ما هي خرائط المفاهيم ؟ وما هي أشكالها ؟ |
بحث عن خرائط المفاهيم :
نشأة خرائط المفاهيم :
بعد انتشار النظرية البنائية ل(جان بياجيه Jan Piaje) في التربية، ظهر على نهجها العديد من نظريات التعلم الحديثة ، والتي طورها من بعده العالم (أوزوبل Uzubel) وأسس نظرية ( التعلم اللفظي ذي المعنى ) ، حيث نشأت هذه النظرية في أواخر القرن العشرين، وهي النظرية التي ترتكز عليها استراتيجية خرائط المفاهیم .
وتعد هذه النظرية من نظريات التعلم التي تقوم على مبدأ أن التعلم لا يكون ذا معنی لدى المتعلم إلا إذا ارتبط ببنيته المعرفية السابقة المتكونة لديه من قبل ، وتعد خرائط المفاهيم إحدى أهم التطبيقات التربوية لهذه النظرية. ( الشربيني ، 2001م ، ص 105 )
ان استراتيجية خرائط المفاهيم جاءت مستندة إلى أفكار (أوزوبل) والتي طورها العالمان (نوفاك وجوين Novak & Gowin ) في جامعة (كورنيل) بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد استفادا من أفكار (أوزوبل Uzubel ) فيما يتعلق بالتعلم ذي المعنى، في إيجاد طريقة تدریس مبتكرة وهي خرائط المفاهيم، والتي تعتمد على اندماج المعلومة الجديدة بالبنية المعرفية للمتعلم، وبذلك يعاد تشكيل البنية المعرفية لديه. ( نصر ، 2009م ، ص 1371 ) نقلا عن ( قطامي والروسان ، 2005م ، ص14 )
مفهوم خرائط المفاهيم :
يمكن تعريف خرائط المفاهيم كالتالي :
1. أشكال تخطيطية تتضمن مجموعة من المفاهيم، مرتبة ومتسلسلة من أعلى إلى أسفل، فيوضع المفهوم العام أو الشامل أعلى الخريطة، ويتم التدرج من أعلى لأسفل، حيث المفاهيم الأقل عمومية، حتى نصل إلى المفاهيم المحددة، تنتهي بأمثلة موضحة لها، مع مراعاة أن تكون المفاهيم التي لها نفس الدرجة من العمومية في مستوى أفقي واحد، ويتم الربط بين المفاهيم بخطوط أو أسهم يكتب عليها كلمات ربط توضح معنى العلاقة بينها . ( نصر ، 2009م ، ص1383 )
2. بنية هرمية متسلسلة توضع فيها المفاهيم الأكثر عمومية وشمولية عند قمة الخريطة، والمفاهيم الأكثر تحديدا عند قاعدة الخريطة، وتمثل العلاقات بين المفاهيم عن طريق كلمات أو عبارات تكتب على الخطوط التي تربط بين أي مفهومين . ( الشربيني ، 2001م ، ص 107 )
3. أسلوب يعلم التلاميذ مهارات التحليل، والقدرة على إيجاد العلاقات وتحديد الأولويات، والتخطيط لأفكارهم بطريقة علمية منطقية.
ومن هنا يمكن القول أنه يمكن لتخريط المفاهيم (Concept Mapping ) أن يلعب دورا مهما في تنظيم وضبط عملية التعليم والتعلم، وذلك من خلال تنظيم محتوى المنهج الدراسي، حيث يبرز دور خرائط المفاهيم في إيجاد الطريقة المناسبة التي توضح السلاسل الترابطية بين المفاهيم في المنهج الدراسي، مما يسهل استيعاب المادة الدراسية لدى الطلاب وتحقيق التعلم الفعال. ( الشربيني، 2001م ، ص116 )
خصائص خرائط المفاهيم :
تتميز خرائط المفاهيم بمجموعة من الخصائص منها :
(1) هرمية ومنظمة:
حيث تبدأ بالمفاهيم الأكثر شمولية في قمة الخريطة ومن ثم المفاهيم الأكثر خصوصية تحتها.
(2) مرتبطة ومفسرة:
أي تعتمد على روابط وأسهم لفهم وتفسير معنى العلاقات بين المفاهيم.
(3) تكاملية:
تؤدي إلى التوصل إلى صورة تكاملية إبداعية، تبين عمق أو سطحية الفهم لدى المتعلم.
(4) مفاهيمية:
تعتمد على المفاهيم والعلاقات بينها، وبالتالي تطور البناء المفاهیمی لدى المتعلم وتساعده على إدراك المعلومات وتحديد العلاقات بينها. ( القاسم والزغيبي ، 2003م ، ص 38 )
أهمية خرائط المفاهيم في عمليتي التعليم والتعلم :
يمكن تلخيص دور خرائط المفاهيم في عملية التعليم والتعلم كالتالي :
(1) تسهل التعلم و إدراك العلاقة بين المفاهيم .
(2) تقلل من شدة القلق عند المتعلمين وتغير اتجاهاتهم نحو المفاهيم الصعبة .
(3) تساعد المتعلمين على تطوير العمليات الذهنية والقدرات التفكيرية .
(4) تربط المفاهيم الجديدة بالمفاهيم القديمة، وبالتالي التغلب على التعلم بالحفظ .
(5) تساعد المتعلمين في مواجهة الصعوبات عند تعلم المادة الدراسية، فتعلمهم كيف يتعلمون من خلال نماذج مفاهيمية متكاملة ومترابطة.
(6) تمكن المتعلمين من فهم المادة التعليمية واستيعابها بشكل أسهل في صورة شبكة مفاهيمية .
(7) تساعد في تصحيح الأخطاء المفاهيمية بهدف تصحيحها وتكوين المعني. ( الشربيني والطنطاوي، 2001م ، ص107-108 ) ، ( قطامي والروسان ، 2005م ، ص 15 )
أشكال خرائط المفاهيم :
ان لخرائط المفاهيم شكلين أساسيين:
1- خريطة أحادية البعد :
حيث تترتب فيها المفاهيم بشكل خط رأسي غير متفرع .
2- خريطة ثنائية البعد :
وتكون فيها المفاهیم مرتبة بشكل متفرع شجري، توضع به المفاهيم المصنفة تحت المفهوم العام ، موضحة العلاقات المتسلسلة بينها جميعا، وهي تسمح بتمثيل العلاقات بين المفاهيم تمثيلا أشمل من الشكل أحادي البعد . (Novak , 1990 ,p.94)
هناك فرق بين خرائط المفاهيم أحادية البعد وثنائية البعد، حيث ان خرائط المفاهيم ثنائية البعد أكثر تفرعا وشمولا للمفاهيم وأكثر تباينا في العلاقات والروابط، لذا فهذا النوع هو الأكثر استخداما خاصة في مجال التدريس، مما يجعل أسلوب التدريس أكثر تماسكا وترابطا ، مما يسهل إدراك مفاهيم الدروس واستيعابها.
بناء خرائط المفاهيم :
تبنى خريطة المفاهيم في ضوء نظرية أوزوبل بطريقة هرمية بحيث توضع فيها المفاهيم الأكثر عمومية وشمولية عند قمة الخريطة، والمفاهيم الأكثر تحديدا عند قاعدة الخريطة .
ان بناء خريطة المفهوم يتم وفق عدد من الخطوات يمكن تلخيصها فيما يلي :
(1) تحليل محتوى الموضوعات المتضمنة للمادة الدراسية بهدف تحديد المفاهيم الأساسية والفرعية المتضمنة في كل موضوع وتحديد العلاقات بينها.
(2) وضع المفهوم الرئيس في كل موضوع في قمة الخريطة.
(3) ترتيب المفاهيم وفقا لمستوى التجريد والترابط فيما بينها مثلا: كوضع مفاهیم الدرجة الأولى من الشمولية أسفل قمة الخريطة مباشرة ومن ثم وضع مفاهيم الدرجة الثانية تلو مفاهيم الدرجة الأولى، ووضع مفاهيم الدرجة الثالثة تلو مفاهیم الدرجة الثانية... وهكذا.
(4) توصيل المفاهيم المترابطة ببعضها بخطوط أو أسهم ، مع إعطاء اسم لكل وصلة إن أمكن.
(5) مراجعة الخريطة الواحدة مرات عديدة للتأكد من صلاحيتها وصحتها.
مجالات استخدام خرائط المفاهيم في العملية التعليمية :
تستخدم خريطة المفاهيم في عدد من المجالات التربوية ، حيث تتحول خريطة المفاهيم في كل مجال من هذه المجالات إلى أداة فعالة في العملية التعليمية .
ويمكن تلخيص هذه الاستخدامات كما يلي :
1- كأداة لتخطيط المناهج :
يعد استخدام خرائط المفاهيم في مجال تخطيط المناهج ذو فائدة كبيرة، لأنه يركز انتباه مصمم المنهج على تخطيط المنهج تخطيطا تسلسليا صحيحا، يوضح منهجية المدى والتتابع للمفاهيم، وكذلك يزيد من الترابط بين محتوى المنهج، فيصبح المنهج عبارة عن سلاسل مترتبة على نواتج التعلم المقصود.
2- كأداة لتحليل محتوى الكتاب المدرسي:
نظرا لأن خرائط المفاهيم تعتمد على المفاهيم والعلاقات بينها ، فهي تشجع المعلم والمتعلم على حد سواء على تحليل محتوى المادة الدراسية بشكل دقيق، ابتداء من المفاهيم العامة فالخاصة فالأكثر خصوصية، مع التوصل للمبادئ الرئيسية التي تجمع المفاهيم ، وبالتالي يبني المعلم أو المتعلم صورة واضحة في عقله عن الموضوع الذي يتم تناوله.
3- كأداة لتخطيط التدريس:
تساعد خرائط المفاهيم المعلم في معرفة ما يريد أن يعلمه لتلاميذه، وما يريد من تلاميذه أن يتعلموه، فهي تساعد المعلم في تكوين نظرة شمولية للموضوع الذي سیدرسه ، مع إيضاح العلاقات بين مفاهيم هذا الموضوع، كما تمكن المعلم من تجنب الأخطاء أثناء عملية التدريس.
4- كأداة واستراتيجية تعليمية:
ان خرائط المفاهيم يمكن استخدامها كأداة تعليمية في التدريس، فهي تساعد التلاميذ على ربط المفاهيم الجديدة بالمفاهيم السابقة، وكذلك يمكن استخدامها لتوضيح العلاقات بين المفاهيم المتضمنة في موضوع واحد أو وحدة دراسية أو مقرر دراسي كامل. ( Novak, 1986 )
5- كأداة للتقويم :
إن خرائط المفاهيم يمكن أن تستخدم كأداة تشخيصية لتقويم تعلم التلاميذ بدلا من الاختبارات التقليدية المكتوبة، كما تفيد في تقويم مدى تعرف التلاميذ وفهمهم للتركيب البنائي للمادة الدراسية حيث يطلب المعلم من تلاميذه بناء خريطة مفاهيمية للموضوع أو الوحدة التي تمت دراستها، فيتضح من خلالها عمق أو سطحية البناء المفهومي للتلميذ.
تعليقات