ما هو مفهوم المعرفة ونشأتها ؟ |
مفهوم المعرفة ونشأتها وتطورها :
محتويات البحث :
(1) ماهية المعرفة .
(2) نشأة وتطور المعرفة .
(3) مفهوم المعرفة .
(4) مصطلحات عامة .
(5) هرمية المعرفة .
ماهية المعرفة :
بفضل تكنولوجيا المعلومات الرقمية والشبكية ومختلف أنظمة الاتصالات المتطورة تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بالمعرفة من حيث توليدها واكتسابها ، وتخزينها ونقلها وتطبيقها ، حيث أصبحت المعرفة تشكل اقتصاداً جديداً ، وهو الاقتصاد المبني علي المعرفة ( Knowledge based economy ) ، وفي ظل بيئة سريعة التغير أصبح الاعتماد علي المعرفة أساس الارتقاء والتميز والزيادة والاستمرارية بالنسبة للمنظمات .
نشأة وتطور المعرفة :
يرجع الاهتمام بالمعرفة إلى بدايات خلق الإنسان ، حيث خلقه الله سبحانه وتعالى علي الفطرة ثم علمه وهداه السبيل كقوله تعالي " وعلم آدم الأسماء كلها " ( سورة البقرة / 31 ) ، " خلق الإنسان علمه البيان " ( سورة الرحمن 3،4) ، بل جعل المعرفة أساس التفاضل البشري إذ قال تعالى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ( سورة الزمر / 9 ) .
أما في التاريخ المعاصر فتؤكد الأدبيات علي تنامي الاهتمامات بهذا المورد منتصف القرن العشرين وعبر مراحل تطورية عديدة بدأت بالمجتمع الزراعي الذي امتد آلاف السنين وحتى منتصف القرن الثامن عشر ، حيث بدأت التحول نحو عصر جديد هو المجتمع الصناعي الذي استبدل الحقل بالمصنع ، استبدل صاحب الأرض بصاحب رأس المال ، واستمر هذا العصر حتى منتصف القرن العشرين إذ ظهر عصر آخر هو العصر المعلوماتي الذي يعتمد علي المعلومات ( تكنولوجيا المعلومات ) ، إذ تحولت من الماكنة إلى النظم الإلكترونية التي تتحكم بالماكينة والمصنع وبكل مجالات الحياة التي يديرها من يمتلك الذكاء خاصة أدوات تكنولوجيا المعلومات ، وهم القادرون علي السيطرة علي الأجهزة الإلكترونية والبرمجة والأنظمة المعلوماتية والذين يطلق عليهم عمال المعرفة .
إن المعرفة هي من الحقول القديمة التي تمتد إلى آلاف السنين عبر التاريخ الغابر ، وقد حظيت باهتمام كبير من فلاسفة الشرق ، وفلاسفة الغرب ، وقد كان الفلاسفة القدماء يركزون علي المعرفة بسبب ما تلعبه من أدوار مهمة في الجانب الروحي ، وفي الجانب الحياتي ، وكانوا يركزون علي توثيق المعرفة ، والمعرفة حقل أساسي ولها حقول فرعية متعددة ، ولا تتوقف جهود العلماء والباحثين عن العمل علي وضع الأسس والأصول النظرية والفهم والتطبيق العلمي لكل جانب ولكل حقل فرعي من حقول المعرفة .
مفهوم المعرفة Concept of knowledge :
المعرفة لغة :
إن الأصل في كلمة معرفة اشتقاقها من الفعل ( عرف ) ، ومعرفة الشئ هو إدراكه بحاسة من الحواس وبحسب المنجد فالمعرفة مشتقة من الفعل ( عرف ، عرفاناً ) ، ومعرفة الشئ : علمه ، والمعرفة إدراك الشئ علي ما هو عليه .
أما المعرفة اصطلاحاً : فلقد تطرق العديد من الكتاب إلى إعطاء تعاريف حول المعرفة منها :
- عرف قاموس ( ويبستر ) المعرفة علي أنها : " الفهم الواضح والمؤكد لأحد الأشياء ، الفهم ، التعليم ، كل ما يدركه أو يستوعبه العقل ، خبرة علمية ، مهارة ، إعتياد ، إختصاص وإدراك ، معلومات منظمة تطبق علي مشكلة ما ، كما يعرفها بأنها : الأشياء التي تعرف أو تعلم " .
- المعرفة هي : " حصيلة استخدام البيانات والمعلومات والتجربة التي يتم الحصول عليها عن طريق التعلم والممارسة ، وهي التي تمكن من يملكها من التجاوب مع المستجدات التي تواجهه وتجعله أكثر قدرة على الوصول إلى حلول أفضل للمشاكل التي تقع في مجال معرفته " .
- ويعرف قاموس إيكسفورد المعرفة علي أنها : " حقيقة التعرف علي الشئ ، أو الحالة ... إلخ " ويعرفها كذلك بأنها " المعلومات ، والذكاء ، والحدس الداخلي ، وهي أيضاً فرع من التعلم ، وهي التعلم ، وهي الفن " .
- أما ( المعجم الوسيط ) فيعرف المعرفة : " بأنها التعلم ، وكل ما يدركه أو يستوعبه العقل والخبرة العلمية والمهارة والاعتياد أو التعود ، واختصاص وإدراك معلومات منظمة تطبق علي حل مشكلة ما " .
- " المعرفة مصطلح يستخدم لوصف وفهم أي منها للحقيقة . وهي أيضاً المجموعة التي تصف خصائص متعددة وسلوكيات ضمن نطاق محدد . فالمعرفة هي أعلى شأناً من المعلومات فنحن نسعي للحصول علي المعلومات لكي نعرف أو نزيد معارفنا " .
- " المعرفة هي مزيج الخبرات ، والقيم ، والمعلومات السياقية ، والبصيرة والتي توفر إطاراً لتقييم ودمج الخبرات والمعلومات الجديدة . بحيث أن مصدرها وتطبيقها متواجد في ( أذهان عمال المعرفة ) . في المنظمات ليس فقط في وثائق أو مستودعات ، ولكن أيضاً في الإجراءات التنظيمية والعمليات والممارسات ، والمعايير " .
مما سبق يتضح ما يلي عن المعرفة :
- أنها عملية اجتماعية تاريخية قوامها نشاط بشري موجه نحو فهم الواقع ، وتصوير هذا الواقع في وعي أعضاء مجتمع معين .
- أنها ليست مجرد تأمل عقلي يطلب لذاته ، فلها دور في تحسين بيئة الإنسان وحياته .
- أنها ذات طبيعة تراكمية ، فعالم اليوم يدين للقدماء بأعظم ما يملك من العلم والمعرفة اللاإنسانية .
- أنها كانت تطلب لقيمتها الذاتية وكحافز إلى الحكمة .
مصطلحات عامة ( البيانات ، المعلومات ، المعرفة ، الحكمة ) :
أولاً : البيانات Data :
تعرف البيانات علي أنها " مواد وحقائق خام أولية ليست ذات قيمة في شكلها الأولي طالما لم تتحول إلى معلوما مفهومة ومفيدة ، وتشتمل البيانات علي مجموعة من المفاهيم والأرقام والرموز التي تحتاج إلى معالجة وتنظيم أو إعادة تنظيم لكي تتحول إلى معلومات .
وقد تكون البيانات علي شكل أرقام عادية أو نسب مئوية أو أشكال هندسية أو إشارات تتعدد حسب المستخدمين وقد تكون مصادر جمع البيانات رسمية وغير رسمية ، داخلية وخارجية ، شفوية ومكتوبة .
ثانياً : المعلومات Information :
يعبر عنها بأنها مجموعة من البيانات المنظمة والمنسقة بطريقة توليفية مناسبة بحيث تعطي معني خاص وتركيبة متجانسة من الأفكار والمفاهيم ، تمكن الإنسان من الاستفادة منها في الوصول إلى المعرفة واكتشافها .
كما أن المعلومة قد لا تكون شيئاً ملموساً أو مرئياً ، فنحن عادة ما نصبح علي علم بشئ ما إذا طرأ تغيير علي حالتنا المعرفية حول ذلك الشئ ، أو الظاهرة ، وعليه فإن المعلومة هي الشئ الذي يغير الحالة المعرفة للشخص في موضوع ما .
ثالثاً : المعرفة Knowledge :
هناك صياغات ودلالات متنوعة للمعرفة ، حيث أسهم العديد من الكتاب والباحثين في طرح آرائهم حول مفهوم المعرفة وفقاً لمنظورهم الخاص . وفيما يلي توضيح إضافة إلى ما تم ذكره مجموعة من التعريفات لهؤلاء الكتاب والباحثين :
1- أنها موجودات لها القدرة علي تحويل التقنية من مرحلة البحث إلى مرحلة التطبيق لإنتاج سلع وخدمات .
2- المقدرة الشخصية التي ينظر إليها كناتج للمعلومات والخبرة والمهارات والرأي الذي يملكه الفرد اتجاه مسألة معينة في وقت ما .
3- القدرة علي ترجمة المعلومات إلى أداء لتحقيق مهمة أو إيجاد شئ محدد وهذه القدرة لا تكون إلا عند البشر ذوي العقول والمهارات الفكرية .
4- أنها رأس مال فكري وقيمة مضافة تتحقق عند استثمارها بشكل فعلي .
5- وهي قدرات تقنية تتمكن المنظمة من توظيفها لتحقيق أهدافها .
6- أنها كل التوقعات المدركة والملاحظات التي تنظم بشكل ذي معني وتجميعها واحتوائها في مجال معين عبر الخبرة والاتصالات التي يستخدمها الفرد والمنظمة لترجمة المواقف وتوليد إنتاجات وسلوك وحلول .
7- هي إدراك ووعي الفرد لمعطيات البيئة أو المعطيات الذاتية .
8- هي عبارة عن تراكم لدي الأفراد والمنظمة وذلك عن طريق إضافة ما تكسبه من معلومات إلى الخبرات ، الفكر المسبق والخلفية الثقافية التي تملكها مسبقاً ، وتكون علي نوعين ظاهرة يسهل التعبير عنها وضمنية يصعب التعبير عنها بسهولة ويصعب نقلها إلى الآخرين .
9- أنها كي شئ ضمني أو ظاهرى يستحضره الأفراد لأداء أعمالهم بإتقان أو لاتخاذ قرارات صائبة .
10- أنها القدرة علي تفسير البيانات والمعلومات واستيعابها واستحضارها سواء كانت ضمنية أم ظاهرة لأداء المهام الموكلة للأفراد بإتقان وتمييز عالٍ يساعد في ديمومة الخبرة التنافسية وبشكل عام .
يظهر مما سبق أن هناك عدة مفاهيم متنوعة حول المعرفة ، حيث أن الاتفاق بين مجمل هذه المفاهيم يكمن في أن المعرفة أشمل وأوسع نطاقاً من البيانات والمعلومات وتحتويهما الاثنين .
إن التفرقة بين مفهوم المعرفة والمعلومة خطوة أساسية ، فإذا اعتبرناهما وجهان لعملة واحدة وأن المعرفة هي رصيد لتدفقات المعلومات ، فلا داعي لانتظار أي إضافة من مقاربة المنظمة القائمة علي المعرفة .
فالمعلومة لا تصنع المعرفة ، والمعرفة شئ أكبر منها من خلال إمكانية تعلمها واكتسابها ، فإذا كانت التكنولوجيات مرتبطة بمعالجة المعلومات فإن المعرفة هي قبل كل شئ مرتبطة بالنشاط البشري ، فحسب Deven إن الوصول من المعلومة إلى المعرفة ، يكون علي أساس سلسلة من القيم، من المعطيات إلى المعلومة إلى المعرفة ، وبمرور كل مرحلة ترتفع قيمتها .
رابعاً : الحكمة Wisdom :
تمثل الحكمة من وجهة نظر العديد من الباحثين بأنها ذروة الهرم المعرفي بمواجهة أعقد العمليات التي يمارسها العقل البشري لتقطير المعرفة إلى حكمة مصفاة ، وتجاوز المتاح من المعرفة وخرف السائد منها وزعزعة الراسخ من أجل فتح آفاق معرفية جديدة ، وكسر القيود واقتناص الفرص التي تؤدى إلى أفضل النتائج بأقل التكاليف واختصار الزمان والمسافات ، والحكمة أرقي درجات المعرفة ، إذ يتم من خلالها ممارسة السلوك الإنساني وفق رؤيا واضحة تستمد أبعادها من التراكم المعرفي للفرد أو الجماعة أو المجتمع .
فعندما يقوم الفرد بالتوظيف المنطقي والأمثل لمعارفه وخبراته وتجاربه خدمة للآخرين وللمجتمع ، فقد وصل إلى الحكمة ، يؤكد هذا قوله تعالى " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولوا الألباب " . ( البقرة ) .
فالحكمة تشير إلى عمق المدلول المعرفي الذي يؤطر السلوك الإنساني حيال اتخاذ القرار الملائم في معالجة المشكلة أو التعامل مع الظاهر بنمط سلوكي هادف وبناء .
وتشير أيضاً إلى عمق المقدرة التي يتسم بها الحكيم في استنباط الحلول للمشاكل أو الظواهر التي يواجهها أو تعرض عليه من قبل الوسط الاجتماعي أو التنظيمي ، إذ أشار العرب قديماً إلى هذا بقولهم :
إذا كنت في حاجة مرسلاً فأرسل حكيما ولا توصه .
والحكمة تجسيد للذكاء الإنساني ، وقدرة متميزة علي فهم ما هو صحيح وخطأ ، وحقيقي ، وزائف . كما تشمل القدرة علي قبول التوجيهات الجديدة التي يمكن أن يكون مرغوباً فيها .
والحكمة هي استخدام المعرفة المعبر عنها في شكل مبادئ للوصول إلى قدرات حكيمة حصيفة حول المواقف الخلافية وعليه فإن الذين يمتلكون الحكمة غالباً ما يتصفون بالتميز والتفكير والإبداع .
من خلال التعاريف السابقة للبيانات والمعلومات والمعرفة وكذلك الحكمة يمكن استنتاج هرمية المعرفة .
هرمية المعرفة :
اتفق الباحثون والكتاب جميعاً علي أن هرمية المعرفة تبدأ بقاعدة من البيانات والتي تمثل الرموز والكلمات والاتجاهات والحقائق والأرقام والرسوم والتي بحاجة لتفسير ، بحيث يتم ترتيب هذه البيانات ومعالجتها بصورة يمكن الاستفادة منها وهو ما يطلق عليه بالمعلومات وهي البيانات بعد إضفاء معاني لها ، الأمر الذي يؤدى إلى االمعرفة والتي تعني فهم وإدراك الظواهر والحقائق والطرق والأساليب التي تنشأ من خلال الخبرات والمهارات والقدرات ، بينما الحكمة وهي أرقي مراتب المعرفة وتمثل حسن استخدام المعرفة وتأتي من خلال تراكمية الخبرات واستمرارية التعلم .
تعليقات