![]() |
تعريف النقود وخصائصها وأهميتها |
بحث عن النقود :
محتويات البحث :
(1) تعريف النقود .
(2) نشأة النقود .
(3) خصائص النقود .
(5) أهمية النقود .
(6) أنواع النقود .
(7) وظائف النقود .
تعريف النقود Definition of Money :
تعرف النقود ( Money ) بأنها أية وسيلة يمكن من خلالها تبادل السلع والخدمات وسداد الدين وتقبل قبولاً عاماً . ويمكن تعريف النقود تلك السلعة أو شئ الذي يلقي قبولاً عاماً كوسيط للتبادل أو كوسيلة للدفع حيث كان هذا الوسيط في بداية الأمر يعد سلعة محددة تتميز بقبولها من الجميع في عملية المبادلة وكانت مثل هذه السلع تعتبر أول أشكال النقود والتي يمكن نسميها النقود السلعة ، ولابد من ملاحظة أن السلعة التي يتم اختيارها كنقود تختلف من مجتمع لآخر ولكنها تتفق في كونها سلعة هامة تتمتع بتقدير عام بقيمة عالية من قبل أفراد المجتمع .
ومن الأمثلة علي النقود التي تم اختيارها ولاقت قبولاً من أفراد المجتمع : الأرز ، القمح ، البذور ، الملح ، الماشية ... إلخ . ثم سرعان ما تخلت تلك المجتمعات عن هذه الأنواع من النقود نظراً للصعوبات التي واجهتها ، فتخلت عن السلع الاستهلاكية كنقود وتحولت إلى أنواع أخرى مثل الأصداف والقواقع البحرية والحجارة النادرة ، ثم استخدموا النقود المصنوعة من المعادن والنحاس والحديد ثم الذهب والفضة ، وهكذا استمر التطور في استخدام النقود إلى أن وصلت إلى وضعها الحالي .
نشأة النقود :
لا يمكن فهم طبيعة النقود ودورها في الحياة الاقتصادية إلا بالتعرف في مرحلة أولي من نشأتها وتطورها مع اقتصاد المبادلة ، وكان النشاط الاقتصادي في المجتمعات البداية يتم بغرض الاستهلاك الذاتي ، حيث كان الانسان يسعي في حياته اليومية إلى إشباع حاجاته المختلفة عن طريق استهلاكه ما ينتجه بنفسه وما ينتجه غير من أفراد المجتمع من سلع وخدمات ، حيث كانت المجتمعات صغيرة وبعيدة عن بعضها حيث يستهلك ما ينتج ولا حاجة للتبادل ، ومن صعوبات التي واجهت مرحلة الاكتفاء الذاتي ، تتمثل فيما يلي :
- لا يهتم أصحابها بالتطور .
- عدم وجود فائض أي لا حاجة للتبادل أي لا حاجة للنقود .
- انخفاض جودة المنتجات أي عدم وجود بديل لها .
- عدم إمكانية تحسين مستوي المعيشة .
- عدد السكان محدود .
ومع مرور الزمن ونمو حجم السكان ظهر التخصص في إنتاج السلع ، فهذا يزرع قمحاً والآخر قطناً ، وذلك يعمل بصيد الأسماك أو الحيوانات وما إلى ذلك . وبظهور هذا التخصص وجد فائض من السلع لدي الوحدات التي تنتجها . ومن ناحية أخرى هناك حاجات لهذه الوحدات تريد أن تشبعها . ومن ثم نشأة الحاجة إلى مبادلة الفائض عن الاستهلاكي الذاتي بالأشياء التي ينتجها الآخرون والتي تفيض بدورها عن حاجتهم الشخصية وهنا نشأ التبادل ، وهو من صور التبادل التي عرفها الإنسان وهي المقايضة ( Barter ) . وهذا يدل علي التطور هذه المجتمعات في العصور الأولي من التاريخ .
وفكرة المقايضة هي عبارة عن مبادلة سلعة بسعلة أخرى يكون الفرد في حاجة إليها ، فمنتج القمح مثلاً يتخصص في إنتاجه ، ويحصل علي حاجته من الصوف عن طريق مبادلة كمية من القمح الفائض عن حاجته مع منتج الصوف الذي يحتاج إلى القمح وعنده فائض من الصوف ، فيكون التقاء المنتج بالمستهلك مباشر دون وسيط .
ومع تزايد حاجات الناس وتنوعها وانتشار تقسيم العمل علي نحو بدائي ، أن دعوا إلى التوسع في المبادلات ، وعندئذ أصبحت المقايضات وسيلة بدائية للتبادل ، لا يمكن أن تفي بالحاجة وبخاصة في الجماعة الواحدة ، ومن خصائصه :
- التخصص وتقسيم العمل : أصبح الإنسان يحسن في إنتاجه .
- التخصص أدى إلى وجود فائض من السلعة التي ينتجها وحاجة إلى السلع الأخرى .
- كانت نظام المقايضة ناجحاً عندما كان عدد السلع قليلاً .
وقد واجه هذا نظام المقايضة عدة صعوبات قبل التمكن من إتمام عملية المبادلة نذكر من بين هذه الصعوبات الآتي :
أولاً : صعوبة التوافق المزدوج بين الرغبات :
أي تلاقي رغبة البائع مع رغبة المشتري في آن واحد ، حيث يكون منهما قادراً علي تلبية رغبة الآخر ، ففي ظل نظام المقايضة ، علي البائع أن يجد من يرغب في الحصول علي سلعته أو خدمته ويملك في ذات الوقت السلعة أو الخدمة التي يبحث عنها عند المشتري . إلا أن مثل هذا التوافق بين الرغبتين لم يكن ليتحقق إلا بعد ضياع كبير في الجهد والوقت .
ثانياً : صعوبة تجزئة بعض السلع :
تتمثل في عدم قابلية معظم السلع للتجزئة ، فكثير من السلع تتميز بكبر حجمها وارتفاع قيمتها ، وقد لا يرغب أصحابها في استبدالها بكميات كبيرة من سلعة واحدة .
ثالثاً : عدم وجود وحدة قياس :
أي عدم وجود وحدة عامة مشتركة يمكن بها قياس قيم السلع والخدمات المختلفة ، وعلي ذلك لابد من تحديد معدل استبدال يتفق عليه كل من البائع والمشتري عن كل عملية مبادلة ، وعند عدم وجود وحدة قياس مشتركة ، لا يمكن التعبير عن قيمة أي سلعة أو خدمة بمقدار ثابت بل سيعبر عن قيمة كل سلعة بعدد قيم السلع والخدمات المطروحة في السوق .
رابعاً : عدم وجود شئ يحظي بالقبول العام يستخدم عند تسديد المدفوعات الآجلة :
إذ كثير ما تنص العقود علي قيام أحد الطرفين بتسديد قيمة الصفقة في فترة لاحقة ، وفي ظل نظام المقايضة يتم التسديد المؤجل بالسلعة ، إلا مثل هذا الاتفاق من شأنه أن يثير المشاكل التالية :
- الخلاف حول تحديد نوعية السلع أو الخدمة .
- المخاطر الكبيرة التي يمكن أن يتعرض لها أي من الطرفين المتعاقدين عند ارتفاع أو انخفاض قيم السلع المنصوص عليها في العقد خلال فترة العقد ، أي الفترة الفاصلة بين تاريخ توقيع العقد وتاريخ استحقاقه .
خامساً : عدم وجود وسيلة عامة لاختزان القيمة :
في ظل المقايضة يتم خزن السلع في صورة السلع الأصلية ذاتها ، مما يؤدى بصاحبها إلى تحمل نفقات خزن باهظة ، إضافة إلى إمكانية تعرض المخزون إلى التلف أو السرقة ، وعلي سبيل المثال ، إن الاحتفاظ بالثروة علي شكل أغنام يتطلب الإنفاق علي تغذيتها ، كما قد تتعرض إلى الهلاك عند إصابتها بالأمراض والوبئة ، أو قد تنخفض قيمتها بسبب ظروف في العرض والطلب ويري البعض أن خزن الثروة بهذه الصورة قد يجلب حسد الآخرين ، مما يجعل الثروة عرضة للسرقة .
لقد أدت الصعوبة التي رافقت نظام المقايضة وتطور النشاط الاقتصادي إلى ضرورة إيجاد وسيلة أخرى تقوم بمهمة تقدير قيمة الأشياء وتعمل كوسيط للمبادلة ، بعدما كانت المقايضة في البداية وسيلة لتسييرها ، أصبحت عند مرحلة معينة من التطور قيداً علي المبادلات ذاتها ، ومن هنا دعت ضرورة التوسع في المبادلات إلى ظهور وسيلة أخرى للتبادل وهي ما نسميها النقود . ويقوم النظام النقدي علي تجزئة المقايضة إلى وحدتين :
البيع : وهو التخلي عن السلعة مقابل النقود .
الشراء : وهو الحصول علي السلعة مقابل النقود .
خصائص النقود :
إن ما يمكن اتخاذه كنقود يعتمد علي الموارد المتاحة إضافة إلى توفر بعض الصفات الهامة حتى تقوم بدورها كوسيط يتمتع بصفات جيدة ، ومن أهم هذه الصفات :
1- أن تتمتع النقود بصفة القبول من جميع أفراد المجتمع .
2- أن تصنع النقود من مواد غير مكلفة في المجتمع ، حتى لا يكون هدر للموارد .
3- أن تصنع النقود من مواد سهلة النقل أي خفيفة الوزن صغيرة الحجم .
4- أن تصنع النقود من مواد معمرة وتتحمل التلف نظراً لكثرة التداول .
5- أن تكون النقود متماثلة وقابلة للتجزئة إلى وحدات صغيرة القيمة تتناسب مع عمليات البيع والشراء المختلفة .
6- أ، تتمتع النقود بثبات نسبي في قيمتها أي لا تتغير وقتها الشرائية من حيث لآخر بشكل كبير .
7- يجب أن تصنع النقود من مواد صعبة التزييف .
أهمية النقود :
للنقود أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع بشكل عام في النقاط التالية :
1- باتت النقود وسيلة أمان للفرد لتنفيذ التزامه عن طريقها .
2- تمثل النقود وسيلة لحصول الفرد علي الرفاهية والمتعة .
3- تعد النقود عصب أي دولة اقتصادياً أي مدى قوتها .
4- تساعد النقود في تنمية الدولة وتنفيذ مشاريعها بسهولة أكثر .
5- النقود تمكن المجتمع من شراء لوازمها .
أنواع النقود :
لا يمكن فهم طبيعة النقود ودورها في الحياة الاقتصادية إلا بالتعرف في مرحلة أولي علي نشأتها وتطورها مع اقتصاد المبادلة . وقد بدأت المجتمعات مبادلاتها الأولي كما نعرف عن طريق المقايضة ، ثم لم تلبث المقايضة أن مهدت السبيل لظهور النقود ، ولم تكن النقود في أول الأمر ورقة من أجد البنوك ولا قطعة معدنية ، ولكنها كانت إحدى السلع التي يتم استهلاكها أو التي تستخدم في الإنتاج ، لقد كانت سلعة من السلع ، ثم تطورت النقود من سلعية إلى معدنية ثم صارت نقوداً ورقية وأخيراً نقود مصرفية ، ويمكن تلخيص أهم أنواع النقود في الآتي :
1- النقود السلعية :
دفعت الرغبة في التغلب علي صعوبات المقايضة ، إلى اختيار سلعة من السلع الرئيسية ، لكي تلعب دور النقود ، والذي يستطيع أن يتصوره المرء .
ان هذه السلع التي وقع اختيار الجماعات عليها للقيام بوظيفة النقود ، لابد أنها كانت تختلف من بيئة إلى أخرى تبعاً لعوامل تميز البيئات المختلفة ، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية ، كإمكانية الحصول علي هذه السلعة بكميات كافية ، ودرجة تمثيلها للثروات المعروفة في ذلك الحين .
كما أن اختيار مثل هذه السلع لابد أن يكون قد خضع لاعتبارات تتصل بمستوي التفكير السائد وأذواق الجمهور وعاداته ، وبعض السلع التي استخدمت كنقود هي الأرز ، الشاي ، الملح ، الفضة ، الذهب ، البرونز ، النحاس ، الجلود ، الصوف ، أسنان الحوت ، العبيد ، الماعز .... إلخ .
في البداية استلمت النقود السلعية ، حيث لا تختلف قيمتها النقدية عن قيمتها الحقيقية كسلعة ، أي أن قيمتها لا تتغير سواء استعملت كنقود أو استخدمت الأغراض أخرى كالتزيين بالذهب والفضة مثلاً . وقد تمثلت الأنواع الأولي للنقود بتلك الأشياء ، التي تميزت بقدرتها الاستعمارية العالية في المجتمعات المختلفة .
ويمكن أن نتصور أن الأحوال تطورت شيئاً فشيئاً حتى عم استخدام المعادن النفيسة في صنع مسكوكات صيغت بأشكال معينة ، حيث يسهل تقدير كمية المعادن الذي يحويه ، وبالتالي تحديد قيمة كل وحدة منها بالنسبة لوحدة النقد أو حدة التحاسب .
ومن الأسباب التي أدت إلى تفضيل المعادن النفيسة كالذهب والفضة في الاستعمال النقدي عن سائر السلع الأخرى ، هي تلك الصفات التي تتمتع بها هذه الأنواع من المعادن ، فالذهب والفضة يمتازان عن غيرهم من السلع بالصلابة .
2- النقود المعدنية :
انتقلت النقود إلى مرحلة أخرى من مراحل التطور فانتشر استعمال المعادن نقوداً إذ يسهل صياغتها وصكها في شكل معين وبقيمة محددة .
فكانت النقود البرونزية والنحاسية أول أنواع النقود المعدنية ، ومع تطور التجارة الخارجية استخدمت الفضة والذهب .
فالفضة والذهب تلافيا عيوب المعادن الأخرى وأصبحتا أقدر الأنواع علي القيام بوظائف النقود ، كما أن النقود التي تصنع منهما يسهل جعلها متجانسة ، وقابلة للتجزئة ، كما يسهل حملها وتخزينها ، ولكن أهم من هذا كله ، أنهما يتمتعان بالندرة النسبية ، فالذهب لا يمثل إنتاجه السنوي إلا جزءاً ضئيلاً من الكميات المستخرجة منه ، وعليه فالزيادة السنوية في عرضه الكلي لا تؤثر تأثيراً محسوساً في قيمته .
3- النقود الورقية :
في عصر التجاريين وظهور طبقة التجار ازداد حجم المبادلات التجارية المحلية والعالمية مما اضطر التجار إلى حمل كميات كبيرة من النقود المعدنية من الفضة والذهب ونظراً للمخاطر التي يتعرض لها التجار ظهرت مجموعة من القواعد العرفية والتقاليد تساعد علي تداول الحقوق بين التجار فكان انتشار مهنة الصرافة حيث تمتعت الأوراق المتداولة الصادرة عن الصيارفة بالثقة والقبول العام .
ومع الحاجات إلى المصارف تطور نظام المصارف فأصبحت تقوم بأعمال الإقراض ومع مرور الزمن أصبحت السندات التي يصدرها المصرف حاملها تتداول من يد إلى أخرى . وفي مرحلة ثانية أصدرت الدولة القانون الذي يلزم الأفراد بقبول النقود الورقية وتداولها دون أن يكون للأفراد الحق في استبدالها بأي عملة أخرى في المجتمع الواحد .
4- النقود الدولية :
وهي التي يستخدمها صندوق النقد الدولي في تسوية المدفوعات الدولية فيما تعرف بحقوق السحب الخاص التي تقتصر علي الدول أعضاء في الصندوق ولها نظام معين للتعامل بها ضمن منظمة النظام النقدي الدولي .
وظائف النقود Function of money :
إن وظائف النقود تطورت من وظيفتها كأداة للمحاسبة أو مقياساً للقيمة إلى وظيفتها كوسيط للتبادل ، وكانت هاتان الوظيفتان هما الوظيفتين الأصليتين للنقود . ولكن هناك أيضاً وظيفتان مشتقتان وهما مقياس للمدفوعات الآجلة ومستودع للقيمة ، وفيما يلي نحاول مناقشة هذه الوظائف الأربعة كالآتي :
أولاً : النقود كوسيلة للتبادل :
تعتبر هذه الوظيفة أقدم وظيفة تؤديها النقود وأهمها ، ولربما يعود ظهور النقود منذ البداية إلى حاجة الناس لأداة مبادلة ، لتذليل صعوبات المقايضة وتسهيل عملية التبادل بين أفراد المجتمع .
فالنقود كوسيط للتبادل تمكن الأفراد من أن يتبادلوا وبسهولة وحرية إنتاجهم بإنتاج الآخرين ، فالنقود تعني أنها تتوسط عملية مبادلة السلع والخدمات بالنقود ( عملية البيع ) ، ثم مبادلة النقود بالسلع والخدمات ( عملية الشراء ) . فالنقود هي من تسمح بمبادلة سلعة أو خدمة بسلعة أو خدمة أخرى بطريقة غير مباشرة ، وبهذا فهي تفكك عملية البيع والشراء الموحدة في ظل المقايضة إلى عمليتين منفصلتين وغير متزامنتين ، حيث تستبدل السلع بنقود في المرحلة الأولي ، ثم تستبدل النقود بالسلع في المرحلة الثانية ، خلافاً لما كان عليه في نظام المقايضة كأداة مبادلة ، فلم يعد صاحب النقود بحاجة إلى مبادلة سلعته بسلعة أخرى .
وبذلك وفر استخدام النقود علي البائع والمشتري والجهد والوقت الضائع عند مبادلة سلعة بسلعة أخرى في ظل نظام المقايضة ، وقد ساعد استعمال النقود كأداة مبادلة علي ظهور التخصص في بعض أنواع الإنتاج ، ثم تقسيم العمل داخل النوع الواحد من الإنتاج .
إذ أصبح من الأفضل تخصص الفرد بإنتاج فرع واحد من سلعة معينة وبيعها ، وقد ترتب علي مبدأ التخصص وتقسيم العمل داخل المؤسسة الواحدة ان تحققت زيادة كبيرة في حجم الإنتاج خاصة بعد إتباع سياسة الإنتاج الواسع النطاق ، اعتباراً من القرن التاسع عشر .
كما يترتب علي وساطة النقود في المبادلة أنها تمكن الأفراد من تأجيل الانفاق ، لأن استلام النقود كثمن للسلع المباعة لا يكون مصحوباً بالضرورة فإنفاق فوري لها ، بل بالإمكان الاحتفاظ بها لمدة حتى تحين الحاجة إليها ، فهي توفر إمكانية ادخارها بشكل أرصدة نقدية يمكن إعادة استخدامها في وقت لاحق .
ثانياً : النقود كمقياس للقيمة :
تستخدم النقود لقياس قيم جميع السلع والخدمات المتداولة داخل الاقتصاد الوطني ، وتسمح النقود بتحديد عدد الوحدات النقدية اللازمة التي تدفع للحصول علي السلع والخدمات ، كالجنيه المصري والدينار الجزائري والدولار الأمريكي ... إلخ .
وإن أهم ما يميز النقود هو انها معادل عام مقيم للسلع والخدمات ، أي مقياس عام للقيمة ، وبهذا يكون باستطاعته جميع المتعاملين في السوق المقارنة بين القيم النسبية لمختلف السلع عن طريق تقدير عدد الوحدات النقدية اللازمة للحصول علي كل سلعة . وعادة ما يعبر عن العلاقة بين كمية الوحدات النقدية وكمية السلع والخدمات التي تجري مبادلتها بها بالسعر أو الثمن ، وهو التعبير النقدي لقيم الأشياء .
وبهذا يصبح السعر مؤشر القيمة مشيراً إلى عدد الوحدات النقدية المطلوبة للحصول علي أي من السلع والخدمات ، فيقال أن ثمن كيلو البرتقال 50 دينار جزائر ي ، وثمن متر القماش 200 دينار جزائري ... إلخ .
وباستخدام النقود أصبحت جميع السلع والخدمات تبادل بشئ واحد ، وقد ساعد استعمال وحدة حساب عامة علي سرعة تداول المعلومات الاقتصادية بين أفراد المجتمع ، إذ أن التعبير عن مختلف السلع والخدمات بوحدة حساب موحدة ساعد البائعين والمشترين علي تحديد اختياراتهم في البيع والشراء وتحديد كميتها وأنواع فاتسع مجال التخصص وتقسيم العمل خارج النطاق العائلي الضيق .
فعلي سبيل المثال يستخدم المتر لقياس الطول واللتر لقياس السوائل ، مع ذلك فإن هناك فرقاً جوهرياً بينها وبين وحدة القياس الأخرى يكمن في أن قيمة النقود متغيرة نتيجة التغير الحاصل في المستوي العام للأسعار .
ثالثاً : النقود كمستودع للقيمة :
يمكن النظر إلى هذه الوظيفة علي أنها امتداد للوظيفة الأولي ، أي وظيفة النقود كوسيط للتبادل، فعندما يحصل الفرد علي أرصدة نقدية نتيجة لعمليات بيع أو تأجيل ، فقد يستعمل هذه الأرصدة مباشرة ، أي في الحال في شراء سلع وخدمات ولكنه عادة ما يدخر جزءاً من هذه المبالغ النقدية ، أي بدلاً من إنفاقها علي سلع وخدمات حاضرة يختزنها بغرض استخدامها في المستقبل .
وهذا يعني أن النقود هنا تقوم بوظيفة مخزن أو مستودع للقيمة ، ويمكن القول أن اقبال الأفراد علي استعمال النقود مستودعاً للقيمة ، يرجع إلى كونها تمثل قوة شرائية عامة ، يستطيع حائزها إنفاقها علي أي سلعة أو خدمة وفي أي وقت يشاء .
وحتى تقوم النقود بوظيفة مستودع للقيمة ، لابد من عدم تعرض قيمتها إلى الانخفاض بمرور الزمن ، وقبول استبدالها بالسلع والخدمات المطلوبة ، والنقود لا تعدو ثروة بحد ذاتها وإنما هي مجرد وسيلة للحصول علي السلع والخدمات ، وعلي سبيل المثال فقد تضاعفت كمية النقود في إنجلترا خلال الفترة بين الحربين العالميتين الأولي والثانية ، إلا أن زيادة كمية النقود إلى الضعف لا يعني زيادة الثروة القومية في إنجلترا .
رابعاً : النقود كمقياس للمدفوعات الآجلة :
هذه الوظيفة لا تعدو أن تكون امتداد للوظيفة الثانية للنقود ، أي مقياس للقيم الحاضر، فهي هنا تقيس المدفوعات التي يقع ميعاد استحقاقها في المستقبل .
والمدفوعات الآجلة تقرر في عقود تتفاوت مدتها وطبيعتها ، ومن هذه العقود السندات التي تصدرها الهيئات العامة والهيئات الخاصة كالحكومات والشركات علي التوالي ، فالذي يشتري سنداً حكومياً قيمته الاسمية 100 دينار وفائدته الثانوية 3% ومدته عشر سنوات ، يدفع للحكومة 100 دينار عن شراء السند ، ومقابل هذا يحصل علي هذه الوثيقة التي تخول له الحق في الحصول علي فائدة سنوية قدرتها ثلاثة دنانير آجل الحق مقوم بوحدات نقدية .
وينبغي أن نضيف هنا أن هذه الوظيفة بجانب كونها امتداداً للوظيفة الثانية ، إلا أنها ترتكز أساساً علي صفة القبول العام الذي يجب أن تتمتع بها النقود ليس فقط في الوقت لحاضر بل في المستقبل أيضاً . ونستطيع أن نستنتج أيضاً أن قبول الأفراد التنازل عن نقودهم في الوقت الحاضر لتسلمها في المستقبل ، لابد أن يتضمن اعتقاداً من جانبهم أن القوة الشرائية للنقود أو قيمتها مقدرة بسلع والخدمات ، ولا تنخفض في المستقبل وخاصة في الوقت الذي يتسلمون فيه المبالغ التي أقرضوها فلو حدث أن ساد الأفراد اعتقاداً بأن القوة الشرائية للوحدة النقدية سوف تنخفض في المستقبل ، فلابد أنهم يحجمون عن إقراض نقودهم ، خوفاً من الخسارة الحقيقية التي قد تلحق نتيجة لهذه العملية .
تعليقات