بحث عن التفكير |
بحث عن التفكير :
مفهوم التفكير :
ليس هناك خلاف على الغموض الذي يكتنف التفكير رغم ممارسته في كل الأوقات ، فكثير من الناس يجد صعوبة كبيرة في وصف التفكير بطريقة موجزة ومركزة وواضحة معا ، وفي عبارات محددة غير غامضة ، ولا متداخلة ولا متقاطعة مع غيرها من المصطلحات .
ان التفكير مفهوم معقد يتألف من ثلاثة عناصر تتمثل في: العمليات المعرفية المعقدة، وعلى رأسها حل المشكلات ، و الأقل تعقيدا كالفهم والتطبيق بالإضافة إلى معرفة خاصة بمحتوى المادة أو الموضوع، مع توفر الاستعدادات والعوامل الشخصية المختلفة ، ولاسيما الاتجاهات والميول . ( سعادة ، 2003: 40 )
هناك من يعد التفكير للإنسان بمثابة التنفس ... وقد دعا القرآن إلى النظر العقلي دعوة مباشرة، وصريحة لا تأويل فيها كواجب ديني يتحمل الإنسان مسؤوليته كما في قوله تعالى : " إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنی وفرادی ثم تتفكروا " (سبأ : 46) . (السليتي ، 2006: 18 ).
ويرى بعضهم أن التفكير عملية عقلية تعتمد على اكتساب المعارف و المعلومات وفهمها ، و الاعتماد عليها للوصول إلى التفكير العلمي والتحليل الإبداعي والناقد .
تعريف التفكير :
تعددت التعريفات الخاصة بالتفكير من قبل الباحثين والكتاب ومنها :
(1) عبارة عن سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير ، عن طريق واحد أو أكثر من الحواس الخمس ، و التفكير بمعناه الواسع عملية بحث عن معنى في الموقف أو الخبرة . ( جروان ، 1999: 33).
(2) تقليب النظر في مظاهر الخبرة الماضية ، وعملية إثارة فكرة أو أفكار ذات طبيعة رمزية ، مبدؤها عادة وجود مشكلة تنتهي باستنتاج أو استقراء . (عبد الهادي ، 2001 : 16 )
يمكننا ان نعرف التفكير كالتالي :
نشاط عقلي نشط مرن ، يقوم به الإنسان عند مشكلة تصادفه أو تعرضه لموقف ما ، يحتاج إلى تفسير ، و تتضمن عملية التفكير عوامل ومهارات وخطوات متعددة لم تسهم في حل المشكلة فحسب ، بل قد تسهم في القدرة على التمييز بين المؤتلف والمختلف من المعلومات ، كما تسهم في التعرف على العلاقات المتبادلة بين المعلومات المتتابعة وتمييزها .
معنى التفكير :
ان للتفكير كعملية عقلية معنيين هما :
1- التفكير إحدى العمليات العقلية التي يستخدمها الفرد في التعامل مع المعلومات ، و هو نوعان : التفكير التقاربي و التفكير التباعدي .
2- التفكير تنسيق العمليات ، والعملية تشبه القاعدة التي تعد نوعا من الصيغ الفكرية . ( السلوم ، 2001 :2 )
خصائص التفكير :
إن الصفة الأساسية للتفكير هي وجوده ضمن دائرة تحكمنا ، بمعنى إننا نملك الحرية أو القدرات على استحضار صور خيالية للعالم الواقعي الذي نعيش فيه ، أو حتى للعالم غير الواقعي ( الخيالي ) ، ومن ثمة نجرب سبلا مختلفة الإعمال والحلول دون الحاجة إلى تنفيذها عمليا . ( جوديث ، 1992 : 9 )
ان للتفكير خصائص تكشف عن ماهيته وطبيعته ، وأبرزها ما يلي :
(1) التفكير سلوك هادف - على وجه العموم - لا يحدث من فراغ ، وبلا هدف .
(2) التفكير محور لكل نشاط عقلي يقوم به الإنسان .
(3) يستند التفكير إلى أفضل المعلومات الممكن توافرها، ويسترشد بالأساليب و الاستراتيجيات الصحيحة، وهو غاية يمكن بلوغها بالتدريب والمران .
(4) للتفكير مستويات عديدة فقد يتحقق في مستوى الأفعال العلمية أو في مستوى التصورات أو الكلمات ، ويتصدى لمعالجة المعلومات بطرائق متنوعة كذلك مثل : ( التركيب ، والتحليل ، والتصنيف ، والمقارنة ، والتجريد ، والتعميم )، وهو يحدث بأشكال مختلفة ( لفظية ، رمزية ، كمية ، مكانية ، شكلية ) لكل منها خصوصية .
(5) التفكير لا ينفصل عن طبيعة الشخص ، بمعنى أن التفكير ليس عملية مستقلة ، وإنما هو عنصر هام من مكونات الشخصية يعمل في إطار منظوماتها الديناميكية، ولا وجود له خارج هذا الإطار، وهو سلوك تطوري يزداد تعقيدا مع نمو الفرد وتراكم خبراته .
(6) ينطلق التفكير من الخبرة الحسية، و لكنه لا ينحصر فيها ولا يقتصر عليها .
(7) يتشكل التفكير من تداخل عناصر المحيط التي تضم الزمان ( فترة التفكير ، الموقف ، والمناسبة والموضوع الذي يجري حوله التفكير ) . (السلوت ،2001) و(جروان ،1999) و ( مصطفی ، 2002) (السليتي ،2006 :19).
مستويات التفكير :
لاحظ الباحثون أن مستوى التعقيد في التفكير ، يعتمد بصورة أساسية على مستوى الصعوبة والتجريد في المهمة المطلوبة أو المثير .
فمثلا عندما يسأل الفرد عن اسمه، فإنه يجيب بصورة آلية ودون أن يبذل جهد عقلي، ولكن إذا طلب منه أن يعطي تصورا للعالم بدون كهرباء، فإنه بلا شك سيجد نفسه أمام مهمة أكثر صعوبة، و تستدعي القيام بنشاط عقلي أكثر تعقيدا .
ومن خلال ذلك فقد ميز الباحثون في مجال التفكير بين مستويين للتفكير هما :
1- تفكير من مستوى أدني أو أساسي :
والذي يتضمن مهارات كثيرة من بينها المعرفة (اكتسابها و تذكرها )، والملاحظة و المقارنة و التصنيف، وهي مهارات يتفق الباحثون على أن إجادتها أمر ضروري قبل أن يصبح الانتقال ممكنا، لمواجهة مستويات التفكير المركب بصورة فعالة .
2- تفكير من مستوى أعلى أو مركب :
يتميز بالخصائص التالية :
أ- لا تقرره علاقات رياضية لوغاريتمية ، بمعنى أنه لا يمكن تحديد خط السير فيه بصورة وافية بمعزل عن عملية تحليل المشكلة .
ب- يشتمل على حلول مركبة أو معقدة .
ج- يستخدم معايير أو محكات متعددة .
د- يتضمن إصدار حكم أو إعطاء رأي .
هـ- يحتاج إلي مجهود .
و- يؤسس معنى للموقف .
ويتطور التفكير عند الأطفال بتأثير العوامل البيئية، و الوراثية ، وبالرغم من تباين نظريات علم النفس المعرفي في تحديد مراحل تطور التفكير وطبيعتها، إلا أن العمليات العقلية، والبنية المعرفية تتطور بصورة منتظمة أو متصارعة، وتزداد تعقيدا وتشابكة مع التقدم في مستوى النضج والتعلم، و إذا اعتمدنا مستوى الصعوبة في نشاطات التفكير أو العمليات العقلية.
ويشدد بعض الباحثين على أن الكمال أمر بعيد المنال ، و أن إيجاد حل لكل مشكلة أمر غير ممكن ، وأن الشخص الذي يتوقع إيجاد حل لكل مشكلة، واتخاذ قرار صائب في كل مرة هو شخص غير واقعي، يشبه لاعب كرة السلة الذي يتوقع أن يسجل في كل مرة يسدد فيها كرته باتجاه الهدف . (جروان، 1999: 37)
تصنيفات التفكير :
أنواع التفكير :
تتفق أغلب المراجع المختصة على وجود خمسة أنواع من التفكير، تندرج تحت التفكير المركب وهي :
1- التفكير الناقد .
2- التفكير الإبداعي أو المتباعد .
3- حل المشكلة .
4- اتخاذ القرار .
5- التفكير فوق المعرفي . ويشتمل كل واحد من هذه الأنواع على عدد من مهارات التفكير، التي تميزه عن غيره (جروان، 1999 : 37-41 )
هل يمكن تعليم التفكير ؟
نعم يمكن تعلم التفكير ، إذ إن التفكير عملية عقلية فردية ذاتية ، ولكن الخبرة والتجارب والبحث أشارت إلى أن الأفراد الذين يتميزون بالتفكير العميق ، يمتلكون مهارات معينة يمكن تعلمها واكتسابها وقياس نتائجها ، وهناك اتفاق بين المربين يتعلق بنوع النشاط الذي يؤديه العقل عندما يقوم بانجاز مهمة ما .
هذا النشاط يمكن وصفه والاستدلال عليه من خلال نوعين من العمليات هما :
- عملیات تستخدم الاشتقاق المعنى وتوكيده ، و تتضمن استراتيجيات منها : اتخاذ القرار وحل المشكلة ، وتشكيل المفاهيم ، والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي .
- عمليات توجه جهود الفرد وتضبطها وتقومها ، لإيجاد المعنى وتشكيله وتوليده وتعرف بما فوق المعرفة ، وتتكون من ثلاث عمليات رئيسة هي : التخطيط - المراقبة – التقويم . ( نبهان ، 2001 :29).
أساليب تعليم التفكير :
هناك ثلاثة أساليب لتعليم التفكير وهي :
أولا : التعليم المثير للتفكير :
ويهدف إلى تنمية مهارات التفكير بطريقة غير مباشرة ، ودون تسمية مهارات محددة للتفكير ، وذلك بإيجاد البيئة التعليمية التي تستثير التفكير ، وتساعد على تنمية مهاراته من خلال استراتيجيات في التدريس يستخدمها المعلم داخل الصف ، مثل التنظيم المرن الجلوس الطلاب في الصف ، وتقسيمهم إلى مجموعات أو كل طالبين مع بعضهما ، للنقاش و الحوار وانجاز مشروع أو حل مشكلة وطريقة توجيه الأسئلة للطلاب ، ونوع الأسئلة واستقبال الاستجابات وطريقة دعمها .
وهو ما يجعل الصف بيئة مثيرة للتفكير ومحفزة عليه ، ويستخدم بعض المعلمين هذا الأسلوب بفطرتهم واستفادتهم من طرق التدريس التربوية التي تعلموها وتدربوا عليها .
علي المدرسة التي تنمي تفكير الطلاب ان تتميز بهذه الخصائص :
- وضوح فلسفة المدرسة .
- المناخ العام الديمقراطي .
- المناخ الصفي المثير للتفكير .
- البيئة الصفية غنية بمصادر التعلم .
- أساليب التقويم متنوعة .
- المعرفة هدف عام غیر مرتبط بالعلامة .
- كوادر المدرسة تتمتع بالجرأة والقيادة و الانفتاح .
أما عن خصائص الصف المثير للتفكير فهي :
- الجو العام للصف مشجع ومثير .
- التفاعل الصفي متمركز حول الطالب .
- أسئلة تتناول مهارات تفكير عليا ( تحليل ، تأليف ، تقويم ) .
- ردود المعلم على مداخلات الطلبة حائة على التفكير .
كما يجب أن تكون سلوكيات المعلم مثيرة للتفكير وذلك عن طريق :
- تركيز اهتمام وانتباه الطلبة على الموضوع .
- يسأل أسئلة مفتوحة .
- يسأل أسئلة تفسيرية متشعبة .
- ينتظر قليلا بعد توجيه السؤال .
- يقبل عدة إجابات للأسئلة المفتوحة .
- يشجع المشاركة والتفاعل الصفي .
- لا يصدر أحكاما ولا يعطي أراء محبطة للتفكير .
- لا يعيد استجابات الطالب .
- يحث على التأمل والمحاكمة الإجابات الطلبة .
ثانيا : تعليم التفكير :
وهو أسلوب مباشر يمرر من خلال برامج أو مقرات مخصصة لمهارات التفكير ، ومستقلة عن المواد الدراسية ، يتم تعليمها خلال فترة محددة ، بحيث يتم تحديد مهارات التفكير المستهدفة من خلال أنشطة وتمارين لا ترتبط بالمواد الدراسية .
وقد طورت العديد من البرامج المتخصصة التنمية هذا النوع من المهارات ، ومن أهمها :
برامج الحل الإبداعي للمشكلات ، وبرامج مهارات التفكير العليا ، وبرامج البناء العقلي ، ( كورت ديبونو )، وبرامج (فكر) من إعداد وزارة المعارف السعودية ، وقد صدر منه ثلاثة أجزاء مع أدلة للمعلمين بإشراف (عبد الله النافع ) .
ثالثا : التعليم المعتمد على التفكير :
ويقوم على الدمج والتكامل بين مهارات التفكير ومحتوى المادة الدراسية ، بحيث يتم تعليم المحتوى ، ومهارات التفكير في وقت واحد .
وتمثل مهارات التفكير المراد تعلمها جزءا من الحصة الدراسية المعتادة هنا ، يخطط المعلم درسه وفق المنهج المقرر ، ويضمنه المهارات التي تتناسب مع محتوى الدرس ، ويستمر تعليم مهارات التفكير طوال السنوات ، والمراحل الدراسية من بداية المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية .
أما التخطيط لهذه الدروس فيتطلب غير ما درج عليه المعلمون وفق الطرائق التقليدية ، هنا نبدأ بتحديد أهداف المحتوى المعرفي ، والمهارة المستهدفة من مهارات التفكير ، وتحديد الوسائل المساعدة في تحقق هذه الأهداف ، ثم المقدمة لكل من المحتوى ومهارة التفكير عن التفكير وتطبيق التفكير ، وانتقال أثر التدريب لأنشطة خارج المادة الدراسية والتقويم .
وهذا الأسلوب ثبت أنه الأنجع و الأكثر فاعلية ، وامتدادا للأثر والاستمرار ، إلى التفكير هو الأساس للتعليم وجعل مهارته جزءا من المادة الدراسية ، ووسيلة لبلوغ واكتساب المعرفة ، وتعلم المفاهيم والمهارات والاقتدار على تمثلها . ( جمل ،2005 : 44-46 ).
معوقات تعليم التفكير :
إن من أهم الأسباب التي تعيق تنمية مهارات التفكير في المدارس ما يلي :
1- ضعف تأهيل المعلمين فيما يتعلق بتنمية التفكير لدى الطلبة ، حيث إن المواد التدريبية التي يتلقاها المعلمون عند إعدادهم قبل الخدمة ، تكاد تخلو من أي موضوع يحث على تعليم التفكير .
2- النظام المدرسي والبيئة الصفية لا يشجعان على التفكير ، حيث إن النظام المدرسي يحكمه الكثير من الضوابط التي تقيد المعلم ، فيصبح لا يملك الحرية الكافية في اتخاذ القرارات ، وبالتالي يصعب عليه بناء بيئة صفية ديمقراطية تشجع طرح الأسئلة والحوار والتفكير .
3- إن الكثير من الأسئلة التي يطرحها المعلمون ، تهدف إلى قياس قدرة الطلبة على الحفظ والاسترجاع ، والفهم في أحسن الأحوال ، وغالبا يبتعدون عن طرح أسئلة تتطلب التطبيق والتحليل والتقييم ، وعادة لا يمنح المعلمون الطلبة الوقت الكافي لإجابة الأسئلة التي تحتاج إلى تفكير ، فبعد أن يطرح المعلم السؤال ينتظر من الطالب إجابة فورية ، أو تحويل السؤال إلي طالب آخر أو يجيب الإجابة بنفسه ، حيث ان إعطاء الطلبة ثواني عدة للتفكير قبل تحويل السؤال إلى طالب آخر ، فسوف يؤدي ذلك إلى تحسين نوعية الإجابات التي يقدمها الطلبة ، ويرفع من مستوى المهام الفكرية في غرفة الصف .
4- غالبا لا يتم تعليم مهارة مراقبة الذات ومراقبة التعلم في المدرسة ، فالمعلم لا يناقش مع الطلبة استراتيجيات لحل الأسئلة ، أو عادات الدراسة التي تساعد الطلبة على التغلب على صعوبة النص ، والمعلمون نادرا ما يطرحون الأسئلة التي تحث الطلبة على التأمل في أعمالهم، فمثلا : " هل هناك طرق أخرى لحل هذه المسالة ؟ " ، " ماذا أفعل كي أتأكد أن إجابتي صحيحة ؟ ".
5- عادة يستخدم المعلمون أساليب التقييم التقليدية لفحص الطلبة وأدائهم، ونادرا ما يطلبون منهم القيام بمهام حقيقية، تتطلب من الطلبة توظيف معرفتهم وفهمهم لموضوع الدرس ، وتحثهم على التفكير والتميز ، مثلا من الممكن للمعلم أن يطلب من الطلبة تعداد بعض ملابس الشتاء ، أو أن يطلب منهم تصميم كتالوج يحتوي على ملابس الشتاء ، ففي الحالة الثانية يقوم الطلبة بتنفيذ مهمة حقيقية تتطلب منهم التخطيط والتفكير ، وتتيح لهم التميز والإبداع .
6- سيطرة المفهوم التقليدي حول تصميم المناه ج، وبرامج تدريب المعلمين وأساليب التدريس ، حيث إن المفهوم السائد عن التعليم هو عبارة عن عملية نقل المعلومات من المعلم إلى الطالب ، ووفقا لهذا المفهوم فالتعليم يكون بمثابة "حشو دماغ " الطلبة عن طريق المحاضرة والتلقين .
7- عدم وضوح مفهوم التفكير وعدم الاتفاق على تعريف معين له ، ولهذا يبقى مفهوم التفكير مغلفا بالضبابية وعدم الوضوح .
8- إن المواد التدريبية التي يتلقاها المعلمون هي مواد نظرية لا تصل إلى الممارسة الميدانية .
9- اعتماد النظام التربوي على اختبارات تقيس مستوى الحفظ والتذكر عند الطلبة . (جبر، 2004 : 22-21 ).
علاقة اللغة بالتفكير :
هناك علاقة وثيقة بين اللغة و التفكير ، فباللغة يعبر عن التفكير ، ومن اللغة والتفكير تشكل وحدة معقدة لا تنفصل ، ومهما يكن الموضوع الذي يفكر به الإنسان ، فهو دائما يفكر بواسطة اللغة .
إن التفكير واللغة مترابطان لا نستطيع فصل أحدهما عن الآخر ، خاصة في عملية الاستيعاب والفهم ، ولذلك نرى أن اللغة لها أهمية كبيرة في تشكيل المفردات ، ومن ثم الجمل ، وتری النظريات الحديثة في مجال التطور اللغوي أن التفكير أساس اللغة ، ممثلا ذلك في تخزين المفردات والجمل واستدعائها ولفظها بشكل صحيح ، فاللغة لا تنفك عن الفكر ، والفكر لا مجال للتعبير عنه بغير اللغة ، وبها يبرز فكر الإنسان من حيث الاكتمان إلى حيز الوجود ، فينتقي الإنسان ألفاظه وتعبيره وينشئ الكلام ويركب الجمل المفيدة ، ويعيد النظر في كلماته لتطابق فكره ، وتعتبر اللغة ثمرة من ثمار التفكير الإنساني ، بها يقوم العقل بالعمليات التفكيرية من تجريد وإدراك وتحليل واستنتاج وحكم وربط للعلاقات ، وإدراك لها من بين الظواهر .
وأشار بعض الباحثين إلى أن الطريقة المفتوحة لتدريس اللغة قد ألقت بظلالها عام 1950م ، وكان آخر ما قيل في هذا المجال وهو حتى يصبح المتعلمون مهرة في اللغة ، فيجب عليهم إتقان ميكانيزمات اللغة ، وتعلم النظام اللغوي ، كما أن إتقان اللغة يجب ألا يقف فقط عند تعلمها فحسب ، بل لا بد من ممارستها واستخدامها ، كما أن استعمال المعنى ومعرفته لا يكفيان المتعلمين من أجل إتقان اللغة ، ولكي يصبح المتعلمون مهرة في اللغة عليهم بالإضافة إلى استخدامها ، ومعرفة المعني إظهار التفكير الناقد و الإبداعي خلالها ، مما يجعل المتعلمين مبدعين في إنتاج الفكر ، ودعمها بتفسيرات منطقية وتفاصيل وأمثلة .
أما متعلمو القراءة الإبداعية فعليهم التمكن من ربط أفكارهم وتوحيد استجاباتهم بطرق إبداعية ، واستخدام التوسع ، ونماذج التفكير المختلفة ، وعلى متعلمي القراءة الناقدة التمكن من تحديد مبررات جيدة والاستشهاد بها في آرائهم أو إجاباتهم ، والتكيف مع الانتظام ومخالفة القواعد والمحددات الخاصة والتقييد والتعميمات . (السليتي، 2006 :22-23).
تعليقات