ما هي أنواع الفساد ؟ |
أنواع الفساد :
تعددت الآراء والاقتراحات المرتبطة بأنواع الفساد ، وكثرت الاجتهادات في هذا الموضوع من قبل الدارسين ، ومهما يكن من أمر فإن الراجح هو أنه يمكن إدراج الفساد تحت معايير موضوعية ذات صلة به ، ويمكن تلخيصها في :
أولا : أنواع الفساد حسب مجالاته :
ويقصد به عدة حالات :
(1) الفساد السياسي :
الفساد والأحزاب السياسية : تنص دساتير الدول الديمقراطية علي أن الانتخابات هي التي تحدد حجم الحزب السياسي ، ومستقبله ، وإمكانية وصوله إلى السلطة ، مما يجعل بعض الأحزاب في سبيل تحقيق هذه الأهداف تلجأ إلى شراء أصوات الناخبين وذويهم .
وقد تلجأ إلى بعض الشركاء أو رجال المال والأعمال لتمويل حملاتها مقابل مصالح مادية في حالة وصول الحزب إلى السلطة .
وهذا يوضح لنا فساد الذمم وتحول القرار السياسي إلى قرار يدعم أصحاب النفوذ المالي من دون الدفاع عن أبناء الشعب ، مما يؤدى إلى انتشار الفساد والجرائم في جميع المنافذ .
وعلي الصعيد الداخلي ( أي بين إطارات الحزب نفسه ) نجد أنه في الانتخابات التي تعتمد علي النمط الانتخابي المبني علي القائمة صراعاً مريراً للظفر بالمراتب الأولي وتستخدم فيه الوسائل المشروعة وغير المشروعة ولا أدل بذلك ما يتناقله الرأي العام من شراء المراتب الأولي من قبل المرشحين في عدد كبير من الأحزاب سواء في الانتخابات التشريعية أو في الانتخابات المحلية ، ولم تعد الظاهرة سراً بل أصبحت جلية للعيان .
دور المال السياسي : إن اساءة استعمال المال في السياسة يحدث هزات في السيرة الديمقراطية فتنعدم الثقة في المجالس المنتخبة وفي نشاطاتها ومهامها .
فإساءة استعمال المال في الحياة السياسية بواسطة الأحزاب والمرشحين سواء بشراء الأصوات ، أو دعم بعض المترشحين أو في الدعاية الإعلامية أو في شراء مواقع متقدمة في ترتيب القائمة الانتتخاية .
ويشكل الفساد السياسي عقبة أمام الشفافية في الحياة العامة ، كما يشكل فقدان الثقة بالسياسيين والأحزاب السياسية تحدياً قوياً للقيم الديمقراطية .
كما يتجلي الفساد السياسي من خلال استغلال أصحاب المناصب السياسية للسلطة المخولة لهم للاكتساب غير المشروع .
ويقصد بأصحاب المناصب السياسية ، السادة والحكام وقادة الأحزاب السياسية ، والوزراء ، والبرلمانيون ، والمنتخبون المحليون ، أيا كانت مواقفهم أو انتماءاتهم السياسية ويتجلي هذا النوع من الفساد في استغلال المناصب للحصول علي صفقات ، أو الحصول علي عمولات لتقديم يد الدعم والمساعدة أو لتوفير فرص العمل لعاطلين ، أو تسهيل بعض الإجراءات الإدارية .
كما يظهر هذا النوع من الفساد في تورط السياسيين في الحصول علي مبالغ مالية لتمويل حملاتهم الانتخابية سواء من بعض الأطراف الدولية ، ومن الشركات الكبري ، أو من بعض أصحاب المال .
ولعل من الفساد السياسي ما يقوم به بعض المرشحين لانتخابات الأحزاب أو البرلمان أو غيرها من رشوة الناخبين للفوز بأصواتهم أو استغلال مواقعهم السياسية في استخدام وسائل النقل الحكومية والعمال والشركات التابعة لسلطاتهم في أعمال الدعاية الانتخابية .
وقد يأخذ الفساد السياسي صوراً أخرى تتعلق بتهريب العملية والآثار من قبل البعثات الدبلوماسية أو توسط هذه البعثات في الحصول علي مشاريع معينة لشركات خاصة تقدم لهم عمولات بالمقابل .
(2) الفساد الإداري :
ويقصد به " إساءة استعمال السلطة الحكومية للحصول علي مكاسب أو منافع خاصة بالمخالفة لما تنص عليه القواعد أو القوانين أو التشريعات أو اللوائح " .
ويختلف الفساد الإداري من بلد إلى آخر ، ومن منطقة إلى أخرى ، لكنه عادة ما يشمل الرشوة ، الاختلاس ، الغدر ، النهب ، الابتزاز ويمكنه أ، يسهل حدوث فساد آخر حيث يتم التغاضي من جانب الموظف الحكومي علي بعض القضايا فتبرز جرائم تهريب المخدرات والتهرب الضريبي ، وتبييض الأموال وغيرها .
(3) الفساد التجاري :
إنه مرتبط بعمليات البيع والشراء من خلال التحايل علي القانون ، وعدم احترام مواصفات السعر ، والمعايير الدولية ، والتلاعب في مكوناتها ، والغش في العلامات التجارية لخداع المستهلكين ، وما أكثر السلع المزيفة المطروحة في أسواقنا علي أنها علامات عالمية معروفة ، وقد يصل الأمر إلي بيع مواد غذائية لا تصلح لاستهلاك البشر .
وقد يصل الفساد التجاري إلى تهريب السلع ذات الاستهلاك الواسع عبر الحدود الوطنية إلى دور الجوار مثل مادة الدقيق ، والمازوت ، والحليب ، والماشية ، أو جلب سلع من هذه الدول وإدخالها إلى التراب الوطني رغم خطورتها علي صحة المواطنين مثل المخدرات ، والكحول ، والسجائر .
(4) الفساد الاقتصادي :
يتعلق بممارسات منحرفة واستغلالية للاحتكارات الاقتصادية وقطاعات الأعمال التي تستهدف تحقيق منافع اقتصادية علي حساب مصلحة المجتمع ، وتحدث هذه الممارسات نتيجة غياب الرقابة وضعف الضوابط .
وينجم الفساد الاقتصادي عن تركز السلطة الاقتصادية في كيانات احتكارية تعمل علي المستوي الكلي أو القطاعي وعن احتلالها هامشاً تقديرياً واسعاً في القرارات التي تتخذها مع ضعف الرقابة والمساءلة عليها سواء كانت هذه الكيانات تابعة للقطاع الخاص أو القطاع العام . وبالتالي يساهم الفساد الاقتصادي في حالات احتكارات القطاع الخاص وتراكم ثروات هائلة .
أما في حالة المشروعات العامة فهو يساهم في ضعف أداء هذه المؤسسات ، وتبديد موردها وضعف دورها في خدمة قطاعات تنموية هامة .
أيضاً فالفساد الاقتصادي يعتبر مجمل التصرفات التي تؤدى إلى الحصول علي مكاسب مادية بطرق غير شرعية وقد يأخذ أشكالاً متعددة كالتهرب الضريبي ، الغش الجبائي ، تهريب البضائع ، الغش الجمركي ، تبييض الأموال وغيرها .
ثانياً : أنواع الفساد حسب درجته :
وهنا يمكن التمييز بين ما يلي :
1- الفساد العرضي :
أو الطارئ الذي قد يحدث من طرف موظف عمومي بصفة عرضية في تفرة معينة لا تتميز بالاستمرارية والدوام .
2- الفساد المؤسسي :
وهو الفساد الذي يصيب قطاعاً من قطاعات الدولة ، أو مؤسسة بعينها من مؤسساتها دون غيرها من المؤسسات ، ومثال ذلك الحديث المتداول عن وجود بعض الموظفين الفاسدين في قطاعي الجمارك والضرائب .
3- الفساد المنتظم أو الممتد :
وذلك حين ينتشر ويتوسع قطاعه فيصبح ظاهرة تنخر جسم المجتمع ، وتتغلغل في مؤسساته وقطاعاته الاقتصادية ، وهذا الفساد يؤثر علي المؤسسات وسلوك الأفراد علي كافة مستويات النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي وله ملامح تميزه عن غيره :
- أنه متجسد في بيئات ثقافة واجتماعية معينة .
- يميل إلى أن يكون احتكارياً .
- أنه فساد منظم ويصعب تجنبه .
ثالثا : أنواع الفساد حسب انتشاره ونطاق ممارسته :
فإذا كان يتم داخل الدول فهو محلي ، وإذا تجاوزها فهو دولي .
1- الفساد المحلي :
نطاقه ضيق داخل إقليم الدولة الواحدة ، ومؤسساتها الاقتصادية ، ويقتصر علي أطراف محليين دون أن يتعدي نطاقه حدود الوطن ، ويكون له ارتباط مع مؤسسات أجنبية ، وفي الغالب يكون هذا النوع من الفساد محصوراً في مجالات معينة ذات صلة بالتعاملات اليومية بين مختلف الأطراف الفاعلة اقتصادياً في الميدان .
2- الفساد الدولي :
يشمل نطاق عدة دول ، ويرتبط بشركات متعددة الجنسيات ، وبمفهوم العولمة ، وحرية التجارة ، وانتقال السلع ، والتبادلات التجارية ، ومجالات الصفقات الكبري ، ويكون هذا النوع من الفساد معقداً ، ومتشابكاً ، وصعب العلاج ما لم تتضافر الجهود الدولية لمحاصرته وتقليص خطره الكبير علي اقتصاديات الدول .
رابعاً : أنواع الفساد حسب حجمه والفئة الممارسة له :
بحيث يمكن أن نميز بين " الفساد الكبير " الذي يرتكبه كبار المسؤولين في الدولة ، ويتربط أساساً بصفقات كبري ، ومشاريع ضخمة ، وينتشر هذا النمط في الدول التي يتمتع فيها كبار المسؤولين بسلطات واسعة .
وبين " الفساد الصغير " الذي يرتكبه صغار الموظفين ، وحجمه ضئيل ، فقد يرتبط بتسريع بعض الإجراءات الإدارية علي مستوي الجمارك مثلاً ، أو علي مستوي الضرائب ، أو علي مستوي أية إدارة عمومية ، أو مرفق عمومي ذي صلة بالمواطن . ويغلب علي هذا النمط دفع الرشاوي اللحظية التي تتم بشكل غير منظم ... ويهدف إلى تيسير بعض الإجراءات أو تفادي عقوبات ولكنه قد يكون أيضاً سبباً في تعقيد الإجراءات .
وتتم هذه العملية بين طرفين ، مواطن وعون إداري مكلف بمتابعة ملف المواطن فمن أجل تسريع وتيرة معالجة الملف يلجأ المواطن إلى تقديم عمولة للموظف من أجل التكفل الأمثل بملفه وفي مدى وجيزة وقد يماطل الموظف في معالجة الملف ويقدم التسويفات إلى أن يصل المواطن إلى إقتناع أنه لن يصل إلى تحقيق نتيجة ما لم يلجأ إلى تقديم رشوة وعمولة وقد يطلبها الموظف مباشرة من المواطن .
وهناك نوع آخر من الفساد يرتبط برفع بعض العقوبات التي تطال المواطن كأن يلجأ إلى محاولة تقديم عمولة لرجل الأمن لأنه ارتكب مخالفة مرورية حتى لا يتعرض إلى سحب رخصة القيادة مثلاً أو تقديم عمولة لموظف الجمارك من أجل التغاضي عن بعض المخالفات الجمركية المرتبطة بالسلعة المستوردة .
والفساد في كلتا الحالتين يؤثر في الاقتصاد ، وله إنعكاس سلبي علي التنمية ، وعلي حياة المواطن ، وقد يتطور الفساد الصغير وينتشر ليصل إلى مستوي الفساد الكبير حيث تغيب آليات الردع ، وتنعدم المساءلة ، وكلما كانت الصفقات معقدة وغير مباشرة يقبل عليها الفساد الكبير لأن احتمالات الشكوك والتساؤل بشأنها ستكون ضعيفة .
خامساً : أنواع الفساد حسب العلاقة بين طرفيه :
يمكن التمييز بين نوعين من الفساد هما :
1- الفساد الإجباري :
الذي يكون فيه الطرف المستهلك مجبراً علي دفع الرشوة للحصول علي الخدمة أو السلعة التي يريدها ، أو المعاملة التي يطلبها ، أو الوثيقة التي يريد استخرجاها ، أو المنفعة التي يسعي إلى الحصول عليها .
2- فساد التواطؤ :
بحيث يحدث تواطؤ بين طرفي العملية علي أن يدفع الطرف الراغب في المعاملة إلى الطرف المسؤول عنها عمولة أو رشوة مقابل تسهيل الإجراءات ، أو تخفيض الرسوم والضرائب ، وتتكبد الخزينة العمومية خسارة في إيراداتها مقابل حصول الطرف الفاسد علي مبالغ غير مستحقة ، ويعتمد العائد من هذه الصفقة علي القوة التفاوضية لطرفي العلاقة .
سادساً : أنواع الفساد حسب درجة المنافسة في المعاملات :
بحيث يمكن التركيز في هذا الإطار علي درجة المنافسة في عمليات التعاقد ، ونميز بين الفساد التنافسي ، والفساد غير التنافسي .
1- الفساد التنافسي :
يتربط أساساً بالفساد الصغير ويظهر بشكل جلي في الدول النامية ، حيث تغيب الشفافية ، والتطبيق الصارم للقانون ، وفعالية الجهاز القضائي فيصبح الفساد ابتزازاً معمماً يمارسه المسؤولون الحكوميون .
2- الفساد غير التنافسي أو المحدود :
سمته الرئيسية هو السرية ذلك أن العقود الفاسدة لا تتم إلا في بيئة تتسم بمحدودية المنافسة وغياب الشفافية وتراجع مستوي المشاركة .
سابعاً : انواع الفساد حسب عدد الأفراد المشاركين فيه :
بحيث يمكن تقسيمه إلى :
1- فساد ذاتي :
يتمثل في استغلال الشخص للمتلكات العامة تحقيقاً لأغراضه الشخصية .
2- فساد ثنائي :
يشترك فيه أكثر من شخص ( راشي / مرتشي ) ، راغب في معاملة مسؤول عن المعاملة ، طالب عمولة ، مقدم عمولة ، ... إلخ . وهو أكثر أنواع الفساد انتشاراً في العالم .
3- فساد جماعي :
يشترك فيه أكثر من شخص ، وأحياناً أكثر من مؤسسة ، ويكون في مجال الصفقات الكبري .
ثامناً : أنواع الفساد حسب طبيعة مرتكبيه :
1- فساد أشخاص طبيعيين :
يتمثل في حصول الشخص علي أموال غير مشروعة بطرق غير مشروعة مثل الرشوة ، الاختلاس ، الغدر ... .
2- فساد أشخاص معنويين :
سواء تعلق الأمر بمؤسسات أو شركات ، أو أحزاب لها الشخصية المعنوية ، تسعي للحصول علي موارد مالية مستخدمة في ذلك الفساد لبلوغ مبتغياتها . ولذلك نجد أن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته قد نص علي أحكام خاصة بالفساد علي مستوي الشخص المعنوي .
تعليقات