 : 2165 ) .
- الحاجة للعلاقات والتعاون قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمن يألف ويؤلف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس انفعهم للناس ) (سنن الطبراني، 85/6 ) .
- الحاجة للحب والمودة والرحمة : فقد قال تعالى: { ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } .
- الحاجة للتقدير : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يحقره.... بحسب امرئ من الشر ، أن يحقر أخاه المسلم ) (صحيح مسلم، 10/8 : 6633 ) .
- الحاجة للأمن : فقد قال الله عز وجل : { فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف } (قريش: 3-4) .
- حاجة الإنسان للمعرفة : قال الله تعالى: { اقرأ باسم ربك الذي خلق }. (العلق: 1) .
- الحاجة للعدل ، قال تعالى: ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) ( الحديد : 25 ) .
- دوافع العمل والحث عليها : يقول الله عز وجل : ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور ) (الملك: 15) .
بل لقد ربط المولى عز وجل العبادة بوقت الاكتساب والعمل والإنتاج ، قال الله تعالى: { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } (الجمعة : 10).
كما أن الإسلام يحفز الأفراد ويحثهم لإنجاز الأعمال على أفضل وجه ممكن، قال تعالى : { انا لا نضيع اجر من احسن عملا} (الكهف: 30) .
- حاجة الإنسان للترفيه : قوله صلى الله عليه وسلم لحنظله رضي الله عنه عندما أنكر قلبه اللعب مع صبيانه ونساءه (ولكن يا حنظله ساعة وساعة...) (سنن ابن ماجة 2/1416 : 4239 ) ، ومن ذلك قول أنس بن مالك رضي الله عنه (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ، فإن القلوب إذا كلت عميت) (المناوي، 2008 ،40/4 : 6885) .
وهذا ما أكدته نظريات الدافعية الحديثة أن الاستمرار بالعمل لفترة طويلة وبنمط واحد ومحدد يؤدي إلى الملل والكآبة والإحباط ، وبشكل عام فإن معظم الحاجات التي تم استعراضها سابقا اذا ما تم تلبيتها فإنها تعد من أسباب الدافعية المحركة للفرد للقيام بالعمل بشكل يحقق أهدافه وأهداف المؤسسة والتي يجب الأخذ بها.
تعليقات