ما هو الادخار ؟ وما هو مفهومه وأنواعه ؟ |
بحث عن الادخار :
محتويات البحث :
(1) مقدمة عن الادخار .
(2) مفهوم الادخار .
(3) التمييز بين الادخار وبعض المصطلحات المرتبطة به .
(4) أهمية الادخار .
(5) أنواع الادخار .
(6) دوافع الادخار .
(7) محددات الادخار .
مقدمة عن الادخار :
يكتسي الادخار أهمية بالغة ، سواء تعلق الأمر بالأفراد أو بالاقتصاد ككل ، ويستمد هذه الأهمية من المكانة التي يلعبها في تكوين رأس المال الضروري لإحداث النمو المطرد ، وحفظ التوازنات الاقتصادية ، فإذا كانت سياسة الادخار تتمتع بالتنويع من حيث مصادرها ، فإنها من شأنها التقليل من فوارق التوزيع في المداخيل بين الأعوان المقترضين ، ولا يجب إغفال دور الادخار في احتواء الضغوط التضخمية التي قد تنشأ لو يتم توجيه كل المداخيل إلى الاستهلاك ( ارتفاع الميل المتوسط للاستهلاك ) .
كما أن التخصيص الجيد للادخارات المجموعة وتوجيهها نحو تمويل الاستثمارات المنتجة للثروة والتي تخلق مناصب شغل ، يعد من أولويات السياسات الاقتصادية في الدول ، لهذا حظي الادخار بقدر كبير من التحليل والدراسة والبحث ، ويرجع هذا الاهتمام إلى الدور المهم الذي يلعبه باعتباره متغيراً أساسياً بل محورياً إذا ما تعلق الأمر بالتنمية الاقتصادية .
مفهوم الادخار :
تعريف الادخار : تشتق كلمة ادخار في اللغة العربية من كلمة " زخر " والتي تعني خبأ لوقت الحاجة أو احتفظ بالشئ لوقت آخر ، أما بالنسبة للمفردات والمرادفات لمدلول الادخار مثل التوفير ، الاقتصاد ، الاحتياط ، وأحياناً الاكتناز . أما مدلوله اقتصادياً ، فيتمثل في الجزء المحتفظ به من الداخل أو المتحصل عليه ( المتاح ) بحيث تختلف غايات المدخر ، سواء كان فرداً أو مؤسسة أو دولة من تكوينه تبعاً لدوافعه والتي قد تكون لأجل استهلاكه لاحقاً أو تخصيصه لمواجهة أحداث طارئة بالمستقبل أو تسديد دين أو نفقات متوقعة مستقبلاً أو توجيه نحو الاستثمار للرفع من قدرته الإنتاجية أو توظيفه لدي المؤسسات المتخصصة .
أهم التعاريف الواردة حول الادخار هي :
1- ناتج النشاط الاقتصادي الذي لا يستهلك بل يوجه بطريقة تجعل له في المستقبل قدرة أكبر علي إشباع الحاجات .
2- نقل قوة شرائية معينة من المدخل إلى العمال الذين يقومون ببناء رؤوس أموال جديدة . وفي هذا السياق يري الاقتصادي الكلاسيكي آدم سميث أن ما يدخر سنوياً يستهلك سنوياً بصورة منتظمة وفي الوقت نفسه .
3- القسم من الدخل الذي يوجه لاقتناء رؤوس الأموال ، أو هو تحرير لكمية من عوامل الإنتاج ( الأرض والعمل ) من الاستهلاك لاستخدامها في تنشئة رؤوس أموال جديدة .
ومن نستنتج أن التعاريف السابقة تتفق في أن غاية الاحتفاظ بجزء من الدخل المتاح ، هو استعماله في الرفع من رأس المال وتوسيع الإمكانات الإنتاجية وبالتالي الحصول علي دخل أكبر مستقبلاً .
التمييز بين الادخار وبعض المصطلحات المرتبطة به :
بالنسبة للتميز بين الادخار والاكتناز :
حيث يتلازم استخدام مصطلح الاكتناز كثيراً مع الادخار ، إذ يتشابها في كونهما جزء من الدخل المتاح الذي لم يتم إنفاقه علي الاستهلاك ، إلا أنهم يختلفان في جوانب أخرى .
ففي اللغة العربية يشتق الاكتناز من كنز يكنز كنزاً ، إذا جمع المال بعضه إلى بعض سواء كان مدفوناً في الأرض أو علي ظاهرها ، وإن كان أصل الكنز يتعلق بتجميع جميع أصناف المال ولا يختص ببعضها كالذهب والفضة والنقود وغيرها ... أما اصطلاحاً ، فمدلول الكنز يتعلق بجمع المال وحجبه عن التداول ، وكل ما بهذا الوجه لا يوجه لأغراض التداول والإنتاج بل للاكتناز ، قد حرمه الخالق عز وجل صراحة في سورة التوبة الآيتان ( 34-35) نظراً لما له من آثار سيئة علي المجتمع .
ويقترب مفهوم الاكتناز الذي مفاده الاحتفاظ بالثروة في شكل نقدي ، من مفهوم كينز لما أطلق مفهوم " تفضيل السيولة " وهو يعني لجوء الأفراد للاحتفاظ بالسيولة لغرض مواجهة المخاطر . ويمكن اعتبار أنه إذا كان الاستهلاك هو بديل الادخار ، فإن الادخار والاستهلاك هما بديلا الاكتناز ، وإذا كان الادخار يتضمن التضحية بالاستهلاك الحاضر فإن الاكتناز يتضمن التضحية بالاستهلاك الحاضر والفوائد التي لن تعود علي الفرد عندما يمتنع عن إقراض أو استثمار الفائض الذي يتبقي من دخله بعد الاستهلاك .
ويتخذ الاكتناز صوراً وأشكالاً عديدة منها الاحتفاظ بالذهب والمعادن النفيسة ، والعملات الأجنبية والنقود السائلة كما يمكن أن تختلف المدة من قصيرة إلى طويلة ، وهناك من يعتبر الاكتناز قصير الأمد علي أنه ادخار احتياطي لأن هذه الأموال تمثل غالباً احتياطاً لمواجهة الاستهلاك المستقبلي ، تماماً كما يفعل الموظف الذي يحتفظ بمرتبه لينفقه خلال الشهر بانتظام ، وهذا الاكتناز القصير المدة لا يمكن تحويله إلى رأسمال عيني لأنه لا يتعدي فترة قصيرة من الاحتفاظ بالنقود ، ولا يسهم في زيادة دخل أو ثروة المجتمع ، ويبقى الاكتناز في نظر الاقتصاديين ظاهرة تضر التنمية الاقتصادية ولها انعكاسات سلبية علي الدول، وهي منتشرة في الدول النامية ، فعلي الرغم من أن تقدير حجم أو قيمة المكتنزات يظل أمراً صعب المنال ، إلا أن بعض الدراسات أوضحت أن الأفراد يكتنزون حوالي 10% من الدخل الوطني في دول الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا .
فالاكتناز الذي يعني الاحتفاظ بالنقود أو أي رصيد نقدي سائلاً عاطلاً ، والأكثر من ذلك أن الاكتناز السلبي هو الاحتفاظ برصيد عاطل ومدخرات نقدية جارية ، يحمل انعكاسات سلبية علي الصعيد الاقتصادي ، بحيث يؤدى إلى تباطؤ في سرعة الدورة النقدية ومن ثم إحداث انكماش في الاقتصاد ، أما في حالة ما إذا تم تحرير قسم من الاكتناز فقد تؤدى إعادة إدماجها ضمن وسائل الدفع الحالية إلى رفع مستويات التضخم .
وإجمالاً ، تحدث ظاهرة الاكتناز إذا ما انتشرت في اقتصاد ما اختلالات في الأسواق ، وتشوهات في المتغيرات الاقتصادية ، كالأسعار والتكاليف والنفقات ومعدلات الفائدة وأسعار الصرف ... مما ينجم عنه تفويت للمنفعة العامة والخاصة أيضاً بتعطيل المشروعات الإنتاجية وإعاقة التنمية الاقتصادية .
التمييز بين الادخار والثروة :
أما بالنسبة إلى التمييز بين الدخل والثروة حيث يتقارب مفهوم الثروة أو الأرصدة أو رأس المال مع مفهوم الادخار في كونها أصول مالية يتم الاحتفاظ بها ، إلا أن التمييز بينهما يقتضي البحث في مفهوم الثروة والتي تعني التراكم في لحظة ما والمحصل خلال عدد من السنوات أو الفترات السابقة ، ويضم الأصول العينية مضافاً إليها الأصول المالية ، في حين أن الادخار فيعبر عن التدفق النقدي لجزء من الدخل أو الناتج بعد اقتطاع الاستهلاك منه ، مما يعني أن الادخار ظاهرة اقتصادية نقدية ، علي الرغم من أن هناك تفاعلاً مستمراً بين الظواهر النقدية والعينية .
ويجري التمييز بين ثروة المجتمع وثروة الفرد ، أي أن الثروة علي المستويين الكلي والجزئي ، فإذا كانت الأخيرة تستعمل للدلالة علي الأصول الحقيقية والمالية التي يحوزها الفرد ( العقارات ، الأوراق المالية ، الحسابات البنكية ) ، فإن الأول تقتصر علي مجموع القيم المادية التي يملكها الأعوان ( مباني ، موارد طبيعية ، مخزونات السلع .... ) وبذلك الثروة علي المستوي الكلي تمثل الحيازات المادية خلال لحظة زمنية معطاة ، وبذلك فهي لا تشتمل علي الخدمات والأصول المالية ( نقود وأوراق مالية ) لانها لا تمثل في حقيقتها سندات ملكية لأصول حقيقية ، ولا يمكن التسليم بحساب الأصول المادية والقيم النقدية المتمثلة لها ( أي الأوراق المالية ) لأن ذلك سيؤدى إلى ازدواج في الحساب ، ويضاعف من حجمه الثروة الكلية بما لا يعكس الحقيقة .
ومن ، فالدخل يمثل تدفق نقدي يخلق قوة شرائية ويعبر عنه خلال فترة زمنية معينة كالدخل الشهري أو السنوي ... أما الثروة فيمثل رصيد في لحظة معينة قد يمثل هذا الرصيد سلعاً مادية أو غير مادية ، ويرتبط الدخل بالثروة في كون الثروة أو الرصيد هي التي تعمل علي تدفق الدخل ، حيث أن الآلات والأراضي وغيرها .... تندرج ضمن الأصول وهي تدر دخلاً ، كما أن تراكم الدخول بعد خصم الاستهلاك يؤدى إلى زيادة الثروة وهكذا .
التمييز بين الفائض الاقتصادي والادخار :
حيث يعتبر الفائض الاقتصادي الفعلي الفرق بين الإنتاج الجاري للمجتمع واستهلاكه الفعلي الجاري ، وهو بذلك يتطابق مع الادخار الجاري ، ولكنه يتميز عنه من حيث أن الادخار يأخذ مفهومه من الفرق بين الدخل الفعلي والاستهلاك الفعلي ، ولذلك فإن الفائض الاقتصادي في نظر الاقتصاديين أكثر إيجابية من الادخار ، وله التأثير الإيجابي علي الاقتصاديات ، فهو أداة لتوسعة الجهاز الإنتاجي وضبط وعقلنة استخدام الموارد لتحسين مستوي الدخل الحقيقي . ولذلك يجب العمل علي ترشيد العوامل المؤثرة فيه وهي : الإنتاج ، الدخل والاستهلاك ( أي ترشيد استخدام الموارد بين ما هو استهلاك ضروري وغير ضروري والعمل المنتج وغير المنتج ) .
أهمية الادخار :
يظهر دور الادخار جلياً في حياة جميع الأعوان الاقتصاديين بدون استثناء ، فهو مصدر أمان بالنسبة للأفراد فيما يتعلق بغموض المستقبل لديهم ، بحيث يمكنهم من مواجهة زيادة متطلبات الحياة اليومية ، وتحقيق مشاريعهم المستقبلية التي ترمي في الغالب إلى تحسين ظروفهم المعيشية والوصول إلى الرفاهية ، ومن الأفراد من يخطط لتمكين أبنائه من ثروة من بعده .
فبفضل الادخار المجمع ، يمكن للأفراد استهلاك قدر أكبر من السلع والخدمات مستقبلاً ، ولأجل بلوغ ذلك يجب عليهم التضحية أولاً بمقدار من الاستهلاك في الوقت الحالي ، أي الامتناع عن إنفاق كل الدخل الحاضر علي الاستهلاك الحاضر للوصول إلى ادخار جزء منه ، ويبقى هذا الادخار ضروري خاصة إذا تم توجيهه إلى اقتناء أصول تصدر هي الأخرى مداخل لأصحابها وتعمل علي توسعة ثروتهم مستقبلاً .
أما علي الصعيد الوطني ، فإن الادخار وبالإضافة إلى تمويل التنمية الاقتصادية الطموحة ، فإنه يقوم بوظيفة هامة في معالجة ميزان المدفوعات ، فالدول في العادة تلجأ إلى مدخراتها من ذهب ومعادن نفيسة وعملات أجنبية لمواجهة التقلبات الدورية في موازينها .
وكما سبق الإشارة إليه سابقاً ، فإن الادخار من شأنه أن يساهم في سد الطريق أمام المصادر التضخمية وضغوطه ، وبالتالي يعد وسيلة لتحقيق الاستقرار النقدي للاقتصاد ، ويكون ذلك من خلال توجيه الموارد المالية الفائضة نحو الادخار بدل التوسع في العملية الاستهلاكية ، والذي قد يزيد من مستوي الطلب الكلي مما يدفع بمستوي الأسعار إلى الارتفاع وبالتالي إحداث التضخم الذي يعيق تحقيق التنمية ويؤدى إلى تآكل المدخرات المالية ، وفي حالة عدم التمكن من تلبية الطلب المحلي المرتفع بالسلع والخدمات المحلية ، فسوف يتم اللجوء إلى الاستيراد من الخارج ، وهذا ما سيؤدى إلى تبديد الادخارات المجمعة .
وبالعودة إلى الفكر الاقتصادي ، نجد أن أهمية الادخار كانت محل دراسة وتحليل من جميع المدارس الاقتصادية ، فالمدرسة الكلاسيكية التي اهتمت بضرورة تكوين التراكم الرأسمالي لزيادة الاستثمار وتحقيق الثروة ، قد ركزت علي فكرة أساسية لأجل بلوغ ذلك ، فوفقاً لنظرهم فإن رفع أرباح الطبقة الرأسمالية هو السبيل الأمثل علي اعتبار أن هذه الطبقة هي التي تقوم بالادخار والتراكم الرأسمالي .
ولقد نادي دافيد ريكاردو بفكرة " أجر الكفاف " وأن يوجه الدخل نحو الأرباح ، أي أرباب العمل وليس الأجور أي الموظفين ، لأن الرفد من أجور العمال يعد قيداً علي التراكم ، وبالتالي يجب الحفاظ علي مستوي أجرى يغطي احتياجاتهم اليومية فقط .
وبالتالي فإن المشكلة المطروحة في وجهة نظر الفكر الكلاسيكي ، هو البحث عن رفع التراكم الرأسمالي لزيادة الإنتاج ، أي هو مشكلة العرض كما تنص عليه الفريضة الأساسية في البناء الفكري الكلاسيكي ، والمتمثلة في قانون المنافذ لجون باتيس ساي . كما أولى جون مينارد كينز ، والذي انطلق من انتقاد فرضيات الفكر الكلاسيكي ، جانباً من الأهمية في دراسة وتحليل ظاهرة الادخار / الاستهلاك .
فكانت أهم أفكاره حول هذه الظاهرة الاقتصادية تتمثل في اعتباره أن الدخل هو حجر الزاوية في نظرية المستهلك ( العوامل المتحكمة في تحديد الاستهلاك وكذلك الادخار ) ، وخلاصة ما توصل إليه هو أن الادخار يتأثر في الفترة القصيرة بالدخل المتاح فقط لأن العوامل الأخرى ( الموضوعة والشخصية ) لا تتغير في الأجل القصير .
ولقد فتح هذا التحليل المجال أمام اهتمامات الباحثين الآخرين ( Kuznets , 1946 ) الذي قام بدراسة العلاقة بين الاستهلاك والدخل في الو . م . أ فترات طويلة ( 1938 - 1969 ) ومن جملة ما توصل إليه التحفظات حول التحليل الكنزي ، ولقد تبلور ذلك في إعادة توضيح نظرية كينز فيما يخص الدخل والتي أصبحت تعرف بنظرية الدخل المطلق ، ونظراً لأهمية الادخار كمتغير اقتصادي يتأثر ويؤثر بدوره في متغيرات أخرى ، فقد واصل الباحثون الاهتمام بالبحث كمتغير اقتصادي يتأثير ويؤثر بدوره في متغيرات أخرى ، فقد واصل الباحثون الاهتمام بالبحث فيه وكان ظهور كان من نظرية الدخل النسبي ونظرية الدخل الدائم .
أنواع الادخار :
ينقسم الادخار حسب طبيعة المدخرين إلى نوعين وهما :
1- ادخار اختياري :
ويتمثل في ذلك النوع من الادخار الذي يصدر عن الأفراد عن طواعية وبمحض إرادتهم واختيارهم وبحرية تامة ويقدم فيه عنصر الإكراه ، وتتولي الدولة القيام بالإجراءات الكفيلة بتحفيزهم إلى القيام بالادخار وتوجيه المدخرات إلى القطاع الإنتاجي مثل مدخرات القطاع العائلي ومدخرات قطاع الأعمال الخاص .
2- ادخار إجباري :
ويقصد به ذلك الادخار الذي تنعدم فيه حرية أطراف النشاط الاقتصادي ويتمثل في احتجاز من الدخل عن الإنفاق ويفرض علي الأفراد أو المشاريع بمقتضي قوانين ولوائح لا يستطيعون مخالفتها وله أربعة أنواع وهي :
- فائض الميزانية العامة .
- فائض قطاع الأعمال .
- التأمينات الاجتماعية .
- التضخم النقدي .
دوافع الادخار :
تختلف دوافع الإنسان نحو الادخار من شخص لآخر بسبب قوتها أو ضعفها وهذا الاختلاف قد يرجع للعوامل التالية :
1- الطبقة العمرية :
التي ينتمي إليها فبالقطع تختلف ميول ودوافع الادخار لدي الطفل عن الشاب عن كبار السن .
2- البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد :
وتتمثل في الطبقة الاجتماعية والمستوي التعليمي والثقافي .
3- الحياة الثقافية :
التي يحيا خلالها الإنسان حيث أن أن التنشئة الثقافية تلعب دوراً هاماً في تأثيرها علي شخصية الإنسان تجاه كل أمور حياته .
ويمكن إجمال أهم دوافع الادخار بصفة عامة فيما يلي :
قد تقوم بعض المؤسسات أو الشركات باقتطاع جزء من أرباحها والاحتفاظ بها ( ادخارها ) بهدف استغلالها لفرص استثمارية جديدة وتعظيم أرباحها .
أما بالنسبة للأفراد فقد يقوم بالادخار لأغراض مختلفة :
- قد يدخر الفرد لغرض الإنفاق في المستقبل لقضاء حاجة في نفسه ( شراء منزل ، سيارة ... ) .
- قد يدخر لكي يؤمن لنفسه ضد عاديات الزمن .
- قد يدخر لأنه يتطلع لترك ثروة إلى ذريته من بعده .
- يدخر لأنه يسعي للاستمتاع بجمع المال حباً في المال .
- قد يدخر لأنه يتطلع للقوة والجاه والأمان مما ينطوي عليه جمع الثروات واقتناء المال الوفير .
- قد يدخر لأن توفير الاعتدال في الإنفاق عادة متأصلة في نفسه لها قيودها وانعكاساتها علي سلوكه الاقتصادي ونلخص من ذلك أن مختلف الأفراد يقومون بالادخار والاستثمار لأغراض مختلفة مستقلة بعضها عن البعض الآخر إلى حد كبير .
محددات الادخار :
أولاً : المحددات الداخلية :
1- الدخل ونظرياته :
بما أن الادخار جزء من الدخل الذي لم يستهلك فإننا نجد أن العوامل التي تحدد الاستهلاك تحدد في نفس الوقت الادخار ، وعلي هذا فإن كينز اعتبر أن الدخل المتاح هو المحدد الأساسي لكل من الادخار والاستهلاك عكس التقليدين الذي أعطوا أهمية بالغة لسعر الفائدة واعتبروها المتغير المستقل والوحيد المحدد لمتغيرات الادخار .
2- سعر الفائدة :
إذا كان الادخار يعبر عن ذلك الحرمان من الاستهلاك لفترة من الوقت فإن سعر الفائدة هي المكافأة التي يستفيد بها المستهلك نتيجة لحرمانه المؤقت ولهذا فإن تأثير سعر الفائدة علي الادخار كان محل جدل ونقاش الكثير من الاقتصاديين .
فلقد اعتبر الكلاسيكيين أن الفائدة هي عائد الادخار ولذلك فإنهم ذكروا أنه كلما زاد سعر الفائدة كلما زاد مستوي الادخار وبالتالي قل مستوي الاستهلاك ولكن يلاحظ أن هذا الغرض لا يكون صحيحاً إلا إذا كان الهدف من الادخار هو مجرد تحقيق عائد في المستقبل ، أما في الحالات التي يكون فيها الادخار بغرض الطوارئ المستقبلية أو لأغراض اجتماعية كالتعليم مثلاً فإن ارتفاع الفائدة في الوقت الحاضر قد يقلل من مستوي الادخار ، وبالتالي يزيد من مستوي الاستهلاك ، بينما سعر الفائدة في نظر كينز هو ذلك السعر الذي يحقق التعادل بين كمية النقود التي يرغب الأفراد الاحتفاظ بها وبين الكمية الإجمالية للنقود التي عليه بعد التوظيف .
3- حجم الثروة :
هناك من يشر إلى وجود علاقة طردية بين مستوي الاستهلاك والادخار وحجم الثروة فلو أن شخصان يتساوي دخلهما الشهري ولكن أحدهم يستمد دخله من العمل والآخر يستمد دخله من ثروة يملكها كالأرض مثلاً فإنه من المتوقع أن ينفق الثاني نسبة من دخله علي الاستهلاك أكبر من التي ينفقها الأول .
والسبب في ذلك هو أن الأول عليه أن يدخر جزءاً أكبر من دخله لمواجهة الطوارئ المستقبلية أو ليعيش منه عندما يتقاعد عن العمل أما الثاني فإنه يدخر نسبة أقل من دخله لاطمئنانه علي مستقبله من حيث وجود مصدر شبه دائم للدخل حاضراً أو مستقبلاً ، وهذا يعني أنه كلما زاد حجم الثروة زادت نسبة الاستهلاك من الدخل وقلة نسبة الادخار .
ثانياً : المحددات الغير الدخيلة :
وتشتمل علي الآتي :
1- معدل التضخم :
ويعرف علي أنه " الارتفاع العام في المستوي العام للأسعار المصاحبة للزيادة في كمية النقود المتداولة في السوق ، وهو يعني أن التضخم يتوافق ويتلاءم تماماً مع الزيادة في كمية النقود ، وينشأ التضخم في حالة اختلال التوازن بين كمية السلع والخدمات المعروضة في السوق والطلب عليها وذلك بزيادة هذا الأخير بشكل مستمر خلاف العرض الذي يكون شبه ثابت أو مستقر ، ويعمل التضخم علي اضعاف ثقة الأفراد بالعملة وبالتالي حافز الادخال في بعض الحالات .
2- العوامل الديموغرافية :
لقد احتلت العلاقة بين النمو السكاني والادخار مكاناً بارزاً في العديد من نماذج النمو ، حيث توصلت الدراسات الحديثة إلى أن العوامل السكانية يمكن أن تؤثر علي الادخار ، إذ كلما ارتفاع معدل النمو السكاني تباطؤ معدل نمو رصيد راس المال العامل في المجتمع ، ويمكن هذا التأثير في أثر معدل الإعالة علي كل من الادخار الخاص والحكومي .
3- حصيلة الصادرات :
تعتبر الصادرات من مكونات الدخل إذ تعتبر من الانفاق الأجنبي علي السلع والخدمات المنتجة في الداخل والتي تم بيعها خارج الوطن ، ويتسبب هذا الإنفاق الأجنبي في خلق دخل للبلد المصدر ، مما يؤدى إلى خلق أصول رأسمالية ، لذا تعتبر حصيلة الصادرات مصدر دخول مرتفعة العوامل المؤثرة علي الدخل القومي والذي بدوره يؤثر علي الادخار القومي الذي يعتمد علي الدخل .
4- حصيلة الضرائب :
تعتبر الضريبة أداة فعالة في التحفيز علي الادخار وتوجيهه نحو الاستثمارات المنتجة وتستخدمها الدولة للتأثير في الطلب الكلي ومستوي الناتج القومي وفي توزيعه بين الفئات الاجتماعية والأقاليم المختلفة داخل الدولة ، كما أن للضريبة أثر علي كل من الادخار الحكومي والخاص .
5- التمويل الخارجي :
التمويل الخارجي هو ذلك التدفقات المالية التي تعترضها من الخارج لسد فجوة الموارد المحلية الناتجة عن قصور المدخرات المحلية عن الوفاء بحجم الاستثمارات المطلوبة وقصور الصادرات عن تغطية الواردات ، ومن ثمة لابد من تغطية هذه الفجوة عن طريق الموارد المالية الأجنبية الإضافية وهذه الموارد أنواع منها : المعونات الأجنبية والقروض الأجنبية الخاصة ، وللتمويل الخارجي آثار سلبية إذ أنه يمكن أن يؤدى إلى تباطؤ جهد الدولة للتنمية وتعبئة الادخار المحلي ، كما يمكن أن يكون له آثار إيجابية علي الادخار الإجمالى من خلال تأثيرات القروض والاستثمارات الأجنبية علي الدخل المحلي .
6- العوامل الاجتماعية والسياسية :
إن عملية الادخار لها نظرة مختلفة عند مستوي كل من الفرد والمجتمع وهذا راجع إلى عدة اعتبارات وعوامل من بينها اختلاف الحالات الاجتماعية والسياسية والثقافية للأفراد ومدى تمسكهم بالمعتقدات الدينية وبالعادات والتقاليد واختلاف وعيهم الادخاري ، فالبعض يعتبر أن الادخار فيه عالية بمعني أن هناك علاقة طردية بين الادخار والدخل أي زيادة الدخل تؤدى بالضرورة إلى زيادة الادخار والبعض الآخر ينظرون عكس ذلك .
تعليقات