ما هو الغضب ؟ وما هي أسبابه وأنواعه ؟ |
بحث عن الغضب :
(1) مقدمة عن الغضب .
(2) تعريف الغضب .
(3) مظاهر الغضب .
(4) أسباب الغضب .
(5) أنواع الغضب .
(6) خصائص نوبة انفعال الغضب .
(7) الآثار الإيجابية والسلبية لانفعال الغضب .
(8) الغضب عند المراهقين .
(9) الفرق بين الجنسين في خبرة الغضب .
(10) النظريات المفسرة للغضب .
(11) الغضب من منظور اسلامي .
(12) كيف نواجه الغضب .
(13) مراحل برامج إدارة الغضب .
مقدمة عن الغضب :
يعد الغضب أحد الانفعالات الإنسانية التي لها آثار سلبية علي الفرد ، ويختلف الأفراد في استجاباتهم للمواقف المثيرة للغضب ، فمنهم من يستجيب لها بطريقة مناسبة ، كأن يعبر عن غضبه بشكل توكيدي دون أن يجرح مشاعر الآخرين ، ومنهم من يستجيب لها بطريقة غير مناسبة ، كأن يحول هذا الغضب إلى سلوك عدواني أو إلى كبت مشاعره ، مما ينجم عنه الكثير من الأضرار بما فيها اضطراب صحته النفسية .
إن الغضب قد يرجع إلى مشكلات ثقافية اجتماعية تعيق الفرد ، وتظهر تلك السلوكيات من خلال اللغة وما بها من كلمات ومصطلحات تعبر عن الغضب ، إلا أن الغضب يدفع الشخص لبذل مجهود أكبر للتغلب علي العقبات ، لتحقيق تفاعل اجتماعي مع المحيطين من حوله .
تعريف الغضب :
تعريف الغضب لغة :
غضب ، غضباً ، ومغضبة عليه ، أبغضه ، وأحب الانتقام منه ، فهو غضب ، وغضوب ، وغضبان ، وهي غضبي ، وغضوب ، وغضبانة ، وجمعها غضبي ، وغضاب ، وغضابي .
تعريف الغضب اصطلاحا :
عرف الغضب بالعديد من التعريفات منها :
(1) الغضب قوة كامنة في النفس ، لا تثار إلا بمثير يفجر ثباتها ، والأسباب المهيجة للغضب هي الزهو ، والعجب ، والمرح ، والهزل ، والتعبير ، والغدر ، وشدة الحرص علي المال ، والجاه ، وهي جميعها رديئة مذمومة شرعاً ، وعقلاً ، ولا خلاص من الغضب مع بقاء الأسباب ، فلا بد من إزالة أسبابها بأضدادها .
(2) الغضب هو شعور قوي بعدم الرضا ويككون موجهاً نحو شخص أو شئ ما ، مما يؤدى إلى حدوث حالة انفعالية تسبب الأذي والانزعاج للشخص المعني ، ويكون الهدف من هذا الانفعال حماية الذات من التعرض لمثل هذا الأذي مستقبلاً .
(3) الغضب هو حالة انفعالية تشمل علي مجموعة من الدرجات ، تبدأ بالغضب البسيط ، والاستثارة ، والضيق ثم تنتهي بالغضب الشديد المتمثل في العنف ، ويتسم سلوك الفرد بالهياج الشديد والتدمير .
(4) الغضب هو استجابة انفعالية تثيرها مواقف التهديد أو العدوان أو القمع أو السب أو الإحباط أو خيبة الأمل ، ويصاحب الغضب استجابة قوية من الجهاز العصبي المستقل ، ويدفع المرء إلى الاستجابة بالهجوم إما بدنياً أو لفظياً .
(5) الغضب هو حالة وجدانية انفعالية تسبب رد فعل داخلي تجاه بعض الموضوعات أو الأفكار أو الأشخاص نتيجة بعض الإحباطات بحيث تجعل الفرد يشعر بحالة من التوتر يصاحبها التفكير في استخدام القوة كاستجابة داخلية ( تصورية ) أو حقيقية لوجود أهداف وحاجات غير مشبعة .
(6) الغضب عبارة عن طاقة يمكن استغلالها واستثمارها وتوجيهها في الاتجاه الصحيح ، أو يمكن تركها تضيع دون الاستفادة منها ، من خلال ترك الأبناء يعبرون عنها بأساليب مختلفة غير موجهة ، وتوجيه هذه الطاقة يقع علي عاتق الآباء ، من خلال تعليم أبنائهم طرق إيجابية للتعامل مع الغضب .
من التعريفات السابقة للغضب نجد أن جميعها تجمع علي أن الغضب عبارة عن شعور داخلي وطاقة كامنة ، يتم استثارتها نتيجة للتعرض للمواقف المحبطة ، مما يدفع الفرد للتعبير عن الغضب في عدة صور مختلفة للتخفيف من الضغط الداخلي .
مظاهر الغضب :
يمكن تصنيف مظاهر الغضب لأربع فئات مختلفة كالعلامات الفسيولوجية ، والسلوكية ، والانفعالية ، والمعرفية ، وسيتم تناول كل منها علي النحو التالي :
(1) مظاهر الغضب الفسيولوجية :
والتي تتمثل في زيادة معدل ضربات القلب ، وضيق في الصدر ، وزيادة إفراز السكر ، وارتفاع حرارة الجسم ، بالإضافة لزيادة إفراز العرق وغيرها من الأعراض ، وتظهر هذه العلامات عندما يستجيب الجسم للمواقف الاستفزازية ، التي تدفعه للشعور بالغضب ، وتعد هذه العلامات الفسيولوجية بمثابة علامات تحذيرية لظهور الغضب لدي الفرد ، ويصعب التحكم بالغضب عند تفاقم تلك العلامات .
(2) مظاهر الغضب السلوكية :
وهي العلامات التي يمكن ملاحظتها من خلال الاستجابات السلوكية التي تصدر عن الفرد عند الشعور بالغضب ، مثل : تكسير وتدمير الأشياء ، وإغلاق الأبواب بقوة ، ورفع الصوت ، والسب والشتم .
(3) مظاهر الغضب الانفعالية :
وتتضمن ظهور مشاعر تدفع إلى الغضب مثل الشعور بافتقاد الأمن ، والشعور بالذنب ، والشعور بالغيرة والنبذ ، والشعور بالخوف ، ويعد الغضب انفعال ثانوي لهذه المشاعر ، والانفعال ليس انفعالاً نقياً ، بل تختلط معه انفعالات أخرى كالقلق ، والحزن .
(4) مظاهر الغضب المعرفية :
فتشير إلى خلل في الأفكار من الناحية الوظيفية ، وتظهر لدي الفرد عند التعرض للمواقف والأحداث الاستفزازية ، فعند شعور الفرد بالغضب ، يقوم بتفسير التعليقات من قبل الِأشخاص بأنها انتقادات وإهانات موجهة ضده ، كذلك يفسر أفعالهم وسلوكهم بأنها تنم عن عدائية نحوه .
أسباب الغضب :
يمكن توضيح أسباب الغضب في النقاط التالية :
(1) الاستعداد البيولوجي :
يعتبر الأشخاص الذين لديهم تنشيط زائد للجهاز العصبي اللاإرادي ، وخاصة الجزء السمبثاوي هو أكثر غضباً ، كذلك الاستعداد المزاجي للفرد الذي يجعله يميل للاستثارة بشدة للمثيرات والمواقف .
(2) الفشل والإحباط :
في الحالات التي تعوق الفرد عن إشباع حاجاته وعدم قدرته لبلوغ أهدافه يتسثار الغضب لديه ، وتوجد فروق فدرية بين الأشخاص في تحديد سبب الإحباط ، وتفسيره ، ومن ثم توجيه غضبهم نحوه .
(3) النمذجة الوالدية :
يشكل الآباء نماذج يقتدي بها الأبناء في سلوكهم ، وفي التعبير عن انفعالاتهم ، فالأطفال يتعلمون عن طريق التقليد والملاحظة ، باعتبار أن الآباء يشكلون نماذج حية يقلدها الأبناء في مواجهة مشكلات الحياة ، فعندما يعبر الآباء عن انفعالاتهم في صورة غضب فإن الأطفال يميلون إلى تقليدهم في التعبير عن مشاعرهم .
(4) الإهانات والسخرية :
تختلف ردود أفعال الأفراد نتيجة استجاباتهم للسخرية والإهانة ، فمنهم من ينفجر غضباً في وجه من أثار غضبه ، ومنهم من يوجه غضبه نحو ذاته ، ومنهم من يكظم غضبه ولا يحرك ساكناً سوي الانسحاب واللجوء للحزن بدلاً من الغضب .
أنواع الغضب :
هناك العديد من التصنيفات للغضب تبعاً لآراء الباحثين :
التصنيف الاول لأنواع الغضب :
تصنف أنواع انفعال الغضب كالتالي :
(1) الغضب الصريح :
ويكون فيه الشخص واعياً .
(2) الغضب الكامن :
يقوم الشخص بكبته ، ويكون له دور في الإكتئاب المزمن .
(3) الغضب المزمن :
ويؤثر علي التوافق الشخصي للفرد وهو :
- مرضي : وهو الذي يسهم في حدوث المرضي النفسي ، ويحدث الشقاء في حياة الفرد .
- زائد عن الحد : وهو الغضب الذي يكون خارجاً عن الحدود كاستجابة للإحباط الذي يواجهه الشخص .
التصنيف الثاني لأنواع الغضب :
تصنف فيه أنواع الغضب كالتالي :
(1) الغضب الإيجابي :
وفي هذه الحالة يظهر الفرد الصراخ وتكسير الأشياء وتخريبها .
(2) الغضب السلبي :
حيث الانسحاب والانطواء مع كبت المشاعر .
التصنيف الثالث لأنواع الغضب :
تصنف فيه أنواع الغضب كما يلي :
(1) الغضب المكبوح :
وهو النوع الذي يكبحه الفرد داخل نفسه .
(2) الغضب التعبيري :
وهو الغضب الذي في شكل أعراض جسمية كالصداع مثلاً .
(3) الغضب الموجه نحو الخارج :
حيث يمكن التعبير عنه ظاهرياً .
(4) الغضب السلبي :
وهو الذي يشكل ضغطاً علي صاحبه ، ويظهر في صورة اضطرابات نفس جسمية كالصداع النصفي وقرحة المعدة وأمراض القلب .
(5) الغضب الاشمئزازي :
حيث يعاني صاحبه من الشعور بالذنب ولوم الذات عقب نوبات الغضب التي اعترته ، ويلجأ الفرد في أحيان كثيرة إلى إنكاره .
(6) غضب الإزاحة :
حيث يحول الفرد غضبه نحو شئ معين ، وهو يستخدم كميكانيزم دفاعي .
خصائص نوبة انفعال الغضب :
ان نوبة انفعال الغضب تتميز بعدد من الخصائص تشتمل علي الآتي :
(1) الشدة :
فبعض نوبات الغضب بسيطة وخفيفة والأخرى قوية ، بل إن شدة الغضب قد تختلف أثناء النوبة الواحدة ، فقد يزداد الغضب ، وفي المقابل قد يبدأ قوياً ومن ثم تقل شدته .
(2) المدة :
إن نوبات انفعال الغضب قد تختلف في مدتها ، فبعضها قصير ، فينشأ الغضب وينفجر الشخص ثم فجأة ينتهي كل شئ ، وأحياناً تشخص حالات هؤلاء الأفراد بما يسمي اضطراب الغضب الانجفاري المتقطع ، وعلي النقيض هناك من يعيشون في الغضب أياماً وشهوراً بل وسنيناً ، ويعانون مما يسمي الغضب الاجتراري ، وهو أمر يثير الكثير من المشكلات .
(3) التكرار :
يختلف الأفراد في معدلات تكرار انفعال الغضب ، فمنهم من يكون الغضب سمة من سمات شخصيته ، ويكون غاضباً في معظم المواقف ، فيلازمه بشدة أكبر ولمدة أطول مما يدفع الناس إلى تجنبه .
مما سبق نجد أنه بالرغم من أن الغضب يتميز بتزايد شدته وأشكال التعبير عنه مع تقدم العمر ، إلا أنه من الممكن أن يكون لدي بعض الأفراد المتقدمين في السن أساليب أخرى في التعامل مع المواقف غير الغضب ، فكلما تقدم العمر بالفرد ازدادت حكمته وتقبله لعواقب الأمور التي تحدث من حوله .
الأثار الإيجابية والسلبية لانفعال الغضب :
أولا : الآثار الإيجابية للغضب :
إن الغضب المعتدل له فوائد هامة ، فمن خلاله يصل الفرد لتفريغ الطاقة السلبية بداخله ، ليصل إلى الاتزان النفسي ، ويتخلص من الرواسب المكبوتة ، كذلك يعد الغضب المعتدل وسيلة للدفاع عن المبادئ ، والقيم ، والآراء ، أو رفضها .
فالغضب انفعال طبيعي ، فإن أحسن الفرد توظيفه وتوجيهه بطريقة صحيحة ، أصبح قوة خير ، فهو يفسح المجال أمام الفرد لينتصر علي تردد ، وليتحرر من قناعة مسيطرة علي سلوكه ، من أجل التغلب علي العقبات التي تحول بينه وبين تحقيق أهدافه ، ليتمكن من إشباع حاجاته ، والحصول علي ما يريد ، وفيه اختبار وابتلاء للانتصار علي النفس ، ولولاه لما دافع أحد عن دينه ، وعرضه ووطنه .
ثانيا : الآثار السلبية للغضب :
إن الغضب يؤدى إلى تعطيل التفكير ، لذلك كثيرا ما يندم الفرد علي ما يصدره من سلوك أو أقوال أثناء غضبه ، فالغضب الشديد يجعل الإنسان غير قادر علي التفكير السليم وإصدار القرارات الصائبة ، ويصبح من السهل وقوعه في الخطأ .
كما أن الانفعال الشديد يؤثر علي قدرة الفرد علي حل المشكلات واتخاذ القرارات الصائبة ، بالإضافة لانخفاض القدرة علي التركيز والإدراك ، ويعود ذلك بسبب تفكيره اللاعقلاني في الموقف المثير للغضب .
كما أن انفعال الغضب له عواقب اجتماعية عديدة ، متمثلة في ضعف المهارات الاجتماعية ، كما أن له انطباعات سلبية لما يكونه الفرد من عدواة نحو الشخص دائم التعبير عن غضبه بشكل غير مقبول ، وبهذا يهدد السلامة المجتمعية بشكل عام .
الغضب عند المراهقين :
يعتبر الغضب من الأنماط الشائعة لدي المراهقين ، فيغضب المراهق عندما يؤنب أو يوبخ أو ينتقد أو يكرر له النصح والموعظة كدرس أو محاضرة ، ويغضب أيضا إذا لم تسر الأمور حسب ما يريد ، وإذا لم يستطع إنجاز ما سعي لتحقيقه فالصورة الأكثر شيوعاً لاستجابة الغضب لدي المراهق هي التبرم sulkiness .
ويطال الغضب المراهق كما يطال جميع الفئات العمرية الأخرى ، ولكن ما يميز المراهق أنه قليل الخبرة ولا يقبل بالواقع بسهولة مقارنة بمن هم أصغر منه سنا ، كما أن يرفض القبول والرضي بالواقع بسهولة مقارنة بمن هم أصغر منه سناً ، وما يميز غضب المراهق استمرارية غضبه لمدة طويلة ، ويكون ردات فعل سريعة ، وقد يكون الخروج من المنزل إحدى الصور في التعبير عن غضبه .
الفرق بين الجنسين في خبرة الغضب :
إن الإناث يواجهن صعوبة أكبر في التعبيير عن انفعال الغضب مقارنة مع الذكور ، بسبب عدم ملائمته مع الصورة الأنثوية ، فيقمن بإخفائه خوفاً من عقوبات اجتماعية مدركة أو فعلية ، تخالف التقاليد الاجتماعية المتعارف عليها ، أما في سن العاشرة فإن الإناث والذكور يشتركون إلى حد ما في استخدامهم العدوان الصريح ، لكن عند بلوغهم سن الثالثة عشر ، يبدو الاختلاف الواضح بين الجنسين ، فالذكور يستمرون في مواصلتهم المباشرة عند الغضب ، أما الإناث فيلجأن إلى مظاهر وتكتيكات عدوانية ، مثل النميمة ، والثأر غير المباشر .
النظريات المفسرة للغضب :
أولا : نموذج لازاروس عن الانفعالات :
لقد قدم لازاروس النظرية العلاقاتية الدافعية ، وهي تفسر الضغوط والخبرة الانفعالية علي أساس التقييم المعرفي ، والمواجهة ، ويري لازاروس أن الفرد يكون في حالة تقييم مستمر للعلاقة بينه وبين البيئة ليصل لأفضل توافق ممكن ، سواء كان تقييم أولي للحدث من حيث كونها ضاراً أو مهددا للفرد ، أو تقييم ثانوي لمصادر المواجهة ، أما مفهوم المواجهة إما أن يعتمد علي الهجوم ، عندئذ يكون الشعور بالغضب ، إما بخصوص توقعات المستقبل ، فهي تشير إلى إمكانية تغيير الموقف الحالي ، أم لا .
ثانيا : النظرية السلوكية والتعلم الاجتماعي :
يري أصحاب هذه النظرية أن الغضب متعلم أو مكتسب حيث إن الطفل يتعلم الاستجابة للمواقف المختلفة بطرق متعددة ، وتعلب كل من العلاقات الأسرية والبيئية ، فكلما كانت العلاقات الأسرية مستقرة وخالية من العدوان وسرعة الانفعال ، كلما أثرت بشكل إيجابي في ردود أفعال الطفل من حيث المسالمة والتحفظ في السلوك .
ان السلوك الاجتماعي يكتسب عن طريق مشاهدة تصرفات الآخرين ، حيث ان تفكير الشخص ، ومشاعره تجاه موقف معين ينعكس علي ردة فعله .
ان النظرية السلوكية تشير أن الغضب سلوك متعلم ، بطرق مختلفة وبعمليات إشراطية ، فإذا تم تعزيز هذه السلوكيات ، يتم تعميم الغضب .
ثالثا : نموذج ألبرت اليس Ellis عن الغضب :
ويتمثل في العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي ، ويري أليس ellis أن الإنسان يشعر بالغضب ، نتيجة ما يعترض طريقة من مشكلات وعقبات في تحقيق أهدافه ، وعندما يزداد الغضب يؤثر علي مختلف المجالات ، ونتيجة لذلك يحدث سوء توافق الشخص مع نفسه ، ومع الآخرين ، وهكذا يري اليس أن الغضب ينشأ من خلال الاعقتادات اللاعقلانية لدي الأفراد ، وقدم نموذج ( ABC ) حيث الحرف ( A ) يشير إلى الحدث الذي يؤدى إلى ( B ) حيث يشير إلى الاعتقادات والتفسيرات المعرفية ، والتي تؤدي في المقابل إلى الحرف ( C ) ، والذي يشير إلى النتيجة الانفعالية ، وبالتالي عندما يشعر الفرد بالغضب فإنه يعتقد أن الحدث الذي تعرض له هو السبب في استثارة الغضب لديه ، ولكن الحقيقة هي أن نسق الأفكار والاعتقادات اللاعقلانية لديه هي السبب في حدوث الغضب ، ومن ثم فلا بد من تغيير هذه الاعتقادات اللاعقلانية التي تثير الغضب لديه ، واستبدالها بأفكار أكثر عقلانية تعمل علي خفض استجابة الغضب ، وتساعده علي أن ينظر إلى الأشياء ، والمواقف بنظرة أكثر واقعية وإيجابية .
مما سبق يتضح أن النظرية المعرفية تري أن سبب الاضطراب والغضب الذي يشعر به الفرد ، ليس الحدث بحد ذاته ، فطريقة تفكير الفرد ، وتفسيره للمواقف التي يتعرض لها ، هي الدافع وراء الغضب ، أي أن الأفكار التلقائية ، واللاعقلانية ، والمعتقدات الخاطئة ، والتفسير غير المنطقي للأحداث هي سبب هذا الاضطراب .
الغضب من منظور إسلامي :
الغضب وإن كانت حقيقته جمرة تشمل النيران في القلب ، فتدفع صاحبها إلى قول أو فعل ما يندم عليه ، فهو عند النبي صلي الله عليه وسلم قول الحق ، وغيرة علي محارم الله ، ودافعه دوماً إنكار لمنكر ، والغضب له وظيفة كبيرة في الدفاع عن حرمات الله ودين الله ، وحقوق المسلمين وديارهم ، لكنه إذا ابتعد عن هدي النبي صلي الله عليه وسلم تحول إلى شر وعدواة ، وخلافات وفرقة .
وورد لفظ الغضب في القرآن الكريم علي أنه صفة من صفات الفعل الثابتة لله عز وجل كما في قوله تعالي : " ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً " ( النساء : 93 ) ، كما ورد لفظ الغضب في القرآن الكريم علي أنه صفة من صفات البشر ، فتحدث عن غضب موسي عليه السلام من قومه لقوله : " ولما رجع موسي إلى قومه غضبان أسفاً " ( الأعراف ) ، وقوله جل وعلا : " ولما سكت عن موسي الغضب " ( الأعراف : 154 ) ، وقوله : " وذا النون إذ ذهب مغاضبا " ( الأنبياء : 87 ) .
إن الإسلام يحث المرء علي عدم الاستسلام للغضب ، ووعد ان الشخص الذي يستطيع التحكم في غضبه ، وضبطه في عداد المتقين قال : " الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " . ( آل عمران : 134 ) ، كذلك في قوله تعالي : " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون " .
وفي بيان ذم الغضب روي أو هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال : " يارسول الله مرني بعمل ، وأقلل ، قال : لا تغضب ثم عاد عليه ، فقال : لا تغضب . وعن عبد الله بن عمرو أنه سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم ماذا ينقذني من غضب الله ، قال : لا تغضب " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد بالذي يملك نفسه عند الغضب " ( صحيح البخاري ، 28/8 : 6114 ) . وعنه رضي الله عنه أنه قال : من كظم غيظاً ، وهو قادر علي أن ينفذه ، دعاه الله تبارك وتعالي علي رءوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء . ( مسند الإمام أحمد : 398/24 : 15637 )
ويجب علينا هنا أن نجعل غضبنا محموداً ، كما حثنا رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم أن نجعل غضبنا لله جل وعلا ، إذا انتهكت محارم الله ، فقد غضب صلي الله عليه وسلم لما أخبروه عن الإمام الذي ينفر الناس من الصلاة بطول قراءته ، وغضب لما رأي في بيت عائشة صور ذات أرواح ، وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت ، وقال : أتشفع في حد من حدود الله ؟ فكان غضبه لله جل وعلا .
وقد وضع نبينا الكريم صلي الله عليه وسلم علاجاً متكاملا لضبط انفعال الغضب ، يتكون من ثلاث خطوات عملية وهي :
(1) القول باللسان : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تعالي : " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم " ( فصلت : 36 ) .
(2) الجلوس في حالة الغضب ، والاضطجاع إذا كان الغاضب جالساً ، والاقتراب من الأرض التي خلق منها الإنسان ، ليعرف أنه من التراب ، وإلى التراب .
(3) الوضوء ، والاغتسال بالماء : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خلق من النار ، وإنما تطفاً النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " .
كيف نواجه الغضب :
في هذا الصدد يشير روبرت Robert إلى أن الطرق المعرفية هي أفضل الطرق لمساعدة الفرد علي التحكم في غضبه ، فالعديد من الباحثين أكدوا في دراساتهم أن التحكم في الغضب مرتبط بالأخطاء في التفكير ، ونقص المهارات التكيفية لمواجهة الأحداث اليومية ، والتفكير العدواني ، والمعتقدات الصارمة الناجمة عن الثأر والانتقام .
كما أوضح ردفورد Redford ان هناك خطوات لمواجهة الغضب وهي :
(1) مشاهدة الأفكار التي تجول بذهن الفرد الغاضب وتجعله يغضب .
(2) التعرف علي المشكلات التي تواجهه عندما يحاول التحكم في غضبه .
(3) البحث عن مساندة الغير في محاولة للتأثير علي نمط تفكيره .
(4) التعرف علي الوقت الذي يفكر فيه الفرد في التفكير العدواني ثم يستخدم استراتيجيات جديدة للتعامل مع الموقف كالتنفس العميق ، والأحاديث الإيجابية للذات ، وهذا يعمل علي خفض حدة الغضب .
(5) تعلم مهارة الدعابة .
(6) تعلم كيفية الاسترخاء .
(7) الثقة بالآخرين .
مراحل برامج إدارة الغضب :
هناك ثلاث مراحل أساسية تمر بها برامج إدارة الغضب وهي كالتالي :
أولا : الإعداد المعرفي :
وفي هذه المرحلة يتم تعريف المشاركين في برامج إدارة الغضب ، بأسباب الغضب والمكونات المعرفية والانفعالية والسلوكية للغضب والنتائج المترتبة عليه .
ثانيا : اكتساب المهارة :
وفي هذه المرحلة يتم تدريب الأفراد علي تعلم مهارات المواجهة ، مثل : الاسترخاء ، التدريب علي حل المشكلات ، والمهارات الاجتماعية ، والتي من شأنها أن يستخدمها الفرد عندما يواجه مواقف استفزازية أو إحباطية تستثير غضبه ، كما أن التدريب يساعد في حل الصراعات بطرق ملائمة ومقبولة .
ثالثا : تطبيق التدريب :
وهي المرحلة التي يتم ممارسة وتطبيق المهارات التي تعلمها الفرد ، وذلك من خلال استراتيجية لعب الأدوار في الواقع الحي أو علي مستوي التخيل .
تعليقات