بحث عن الإرشاد الديني |
الارشاد الديني :
محتويات البحث :
1. مقدمة عن الارشاد النفسي الديني .
2. تعريف الارشاد النفسي الديني .
3. أسس الارشاد النفسي الديني ومسلماته .
4. فنيات الارشاد الديني .
مقدمة عن الإرشاد الديني :
الدين عنصر أساسي في حياة الإنسان. والتربية السليمة تشمل التربية الدينية. والنمو السوي يتضمن النمو الديني. والصحة النفسية تشمل السعادة في الدنيا والدين .
وإن من أهم أهداف التربية في مجتمعنا تنمية الشخصية الإسلامية الصالحة، لأن النمو بمعناه الشامل يتضمن النمو الديني والأخلاقي، ويعد الإرشاد الديني من مقومات السعادة النفسية، ولهذا السبب اتجهت عملية الإرشاد النفسي نحو الإرشاد الديني، وفي هذا المقام لابد أن نفرق بين الإرشاد الديني والوعظ الديني .
فالوعظ الديني يقوم به رجال الدين والعلماء منهم الواعظين، بما يقدمون من معلومات دينية منظمة، وتوجيهات الإتباعها والعمل بما جاء فيها من عظات بوسائلها المختلفة كدور العبادة وما تقدمه الإذاعات وشاشات التلفاز، أما الإرشاد الديني فهو يهدف إلى تكوين حالة نفسية، متوافقة، يتمشى فيها السلوك المتكامل مع المعتقدات الدينية . ( حواشین، 2002: 177)
ويأتي الإرشاد النفسي الديني كطريقة أجمع المرشدون على اختلاف أديانهم سواء كانوا يهودا أو مسيحيين أو مسلمين، على أنه إرشاد يقوم على أسس ومفاهيم ومبادئ وأساليب دينية روحية أخلاقية، مقابل الإرشاد العادي، الذي يقصد به بقية طرق الإرشاد النفسي التي تقوم على أسس ومفاهيم ومبادئ وأساليب وضعها البشر . (زهران، 1998: 346)
تعريف الإرشاد الديني :
هناك العديد من التعريفات للارشاد النفسي الديني نذكر منها :
تعريف ( 1 ) :
هو طريقة توجيه وإرشاد وعلاج وتربية وتعليم تقوم على معرفة الفرد لنفسه ولربه ولدينه ولقيمه ومبادئه الدينية والأخلاقية . ( زهران ، 1998: 358)
تعريف ( 2 ) :
هو محاولة مساعدة الفرد لاستخدام المعطيات الدينية للوصول إلى حالة من التوافق يسمح له القدرة على تجاوز معاناته إلى الحد الذي تساعده على النجاح في الحياة. ( خضر ، 2000 : 219 )
تعريف ( 3 ) :
الإرشاد النفسي الإسلامي هو ذلك النوع من العلاج الديني الذي يربط الإنسان بربه (المستوى الرأسي) بالإضافة إلى ربطه بمجتمعه وبالمحيطين به (المستوى الأفقي) وهو بهذه الطريقة يملأ الفراغ الروحي في الإنسان في الوقت الذي يعمل فيه على ملء الجانب الاجتماعي أيضا في سبيل الاتزان الروحي والاجتماعي والاستقرار النفسي في نهاية المطاف . ( الراضي ، 2003)
أسس الإرشاد الديني ومسلماته :
فيما يلي نستعرض أهم الأسس والمسلمات التي لابد أن يأخذها المرشد بالحسبان وهي :
1. الخير والشر في طبيعة الإنسان :
فهو ليس كما قالت النظرية التحليلية أنه شرير وليس كما قالت الإنسانية أنه خير فقط والشر طارئ ولكن الخير والشر في طبيعته قال تعالى: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " (الشمس: 7) وقال أيضا : " وهديناه النجدين " (البلد: 10).
2. الإنسان هو الكائن المكرم :
قال تعالى: " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر" ( الإسراء: 70) وكونه كائن مكرم فهو مختلف عن سائر المخلوقات ولا يصح قصر اهتماماته واحتياجاته على ما يشترك معه فيها الحيوان .
3. الإنسان هو المخلوق المسئول :
جميع الكائنات غير مسئولة عما تفعل إلا الإنسان لأن الله أعطاه العقل فاستحق بالسؤال " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان " (الأحزاب: 72) .
ولأجل هذه المسئولية فقد زود الله الإنسان بكثير من القدرات والإمكانات ليقوم بهذه المسئولية .
4. الإنسان هو كائن مكلف :
"يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" (البقرة: 20) وقال : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" (البقرة: 29) .
والتكليف تشریف لهذا الكائن بما أودعه الله فيه من مميزات تجعله أهلا للتكليف .
5. الإنسان روح وجسد :
الإنسان ذو طبيعة مزدوجة فله حاجات متصلة بالجسد والدنيا تعينه علی القيام بمطالب حياته وله حاجات متصلة بالروح التوصل الإنسان إلى خالقها، وهذا الكيان المزدوج قائم على التوازن بين مطالب الروح ومطالب البدن .
6. قابلية السلوك التعديل :
يعتبر الإسلام أن السلوك قابل للتعديل حتى النقيض ولكن هذا يتم بالتدريج ويحتاج إلى صبر " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " (فصلت: 35)
وقال : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (الأنفال: 52) .
7. الجوانب العقلية جزء هام في تعديل السلوك :
محور الانضباط والهداية في حياة الإنسان يقع في قدراته العقلية التي ميزه الله بها على الخلق ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاث منها: المجنون حتى يفيق " (أحمد: 24233) .
8. تصرفات الإنسان تقوم على أساس من الوعي والشعور بها :
فالشخص غير الواعي لا يسأل عما يقوم به لذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " رفع القلم عن ثلاث منها: النائم حتی يستيقظ " (أحمد: 24233) .
9. ضرورة مراعاة الفروق الفردية :
"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " (البقرة: 286) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم ".
10. لا ينجح الإرشاد إلا إذا كان بدافع من الشخص نفسه :
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (الأنفال: 52) .
11. للفرد الحق في اختيار قراره وتصرفه :
"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " (البقرة: 256) وقال تعالى : " لست عليهم بمسيطر " (الغاشية: 22).
12. القائم بالإرشاد يجب أن يتخلق بخلق الإسلام :
" يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" (الصف: 20). (الشناوي، 1989: 206) .
فنيات الارشاد الديني :
الإرشاد النفسي الديني طريقة توجيه وإرشاد وعلاج وتربية وتعليم، وتقوم على معرفة الإنسان لنفسه ولربه ولدينه والقيم والمبادئ الدينية والأخلاقية .
ويمكن أن يمارس الإرشاد الديني كل من المرشد النفسي والمربي وعلماء الدين، وحبذا لو كان ذلك على شكل فريق متكامل .
وفيما يلي نستعرض بعض الوسائل والفنيات التي يستخدمها المرشد في الإرشاد النفسي الديني :
1- الاعتراف :
نظرية الاعتراف بالذنب وظلم النفس أمام الله نظرية قرآنية ، وضرب القرآن الكريم مثلا من الاعتراف بالذنب بما صدر عن آدم وحواء عليهما السلام عند مخالفتهما أمر الله ، إذ قالا كما جاء في قوله تعالى : " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين " ، والاعتراف يتضمن شكوى النفس من النفس طلبا للخلاص والغفران .
إن الاعتراف فيه إفضاء الإنسان بما في نفسه إلى الله ، وهو يزيل مشاعر الخطيئة والإثم ويخفف من عذاب الضمير ، ويطهر النفس المضطربة ويعيد إليها طمأنينتها ، ويظهر مفهوم الذات الخاص حيث يكشف الفرد عن عورته النفسية بقصد الإرشاد .
ولذلك يجب على المرشد مساعدة المسترشد على الاعتراف بخطاياه وتفريغ ما بنفسه من انفعالات و مشاعر الإثم المهددة ، ويتقبل المرشد ذلك في حياد ، ويتبع الاعتراف التكفير عن الإثم والخطيئة والرجوع إلى الفضيلة .
2- التوبة :
هي طريق المغفرة ، وأمل المخطئ الذي ظلم نفسه وانحرف سلوكه وحطمته الذنوب وهو في حالة جهالة ، أي اندفاع وطغيان شهوة ، وصحا ضميره .
قال الله تعالى : " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم " . ( النساء : 12 )
والتوبة تحرر المذنب من آثامه وخطاياه وتشعره بالتفاؤل والراحة النفسية ، والتوبة تؤكد الذات ويجعل الفرد يتقبل ذاته من جديد بعد أن كان يحتقرها ، والتوبة لا بد أن يتبعها تغيير في السلوك المنحرف إلى سلوك سوي صالح . قال تعالى : " .. كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم " . ( الأنعام : 54 )
ومن شروط التوبة العزم على عدم العودة إلى المعاصي والذنوب . قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ... " .
3- الاستبصار :
هو الوصول بالفرد إلى فهم أسباب شقائه النفسي ومشكلاته النفسية والدوافع التي أدت إلى ارتكاب الخطيئة والذنوب ، وفهم المسترشد لنفسه وطبيعته الإنسانية ومواجهتها ، وفهم ما بنفسه من خير ومن شر ، وتقبل المفاهيم الجديدة ، والمثل الدينية العليا .
ويتضمن هذا نمو الذات التي تحكم السلوك السوي للإنسان في ضوء بعدين رئيسيين : البعد الرأسي الذي يحدد علاقة الإنسان بربه ، والبعد الأفقي الذي يحدد العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان . قال الله تعالى : " بل الإنسان على نفسه بصيرة ". ( القيامة : 22 )
4- التعلم :
ويتضمن تغير السلوك نتيجة خبرة التوجيه والإرشاد واكتساب مهارات وقيم واتجاهات جديدة . ومن خلال ذلك يتم تقبل الآخرين ، والقدرة على ترويض النفس وعلى ضبط الذات وتحمل المسئوليات ، والقدرة على تكوين علاقات اجتماعية مبنية على الثقة المتبادلة والقدرة على التضحية وخدمة الآخرين ، واتخاذ أهداف واقعية مشروعة في الحياة مثل القدرة على الصمود وعلى العمل والإنتاج .
وهكذا يتم تكوين وتنمية النفس اللوامة أو الضمير أو الأنا الأعلى كسلطة داخلية أو رقيب نفسي على السلوك . ويتم تطهير النفس وإبعادها عن الرغبات المحرمة وغير الأخلاقية وغير الاجتماعية . ويستقيم سلوك الفرد بعد أن يتبع السيئات الحسنات فتمحوها ، وتطمئن النفس المطمئنة . قال الله تعالى : " إن الحسنات يذهبن السيئات .. " ( هود : 114 )
5- الدعاء :
هو سؤال الله القريب المجيب والاستعانة به والتضرع إليه والالتجاء إليه في كشف الضر عند الشدائد .
قال تعالى : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " . ( البقرة : 186 ) .
وفي الدعاء سمو روحي يقوي الفرد بالإيمان ، وهو علاج أكيد للنفس التي أشرفت على الهلاك حين يطلب الإنسان العون من القوي القادر فيشعر بالطمأنينة والسكينة ويزول عنه الخوف ويتخلص مما هو فيه من الهم والتوتر والضيق والقلق . قال الله تعالى : " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم .. ".
6- ابتغاء رحمة الله :
وفي ذلك قوة روحية تؤدي إلى التفاؤل والأمل وتخلص من الآلام والمتاعب وبالإيمان والأمل يعالج الفرد ما يعتريه من مشكلات متذرعة بالحكمة والصبر مترقبا رحمة الله وانفراج الأزمة . قال الله تعالی :"... ورحمتي وسعت كل شئ ... " . ( الأعراف : 156 )
7- الاستغفار :
إن الإنسان - غير معصوم من الخطأ - إذا أخطأ وشعر أنه ظلم نفسه وصحا ضميره ، لا يقنط من رحمة الله بل يذكره ويستغفره ، واثقا في قوله تعالى : " استغفروا ربكم إنه كان غفارا " . ( نوح : 10 ) وقال تعالى : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا " . ( النساء : 110) . ( زهران ، 1998 : 355)
8- استخدام النماذج السلوكية الصحيحة ( الملاحظة ) :
مثال : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " ( الأحزاب : 21).
" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " ( الحشر : 9).
9- التنفيس الانفعالي :
مثال : " إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن .... قالوا : أتبكي يا رسول الله وقد نهيتنا عن البكاء ؟! قال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب المؤمنين " . ( أحمد : 21332)
10- العبادات كعلاج نفسي :
مثال : " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " ( العنكبوت : 45 ) . " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " . ( البقرة : 45 ). " أن الإنسان خلق هلوعا .... إلا المصلين " ( المعارج : 19 – 26 )
11- ضبط النفس وقوة الإرادة :
مثال : " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " ( النووي ، 1976 : 45 ). "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " ( النور : 30 )
12- الاسترخاء :
مثال : " إذا غضب أحدكم وهو واقف فليجلس وإن كان جالسا فليتكئ " ( أحمد : 20901 ). " إذا غضب أحدكم فليتوضأ " ( أحمد : 1757).
13- استخدام حديث النفس :
مثال : " فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل : إني صائم " ( أحمد : 7276).
" إذا حدثتك نفسك قائلة : من خلق الله ؟ فقل : آمنت بالله " . ( أحمد : 7708).
14- استخدام الموعظة التي تقوم على تحليل الموقف وما يترتب عليه ومساعدة الفرد على الحكم على السلوك وتغييره :
مثال : قصة الرسول مع الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنا .
15- استخدام التعزيز من خلال : الثواب - المدح - تنمية التعزيز الداخلي بطلب الأجر من الله :
مثال : " من قتل قتيلا فله سلبه " ( أحمد : 22161). " من أحيا أرضا ميتة فهي له " ( أحمد : 13916). " أن الله يحب المحسنين " ( آل عمران : 134 ) : " والله مع الصابرين " . ( البقرة : 153 )
16- استخدام أسلوب الإهمال والإعراض لإطفاء السلوك السلبي :
مثال : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن " ( النساء : 34).
17- الكف بالنقيض ( استخدام استجابة قوية مضادة لاستجابة مؤلمة ):
مثال : " .... فأصابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " ( آل عمران : 153 ) .
18- إزالة الحساسية التدريجي :
مثال : كيفية تحريم الربا وتحريم الخمر .
19- وقف الخواطر :
مثال : " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم " (الأعراف: 200) . (الشناوي ، 2001: 131)
تعليقات