ما هي التنمية الاقتصادية ؟ |
بحث عن التنمية الاقتصادية :
محتويات البحث :
(2) ماهية التنمية الاقتصادية ؟ .
(3) مفهوم التنمية الاقتصادية .
(4) التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي .
(5) عناصر التنمية .
(6) أهداف التنمية الاقتصادية .
(7) أهمية التنمية الاقتصادية .
(8) نظريات التنمية الاقتصادية .
(9) عناصر التنمية الاقتصادية .
(10) مصادر تمويل التنمية الاقتصادية .
(11) مؤشرات قياس التنمية الاقتصادية .
(12) معوقات التنمية الاقتصادية .
مقدمة عن التنمية الاقتصادية :
أصبحت التنمية الاقتصادية ( Economic Development ) مسألة اقتصادية اجتماعية وسياسية تحتل مكاناً بارزاً في الأمور العالمية منذ عام 1945 ، كما غدت دراسة التنمية الاقتصادية ومشاكلها تحتل اليوم مركز الصدارة في الفروع التي يبحثها الفكر الاقتصادي العالمي ، بعد أن كانت التنمية تحظي باهتمام ضئيل من جانب علماء الاقتصاد قبل الحرب العالمية الثانية .
ولا يرجع ذلك الاهتمام العالمي إلى اكتشاف مفاجئ لمدي انتشار التخلف الاقتصادي في العالم ، بل يرجع أساساً إلى تغير في المواقف تجاه وجوده .
فالحقائق عن التخلف كانت متاحة دائماً وبصفة عامة للذين عنوا بالنظر إليها أو البحث فيها ، غير أن الصعوبة تمثلت في حمل الحكومات والأفراد علي اعتبار أن التخلف والفقر وضع يتطلب مجهودات جذرية وفورية لتخفيف أعبائه وحل بعض المشاكل الناجمة عنه .
بمعني آخر محاولة العديد من دول العالم وعلي مختلف المستويات العالمية تحقيق أدني مستوي من الرفاهية لمواطنيها أو الوصول إلى درجة أعلى من الرفاهية الموجودة أصلا لدي هؤلاء المواطنين .
وتشتمل التنمية الاقتصادية علي عدة جوانب ثقافية وأخلاقية وبيئية ، ولم تعد مجرد الزيادة في دخل الفرد ، أو تمنح له أشياء علي سبيل الهبة أو الإعانة ، وإنما التنمية هي أن تتاح للفرد الفرصة بأن يتعلم ويتدرب علي كيفية تحقيقها بنفسه ، من خلال بناء علاقات إنتاجية فعالة في شتي القطاعات الاقتصادية ، وليس فقط بناء نماذج تطور تكيفي لاستيراد أو استتهلاك التكنولوجيا الحديثة .
ماهية التنمية الاقتصادية :
لقد استطاع الإنسان البدائي الحصول علي أساسيات الحياة مباشرة من الأرض أو الطبيعة ، ومع نمو مهارات الإنسان وقدراته تعرف إلى اساليب وفنون إنتاجية جديدة ، استطاع عن طريقها الحصول علي إنتاج أكبر من الأرض ، بمجهود أقل نسبياً من ذي قبل .
ولقد تمخض عن زيادة السكان ، فضلا عن تقسيم المجتمع إلى جماعات وأمم ، تحديد المتاح من الموارد الطبيعية لكل فرد أو جماعة من الأفراد ، بحيث أصبح من الضروري أن تستخدم هذه الموارد بأساليب أفضل ، أي أكثر كفاءة ، وقد تطلب ذلك تكوين رأس المال الذي تمخض بدوره عن زيادة إنتاجية العمل .
ومن هذا المنطلق ، فإن التنمية الاقتصادية تعني تقدم المجتمع عن طريق استنباط أساليب إنتاجية جديدة أفضل ، ورفع مستويات الإنتاج من خلال إنماء المهارات والطاقات البشرية ، وخلق تنظيمات أفضل ، هذا فضلا عن زيادة رأس المال المتراكم في المجتمع علي مر الزمن .
وعليه ، فإن الدول المتقدمة اقتصادياً ، هي تلك التي حققت الكثير في هذا الاتجاه ، بينما تلك التي حققت تقدماً غير ملحوظ في هذا الطريق ، هي ما يطلق عليها الدول النامية اقتصادياً .
كما ان التنمية الاقتصادية لا تنطوي فقط علي متيغرات اقتصادية معينة ، لكنها تتضمن أيضا تغيرات هامة في المجالات الاجتماعية والهيكلية والتنظيمية ، حيث تضمن التنمية زيادات في الدخل القومي الحقيقي ، وكذلك زيادة نصيب الفرد منه ، مما يساعد علي زيادة الادخار ، ودعم التراكم الرأسمالي والتقدم التكنولوجي في المجتمع .
كما تتضمن التنمية الاقتصادية كذلك تحسين الكفاءات والمهارات والقدرات للعاملين ، للحصول علي الدخل وتنظيم الإنتساج بطريقة أفضل ، وتطوير وسائل النقل والمواصلات ، وتقدم المؤسسات المالية ، وزيادة معدل التحضر في المجتمع ، وتحسين مستويات الصحة والتعليم .
وعلي ذلك ، يمكن القول بأن التنمية الاقتصادية هي عملية ديناميكية ، وأن التغيير في أي مجموعة من المتغيرات في الاقتصاد ، يتمخض عن تغيرات في مجموعة أخرى منها ، مما يترتب علي ذلك زيادات في نصيب الفرد من الدخل القومي .
مفهوم التنمية الاقتصادية :
توجد مفاهيم متنوعة قيلت في التنمية الاقتصادية ، تتراوح بين المفاهيم التقليدية والحديثة ، حيث تعتبر فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بداية ما يمكن تسميته عصر النهضة في العالم .
وكان مفهوم التنمية قاصراً علي النمو الاقتصادي المتمثل في زيادة الدخل القومي ، وتراكم رأس المال ، عن طريق القيام بمشروعات صناعية .
ثم بدأ النقد يوجه إلى هذا المفهوم الأحادي للتنمية ، علي أساس أنه مفهوم جزئي لا يعبر عن التقدم الاقتصادي بشكل صحيح .
ومن هنا سوف نتطرق إلى مجموعة من التعاريف التي تناولت مفهوم التنمية الاقتصادية ، إذ يصعب إعطاء مفهوم واحد للتنمية الاقتصادية باعتباره موضوعاً ملماً بمختلف الجوانب ثم نحاول تقديم مفهوم شامل للتنمية الاقتصادية ، ومن هذه التعريفات ما يلي :
(1) التنمية الاقتصادية هي الزيادة السريعة والتراكمية المستمرة في متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيق خلال فترة من الزمن .
(2) التنمية الاقتصادية هي عملية متعددة الأبعاد ، تتضمن إجراء تغييرات جذرية في الهياكل الاجتماعية والسلوكية والثقافية والنظم السياسية والإدارية ، جنباً إلى جنب مع زيادة معدلات النمو الاقتصادي ، وتحقيق العدالة في توزيع الدخل القومي ، واستئصال جذور الفقر المطلق في مجتمع ما .
(3) التنمية الاقتصادية هي العملية التي تحدث من خلال تغيير شامل ومتواصل ، مصحوب بزيادة في متوسط الدخل الحقيقي وتحسين في توزيع الدخل لصالح الطبقة الفقيرة تحسين نوعية الحياة وتغيير هيكلي في الإنتاج .
(4) التنمية الاقتصادية هي سياسة اقتصادية طويلة الأجل لتحقيق النمو الاقتصادي في عملية يزداد بواسطتها الدخل القومي للاقتصاد خلال فترة زمنية طويلة .
(5) التنمية الاقتصادية هي مجموعة من الإجراءات والتدابير الهادفة إلى بناء آلية اقتصادية ذاتية تتضمن زيادة حقيقية في دخل الفرد لفترة طويلة .
مما سبق من تعريفات يمكننا ان نخلص إلى التعريف التالي للتنمية الاقتصادية :
التنمية الاقتصادية : تغيير جذري يكمن في الجهد المبذول من جميع مكونات المجتمع من أجل النهوض بمختلف ميادين الحياة الإنسان ورفع مستوي المعيشة والقضاء علي الفقر والبطالة مع الزيادة التراكمية المستمرة في متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي وتحقيق قدر ممكن من العدالة الاجتماعية .
التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي :
نلاحظ أنه في بعض الأحيان يتم الخلط بين مفهوم النمو الاقتصادي ( Economic Growth ) والتنمية الاقتصادية ( Economic Development) .
حيث إن مفهوم النمو الاقتصادي يعني الزيادة في الناتج القومي الإجمالي الحقيقي (Gross Domestic Proguct (GDP خلال فترة زمنية معينة تكون سنة في العادة .
كما يقاس بمعدل الزيادة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال ذلك العام .
في حين أن التنمية الاقتصادية أشمل وأعمق من النمو الاقتصادي فإنها تؤدي غلى تغيرات رئيسة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية ، أي في البنيان الهيكلي للمجتمع ، وتحقيق التغير المنشود في مستويات معيشة الأفراد ، ونقلها إلى مستوي أفضل ، بينما لا يصاحب النمو الاقتصادي مثل هذه التغيرات .
عناصر التنمية :
إن التنمية تحتوي علي العناصر التالية :
(1) الشمولية : التنمية تغير شامل ينطوي علي كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والأخلاقية .
(2) حدوث زيادة مستمرة في متوسط الدخل الحقيقي لفترة طويلة من الزمن ، يوحي بأن التنمية عملية طويلة الأجل .
(3) إحداث تحسن في توزيع الدخل لصالح الطبقة الفقيرة ، أي التخفيف من ظاهرتي الفقر والبطالة .
(4) تحسين في نوعية السلع والخدمات المقدمة للأفراد .
(5) تغير هيكل الإنتاج بما يضمن توسيع الطاقة الإنتاجية بطريقة تراكمية .
(6) تواصل أو استمرار التنمية .
أهداف التنمية الاقتصادية :
نظرا للتباين الكبير في الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية لكل بلد ، فإنه قد يكون من الصعب في مجال دراسة أهداف التنمية الاقتصادية أن نحدد وبشكل معياري أهدافاً للتنمية الاقتصادية يمكن تعميمها علي جميع بلدان العالم .
إلا أن هنالك بعض الأهداف المشتركة التي يمكن التركيز عليها والسعي إلى تحقيقها في معظم البلدان ، ولكننا وقبل أن نتطرق إلى هذه الأهداف الرئيسة ، فلا بد من الإشارة إلى أنه عند وضع أهداف التنمية الاقتصادية لابد من مراعاة الأمور التالية :
(1) يجب ان تساعد هذه الظروف علي تحديد أو قياس مدى التقدم الذي تحققه برامج التنمية الاقتصادية .
(2) يجب أن تحدد هذه الأهداف المستوي المطلوب من الطاقات البشرية والفنية والإدارية وغيرها من الطاقات لإنجاز أغراض التنمية الاقتصادية .
(3) يجب أن توضع الأهداف بشكل يحدد المتطلبات ذات الأولوية القصوي من عملية التنمية الاقتصادية بحيث يتم تنفيذ هذه المتطلبات دون غيرها .
(4) يجب أن تصاغ الأهداف بشكل يعمل علي استغلال كافة عناصر الإنتاج ما أمكن من خلال خلال العملية الإنتاجية .
وبعد أخذ هذه النقاط الأربع السابقة بعين الاعتبار يمكن أن نحدد الأهداف الرئيسة للتنمية الاقتصادية التي تسعي إليها معظم الدول والتي نوجزها بما يلي :
(1) زيادة الدخل القومي :
تعتبر زيادة الدخل القومي من أولي أهداف التنمية الاقتصادية علي الإطلاق ، وذلك أن الغرض الأساسي الذي يدفع البلاد إلى القيام بالتنمية الاقتصادية إنما هو انخفاض مستوي المعيشة والفقر وزيادة نمو عدد السكان فيها .
ولا سبيل إلى القضاء علي الفقر وانخفاض مستوي المعيشة وتحاشي المشكلة السكانية ، إلا بزيادة الدخل القومي الحقيقي ، وذلك من خلال إتاحة الفرص للحصول علي الحاجات الأساسية من السلع والخدمات التي تنتجها الموارد الاقتصادية المختلفة خلال فترة زمنية معينة .
وان زيادة الدخل القومي الحقيقي في أي بلد من البلدان ، إنما تحكمه عوامل معينة مثل : الزيادة في السكان وإمكانيات البلد المادية والفنية ، فكلما توافر أموال أكثر ، وكفاءات أحسن ، أمكن تحقيق زيادة أعلي في الدخل القومي الحقيقي ، وبالعكس ، كلما كانت هذه العوامل نادرة ، فإن نسبة ما يمكن تحقيقه من زيادة في الدخل القومي الحقيقي عادة ما تكون صغيرة نسبيا .
وكذلك ، فإنه كلما كان معدل الزيادة في السكان كبيراً اضطرت الدول إلى العمل علي تحقيق زيادة أعلى في دخلها القومي الحقيقي ، غير أن حدود هذه الزيادة تتوقف علي إمكانيات الدول المادية والفنية .
وعموما ، يمكن القول ، بأن زيادة الدخل القومي الحقيقي أيا كان حجم هذه الزيادة أو نوعها ، إنما تعتبر من أولي أهداف التنمية الاقتصادية علي الإطلاق في الدول النامية اقتصاديا .
(2) رفع مستوي المعيشة :
يعتبر تحقيق مستوي معيشة مرتفع من بين الأهداف الهامة التي تسعي الدول النامية لتحقيقها ، لأن ارتفاع مستوي المعيشة للسكان يعد من الضرورات الأساسية للحياة من مأكل وملبس ومسكن .
فالتنمية الاقتصادية ليست مجرد وسيلة لزيادة الدخل القومي السنوي فحسب ، وإنما هي أيضاً وسيلة لرفع مستوي معيشة سكان تلك الدولة .
ففي معظم الدول يلاحظ بأن هنالك فئة معينة من السكان مسيطرة سيطرة كاملة علي الموارد المالية ، وعلي معظم الأنشطة الاقتصادية في الدولة ن مما يدل علي ان الدخل غير موزع توزيعاً عادلاً بين فئات المجتمع .
كذلك فإن هنالك ارتباطاً وثيقاً بين عدد السكان والدخل ، فكلما كانت زيادة السكان أكبر من زيادة الدخل ، انخفض مستوي نصيب الفرد ، وأدي بالتالي إلى انخفاض مستوي المعيشة .
ويقاس مستوي المعيشة بمؤشرات كثيرة مثل : ما يستهلكه الفرد من السلع والخدمات ، وإشباع حاجاته الثقافية والحضارية ، وتقاس قدرة الفرد علي الإشباع بمستوي متوسط نصيب الفرد من الدخل ن وبمستوي توزيع الدخل ، فكلما كان متوسط دخل الفرد مرتفعاً دل ذلك علي ارتفاع مستوي المعيشة .
(3) تقليل التفاوت في توزيع الدخل والثروات :
يعتبر تقليل التفاوت في توزيع الدخول هدف من الأهداف الاجتماعية في عملية التنمية الاقتصادية ، فأغلب الدول النامية التي تعاني من انخفاض الدخل القومي ، ومن انخفاض متوسط نصيب الفرد ، تعاني أيضاً من اختلالات في توزيع الدخل والثروات ، فقد تستحوذ فئة صغيرة من السكان علي جزء كبير من الثروة ، بينما تعاني غالبية السكان من الفقر ، والحرمان وانخفاض مستوي دخولهم ، مما يؤدى إلى تدني المستوي المعيشي والصحي والتعليمي ، وتزداد هذه الظاهرة تفاقماً كلما كبر حجم السكان ، واتسعت حدود الدولة .
ومما لا شك فيه ، أن التفاوت في توزيع الدخول له مساوئ تتمثل في عدم شعور الأغلبية بالعدالة الاجتماعية ، ويؤدى هذا التفاوت إلى وضع الأفراد في طبقات ، مما يؤدى إلى هدر الموارد الاقتصادية ، فالأغنياء سينفقون أموالهم علي السلع الكمالية ، فتتجه الدولة إلى الاستيراد من الدول المتقدمة ، مع ما يرتبط بهذا من عجز في ميزان المدفوعات ومتاعب اقتصادية أخرى .
(4) تعديل التركيب النسبي للاقتصاد القومي :
وهذا الهدف يدور حول تعديل التركيب النسبي للاقتصاد القومي وتغيير طابعه التقليدي ، ففي الدول النامية ، يغلب القطاع الزراعي علي البنيان الاقتصادي في مجال الإنتاج ، ومصدر العيش للغالبية العظمي من السكان ، كما وأنها تلعب الدور الأهم بالنسبة للقطاعات الأخرى ، كمصدر من مصادر الدخل القومي ، وإن سيطرتها علي اقتصاديات الدول النامية ، يشكل خطراً علي جسيما نتيجة التقلبات الاقتصادية في الإنتاج والأسعار .
فمثلا إذا جاء المحصول الزراعي وفيراً ، أو ارفعت أسعار الأسواق العالمية ، أدي ذلك إلى حدوث موجة من الانتعاش والرواج ، والعكس صحيح ، إذا جاء المصحول قليلا أو انخفضت الأسعار عالمياً ، فإن ذلك يؤدى إلى الكساد والبطالة في البلاد .
ومن ثم فإن التنمية الاقتصادية لابد وأن تسعي إلى التقليل من سيطرة الزراعة علي الاقتصاد القومي ، والإفساح للصناعة لتعلب دورها ، إلى جانب بقية قطاعات الاقتصاد القومي الأخرى ، وبذلك تضمن القضاء علي التقلبات التي تصيب النشاط القومي نتيجة السيطرة الزراعية عليه ، أو علي الأقل تضمن التخفيض من حدتها ، وتخصيص نسبة غير قليلة من موارد البلاد المخصصة للتنمية الاقتصادية ، للنهوض بالصناعة سواء أكان ذلك بإنشاء صناعات جديدة أم التوسع في الصناعات القائمة ، وذلك حتى يضمنون القضاء علي المشاكل العديدة التي تثيرها سيطرة الزراعة البنيان الاقتصادي .
مما سبق نجد أن تحديد هذه الأهداف وغيرها من الأهداف التي توضع لتحقيق التنمية الاقتصادية ، يقتضي معرفة العناصر الإنتاجية المتوفرة في الدول ، وتحديد المتاح من هذه العناصر للاستغلال ، حتى لا تكون خطط التنمية في وضع لا يتماشي مع توافر عناصر الإنتتاج ، كأن توضع خطط تنموية طموحة لا تكفي العناصرؤ الإنتاجية المتوافرة في الدول لتنفيذها .
أي أن البرامج التنموية يجب أن تكون ممكنة التنفيذ من خلال ما هو متاح من موارد ، وما يمكن توفيره من هذه الموارد .
بالإضافة لأهمية ملاءمة الموارد مع خطط التنمية ، وأن لا تتعارض أهداف الخطط التنموية في القطاعات الاقتصادية مع بعضها لبعض ، لأن تضارب الأهداف يعيق الخطط التنموية من الوصول إلى تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة .
أهمية التنمية الاقتصادية :
تكمن أهمية التنمية الاقتصادية لأية دولة في العالم بالأمور التالية :
(1) إن التنمية الاقتصادية هي أهم الأدوات التي تساعد الدول علي الاستقلال الاقتصادي ، والابتعاد عن التبعية الاقتصادية والتبعية بأشكالها المختلفة ، نتيجة تحقيق التقدم والنمو الاقتصادي الذي يمكنها من التخلص من هذه التبعية بأنواعها .
(2) إن التنمية الاقتصادية تعمل علي تحسين مستوي معيشة أفراد المجتمع ، من خلال زيادة دخولهم ، وتوفير فرص عمل لهم ، وبما ينعكس علي المستوي الصحي والتعليمي لهم .
(3) تعمل التنمية الاقتصادية علي توفير السلع والخدمات لأفراد المجتمع بالكميات والنوعيات المناسبة .
(4) تعمل التنمية الاقتصادية علي تجسير الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين طبقات المجتمع مما يؤدى إلى استقراره اجتماعياً وسياسياً .
(5) تعمل التنمية الاقتصادية ، علي مستوي الاقتصاد الكلي ، علي تحسين الناتج المحلي ، وتحقيق التطوير الاقتصادي المنشود .
(6) تعمل التنمية الاقتصادية علي تقليل الفجوة الاجتماعية بين الدول المتقدمة والدول النامية .
مما سبق نجد ان أهمية التنمية الاقتصادية وسيلة لتقليل الفجوة الاقتصادية والتقنية ما بين الدول النامية والمتقدمة ، علي الرغم من أن هناك عوامل اقتصادية وغير اقتصادية ساعدت علي تعميق الفجوة ، والتي ما زالت متأصلة ومتوازية في الهياكل الاقتصادية تدريجيا بإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية تعتمد اعتماداً كبيراً علي رؤيا واستراتيجية مدروسة وواضحة ، كما أن التنمية في الدول النامية اقتصرت علي المفاهيم الكلاسيكية للتنمية المتثلة بمعدل نمو الدخل القومي ورفع متوسط دخل الفرد دون النظر إلى الكيفية التي يتولد بها هذا النمو ولا إلى حالة توزيع الدخول بين فئات السكان .
نظريات التنمية الاقتصادية :
وهي تلك النظريات التي تحاول أن تبحث وتفسر الظواهر المتعلقة بالتنمية الاقتصادية ، من حيث الأسباب والمعوقات والمفاهيم المتعلقة بهذه الظواهر وصولا إلى بناء هيكل معرفي يمكن الاعتماد عليه في إحداث التنمية الاقتصادية ، أو علي الأقل النهوض بالمجتمعات التي تعاني من عدم وجود التنمية أو ضعفها ، ذلك أن عملية التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتم بشكل عشوائي ، بل يجب أن تستند إلى استراتيجية معينة بنيت علي اساس نظري معين .
وسوف نستعرض فيما يلي أهم النظريات الرائدة المتعلقة بالتنمية الاقتصادية ، وخاصة التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية ، والتي تعتبر من المراحل الجديرة بالاهتمام في موضوع التنمية الاقتصادية علي المستوي العالمي :
(1) نظريات المراحل الخطية ( linear stages theories ) :
صاغ أولي هذه النظريات العالم Rostow عام 1950م ، وقد نشرها في كتابة مراحل النمو الاقتصادي عام 1960م ، وبني روستو نظريته علي نظرية ماركس حول مراحل التنمية الاقتصادية ، ولكنها تركز علي أهمية التكوين الرأسمالي من خلال الادخار لأغراض الاستثمار الاقتصادي لتحفيز النمو الاقتصادي ، وبالتالي إحداث التنمية الاقتصادية المطلوبة .
وهذه النظرية تنص علي أن التنمية الاقتصادية تتضمن سلسلة من خمس مراحل متعاقبة لا بد لأية دولة أن تمر بها من خلال تنميتها الاقتصادية ، وهذه المراحل :
أ- مرحلة المجتمع التقليدي : وهي مرحلة تصف حالة المجتمعات القديمة ذات الطبقة الهرمية من حيث إنها مجتمعات محدودة الإنتاجية والتعليم والحركة والتغيرات الاجتماعية ويعمل معظم أفرادها في النشاط الزراعي .
ب- مرحلة ما قبل الانطلاق : وهي مرحلة انتقالية تشمل تأمين مستوي معين من الاستثمار بحدود 10% من الدخل القومي لإحداث التنمية المطلوبة ، من خلال زيادة الاستثمارات في البني الأساسية للاقتصاد ، خاصة في مجال التعليم .
وتتميز هذه المرحلة باستخدام الوسائل الحديثة في الإنتاج الزراعي وتعمل علي إيجاد التشابك بين القطاع الزراعي والقطاعات الاقتصادية الأخرى ، مما يؤدى إلى انتقال العمالة تدريجياً من القطاع الزراعي إلى هذه القطاعات .
ج- مرحلة الانطلاق أو الإقلاع : وهي مرحلة تمثل السيطرة علي العوائق في المراحل السابقة التي تحد من التقدم والتنمية الاقتصادية ، وهي مرحلة معززة للاستثمار الذي يزيد عن 10% من الدخل القومي ، وتصل إلى 20% ، مما يؤدى إلى زيادة دخل الفرد العادي ، وفي هذه المرحلة تظهر قطاعات اقتصادية رائدة تقود عملية التنمية .
د- مرحلة النضوج : وهي مرحلة يستخدم فيها المجتمع التكنولوجيا الحديثة باستغلال موارده الاقتصادية ، وفي هذه المرحلة يتحقق النمو الاقتصادي المنشود للمجتمع بسبب التغيرات الهيكلية .
هـ- مرحلة الاستهلاك الكبير : تتمثل بتغيير التركيز علي النشاطات الاقتصادية من المركز إلى الأطراف ، كما تتمثل بنمط استهلاك عال من قبل أفراد المجتمع .
(2) نظريات التغير الهيكلي ( structural change theories ) :
تتعامل هذه النظريات مع السياسات التي تركز علي تغيير الهياكل الاقتصادية للدول النامية من كونها اقتصاديات تتألف من نشاط زراعي يعتمد الكفاف ، إلى اقتصاديات أكثر تطوراً ونمواً ، تعتمد بالدرجة الأولي علي الصناعات المتنوعة والخدمات .
وهناك نموذجان لهذه النظرية هما :
أ- نموذج آرثر لويس : والذي يعتبر من أهم النظريات الحديثة للتنمية في الدول النامية ، ويعتمد علي العرض غير المحدود للعمالة ، من خلال سحب نسبة من العمالة من قطاعات اقتصادية إلى أخرى ، دور التأثير علي الانتاجية ، والنتيجة حدوث التنمية من خلال التغير الهيكلي في الاقتصاد .
ب- نموذج تشيري : فيخلص إلى وجود علاقة مباشرة بين معدلات الدخول الفردية وبين التغيرات الهيكلية في الإنتاج الإجمالي المحلي في هذه الدول .
(3) نظريات التبعية الدولية ( international dependence theories ) :
سادت هذه النظريات في بدايات سبعينيات القرن العشرين بسبب فشل كثير من النظريات السابقة في تبني نشر التنمية الاقتصادية علي مستوي دولي .
وقد وصفت هذه النظريات الدول النامية كدول تابعة اقتصادياً وسياسياً لدول أخرى قوية ومتطورة ، ولها الرغبة ، لأسباب معينة ، في الحفاظ علي هذه الهيمنة علي الدول النامية اقتصادياً وسياسياً ، أي أن اقتصاد الدول التابعة محكوم بالتطور والتوسع في اقتصاد الدول المهيمنة .
(4) النظرية الكلاسيكية الجديدة ( new-classical theory ) :
سادت النظرية الكلاسييكية الجديدة منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي في كل من الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا وكندا وغيرها من الدول .
وقد انتشرت هذه النظرية بشكل واسع بسبب سيطرة أكبر مؤسستين اقتصاديتين في العالم ، لما لهما من علاقة مباشرة وغير مباشرة في التنمية الاقتصادية ، وهما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
والمبدأ الأساس في هذه النظرية هو أنه علي الحكومات عدم التدخل في الاقتصاد ، وأن تحرير الأسواق والخصخصة وتشجيع التجارة والتصدير في الدول النامية هو الوسيلة الفعالة والسريعة للوصول إلى التنمية الاقتصادية المنشودة .
إن هذه النظرية تري بأن التخلف الاقتصادي والبطء في عمليات التنمية الاقتصادية ما هو إلا نتيجة لعدم استغلال الموارد الاقتصادية بكفاءة ، وذلك لأسباب تتعلق بالسياسات الاقتصادية غير المناسبة التي تفرضها الحكومات ، خاصة السياسات السعرية والتدخل غير المبرر في النشاطات الاقتصادية من قبل هذه الحكومات .
(5) النظرية الحديثة للنمو ( new growth theory ) :
علي الرغم من احتواء اسم هذه النظرية علي مصطلح النمو ، إلا أنها من النظريات الحديثة الخاصة بالتنمية الاقتصادية ، تعتمد في تحليل أسباب التنمية الاقتصادية علي دراسة العوامل التي تحدد مدى أو حجم نمو الناتج القومي الإجمالي في الدول .
وهي تؤكد بشكل أو بآخر علي عاملي الإدخال والاستثمار في القوي البشرية بالدرجة الأولي ، كسبيل لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة ، وقد تطورت هذه النظرية بسبب فشل النظرية الكلاسيكية الجديدة ، وبسبب عدم جدوي وصفات البنك الدولي للدول النامية في تحقيق معدلات أعلى من الناتج المحلي الإجمالي ، أو تخفيض مديونية هذه الدول ، أو زيادة إنتتاجية قطاعاتها الاقتصادية ، وبالتالي عدم تحسين مستويات المعيشة للأفراد في الدول النامية .
وبعد الاستعراض السابق لأهم نظريات التنمية الاقتصادية ، فإن هنالك العديد من الدراسات تشير إلى أن نظريات التنمية تتركز في نظريتين :
(1) نظرية التنمية المتوازية :
وتعني أن تكون برامج التنمية شاملة لكافة قطاعات الاقتصاد المختلفة ، أي أن يتم توزيع الاستثمارات علي قطاعات الاقتصاد المختلفة ، كل حسب حاجته ، لأن قطاعات الاقتصاد تتشابك مع بعضها البعض .
وبما أن كل قطاع من قطاعات الاقتصاد يمثل سوقا لناتج القطاعات الأخرى ، فإن توزيع الاستمثارات علي مختلف القطاعات يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني ، تجعله قادرا علي التغلب علي كثير من عوائق التنمية ، ويكون الاقتصاد قويا بكافة قطاعاته ، وذلك خلال عملية تنمية تراكمية وذاتية تقوي ذاتها بذاتها .
(2) نظرية التنمية غير المتوازية :
وتعني أن يتم التركيز علي تنمية قطاع رئيس في الاقتصاد من قبل الدول ، وذلك بسبب قلة الموارد المالية للاستثمار في القطاعات المختلفة .
لذا ، يتم التركيز علي قطاع واحد رائد يعمل علي جذب القطاعات المختلفة في الاقتصاد نحو التنمية ، وذلك بعد نموه وقوته ، وبهذا تتحق التنمية لكافة قطاعات الاقتصاد ، كونه يشكل القوة المحفزة للنمو مما يدفع التنمية نحو الأمام .
عناصر التنمية الاقتصادية :
إن نجاح التنمية الاقتصادية يقتضي توفر عدة عناصر لتكون الرافعة الحقيقية لتحقيق أهداف وغايات التنمية الاقتصادية ، وأهم هذه العناصر ما يلي :
(1) خلق الإطار الملائم لعملية التنمية :
تقتضي التنمية الاقتصادية لنجاحها إجراء تغييرات متعددة في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع .
أما من الناحية السياسية ، فتتطلب التنمية قيام سلطة سياسية نابعة من الفئات الاجتماعية ذات المصلحة الأساسية في التنمية الاقتصادية .
أما من الناحية الاجتماعية والثقافية ، فتتطلب التنمية الاقتصادية إحداث تغييرات جوهرية في نظام التعليم القائم علي موواجهة حاجات الثورة الصناعية والتكنولوجية .
كما تتطلب التنمية الاقتصادية لنجاحها وجود كفاءات إدارية وتنظيمية ملائمة ، وذلك من أجل رفع معدل الاستثمار .
(2) التصنيع :
يعتبر التصنيع عنصرً أساسياً لعملية التنمية الاقتصادية ، ومظهراً من مظاهر قوة الدولة وعظمتها ، ومجالاً لزيادة فرص العمل للجميع ، ووسيلة لاستثمار الموارد الوطنية ، وأداة لمنع استغلال ثرواتها من قبل الدول الأخرى .
كما يؤدى التصنيع إلى توزيع الاقتصاد الوطني في الدولة النامية ، فقطاع الصناعة يتمتع بآثار جذب قوية يمارسها على أجزاء الاقتصاد الوطني وكذلك القضاء علي الاختلالات الهيكلية السائدة في المجتمعات النامية .
(3) رفع المستوي الاستثماري ( التراكم الاستثماري ) :
تقتضي التنمية الاقتصادية توافر المواد العينية اللازمة لها ، وعلي ذلك فهي بحاجة إلى رؤوس الأموال لتحصل بها علي هذه المواد ، من أجل رفع مستوي الاستثمار بالبلدان النامية وخاصة أن مستوي التصنيع منخفض بها .
فقد يتطلب رفع مستوي الاستثمار في البلدان النامية الاعتماد علي الخارج في الحصول علي المعدات من آلات وسلع استثمارية لازمة لتحقيق خطة الاستثمار ، إذ إن الارتفاع بمستوي المدخرات المحلية لا يكفي لتوفير حاجات التنمية ، كما أن ضيق السوق المحلية يجبرنا إلى توسيع حجم السوق هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لتحقيق الاستثمار المطلوب في الزراعة وقطاع رأس المال الاجتماعي ، واللازمة لنجاح عملية التصنيع .
مصادر تمويل التنمية الاقتصادية :
يعتقد الاقتصاديين والسياسيين أن أهم عقبة تقف أمام التنمية الاقتصادية في الدول النامية هي افتقارها إلى الموارد الحقيقية اللازمة اللازمة لتكوين رؤوس الأموال ، ويرجع ذلك إلى أن الطلب علي رأس المال يحكمه الميل إلى الاستثمار ، والذي يتحدد أساساً بسعة السوق ، وأن عرض رأس المال تحكمه الرغبة والمقدرة علي الادخار ، وطالما أن الدخول منخفضة نتيجة لانخفاض القدرة علي الإنتاج ، فإن القدرة علي الادخار كذلك منخفضة .
ان التنمية الاقتصادية تتطلب في أولي مراحلها كسر هذه الدائرة الخبيثة ، والخروج من نطاقها ، والعمل بكافة الوسائل علي تكوين رؤوس الأموال المطلوبة لعمليات النمو الاقتصادي ، فالاستثمار يؤدى من ناحية إلى توفير الدخل ومن ناحية أخرى يؤدى إلى زيادة القدرة الإنتاجية .
وفيما يلي سوف نتناول مصادر تمويل التنمية الاقتصادية وهما :
أولا : مصادر تمويل التنمية الاقتصادية الداخلية .
ثانيا : مصادر تمويل التنمية الاقتصادية الخارجية .
أولا : مصادر تمويل التنمية الاقتصادية الداخلية :
ومن أهمها الادخار الاختياري الذي يمكن تعريفه بأنه المبلغ الذي يقتطع اختيارياً من دخل الفرد ، ولا ينفق علي الاستهلاك ، ولا يكتنز في نفس الوقت ، وهو ينقسم إلى قسمين : مدخرات القطاع العائلي ، ومدخرات قطاع الأعمال .
(1) مدخرات القطاع العائلي :
من وجهة النظر الاقتصادية ، فإن هناك مدخرات القطاع العائلي تتمثل في الفرق ما بين الدخل المتاح ( أي الدخل بعد طرح كل الضرائب والرسوم المحتملة منه ) والاستهلاك الذي يقوم به هذا القطاع .
كما يمكن تعريف الادخار بأنه ذلك الجزء من الدخل الذي يقرر الأفراد تأجيل استهلاكه إلى وقت لاحق ، وتقرير استغلاله من جديد في تمويل الدورة الاقتصادية بمختلف الأشكال الممكنة .
ويلعب الادخار العائلي دوراً كبيراً في تمويل التنمية الاقتصادية ، وهو ينشأ من مجموعة مصادر نوجزها فيما يلي :
- المدخرات التعاقدية : كأقساط التأمين والمعاشات وحصيلة الصناديق المختلفة التي تنشئها الهيئات والمؤسسات .
- الزيادة في الأصول النقدية الخاصة بالأفراد : والتي يحتفظون بها بشكل ودائع لدي صناديق التوفير أو البنوك ، سواء كانت حسابات آجلة أم جارية .
- الاستثمار المباشر في اقتصاد الأراضي والمزارع والمتاجر والمساكن ، والتي تنتشر في البيئات الريفية حيث يصاحب الاستثمار الادخار .
- سداد الديون ومقابلة التزامات سابقة .
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد ، أن مدخرات هذا القطاع تتأثر بمجموعة من العوامل أهمها :
- حجم الدخل : يعتبر الدخل المتاح من أهم العوامل المحددة للادخار ، سواء أكان في الدول النامية أم المتقدمة ، إلا أن غالبية دخول السكان في الدول النامية منخفضة ، وتوجه للإنفاق علي مستلزمات الحياة الضرورية ، وبالتالي فإنه كلما زاد الدخل زاد الادخار والعكس صحيح .
- درجة تركيز توزيع الدخل : لا يتحدد حجم الادخار بحجم الدخل فقط ، ولكن بمركز الفرد الوظيفي في المجتمع ، ومدي حساسية هذه الوظيفة ، ففي الدول المتقدمة نجد الدخول المرتفعة منحصرة علي فئة قليلة فقط ، وقد دلت التجارب علي أن عدالة توزيع الدخل تدفع بالنمو الاقتصادي إلى الإمام ، بينما العكس يؤدى إلى بطء النمو وعدم الاستقرار .
- مجموعة عوامل اقتصادية : توجد مجموعة من العوامل الاقتصادية لها أثر علي معدلات الادخار وإن اختلفت من دولة إلى أخرى ، كأسعار الفائدة وتوقعات المستقبل بارتفاعها أو استقرارها أو انخفاضها ، ومدى انتشار البنوك والمؤسسات الادخارية ، والاتجاهات العامة للأفراد لحيازة الثروات ، وكل هذه الأمور لها أثر كبير علي عملية الادخار .
كما ويتأثر الادخار بالتضخم ودرجته ، والذي يمثل مشكلة خاصة في الدول النامية تتمثل في أن الأفراد يقبلون علي شراء وتخزين مجموعة من السلع .
(2) مدخرات قطاع الأعمال :
تعتبر مدخرات هذا القطاع أهم مصادر الادخار ، سواء كانت قطاعاً خاصاً أم عاماً ، وعلي النحو التالي :
(أ) ادخار قطاع الأعمال العام :
تتمثل مدخرات هذا القطاع من أرباح المشروعات العامة ( مؤسسات تجارية كبيرة ومشروعات صناعية ) ، والتي تعود ملكيتها للدولة .
ويتوقف حجم المدخرات في هذا القطاع علي حجم الفائض المتولد فيه ، والذي يتوقف بدوره علي مجموعة من العوامل أهمها :
- السياسة السعرية التي تحدد أسعار المنتجات وحجم النفقات ومستواها بما فيها الأجور والرواتب .
- تطور مستوي الكفاءة الإنتاجية في جملة المشروعات التي يتكون منها قطاع الأعمال العام ، وبالتالي فكلما تزايد حجم الإنتاج ، وانخفضت النفقات ازدادت مدخرات هذا القطاع .
- عدم قدرة الأفراد وقطاع الأعمال الخاص علي تدبير الأموال المطلوبة لتنفيذ الاستثمارات التي ترغب الدول النامية في تحقيقها .
- انخفاض مستويات الأداء في شركات قطاع الأعمال العام .
(ب) مدخرات قطاع الأعمال الخاص :
وهي عبارة عن ذلك الجزء غير الموزع من الأرباح التي تحققها مشروعات القطاع الخاص ، والذي يشمل المحلات والمشروعات التجارية ، والمصانع الصغيرة والمتوسطة .
وتمثل مدخرات هذا القطاع نسبة هامة من المدخرات الموجهة للاستثمار في الاقتصاديات المتقدمة ، وهي تتأثر كذلك بمجموعة من الاعتبارات منها ارتفاع العبء الضريبي ( مدخرات اجبارية ) علي المشروعات الإنتاجية ، ويقلل من الأرباح غير االموزعة لإعادة استثمارها .
ثانيا : مصادر تمويل التنمية الاقتصادية الخارجية :
إن أحدي الخصائص الاساسية لاقتصاديات الدول النامية هي انخفاض التكوين الرأسمالي ، وهي خاصية مرتبطة بتخلف طرق الإنتاج في هذه الدول ، نتيجة لعدم كفاية المصادر الداخلية في تمويل التنمية الاقتصادية ، ومحاولة الحصول علي أقل تكلفة وأفضل عرض يتناسب مع اقتصادياتها ، تتجه هذه الدول إلى مصادر تمويل خارجية .
ويقصد بالمصادر الخارجية جميع أنواع الموارد الحقيقية المتوافرة خارج الاقتصاد المحلي ، التي تجلب علي شكل نفقات مالية ، بهدف تمويل مختلفة المشروعات الاستثمارية ، والتي يمكن أن نوجزها فيما يلي :
(1) المعونات الاجنبية :
وهي معونات تقدم من الدول المتقدمة والتي يطلق عليها مساعدات التنمية الرسمية ، وهي تعتبر من أهم مصادر التمويل للدول النامية ذات الدخل المنخفض ، بهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي ، حيث تقوم الدول المستفيدة بتوجيه هذه المعونات وفق شروط الجهة المانحة ، وتخصصها لقطاعات معينة دو غيرها .
ومن الجدير ذكره أن هذه المعونات ما هي إلا حصيلة دوافع تسعي الجهة المانحة إلى تحقيقها ، وتطلب لسد النقص في الموارد ، وتنقسم إلى قسمين :
(أ) منح لا ترد : وتعتبر من اهم مصادر التمويل للدول النامية ، وذلك لأنها لا ترد إلى الجهات المانحة ، ولا تدخل في نطاق المديونية الخارجية للدول المستفيدة .
وقد تكون هذه المنح في صورة نقدية لعملة الجهة المانحة ، أو صورة عينية في شكل معونات سلعية .
وتلعب هذه المنح دوراً هاماً في مساعدة كل الدول في إسهامها في توفير بعض الخدمات الأساسية ( كالتعليم والصحة ) ، وإدخال أساليب الصناعة والإدارة الملائمة .
(ب) قروض ميسرة : ويقصد بها تلك القروض التي تكون فيها معدلات الفائدة ومدة استرجاعها ميسرة وبسيطة ، ويغلب عليها طابع المساعدة وتقديم توجيهات أكثر من طابع الربحية ، ويمكن تقسيم القروض الميسرة من حيث مصادرها إلى :
- قروض ميسرة ثنائية : وهي القروض التي تعقدها الدولة المانحة مع الدول المستفيدة بشكل رسمي ، وعادة ما تطلبها الدولة المستفيدة وتكون هذه القروض لدوافع اقتصادية واجتماعية .
- قروض المنظمات الدولية : إذ أصبح للمؤسسات الدولية أهمية كبيرة في مجال التمويل الدولي ، كما أصبحت تكرس نفسها لتمويل مشروعات الطاقة ، واختيار أفضل المشروعات لحسن استخدامها في الدول النامية .
(2) القروض الخارجية :
يمكن أن يأخذ انسياب رأس المال الأجنبي إلى الدول النامية إحدي الأشكال التالية :
(أ) القروض الحكومية الثنائية : وهي القروض التي تعقد ما بين حكومات الدول المانحة للقروض وحكومات الدول النامية ، أو أحد أشخاصها العامة أو الخاصة المتلقية للقروض ، وتسمي بالقروض العامة .
ويأخذ القرض العام شكل مبلغ معين من العملة القابلة للتحويل ، تقوم الجهة المقرضة بوضعه تحت تصرف الدولة المقترضة لتستخدمه في شراء مستلزمات التنمية .
وتشترط الدول المقرضة ضرورة إنفاق مبلغ القرض الممنوح في الحصول علي مستلزمات الإنتاج من أسواقها .
وتسمي حينئذ القروض العامة بالقروض المقيدة أو المخصصة لتنفيذ مشروعات معينة ، حيث تتخذ شكل تزويد الدولة المقرضة للدولة المقترضة بمعدات المشروع المطلوب إقامته .
(ب) قروض مؤسسات التمويل الدولية : وهي التمويل من جانب المنظمات الاقتصادية والمالية ذات الصفة الدولية أو متعددة الأطراف ، فتقدم مصادره البنك الدولي للتعمير والتنمية ( IBRd ) والمؤسسات المنبثقة عنه ولا سيما هيئات التنمية الدولة ( IDA ) المؤسسة المالية الدولية وكذلك صندوي النقد الدولي ( FMI ) .
ويقوم هذا الأخير بإدارة وتوجيه معظم المشكلات للدول النامية ، ومحاولة تشخيص هذه المشكلات الاقتصادية ( للدول النامية ) طبقا لرأيه الخاص بهذه الهيئات والمؤسسات ، وبذلك يتوصل علي فرض الحلول وتقديم التوصيات والاقتراحات لعلاج المشكلات الاقتصادية .
(3) الاستثمارات الاجنبية الخاصة :
يحتل الاستثمار الاجنبي الخاص أهمية واضحة في اقتصاديات الدول النامية ، حيث إن المدخرات المحلية غير كافية لمقابلة حاجات الاستثمار المحلي ، وقد يكون مباشراً أو غير مباشر .
(أ) الاستثمار الاجنبي المباشر : يتمثل الاستثمار الاجنبي المباشر في المشروعات المملوكة للأجانب ، سواء أكانت هذه الملكية كاملة أم بالاشتراك مع رأسمال وطني ، وذلك ما يكفل الرقابة المباشرة للمستثمر الأجنبي علي المشروع .
(ب) الاستثمار الاجنبي غير المباشر : ويتمثل فيما يلي :
- القروض الخاصة : وهي تلك القروض التي تقدمها الهيئات الاجنبية الخاصة أو الأفراد ، وكبار المصدرين ، وغيرهم من الموردين الأجانب لتوريد سلع وخدمات الدول المقترضة ، أو تلك التي يتم الحصول عليها من البنوك التجارية الخاصة كتسهيلات مصرفية لتمويل العجز في حصيلة النقد الأجنبي .
- اكتتاب أصحاب رؤوس الأموال الاجنبية في الأسهم والسندات : التي تصدرها الدول المقترضحة ، أو تلك التي تصدرها المشروعات التي تقوم بها الدولة ، علي أن لا يكون لهؤلاء المستثمرين الحق في الحصول علي نسبة من الأسهم ، تعطيهم الحق في إدارة المشروع .
- يستعمل القطاع الخاص مدخرات في التمويل الذاتي في أنشطة تبتعد عن ميادين تنموية حقيقية .
- وعادة لا يغامر الاستثمار الخاص بالقيام بأنشطة استثمارية غير مربحة .
(4) الادخارات الإجبارية :
وهي ذلك الجزء الذي يقتطع من دخول الأفراد بعيداً عن حاجة الاستهلاك بطريقة إلزامية مثل :
(أ) الادخار الحكومي : يتحقق الادخار الحكومي من خلال الفرق ما بين الإيرادات الحكومية الجارية والمصروفات الحكومية الجارية .
وتتمثل أهم الإيرادات الجارية في حصيلة الضرائب التي تقتطع من دخول الأفراد والمشروعات ، لتحقيق الأهداف العامة ، من بينها تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ويمكن تلخيص الخصائص الأساسية للنظم الضريبية فيما يلي :
- ضآلة نسبة الحصيلة الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي .
- انخفاض نصيب الضرائب المباشرة من جملة الموارد الحكومية .
- لا تزال هياكل النظم الضريبية دون المستوي المنشود لتعظيم الحصيلة بما يتلاءم مع حاجات التنمية الاقتصادية .
(ب) التمويل بالعجز أو التمويل التضخمي :
وهي عبارة عن زيادة إنفاق الحكومة عن إيراداتها الجارية ، مما يؤدى إلى لجوء الدول النامية إلى التضخم لسد جزء من هذه الفجوة ، وبالتالي فإن التضخم إذا ما نجح في رفع معدل الادخار الوطني يعتبر شكلا من أشكال الادخار الإجباري .
ويمكن أن يضر التمويل التضخمي بالاقتصاد الوطني في البلاد النامية ، نظراً لضعف وعدم مرونة الجهاز الانتاجي ، وارتفاع الميل للاستهلاك .
مؤشرات قياس التنمية الاقتصادية :
يعتبر قياس مؤشرات التنمية الاقتصادية علي درجة كبيرة من الأهمية ، للوقوف علي اتجاهات التنمية ، والحكم علي مدي نجاح التخطيط الاقتصادي ، لتحقيق الأهداف التنموية في بلد ما .
وتعتبر المؤشرات الاقتصادية جزءاً مهماً من مجموعة المؤشرات المستعملة في دراسات التنمية بشكل عام ، وذلك إلى جانب مجموعة المؤشرات الاجتماعية والثقافية والسياسية .
وسوف نتطرق فيما يلي إلى اهم مؤشرات التنمية الاقتصادية والتي تستخدم في الحكم علي مدي تقدم أو تأخر اقتصاديات الدول بعضها عن بعض :
(1) مؤشر الناتج الإجمالي ( GDB ) :
هو أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التقليدية التي تقيس النمو الاقتصادي ، فكلما ارتفاع هذا المؤشر ، كان ذلك دلالة علي تقدم اقتصاد الدولة .
وقد تقسم البنك الدولي العالم إلى خمس مجموعات من الدول ، علي أساس حدود معينة بالنسبة لمعدل الناتج القومي :
- المجموعة الأولي من الدول :
وهي التي يقل فيها معدل الناتج القومي الإجمالي عن 370 دولار ، ويبلغ عدد هذه الدول 36 دولة ، وتشكل 53% من مجموع سكان العالم ، في حين لا تتجاوز حصتها 5% من مجموع الإنتاج العالمي .
- المجموعة الثانية من الدول :
وهي التي يتجاوز فيها معدل الناتج القومي الإجمالي عن 370 دولار ، فيبلغ عدد هذه الدول 60 دولة ، وتشكل حوالي 23% من مجموع سكان العالم ، وتبلغ حصتها 14% من مجموع الإنتاج العالمي .
- المجموعة الثالثة من الدول :
وهي التي يبلغ فيها معدل الناتج القومي الإجمالي 4200 دولار وأكثر ، ويبلغ عدد هذه الدول 18 دولة وتمثل الدول الصناعية ، وتبلغ حصتها 64% من مجموع الإنتاج العالمي ، بينما تشكل 15% من مجموع سكان العالم .
- المجموعة الرابعة من الدول :
فهي مجموعة من الدول المصدرة للنفط ذات الفائض في رأس المال ، ويبلغ معدل الناتج القومي الإجمالي فيها حوالي 5000 دولار ، وتبلغ حصتها 1.4% من مجموعة الإنتاج العالمي ، بينما تشكل 0.6% من مجموعة سكان العالم .
- المجموعة الخامسة من الدول :
وهي مجموعة الدول التي كانت تأخذ حتى وقت قريب بالتخطيط المركزي ، ويبلغ معدل الناتج القومي الإجمالي فيها تقريباً 4300 دولار ، وتبلغ حصتها 15% من مجموع الإنتاج العالمي ، بينما تشكل 8% من مجموع سكان العالم .
(2) نصيب الفرد من الناتج المحلي ( GDP Per Captia ) :
وهذا المؤشر يشير إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ، وهو تعبير لقيمة السلع والخدمات التي ينتجها الفرد الواحد في دولة ما ، ويساوي مجمل الناتج المحلي مقسوماً علي عدد السكان ، فكلما ازداد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي دل ذلك علي نمو الاقتصاد بشكل أفضل .
(3) نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي :
وهو يقيس نسبة مجمل الاستثمارات إلى مجمل الناتج المحلي ، لذا فإن ارتفاع هذا المؤشر يعني تمويل جيد للنشاطات الهادفة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية .
(4) نسبة الدين العالم الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي :
وهو عبارة عن نسبة الدين الإجمالي لأية دولة إلى مجمل ناتجها المحلي ، من الأفضل للتنمية الاقتصادية أن تكون هذه النسبة في أدني مستوياتها .
(5) مستوي التضخم :
ويعرف مستوي التضخم بأنه المعدل السنوي للتغير في أسعار المستهلك في سنة معينة مقارنة بأسعار المستهلك في السنة السابقة ، هو مؤشر لارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل واضح ، مما يؤثر علي الظروف المعيشية ، وكلما انخفض مستوي التضخم كان ذلك دليلاً علي تقدم الاقتصاد .
(6) مشاركة القطاعات الاقتصادية الرئيسية ( الصناعة ، الزراعة ، السياحة ) في الناتج المحلي الاجمالي :
وتعتبر زيادة مشاركة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي دليلاً مهماً علي تحقيق التنمية الاقتصادية .
(7) الفائض في الميزان التجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي :
يعتبر الميزان التجاري لدولة ما هو الفرق بين القيمة النقدية لصادرات هذه الدولة والقيمة النقدية لوارداتها ، خلال فترة زمنية معينة ، عادة ما تكون سنة .
والميزان المفضل ، وهو ما يسمي بالفائض التجاري ، الذي تكون فيه قيمة الصادرات أكبر من قيمة الواردات .
والميزان غير المفضل للدولة ، هو الذي تكون فيه الواردات أكبر من الصادرات ، وهو ما يسمي العجز التجاري ، فكلما كان الفائض في الميزان التجاري كبيراً ، دل ذلك علي ارتفاع مستوي التنمية الاقتصادية ، حيث يعني ذلك ارتفاع قيمةة الصادرات بالمقارنة مع الواردات .
(8) مستوي الفقر :
الفقر هو أدني مستوي معيشة ، ويعتبر من لا يحصل عليه من ضمن الفقراء ، ويسمي هذا المستوي الأدني من المعيشة " خط الفقر " ، وهو مؤشر يمكن من خلاله الحكم علي مقدار التطور في التنمية الاقتصادية ، فكلما ارتفاع مستوي خط الفقر كانت الدولة بعيدة عن التنمية الاقتصادية .
(9) مستوي البطالة :
وكما هو الحال في مستوي الفقر ، فإن ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل دلالة علي انخفاض مستوي التنمية الاقتصادية .
(10) معدل نمو السكان :
يسهم النمو السكاني المرتفع في يزيادة الضغوط الاقتصادية الداخلية والخارجية ، وارتفاع الطلب علي الخدمات ، مما يشكل عبئاً متزايداً علي التنمية الاقتصادية .
معوقات التنمية الاقتصادية :
تواجه التنمية الاقتصادية معوقات كثيرة تحد من كفاءتها وفاعليتها وتحد من قدرتها علي الوصول إلى أهدافها ، وهي تختلف من مجتمع لآخر .
وتصنف عوائق التنمية اعتماداً علي معايير مختلفة ، ولكنها تصب جميعاً في وضع هذه العوائق في فئات معينة يمكن من خلالها فهم ودراسة هذه العوائق .
وهناك عدة معايير مهمة يمكن بناء تصنيف عوائق التنمية الاقتصادية عليها ، وقد ارتأينا تصنيف عوائق التنمية الاقتصادية اعتماداً علي المجال الرئيس التي تؤثر فيه هذه العوائق وعلي النحو التالي :
(1) العوائق الطبيعية :
وهي تشكل في مجملها العوامل الطبيعية من مناخ وتربة وأرض صالحة للزراعة وموقع جغرافي ووفرة مياه ومصادر طبيعية ، وإن وقوع الدول ضمن ظروف طبيعية غير مواتية يشكل عائقاً للتنمية فيها ، ولكن ذلك لا يعني ، بأي شكل من الأشكال ، أن هذه الدول هي بالضرورة دول متخلفة اقتصادياً ، حيث استطاعت دول متقدمة كثيرة التغلب علي هذه الظروف بتطوير وسائل الإنتاج ، للحصول علي أفضل أداء في العمل .
وأكبر مثال علي ذلك ، اليابان التي تفتقر إلى مصادر الطاقة والمعادن ، ولكنها استطاعت الوصول إلى أعلى مراتب التقدم ، رغم هذه الظروف ن وذلك من خلال الإدارة الكفؤة ، وتطوير الاقتصاد بما هو متاح من موارد .
(2) العوائق الاقتصادية :
تعاني غالبية الدول من عقبات اقتصادية من اهمها انخفاض مستوي الدخل ، مما ينعكس علي تردي الوضع الصحي والغذائي والتعليمي .
وهذا يترتب عليه آثار سلبية علي المدى المتوسط ، والمدي البعيد تؤدى إلى انخفاض انتاجية العاملين ، وتراجع الكفاءة والفاعلية .
وبالتالي فإن تدني مستوي الدخول يؤدى إلى انخفاض معدل الادخار وانخفاض الاستثمار ، بالاضافة إلى العوائق الناجمة عن صغر حجم الأسواق المحلية ، لاستيعاب الطاقة الإنتاجية للمصانع الكبيرة ، وضعف الهياكل الأساسية اللازمة للإنتاج .
(3) العوائق السياسية :
يعتبر العامل السياسي عاملاً قوياً في عملية التنمية ، لأن عدم توافر الاستقرار السياسي يشكل عائقا أمام التنمية الاقتصادية ، لأن أصحاب رؤوس الأموال سوف يمتنعون أو يخشون من استثمار أموالهم .
ولذلك ، فكلما كان البلد أكثر استقراراً وأماناً في وقته الحاضر والمستقبل ، كان تكوين رأس المال أكبر ، فالقرارات الاستثمارية والمالية وبرامج التنمية يتطلب نجاحها ضرورة توافر عناصر الاستقرار .
حيث ان خلق البيئة غير المستقرة يجعل أداء الاقتصاد مقيداً ، ويجعل تنمية ذلك الاقتصاد أمراً صعباً ، إن لم يكن مستحيلا .
(4) العوائق التكنولوجية والتنظيمية :
إن دفع عجلة التنمية الاقتصادية يتطلب ضرورة توافر أساليب عمل حديثة وتنظيمات عصرية وموارد بشرية ملائمة .
كما ويتطلب ذلك ضرورة الابتعاد عن الأساليب التقليدية والمعقدة ، والعمل علي إدخال العنصر التكنولوجي ، لما لذلك من إسهامات ضرورية للنجاح التنموي .
إلا أن عدم القدرة علي إدخال التكنولوجيا الحديثة ، نتيجة لعدم توفر البيئة الملائمة ، يعتبر عائقاً في وجه التنمية الاقتصادية .
(5) العوائق الاجتماعية :
هناك بعض القيم الاجتماعية البالية والسائدة في المجتمعات خاصة النامية تقف عائقاً أمام التنمية ، فالعمل له مواصفات ومسؤوليات محددة ، وغالبا لا يتم التعيين بناء علي القدرات والكفاءات والخبرات ، وإنما علي المحسوبيات العشائرية والوساطات الطائفية والحزبية ، مما يؤدى في النهاية إلى وجود عدد كبير من العاملين وراء المكاتب ، ويكون الإنتاج قليلاً أو ما يمكن تسميته بالبطالة المقنعة .
(6) عوائق الفساد :
يعتبر الفساد أحد عوائق التنمية الاقتصادية وله نتائج سلبية وتتمثل في :
(أ) الفشل في جذب الاستثمارات الخارجية ، وهروب رؤوس الأموال المحلية ، فالفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة ، والتي تشكل شرطاً أساسياً لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية علي حد سواء ، وهو ما يؤدى إلى ضعف عام في توفير فرص العمل ، ويوسع ظاهرتي الفقر والبطالة .
(ب) هدر الموارد بسبب تداخل المصالح الشخصية بالمشاريع التنموية العامة ، والكلفة المادية الكبيرة للفساد علي الخزينة العامة ، كنتيجة لهدر الإيرادات العامة .
(ج) الفشل في الحصول علي المساعدات الأجنبية ، كنتيجة لسوء سمعة النظام السياسي .
(د) هجرة الكفاءات الاقتصادية ، نظراً لغياب التقدير وبروز المحسوبية والمحاباة في إشغال المناصب العامة .
تعليقات