U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

مفهوم إدارة الدين العام وأهميتها ومشاكلها

مشاكل إدارة الدين العامل
ما هو مفهوم إدارة الدين العام ؟ وما هي أهميتها ومشاكلها ؟ 

بحث عن إدارة الدين العام : 

محتويات البحث : 

(1) مفهوم إدارة الدين العام . 

(2) مشاكل إدارة الدين العام . 

(3) أهمية إدارة الدين العام . 

مفهوم إدارة الدين العام : 

يقصد بإدارة الدين العام ، بأنها الإدارة المكلفة باتخاذ كافة التدابير والقرارات التي تؤثر في حجم وتوزيع الدين العام ، شاملة القرارات السياسية المالية التي تؤثر في حجم الدين العام ، فضلاً عن عمليات السوق المفتوحة التي تؤثر في توزيع هيكل الدين ، سواء من حيث آجال الاستحقاق أو أسعار الفائدة . 

وكذلك تعمل إدارة الدين العام علي تدبير الأموال اللازمة لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة ، عن طريق إصدار قروض جديدة ، أو تثبيت دين حل أجل استحقاقه ، وكذلك توفير الأموال اللازمة لخدمة الدين العام ، واستهلاك الدين الذي حل أجله ، وبالتالي ينصب عمل إدارة الدين العام ، في الأمور المتعلقة بإصدار وخدمة واستهلاك وتحويل أو تثبيت الدين فقط ، دون أن تمتد إلى التأثير في حجم الدين ذاته سواء بالزيادة أو النقص ، لأن ذلك هو من أعمال السياسة المالية . 

وبحسب هذا المفهوم ، فإن إطار عمل إدارة الدين العام ، ينحصر في الإجراءات والقرارات والتدابير الخاصة بتحديد أنواع السندات التي يمكن إصدارها لتمويل الاحتياجات المالية للخزانة العامة ، وتحديد أنواع السندات التي يتم ردها أو استهلاكها عندما يتحقق فائض في الموازنة العامة ، أو من خلال إصدار دين جديد . 

كما تقوم إدارة الدين العام بتحديد مواقيت بيع هذه السندات ، وآلية الإصدار ووسائل تسويقها ، بما يكفل توفير احتياجات الخزانة العامة بالقدر المطلوب ، وفي الوقت المناسب . 

ومن هنا يتضح أن تحديد قيمة القروض الجديدة المصدرة لسد عجز الموازنة العامة ، أو تسديد جزء من الدين القائم من الفائض المتحقق في تلك الميزانية إنما يدخل في نطاق عمل السياسة المالية ، ولا يدرج ضمن مهام إدارة الدين العام . 

كما أن القرارات المتخذة من قبل البنك المركزي والتي تؤثر في عرض النقود من خلال ممارسته لعمليات السوق المفتوحة والتي تحدد مقدار وحجم هذا التدخل ، فإن ذلك يقع ضمن اختصاصات السياسة النقدية . أما بالنسبة لعمليات السوق المفتوحة التي تهدف إلى التأثير في مكونات الدين العام ، فتمثل أحد مهام سياسة الدين التي يقوم بها البنك المركزي . 

مشاكل إدارة الدين العام : 

تواجه إدارة الدين العام العديد من المشاكل تتمثل أهمها في الآتي : 

1- التعارض بين أهداف إدارة الدين العام : 

إن تعدد أهداف سياسة الدين العام سواء علي المستوي الكلي أو الجزئي قد يخلق تعارضاً بين تلك الأهداف في كثير من الحالات ، وهو ما يستوجب التنسيق فيما بينها ، وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر المفاضلة بين هذه الأهداف والتضحية ببعضها . 

فعلي المستوي الجزئي ، قد تنحصر أهداف إدارة الدين في التدبير الاحتياجات المالية اللازمة لتمويل عجز الموازنة ، مع خفض تكاليف خدمة الدين العام إلى أقل قدر ممكن ، وسداد ما يستحق من قروض . 

وهناك يلاحظ أن تدبير احتياجات الخزانة لتمويل عجز الموازنة العامة يتطلب إطالة أجل الدين الذي حل أجل استحقاقه ، وهذا يتضمن سعر فائدة أعلى ، وهو ما يظهر تعارضاً بين عملية تثبيت الدين وتقليل أعباءه ، وإن كان هناك من يقلل من هذا التعارض في ظل التعاون بين البنك المركزي وإدارة الدين العام . 

وقد يتسع هذا التعارض إذا أخذنا في الاعتبار العلاقة بين أهداف إدارة الدين العام علي المستوي الجزئي ، وأهداف الاستقرار والنمو الاقتصادي فإذا ما تم التركيز علي تحقيق أحد الأهداف الجزئية مثل تخفيض سعر الفائدة علي القروض العامة ، فإن ذلك يمكن أن يتحقق إذا استغلت إدارة الدين العام ظروف السوق المالية ، رغم أن ذلك سيتعارض مع أهداف الاستقرار الاقتصادي . 

ففي أوقات الانكماش تنخفض أسعار الفائدة علي القروض قصيرة الأجل وبالتالي يمكن لإدارة الدين العام أن تطيل من أجل الدين العام وبأقل تكلفة ممكنة ، إلا أن هذا يتعارض مع أهداف السياسة النقدية التوسعية التي يجب أن تطبق في هذه الحالة . 

إن اتباع إدارة الدين العام لهذا الإجراء يقلل من جدوي السياسة المالية التوسعية والتي تزيد من عجز الميزانية العامة ، مع ضرورة تمويل هذا العجز بالشكل الذي يؤدى إلى زيادة السيولة لدي الأفراد وزيادة تيار الإنفاق أي أنه لا يجب تمويل عجز الموازنة العامة علي حساب الإنفاق الخاص . 

أما في حالات التضخم التي ترتفع فيها أسعار الفائدة علي القروض طويلة الأجل بصورة أكبر من ارتفاع أسعار الفائدة علي القروض قصيرة الأجل، فإن إدارة الدين العام ، إذا استهدفت التقليل من تكاليف خدمة الدين فقط ، فإنها تستطيع أن تزيد من درجة سيولة الدين العام ، وتعتمد بالتالي علي القروض قصيرة الأجل ، وهو ما يتعارض مع متطلبات السياسات الانكماشية التي يجب أن تتبع في هذه الحالة . 

2- التنسيق بين أهداف إدارة الدين العام : 

كما أن التعارض يمكن أن يقوم بين إدارة الدين العام والبنك المركزي ويتمثل ذلك التعارض بين مهمة البنك المركزي في التحكم والرقابة علي الائتمان بحسب متطلبات الاستقرار الاقتصادي ، وبين ضرورة الإبقاء علي ظروف السوق المالية بشكل يتناسب مع احتياجات الخزانة للتمويل وبأقل التكاليف . ويمكن السيطرة علي هذا التعاضر أو التقليل من آثاره من خلال التضحية ببعض الأهداف الجزئية الأقل أهمية . 

وبالرغم من عدم تعارض الأهداف الأساسية للسياسة النقدية في أغلب الأوقات ، مع السياسة المالية المتعلقة بالضرائب والإنفاق العام ، إلا أن التعارض قد يحدث في الأهداف التقليدية لإدارة الدين العام ( سعر الفائدة ) والذي يمثل أحد أدوات السياسة النقدية ، في حين أنه يشكل عبئاً علي الخزانة العامة . 

ولكي تستطيع سياسة إدارة الدين العام من تحقيق أهدافها ، فلابد لها من اتباع البدائل الثلاثة التالية : 

البديل الأول : ويتمثل في انتهاج سياسة سلبية تجاه أهداف الاستقرار الاقتصادي ، بمعني السير باتجاه معاكس لمتطلبات السياسة النقدية إزاء تحقيق الاستقرار الاقتصادي . 

إن اتباع هذه السياسة ، تعني عدم الاستخدام لأحد الأدوات الهامة للسياسة الاقتصادية في ماجهة المشاكل القائمة ، وكذلك الاستخدام الخاطئ لتلك الأداة ، هو من الخطورة بمكان يصعب التنبؤ بنتائجها ، وبالتالي يجب استبعاد هذا البديل . 

ويتمثل البديل الثاني في اتباع سياسة محايدة للدين العام أمام أهداف الاستقرار النقدي ، من خلال زيادة مرونة إدارة الدين العام وذلك من خلال تقليل أوجه التعارض باختيار الطرق المناسبة لإصدار القروض العامة ، من حيث آجالها وقابليتها للتسويق واسعار الفائدة عليها . 

فإذا كانت السياسة المالية تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وابتعت الأسلوب التقليدي في تحقيق فائض في الموازنة في أوقات التضخم فإن إدارة الدين العام لن تكون بحاجة للاقتراض في الوقت الذي يقوم فيه البنك المركزي بتغيير سوق الائتمان . 

ويمكن تجنب الآثار الجانبية التي تصاحب إعادة تمويل الدين عن طريق إصدار قروض جديدة ، خصوصاً عندما لا يحدث تغير في سعر الفائدة ، حيث تكون إدارة الدين العام قد حافظت علي هيكل آجال الدين دون زيادة في التكاليف . 

وبالتالي فإن اتباع سياسة محايدة سيكون ، هنا بظروف وحالات معينة ، ولن يقضي علي احتمالات التعارض بين هذه الأهداف ، وتجريد السياسة الاقتصادية من أحد أدواتها التي يجب أن تستخدم مع بقية الأدوات في تحقيق الاستقرار الاقتصادي . 

أما البديل الثالث ويتمثل في انتهاج سياسة إيجابية للدين العام تساهم مع بقية الأدوات في تحقيق أهداف التوازن الداخلي والخارجي ، وهذا يستدعي التنسيق بين إدارة الدين والسياسة النقدية والمالية وتجاوز المشاكل التي قد تقود إلى التعارض بين أهداف هذه السياسات . 

ففي أوقات الكساد الاقتصادي ، يتطلب الأمر البحث عن الوسائل المناسبة لتحقيق الانتعاش للاقتصاد الوطني ، ويكون ذلك عبر التعاون والتنسيق بين أدوات السياسة الاقتصادية أمراً ضرورياً . 

حيث يمكن للسياسة المالية أن تخلق عجزاً في الميزانية العامة لتبدأ مهمة إدارة الدين العام في تدبير الأموال اللازمة لسد عجز الموازنة بالوسائل التي تدعم الأثر التوسعي للعجز ، حيث يمكن اللجوء إلى الاقتراض من الجهاز المصرفي لخلق أرصدة نقدية دون التأثير علي الإنفاق الخاص . إن حالة الكساد تعطي إدارة الدين العام فرصة تقليل أعباء سعر الفائدة إذا لجأت إلى القروض طويلة الأجل ، إلا أن ذلك سيكون متعارضاً مع جهود الاستقرار النقدي التي يبذلها البنك المركزي . 

أما في حالة الرواج الاقتصادي ، يكون الهدف للسياسة الاقتصادية كبح جماح القوي التضخمية ، فإن التنسيق بين هذه الأدوات يتطلب أن تقلل إدارة الدين العام من طلب القروض قصيرة الأجل ، خصوصاً وأن اعتماد الخزانة علي البنك المركزي والجهاز المصرفي لتمويل احتياجاتها المالية ( في مثل هذه الظروف ) سوف يخلق مصاعب جديدة للسياسة النقدية تقلل من قدرتها علي التحكم في السيولة وعرض النقود . 

أهمية إدارة الدين العام : 

يعود الاهتمام بإدارة الدين العام ، إلى تنامي حاجة الخزانة العامة للاقتراض في مواجهة العجز المضطرد للميزانية العامة في معظم دول العالم ، والتوسع في الإنفاق العام إلى مستويات تفوق الإيرادات العامة لتلك الدول . فضلاً عن زيادة الحاجة إلى استبدال جانب من الديون العامة ، عندما لا تتوفر الموارد اللازمة للوفاء بها ، الأمر الذي أدى إلى تزايد حجم الدين العام بصورة ملحوظة . 

وتستند هذه الأهمية للعديد من الاعتبارات ، نتيجة للدور الذي يلعبه الدين العام في الاقتصاد القومي ، سواء من حيث حجم هذا الدين ، ووسائل تمويله ، أو ما يترتب عليه من آثار مالية واقتصادية ، وما تعكسه أعباء خدمة الدين من ضرورة توفير الموارد اللازمة لمواجهة هذه الأعباء سواء من الإيرادات العامة أو من الاقتراض الجديد . 

كذلك تستمد إدارة الدين العام أهميتها ، نتيجة لما تمثله أعباء خدمة الدين من أعباء مالية علي الاقتصاد القومي ، وما يترتب علي ذلك من نمو لحجم الدين وارتفاع سعر الفائدة علي القروض العامة ، إضافة إلى الآثار التي تلقي بظلها على الاستقرار المالى والنقدي وتوزيع الدخل القومي . 

كما أن أعباء خدمة الدين العام تعكس نفسها علي حجم الضرائب أو القروض الجديدة اللازمة لمواجهة هذه الأعباء ، خاصة إذا مثلت مدفوعات الفائدة وسداد أصل الدين جانباً هاماً من الدخل القومي . وهذا من شأنه أن يخلق ضغوطاً إضافية علي الاحتياجات الإضافية للخزانة العامة ، وإن كان هدف تخفيض أعباء الدين قد تقلصت بجانب الأهداف الأخرى لإدارة الدين العام ، نظراً لما يؤدى إليه التضخم من انخفاض العبء الحقيقي للدين العام . 

وتمثل سندات الدين العام جانباً هاماً في الأوراق المالية المتداولة في السوق المالي ، علي اعتبار أن الخزانة العامة من أكبر المقترضين في هذه السوق بوجه عام ، ومعظم العمل في سوق الخصم ينحصر في أذون الخزانة العامة ، والتي تعتمد عليها البنوك التجارية كاحتياطي ثانوي هام في ميزانيتها نظراً لارتفاع درجة سيولتها ، كما تحتل الأوراق المالية الحكومية جانباً مهماً في المفحظة المالية لكثير من المؤسسات المالية والاقتصادية الأخرى . 

أضف إذى ذلك تأثير حجم ومكونات الدين العام علي مستوي وهيكل أسعار الفائدة وعرض النقود والضرائب العامة والإنفاق العام . في نفس الوقت تتأثر الأوراق المالية الحكومية في محفظة البنوك التجارية ، فضلاً عن تأثير عمليات إدارة الدين العام على سيولة حائزي القروض الحكومية ، وأثر ذلك علي تكاليف ووفرة الائتمان في السوق ، الأمر الذي ينعكس عليقرارات الإنفاق الخاص والإنفاق العام . 

ونتيجة لهذه الآثار الواسعة للدين العام علي التوزيع والتكوين الرأس مالي والنمو الاقتصادي ومستوي التشغيل والإنتاج ، وعلي الرغم من المشاكل التي تصاحب الدين العام ، إلا أنه أصبح الآن يمثل أحد الأدوات الأساسية في يد السلطات الاقتصادية بجانب السياسة النقدية والمالية ، خاصة من خلال تأثير هيكل الدين العام علي النمو والاستقرار الاقتصادي . 

وقد كانت الأدوات النقدية تمثل الأداة الوحيدة في يد السياسة النقدية لتحقيق هدف الاستقرار النقدي ، إلا أنه وفي أعقاب الكساد العظيم في الثلاثينات من القرن الماضي وانهيار التحليل التقليدي في التوازن العام ، أصبح للأدوات المالية وإدارة الدين العام دوراً أساسياً بجانب الأدوات النقدية للتأثير على مستوي التشغيل والإنتاج وتحقيق أهداف النمو والاستقرار الاقتصادي . 

وبالتالي فإن أهمية إدارة الدين العام لا ترجع فقط لتزايد حجم وعبء الدين العام وما ينتج عن ذلك من آثار مختلفة ، وإنما أيضاً لأن سياسة الدين العام أصبحت تمثل أحد أدوات السياسة الاقتصادية بجانب السياسة المالية والنقدية ، ومن ثم أصبح من الضروري قيام تعاون وتنسيق بين هذه الأدوات بما يكفل تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية . 

تعليقات