مفهوم الهوية التنظيمية وخصائصها ومكوناتها |
بحث عن الهوية التنظيمية :
محتويات البحث :
(1) مقدمة عن الهوية التنظيمية .
(2) ماهية الهوية التنظيمية وخصائصها .
(3) مفهوم الهوية التنظيمية .
(4) مكونات الهوية التنظيمية .
(5) خصائص الهوية التنظيمية .
(6) تصنيف الهوية التنظيمية .
(7) أشكال الهوية التنظيمية .
(8) نماذج الهوية التنظيمية .
(9) أهمية الهوية التنظيمية .
(10) أبعاد الهوية التنظيمية .
(11) نظريات الهوية التنظيمية .
مقدمة عن الهوية التنظيمية :
في ظل التغير السريع الذي يشهده العالم اليوم في الأعمال والإدارة وظهور مصطلحات جديدة في عالم الأعمال لم يعد يقتصر علي الاهتمام بالجوانب الاقتصادية والربحية فقط ، وإنما أصبح الاهتمام بالجوانب المعنوية التي تزيد من قوة وتماسك هذه التنظيمات ، حتى تضمن صورة مميزة لها مع باقي المنظمات الأخرى من ناحية ، وتفاعل وزيادة العلاقات الجماعية للأفراد داخل التنظيم من ناحية أخرى .
ولذلك نال موضوع الهوية التنظيمية وزاد الاهتمام بها لما لها من دور كبير في زيادة فعالية ونجاح التنظيمات في التأثير في سلوك العاملين والمنظمة ككل ، وتسهم في وضع إطار اتخاذ القرار في المنظمة وتساعد بالتوقع أو التنبؤ بما قد يحدث من السلوك للأفراد ويعد عاملاً نفسياً واجتماعياً يساعد في التحفيز والتسهيل من عملية الاتصال والاندماج المباشر في العمل المتعاون ، وهو الأمر الذي يسمح بإضفاء صفة التجانس بين الفاعلين داخل المؤسسة ، ومنه القضاء بشكل كبير علي كل أشكال الصراعات التي قد تحدث وإن حدثت فيكون صراع إيجابي تنافسي داخل التنظيم .
وهذا يقودنا إلى الحديث عن ماهية الهوية التنظيمية ، وخصائصها ، ونظريات الهوية التنظيمية وأبعادها .
ماهية الهوية التنظيمية وخصائصها :
لقد احتلت الهوية خلال العقود الأخيرة مكانة خاصة في كافة المجالات سواء العلوم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية ، فالهوية هي إرث الشعوب الذي يتكون عبر مراحل تاريخية متواصلة ودائمة التجدد بمواكبة التغييرات التاريخية ، وفي عمقها تتحدد كينونة الفرد ، وشخصية الإنسان .
مفهوم الهوية التنظيمية :
يعد مفهوم الهوية التنظيمية من بين المظاهر التي تعكس الخصائص والتصرفات التي توجهها المنظمة لأعضائها سواء تعلق بالمديرين ، وفرق عمل ، ولجان ، ومجالس ، وافراد ، ومتعاملين ، وهذا يظهر بالثقافة في كينونتها المرتبطة بوجود الإنسان واستعداده للحياة بصورها المختلفة ، وهو ما يميز بين بني البشر والمجتمعات ، وهو كذلك داخل المنظمات بمختلف مجالاتها ، وبالتالي فالهوية التنظيمية هي المرآة التي تعكس حقائق متصلة بمسار المنظمة وتطورها وفعاليتها ، وما تحويه من عمليات وفعاليات متنوعة ، وكذلك ترتبط بالسيرة الوظيفية لقادتها ومدرائها ، ومواردها البشرية .
تعريف الهوية لغة واصطلاحاً :
أولاً : تعريف الهوية لغة :
إن الباحث في المعاجم العربية الكلاسيكية مثل المصباح المنير والقاموس المحيط ولسان العرب يلاحظ خلوها من لفظ ( الهوية ) هذا المصطلح الحديث لا يعدو أن يكون مشتقاً كما هو واضح من الفعل هوي أي سقط من علو أو أن يكون معناه البئر القعر .
تعريف الهوية التنظيمية اصطلاحاً :
يعتبر عالم النفس الاجتماعي الأمريكي اريك سون من أوائل الذين استعملوا لفظ الهوية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية وفي عام 1950 فقد عرفها بأنها " عملية تتم في إطار الثقافة الاجتماعية للفرد ، وأنها ذات تأثير نفسي متزامن علي كافة المستويات الوظيفية العقلية ، والتي عن طريقها يستطيع المرء أن يقيم نفسه في ضوء إدراكه لما هو عليه ، وفي ضوء إدراكه لوجهة نظر الآخرين فيه ، وأنها عملية نفسية اجتماعية دائمة التغير والنمو ، وهناك العديد من التعريفات للهوية التنظيمية التي وضعها العلماء والباحثون ونتطرق الآن إلى أهم تلك التعريفات كالآتي :
1- تعرف الهوية التنظيمية بأنها " التزام العاملين وارتباطهم بقيم واهداف المنظمة ، هذا بالإضافة إلى شعورهم بالالتزام والولاء تجاهها ورغبتهم في البقاء للعمل بها والاستمرار في خدمتها " .
2- وتعرف الهوية التنظيمية علي أنها " حالة التوحد المدركة مع المنظمة والتعامل مع نجاح المنظمة أو فشلها علي أنه نجاح أو فشل شخصي ، حيث تشير الهوية إلى المدى الذي يعرف فيه الفرد نفسه بذات الخصائص والمزايا التي تعرف بها المنظمة التي يعمل فيها " .
3- كما تعرف الهوية التنظيمية علي المستوي التنفيذي بأنها " الدرجة التي تكون فيها الهوية الخاصة بالتنفيذيين وإدراكاتهم عن الهوية التنظيمية مترابطة ومتداخلة مع بعضها البعض حيث تؤدى الهوية إلى تحقيق التطابق في الأهداف ، فالهوية التنظيمية شكل من أشكال التماثل الاجتماعي " .
4- كما هناك من يري الهوية التنظيمية بأنها " تتصف بمدى انتماء العاملين للمؤسسة ككل بدلاً من الوحدات التي يعملون فيها أو مجال تخصصهم المهني " .
5- كما تعرف بأنها " فهم أعضاء المنظمة الجماعي للسمات الأكثر جوهرية / مركزية في المنظمة التي تميزها عن غيرها ، وتتصف عادة بالاستمرارية " .
6- كما تعرف بأنها " ترتبط بالتنشئة الاجتماعية التي تخص مرحلة من مراحل الفرد الحياتية ، وهي مرحلة التحاقة بالعمل ، ويقصد بها تلك العملية التي يصبح بواسطتها الفرد مندمج بالعمل ، وتشتمل علي جميع عمليات تطوير المهارات والقدرات الخاصة بالعمل ، واكتساب مجموعة من أنماط السلوك التي تتناسب مع العمل ، وينتج عنها عملية التكيف مع معايير وقيم جماعة العمل ، وتتكون من خلال جهود القادة لإتمام عملية التنشئة التنظيمية ، وذلك من خلال تقريب الهوية الثقافية بين العاملين من خلال الهوية التنظيمية " .
7- وكذلك تعرف بأنها " الشخصية المميزة للمنظمة التي تم إدراكها من خلال القيم المنتشرة ، والتي تظهر في اتصالات المنظمة بالخارج " .
8- كما تعرف بأنها " ما يشعر به أفراد المنظمة ، وما يفكرون به ، وما يحملونه من اتجاهات ، ورؤي مشتركة تجاه منظمتهم قيماً وفلسفة ، وهياكل تنظيمية ونمط عمل ، والتي تتشكل عن طريق العديد من العوامل والمؤثرات " .
9- كذلك تعرف بأنها " تشكل الصورة الانطباعية في أذهان الأفراد تجاه منظماتهم بجوانبها السلبية والإيجابية ، إذن يمكننا القول بأن الهوية التنظيمية هي الصورة الانطباعية الداخلية ، وتعتبر تلك الصور انعكاسات ديناميكية لطبيعة الثقافة التنظيمية " .
10 كما هناك من عرفها بأنها " تعبر عن إدراك مشترك بوجود تفسيرات عمن تكون هذه المنظمة " .
11- وأخيراً هناك من عرفها بأنها " القيم الجوهرية والمعتقدات التي توجه تصرفات العاملين بالمنظمة ، إذ يكون للإدارة العليا دور أساسي في تشكيلها ، والإجابة عن السؤال " من نحن ؟ " كمنظمة ، فذلك يؤثر في تفسير الأمور وتحديد التهديدات عن صياغة الاستراتيجية والاتصال بالخارج وحل النزاعات التنظيمية " .
ومن خلال هذه التعاريف نستنتج أن الهوية التنظيمية هي تلك الخصائص التي تميز المؤسسة عن غيرها ، وإن للإدارة الدور الأكبر من حيث تحديد معالم الهوية التنظيمية أما الفاعلين داخل المؤسسة ، مما يقوي وينمي مستوي الاختلاط والانتماء للتركيبة البشرية العمالية ، ليكون سلوكهم متطابق لسلوك ممارساتهم العلمية ، مما يكون له الفضل في تعزيز خصائص الأفراد .
مكونات الهوية التنظيمية :
ترتبط مكونات الهوية الإنسانية من خلال شبكة العلاقات التي تتمثل في خصائص مشتركة وهي كالآتي :
1- الثقافة الشعبية المشتركة بين فئات المجتمع .
2- ذاكرة تاريخية مشتركة للأمة .
3- الوطن التاريخي والجغرافي المشترك .
4- منظومة حقوق وواجبات مشتركة ، يقدمها المجتمع لتنظيم العلاقات بين الدولة والأفراد مع بعضهم .
كما أن عناصر الهوية الإنسانية فردية كانت أو جماعية لا تنحصر في العناصر المادية فقط بل تتعداها إلى مجموعة أخرى من العناصر وهي :
1- العناصر المادية والفيزيائية :
وتشمل الخيارات ( مثل الاسم والسكن والملبس ) ، والقدرات الاقتصادية والعقلية والتنظيمات المادية والانتماء الفيزيائية والسمات المورفولوجية .
2- العناصر التاريخية :
وتشمل علي الأصول التاريخية ، والآثار التاريخية .
3- العناصر الثقافية والنفسية :
وتتضمن ( الثقافة ، العقائد والأديان ، نظام القيم ووصول التعبير الأدبي والفني ) ، والعناصر العقلية مثل ( النظرة إلى العالم ، الاتجاهات والمعايير الجمعية والنظام المعرفي مثل ( السمات النفسية الخاصة ، واتجاهات نسق القيم ) .
4- العناصر النفسية الاجتماعية :
وتضم الأسس الاجتماعية مثل ( السكن والجنس والمهنة ، السلطة والدور الاجتماعي والانتماءات ) والقدرات الخاصة بالمستقبل مثل ( القدرة والإمكانية والتكيف ونمط السلوك ) .
ومن خلال هذا الطرح نري أن للهوية عناصر هامة تتكون منها تتمثل في خصائص مشتركة ومرتبطة فيما بينها . العناصر التي تتشكل منها هوية العناصر المادية ، والتاريخية والثقافية النفسية ، وعناصر النفسية الاجتماعية كل هذه العناصر تخلق القيم والمعتقدات والمعايير .
خصائص الهوية التنظيمية :
تتكون المنظمة من الأفراد الموجودين بها حيث ترتبط الهوية التنظيمية بالبعد الإنساني ارتباطاً قوياً أصيلاً من خلال تفاعله في التنظيمات ، كما إن النشاط غالباً ما يتم بالانسجام ، وهو الأمر الذي يميزها عن باقي المؤسسات ، وبالتالي تعطي للمنظمة وللأفراد خصوصيات تميزها وبها توجد خصائص وسمات يتميز ويتمتع بها مصطلح الهوية التنظيمية يتم إيضاحهم فيما يلي :
1- عم استقلالية المصطلح :
فالهوية التنظيمية تؤخذ في أغلب الأحيان علي أنها البحث عن الاعتراف من قبل الآخرين في إطار بيئة العمل ، إلى جانب أنها محصلة للتنشئات المتتالية عبر تجارب العمل الفردية ، بحيث هذين المعنيين يمثلان الاتجاهين الرئيسيين في سوسيولوجيا الهوية التنظيمية ألا وهما سينسوليو ودوبار اللذان يتفقان علي ربط مفهوم الهوية التنظيمية بالظروف التي تتشكل فيها فهي إما نتاج التنافس والصراع داخل جماعة العمل أو صيرورة تعلم تعتمد علي التجارب الفردية للعمال .
2- ارتباط المصطلح بالفئة السوسيومهنية :
حاول " دوبار " تطوير المفاهيم التي قدمها " سينسوليو " حول التجارب العلائقية ، حيث يربط الهوية التنظيمية بالتقاء سيرورتين مختلفتين ، بحيث تتعلق الأولي باكتساب الهوية في التنظيم وفاعلين يتفاعل معهم الفرد ، بحيث لا يمكن تحليلها بمعزل عن النسق الذي ينشط فيه الفرد ، والذي ينتج من خلاله علاقات قوية تساعد الأفراد علي فرض وجودخك وبالتالي هويتهم داخل الجماعة ، أما السيرورة الثانية فتمثل المرحلة التي تمكن الفرد من اكتساب هويته المهنية بنفسه بحيث لا يمكن تحليل هذه السيرورة بمعزل عن المسارات الاجتماعية التي يشكل الفرد بواسطتها هوية له .
3- الهوية التنظيمية معرضة للتهديدات والأزمات أكثر من تعرضها للبناء :
وهذا نتيجة التغيرات التكنولوجية والتنظيمية وكذلك المؤثرات التي تحدث في طريقة التسيير داخل العمل في الإدارات والمؤسسات .
تصنيف الهوية التنظيمية :
يمكن تصنيف الهوية في هذا المجال إلى مستويين رئيسيين :
أولاً : هوية فردية وهوية جماعية :
الهوية الفردية هي مجموع الخصائص الفيزيائية والنفسية والأخلاقية والقانونية والاجتماعية والثقافية التي يمكن للفرد من خلالها أن يحدد نفسه ويقدمها للآخر ، وان يتعرف عليها ويجعل الآخرين يعرفونها ، ومن هنا تصبح الهوية الفردية معبرة عن كل القدرات التي بإمكان الفرد الحصول عليها خلال مسار حياته الطويل نسبياً ، والتي تمكنه من لعب دور محدد في المجموعة التي يوجد فيها من ناحية ، وتمكن الجماعة التي ينتمي لها بالاعتراف بحقه في ممارسة هذا الدور من ناحية اخرى .
أما الهوية الجماعية فتعبر من جهتها علي التمثلات التي تحملها الجماعات عن الفاعلين الاجتماعيين الذين يشكلونها ، والتمثلات التي يعطونها للجماعات الأخرى ، إنها تعبر عن النحن الذي ينخرط فيه الجميع ، فالهوية الجماعية تقتضي في نفس الوقت تحديد العناصر المشتركة بين الفاعلين والاختلافات والتناقضات التي تميز نفس المجموعة عن غيرها من المجموعات .
ثانياً : الهوية الضعيفة والهوية القوية :
الهوية التنظيمية الضعيفة يكون فيها شعور الأطراف التنظيمية قليلاً إذ قد تتوافر الصفات الأساسية ، وقد تكون الصفات مميزة علي المنظمات كلها إلا أنه لم يمر الوقت الكافي لتعميق هذا الشعور . قد تتغير هوية المنظمة ، نظراً لتبني أنماط سلوكية حديثة مما يتطلب بروز هوية أخرى أو تغييرات في الهوية السادئة لكن هذا التغيير في الهوية سيكون ضئيلاً حتى يمضي وقت طويل عليه لكي يترسخ في عقول كافة الأطراف المعنية .
أما الهوية التنظيمية القوية هي التي يشعر الأطراف بها عند وجود الصفات الأساسية التي تجعلها أكثر تميزاً عن المنظمات الأخرى ، مع مرور وقت طويل علي تلك الصفات ، فالهوية التنظيمية القوية التي يتفق علي طبيعتها وأبعادها بين الأطراف كلها تساهم في العمل علي تخطي الأزمات التي قد تتعرض لها الإدارة ، بالإضافة إلى أنها تساعد في إنجاح إدارة المؤسسة .
هذا يعني أنه لكي تتسم الهوية التنظيمية بالقوة ، يجب توافر العناصر الثلاث المكونة لها والمتمثلة في السمات الجوهرية والسمات المميزة وان يمر علي هذه السمات الزمن الكافي وهو ما يسمي بعامل الاستمرارية .
أشكال الهوية التنظيمية :
هناك من لخص أشكال الهوية بشكل عام من حيث طبيعة العلاقة بين الفرد والمنظمة العامل بها كالتالي :
1- الهوية Identification :
تعبر عن الحالة التي يكون فيها تفكير وتصرفات الفرد متطابقة ومتوائمة بشكل كبير مع المنظمة التي يعمل بها وأهدافها ، فالفرد يعرف نفسه من خلال منظمته .
2- عدم الهوية Disidentification :
تعبر عن حالة الانفصال الفكري أو المعرفي بين كل من هوية الفرد وهوية المنظمة التي يعمل بها ، فالفرد يعرف نفسه بخصائص لا تمثل خصائص منظمته .
3- الهوية المزدوجة Identification Ambivalent :
تشير إلى تعريف الفرد نفسه وذلك من خلال بعض الخصائص والصفات المميزة لمنظمته التي يعمل بها ، ولكن في الوقت نفسه يرفض جوانب أخرى لمنظمته . ففي هذه الحالة الفرد يتماثل مع بعض أنشطة المنظمة ولا يتماثل مع أنشطة أخرى " .
4- الهوية المحايدة Neutral Identification :
تشير إلى حالة حيادية الفرد في مشاعره ومواقفه تجاه المنظمة التي يعمل بها " .
إن الهوية التنظيمية تتمثل في شكلين : الهوية المعيارية ، والهوية النفعية :
1- الهوية المعيارية :
وهي تلك الهويات التنظيمية التي تركز عملها ونشاطها علي معايير معينة كالأنشطة الثقافية والتعليمية والدينية ، ويعمل هذا النوع علي أساس إيديولوجي معين وثقافي ما وفق نظام قيمي يحاولون علي أساسه الاستقرار والتثبت به ، وهذا النسيج الثقافي الإيديولوجي يخدم المبادئ المثلي للعاملين ، ليعمل علي تحفيزهم علي اتخاذ القرارات اليومية التي تخدم مصلحة المنظمة ، حيث أن العامل الأساسي للإشراف علي العاملين يتمثل في قوة المعايير والمثل .
2- الهوية النفعية :
يكتسي هذا النوع من الهوية في التنظيم أهمية كبيرة في أغلب المنظمات ذات التخصص الربحي والاقتصادي أكثر ، وهذا النوع من الهوية التنظيمية يحاول التكييف والوصول إلى أكبر قدر ممكن من الربحية في تحقيق المنفعة له من زيادة في فائض الإنتاج ، وتحقيق الربح والمنفعة الذاتية سواء للفرد في حد ذاته ، أو للمنظمة ككل، وبمدي ومقدار نوعية الجهد المبذول في ظل التناف ، وكسب العملاء والزبائن .
ويتمثل الاختلاف بين الهوية المعيارية والهوية النفعية في النقاط التالية :
- الأنشطة التي تجسدها :
إن الهوية المعيارية ترتكز نشاطاتها علي الأنشطة الثقافية أو التعبيرية أو الدينية ، بينما الهوية النفعية ترتكز نشاطاتها علي أنشطة منشآت الأعمال .
- الأهداف العليا :
إن الهوية المعيارية تهدف إلى السير وفق المعايير والقيم العليا ، بينما الهوية النفعية تهدف إلى تعظيم الأداء الاقتصادي .
- معيار النجاح :
إن الهوية المعيارية معيار النجاح لها في خدمة المجتمع بالإيديولوجيا التي تؤمن بها ، بينما الهوية النفعية معيار النجاح لها في مقدار العوائد المالية .
- تقسيم العاملين :
إن الهوية المعيارية تركز علي الالتزام بالمعايير والمثل العليا ، أما في الهوية النفعية فتركز علي مقدار ونوعية الجهد المبذول في تقسيم العاملين .
- التنافس لكسب العملاء والزبائن :
في الهوية المعيارية غير مقبول ، بينما في الهوية النفعية مقبول .
وكثيراً ما نجد المنظمات نفسها في صدام بينها وبين أفراد المنظمة في تحقيق وبناء أ÷دافها ، وبالتالي لابد من إيجاد صياغة توافقية بين هذه الأنواع من الهويات حتى تضمن استمرار وسيرورة المنظمة في تحقيق الأهداف وفق الخطط الاستراتيجية ، ما يزيد من ميزتها التنافسية ، وتصبح ذات طابع أكثر شمولية ومميزة بين قريناتها من المنظمات بخصوصياتها الثقافية حتى تضمن نجاح وزيادة روح الانتماء والمواطنة التنظيمية للعاملين ، وتحقيق الرضا الوظيفي وفق هوية توافقية تحقق اتزان بين الهوية المعيارية ، والهوية النفعية ، وهي ما يطلق عليها " الهوية الهجينة " ، وقد أشار إليها " ألبرت ووتين " والتي تعرف بأنها تتكون من أكثر هوية واحدة داخل التنظيم يكون تحقيقها علي التركيز علي الجانبين دون اهتما للآخر لكلا الهويتين حتى يضمن أصحاب المنظمات تجاوز هذه التعدد والتناقض الذي غالباً ما يحصل لمنظماتهم وبمختلف تخصصاتهم .
نماذج الهوية التنظيمية :
لقد قدم " سانسوليو " أربعة نماذج للهوية التنظيمية ، وهذا من خلال تلك القيم والافكار والاتجاهات التي تنتج من خلال العلاقات التي تنشأ لهم داخل وخارج التنظيمات ، وبالتالي فهم يشكلون نماذج مختلفة للهويات داخل تنظيماتهم ، وتمثل هذه الأشكال علي النحو التالي :
1- النموذج الانصهاري أو الاندماجي :
يميز العمال الفرنسيين بالخصوص الذين ليس لهم أي تأهيل وليس لهم سلطة لا علي ظروف عملهم ولا علي علاقاتهم بالآخرين فهم يتميزون بالتضامن مع بعضهم البعض أي مع العمال الذين ينتمون إلى نفس الفئة المهنية ونفس الانتماء الاجتماعي ، ويعيشون في تبعية كبيرة لسلطة المسؤول المباشر .
ويضيف " سانسوليو " علي أن هذا النوع من الهوية يميلون إلى تلك القيم والمعايير والأسس التي وضعها الإداريين وفق الجماعة ، وهو ما يكون علاقات سوسيومهنية داخل العمل ، وهذا ما يؤدى بهم إلى التفاعل فيما بينهم ، وغالباً ما يكون هذا النموذج لتلك العمال القدامي ذو خبرة ، والتي يكونون ذو مستوي تعليمي ضعيف ، لكن روح الجماعة تجمعهم والخبرة في العمل تدفعهم إلى تكوين وتطوير وظائفهم للقوانين وتزيد فيهم روح الانتماء للجماعة .
2- النموذج المنكمش :
يتميز أصحاب هذه الهوية بتفضيل الفردانية ، واستراتيجيات المعارضة بحيث يميلون إلى تفادي العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسة ، إذ خصها " سانسوليو " بالنساء والعمال الجدد والمهاجرين ، والذين يسعون من خلال عملهم إلى الكسب المادي فقط ، ولهذا فهم يبتعدون عن الالتزامات الشخصية في علاقات العمل ، ومنه العلاقات السائدة لدي أصحاب هذه الهوية في قيم اقتصادية محضة .
وقد ميزها " سانسوليو " بمجموعة من الخصائص تبعاً لمؤشرات محددة مسبقاً ، فالمستوي العلمي مثلاً لأصحاب هذه الهوية ضعيف ، ولا يحملون شهادات علمية في الغالب ، وهو ما يفسر هروبهم من التكوين إذ لا طموح ولا مستقبلية لهم ، ويترتب علي ذلك مساهمة ضئيلة في النشاط المهني ، إذ هدفهم الوحيد هو الاستمرارية في العمل عن طريق التمسك بالوظيفة .
3- النموذج المفاوض :
وهو يخص العمال المهنيين الذين لهم تأهيل عالي ، والذين يستعملون هذه الكفاءة المهنية من أجل نزع الاعتراف الاجتماعي بهم علي أنهم فئة متميزة ومختلفة عن باقي الفئات الأخرى .
وبالتالي فهذا النموذج نجم عن حصولهم علي تلك الشهادات العليا من الارتقاء ، والحصول علي مناصب ذات قيمة عليا وكبيرة داخل التنظيم ، ودائماً يسعون للوصول إلى أكبر الترقيات الداخلية ، واكتساب العديد من المهارات والمعارف الجديدة من خلال التكوين ، وهذا للوصول إلى تحقيق أهداف ومصالحهم ، وكذلك مصالح وأهداف بالمنظمة التي تحاول التنافس من خلال مهارات وقدرات عامليها ، وهذا ما يضمن لهم ويسمح بالاعتراف والتقدير من طرف رؤسائهم وتعترف بهويتهم من خلال معارفهم التنظيمية ، ويخلق روح المنافسة بين هؤلاء الفاعلين والصراع يحدث بينهم من أجل إنجاح العمل .
4- النموذج التوافقي :
يتميز الفاعل صاحب الهوية التوافقية بسعيه الدائم إلى إنشاء شبكات من العلاقات السوسيومهنية من الحفاظ عليها طالما الأهداف والمصالح لم تتحقق ، وبهذا فطبيعة العلاقات التي ينشأها لا تتلزم بفئة سوسيومهنية ، وقد لا تعرف الاستمرارية ، إذ تعرف تحويلاً في اتجاهاتها بمجرد أي تغيير في الأهداف ، من خلال الملاحظة التي قام بها " سانسوليو " فقد خص هذا النموذج من الهوية التنظيمية بالفاعلين ذو شهادات ومستوي تعليمي عالي ، ما يفسر رغبتهم الذاتية في التكوين من أجل اكتساب معارف جديدة والانتماء إلى الفردية نتيجة شبكاتهم المكونة عن العلاقات التي تنشأ وعلي العلاقات الحسنة مع رؤسائهم ، وغالباً لا نجد هناك تبعية لهم إلا فيما تتطلبه الحالات الضرورية .
أهمية الهوية التنظيمية :
إن الهوية التنظيمية لها أهمية كبيرة ، فهي تعد من أهم موارد المؤسسة الناجحة وعامل الأساس فيها ، وفي إداراتها بشكل فعال ، من أجل تحقيق النجاح المطلوب واستمرار التنظيم .
تعكس الهوية التنظيمية سواء كانت معلنة أو غير معلنة أهداف المؤسسة والعاملين علي حد سواء ، فكلما كانت الهوية التنظيمية أكثر عمقاً وتجسيداً في كل قيم ومعتقدات المؤسسة كلما كان العأملين أكثر التزاماً ورقابة ذاتية وتماثلاً .
إن للهوية التنظيمية أهمية بالغة سواء بالنسبة للعاملين أو المؤسسة فبالنسبة للعاملين تعد الهوية التنظيمية القوية بمثابة الدعامة الأساسية التي تزيد من رغبة الفرد في الاستمرار بالمؤسسة وتزود الهوية التنظيمية للمؤسسة بالعديد من المميزات والخصائص الهامة ، ومنها ما يلي :
أولاً : الهوية التنظيمية كإطار للقرار :
يؤكد كل من " ألبرت وويتن " Albert and Whetten في تعريفهم للهوية المؤسساتية علي ثلاث صفات تعريفية :
1- ادعائها بالصفة المركزية :
ويعني ألبرت وويت " Albert and Whetten بها أن هوية المؤسسة يجب أن تركز علي سمة أو عدة سمات المنظمة ، التي تعد إلى حد ما أساسية لفهم سبب تواجد المنظمة وهدفها أو مسألتها .
2- ادعائها بالتميز :
بناقش ألبرت وويتن بأنه مهما كانت هذه السمات فيجب فهمها بأنها فريدة من نوعها من قبل هؤلاء الذين يعتنقون هوية المؤسسة ، وهذا الإدراك للتمييز يرجع إلى أن المؤسسات تبذل قصاري جهدها لتمييز نفسها عن المؤسسات الأخرى التي تتشابه معها .
3- ادعائها بالاستمرارية الزمنية :
يؤكد الباحثان ألبرت وويتن بأن هوية المؤسسة ستبقي بدون تغيير خلال الزمن ، علي الرغم من التغييرات الموضوعية التي تحدث في البيئة التي تعمل ضمنها المؤسسة .
إن الصفات الثلاث التي تم اقتراحها أعلاه تظهر بأن طبيعة الهوية المؤسساتية كخطة مشتركة ترشد متخذي القرار ضمن المؤسسات .
تقترح الهوية المؤسساتية ما هو ملائم ومشروع وذي جدوي وتحدد أيضاً ما هو غير ملائم وغير شرعي وليس ذي جدوي ، فتأثير الهوية المؤسساتية إذن في النهاية يتمثل في توافق أهداف الأفراد مع أهداف المؤسسة .
ثانياً : الهوية التنظيمية كقيمة اقتصادية :
تسعي المنظمات دائماً نحو التميز وصنع العلامة التي تميزها عن منافسيها ، ولن يتم ذلك ما لم تتميز المنظمة بهوية خاصة بها تجعلها أكثر فاعلية ، وذات أثر بالغ علي المجتمع بشكل عام وعلي موظفيها بشكل خاص ، ومن أبرز الأمثلة للمنظمات ذات الهوية المميزة شركة " أبل Apple " ، فعلي الرغم من انتشارها الواسع في العالم وتعدد فروعها إلا أن لها هوية تنظيمية رائدة تتحدث نيابة عنها حتى أصبح شعار التفاحة المقضومة معياراً في مجال الأجهزة الإلكترونية .
ويري بعض الباحثين أنه من أجل أن تضيف الهوية التنظيمية قيمة اقتصادية للمؤسسة ، فعلي الهوية التنظيمية أن يكون لها مضامين ومحددات للقرارات العملياتية والاستراتيجية ، فالمؤسسات ذات الهوية التنظيمية الواضحة سوف يتجاوز أدائها المؤسسات التي ليس لها هوية واضحة .
وفي الواقع فإن الجهود لإعطاء فعالية للهويات التنظيمية الضعيفة أو غير الملائمة سوف تنقص القيمة الاقتصادية للشركة ، والشركات ذات الهوية التنظيمية الواضحة سوف تتجاوز في أدائها الشركات التي ليس لها هوية واضحة ، وان تأثر الهوية التنظيمية علي القيمة الاقتصادية للشركة سوق يكون دال علي قوة الهوية التنظيمية ، وكذلك قوة محتوي الهوية التنظيمية .
وعلي هذا الأساس يمكن اعتبار الهوية التنظيمية رصيداً استراتيجياً ، وبذلك تكون مصدراً رئيسياً للميزة التنافسية بالنسبة للمؤسسة .
ثالثاً : الهوية التنظيمية كأداة للتسيير :
هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في إيديولوجية وقيم وقناعات ومدركات الأفراد وتحدد مستوي دافعتهم ، ومن ثمة تؤثر في مستوي الأداء والذي بدوره يحدد درجة نجاح الأدوات التسييرية للمؤسسة وهي مسألة الهوية التنظيمية ، هذه الأخيرة تعد من المسائل الرئيسية لفهم كافة الأبعاد التي قد تؤثر علي نجاح المؤسسة ، وتلعب دوراً رائداً في التأثير علي قيم وقناعات ومدركات العاملين فيها ، ومن ثم علي قراراتهم وسلوكياتهم .
ومن الجدير بالذكر أن هناك دوراً لمسيري المنظمات ولقادتها الذين يملكون قدرات كبيرة ، وصفات قيادية مؤهلة في تحديد معالم الهوية التنظيمية ، وهذا ما ينمي ويقوي من مستوي الانتماء لدي العاملين ليأتي سلوكهم وتصرفاتهم متطابقة مع سلوك وتصرفات قادتهم .
من المهم أن نشير في الأخير إلى ضرورة وجود نموذج ثقافي للتسيير يتماشي مع الواقع الاجتماعي ، ويلبي حاجاته الخاصة ، ونؤكد بذلك علي عدم إمكانية نقل نماذج أجنبية جاهزة ، هذا لا يعني أننا لا نستفيد من تجارب الدول الغربية ونستغلها ونستثمرها بفعالية إلا أنه من الضروري تعديلها وتكييفها وفق الخصوصية الثقافية لمجتمعاتنا علي مستوي ماكرو ووفق الهوية التنظيمية لمؤسساتنا علي مستوي ميكرو .
أبعاد الهوية التنظيمية :
نجد أن للهوية التنظيمية ثلاث أبعاد تتكون منهم وهم التماثل والفخر والاحترام .
أولاً : التماثل :
عرف التماثل بأنه قبول أو استيعاب الوحدة أي التوحد مع المجتمع البشري والانتماء إليه ، كما درس العديد من الباحثين آليات التماثل علي أساس أنه العملية التي يتم من خلالها تشجيع الأفراد علي رؤية أنفسهم مماثلة لأعضاء المجموعات التي ينتمون إليها والتي لا ينتمون إليها أيضاً .
ويري Dutton أن التماثل " هو الدرجة التي يعرف الأعضاء أنفسهم من خلال الصفات المميزة التي يعتقدون أنها تميز المنظمة " ، كما يري Carol أنه " تماثل القيم والأهداف المشتركة بين الأفراد والمنظمة " .
لقد أصبحت مرحلة الماثل صفة ملازمة للمنظمات الناجحة والتي يحدث فيها نوع من التوافق والانسجام بين الفرد والمنظمة ، حيث أن عدم التماثل سوف يؤثر علي هذه المنظمات وعلي أدائها ومرجاتها ورضا العاملين فيها ، وبالتالي يؤثر سلباً علي نجاحها واستقرارها .
كما أن تأثير التماثل علي الفرد والمنظمة يمكن أن يعرف علي المدي الطويل ، ويتمثل في توحيد جهود واهداف العاملين مع هوية المنظمة من خلال التشابه في أهداف وثقافة المنظمة لشعورهم بمشاركتهم وعضويتهم للمنظمة العاملين بها والانتماء والولاء إليها مما يساهم بشكل كبير في تجاوز الاختلافات حتى يسهل التوصل إلى اتفاق موحد ونظرة واحدة للأمور ذات طابع ومفاهيم وقيم ثابتة وهذا ما يطلق عليه " التماثل " ، ويمثل التماثل الأفعال والتصرفات في مختلف المواقف والتي من خلالها يقوي روابطه مع الآخرين ويتطابق معهم ، فهو مثل نزعة إنسانية قوية لاندماج هوية الفرد بهويات المنظمة .
لذلك نجده الطريقة الأمثل والوحيدة لتشكيل الهوية التنظيمية من خلالها ، والتماثل يعد أيضاً شعور الفرد بعضويته ومشاركته الفعالة داخل الجماعة بما فيها من قيم ودلالة عاطفية متعلقة بعضويته في المنظمة ، كما يتضمن إدراك الفرد بالألفة والتطابق مع المنظمة فهو يعمل علي تضمين الهوية التنظيمية ودعم ثقة المنظمة بين الفئات الفاعلة ، مما ينتج عنه انسجام بين الأطراف التنظيمية ، التي تكون مشتركة في الثقافات والعادات والقيم المختلفة .
كلما زادت مشاركة الأفراد في صنع القرار داخل المنظمة زاد التماثل ، وذلك شعوره بالاعتماد والتعبير عن رغباته وأهدافه داخل المنظمة ، ويعتبر التماثل وسيلة أساسية والتي من خلالها يشكل هوايات الأفراد ، فالتماثل القوي للفرد يشير إلى أن هناك هوية عضوية تكون ذات قيمة بارزة داخل المنظمة .
كما أن قوة المؤسسة ترتبط بمدى ارتباط أعضائها وتحقيق الأهداف المسطرة بفعالية يتوقف علي دافعيتهم للعمل ، وعليه تحقيق الفعالية التنظيمية للإدارة هو العمل علي إيجاد السبل الكفيلة بتحقيق الاندماج الجماعي للأفراد بالاعتماد علي القيادة التي تطابق أهداف الفرد مع أهداف الجماعة .
يتفاوت الأفراد في مستويات الدافعية ، وذلك نظراً لتأثر الدافعية بالعديد من العوامل سواء الداخلية مثل الاهتمامات والقيم ، أو العوامل الخارجية والمتمثلة في البيئة التي يعيش فيها الفرد وما يوفره السياق الاجتماعي من مسيرات أو عقبات بالنسبة للفرد حيث تحدد خبرة الفرد والسباق الذي يعيش فيه مدى تعبئة الطاقة في اتجاه آخر .
ومن ثم فالتماثل قد يحدث صبغة متعددة المستويات ، حيث نجد أن المنظمات تتيح لأعضائها العضوية في عدد من جماعات ، فالفرد قد يكون عضواً في المنظمة ككل ، وفي قسم معين فيها ، وفي جماع معينة داخل القسم . وكل هذه العضويات تعني احتمال تشكيل هويات فيها ، رغم اختلافهم في المستوي .
حيث تحدث الهوية التنظيمية علي المستوي الفردي من حيث معتقدات الفرد عن المنظمة التي يعمل فيها ومن خلال الهوية التنظيمية تصبح أهداف المنظمة والفرد متكاملة أو متطابقة ، حيث يحدث الفرد هويته الشخصية من خلال المنظمة عندما تكون هيته كعضو في المنظمة أكثر بروزاً من الهويات البديلة ، وعندما يتطابق مفهومه الذاتي عن نفسه مع تلك الخصائص التي يعتقد أنها تعرف المنظمة للجماعة .
ونجد أن الهويات الفردية والآليات التنظيمية ترتبط ارتباطاً تبادلياً عن طريق تماثل الفرد مع المنظمة ، تمام مثل ارتباط الهويات الاجتماعية والهويات التنظيمية بعلاقة تبادلية تتماثل فيها الجماعة مع المنظمة ، ونلاحظ أن الهويات التنظيمية يمكن أن تؤثر بالشعور بالهوية الفردية من حيث السلوك الفردي كالولاء ، الانتماء ، والتماثل للمنظمات ، حيث نجد أن الفرد يتماثل مع وحدة تنظيمية معينة في حالات مختلفة ، فنجد من يشير إلى أن الفرد يتماثل عندما يدرك في إحدى أدواره التنظيمية ، أو أثناء اتخاذه لقرار معين ، حيث أن قيم الوحدة التنظيمية أو مصالحها تتصل بتقويم الخيارات البديلة المتاحة أمامه ، ما يجعلهم يطورون أسساً لاتخاذ القرارات النابعة من قيم المنظمة وأهدافها ، وبالمقابل يمكن أن يؤثر السلوك الفردي في الهوية التنظيمية .
وفي حالة أخرى يشير آخرون إلى أنه من منظور المنظمات قد لا يتماثل الفرد طوعاً ، وإنما استجابة لما يفرضه أرباب العمل أو أصحاب المصالح ، فيكتسب الفرد هذا السلوك الفردي ما يزيد احتمال أن تكون القرارات وفقاً لأفضل ما يحقق مصلحة المنظمة ، حتى في حالة غياب الإشراف أو الرقابة .
ثانياً : الفخر :
يمكن أن تعرف الهوية التنظيمية علي أنها " شعور الأفراد بتقدير المنظمة لمساهماتهم وإنجازاتهم ، مما يعزز شعورهم بالفخر والانتماء للمنظمة والشعور بالتوحد والاندماج بها ، وهو ما يجعلهم أكثر استعداداً لبذل الجهد لتحقيق أهدافها .
ويشير الفخر إلى تقييم مكانة المجموعة ويتعامل بشكل مباشر مع قيمة العضو في المجموعة ، فعندما ينظر أعضاء المجموعة مجموعتهم علي أنها ذات مكانة عالية فإن ذلك يزيد الشعور بالفخر لديهم .
قد يشعر الموظفون بالفخر للعمل داخل منظمة تتمتع بمكانة جيدة وعالية ، حيث أنه يساهم في تقويم شعورهم بالفخر والاعتزاز وبتقدير الذات ، فكلما كانت المنظمة مرموقة كلما زاد حجم التعزيز المحتمل لتقدير الذات من خلال تحديد الهوية والعكس صحيح أيضاً في حالة فسر الموظفون الصورة الخارجية للمنظمة علي أنها غير ملائمة ، مما قد يتسبب في نتائج شخصية سلبية مثل الاكتئاب والتوتر مما قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها .
وبالتالي فالفخر يتعلق بالعامل الوجداني المتعلق بمشاعر الفرد داخل المنظمة ومدى شعوره بالفخر والاعتزاز بما يزيد الانتماء للمنظمة والإحساس بالتقدير ، وترجع أهمية الإحساس بالفخر إلى أن تكوين صورة إيجابية عن المنظمة التي يعمل بها يرتبط بقوة دافع التطوير الذاتي لدي العاملين ، كما أن الفخر يرتبط أيضاً بالصورة المجتمعية للمنظمة وهو ما يطلق عليه " الهيبة الخارجية " حيث تزيد مستوي فخر الفرد وزيادة شعوره بالاعتزاز والثقة للمنظمة بما يؤدى في النهاية إلى إحداث عملية التطابق بينه وبين هوية المنظمة .
هناك خمس ممارسات تنظيمية يمكن الاعتماد عليها لخلق ونشر ثقافة الفخر التنظيمي تتمثل في :
1- الحرص علي عقد اللقاءات الدورية بالعاملين وذلك بهدف إطلاعهم علي الخصائص والسمات الإيجابية للمنظمة ، وإنجازاتها الفائقة ، كما يمكن أيضاً إجراء المحادثات غير الرسمية معهم بهدف بث روح الفخر فيهم .
2- إعداد قائمة بالخصائص الإيجابية للمنظمة ، بحيث يتم إعدادها بناء علي استقصاء آراء العاملين ، علي أن تتضمن التعليقات البارزة والأسئلة ذات النهايات المقترحة ، مع الحرص علي ضرورة اطلاع العاملين علي هذه القوائم ، وذلك لضمان إتاحة المعلومات لكافة العاملين في جميع أنحاء المنظمة ، ويمكن استخدام هذه القوائم فيما بعد لاستقطاب أفضل المواهب والكفاءات الفردية .
3- عقد لقاءات واجتماعات دورية بالعاملين وذلك للتعرف علي مدي قيامهم بترشيح المنظمة والتوصية بها كأفضل مكان لعمل أقاربهم وأصدقاءهم ومعارفهم أم لا .
4- وضع برامج فعالة للمكافآت والاعتراف والتقدير بإنجازات العاملين الذاتية ، علي أن يكون هذا البرنامج ذو أمد زمني قصير نسبياً ، كأن يتضمن المكافآت الفورية للعاملين علي إنجازاتهم وابتكاراتهم ، وهو ما يؤثر إيجابياً علي اندماجهم في العمل بدرجة كبيرة .
5- الاهتمام بضرورة تحقيق التوافق بين ما يكلف به الفرد من مهام وأعمال يومية ، وبين قيمه الإنسانية وسماته الشخصية . وعليه ، تكليف الفرد بمهام يسهل تحقيقها ، يؤثر إيجابياً علي رؤيته للمنظمة .
ثالثاً : الاحترام :
يعد مفهوم الاحترام التنظيمي من المفاهيم الحديثة التي لفتت أنظار الباحثين ، فيعرف الاحترام بأنه " مظهر من مظاهر فن التعامل مع الآخرين والذي يقوم بناء علي الاعتقاد القائم علي احترام القيم الاجتماعية والدينية والشخصية والأخلاقية الخاصة بالأفراد داخل المنظمة والسعي إلى تحقيق أهدافهم مع أهداف المنظمة في الوقت المناسب من خلال المحافظة علي الكرام والاعتراف بأدائهم وإحساسهم وشعورهم بالعدالة التنظيمية .
كما أن الاحترام التنظيمي هو أحد السياسات التحفيزية التنظيمية العادلة والتي تمارس من أجل تحفيز الأفراد العاملين وزيادة مستوياتهم وولائهم والتزامهم وإيمانهم برسالة وأهداف المنظمة التي ينتمون إليها من خلال شعورهم بقيمتهم الإنسانية والوظيفية علي حد سواء وثقتهم بأنفسهم .
ويمكن توضيح أبعاد الاحترام في ثلاث أبعاد ، وهي :
1- الدعم التنظيمي :
وهو مدي تقدير المنظمة للعاملين فيها ، ومساهمتها بالاهتمام برفاهيتهم ، ويتمثل أيضاً في التوزيع العادل لمكافآت العمل علي العاملين مقابل الجهود المبذولة منهم لتلبية أهداف المنظمة والتي تدل علي اهتمام المنظمة بمساهماتهم وتشمل المكافآت المالدية مثل الأجور والمزايا الاجتماعية والعاطفية والاحترام ، ولذلك يمكن القول بأن الدعم التنظيمي يشمل كافة أشكال المساعادات المادية والمعنوية التي تمنحها المنظمة بشكل طوعي للعاملين بها ، والذي ينعكس بدوره علي جهود العاملين لتحقيق أهداف المنظمة ، فيعد الدعم التنظيمي ولاء المنظمة لموظفيها ، إذ أن إدراك الموظف بولاء المنظمة له يساهم في ولاءه لها ، وهذا ينعكس علي التزامه التنظيمي تجاهها ويظهر من خلال :
- استعداد المنظمة لتقديم مساعدة أو معدات خاصة لهم لكي يستطيعوا من أداء أعمالهم علي النحو المرغوب .
- مدي استعداد المنظمة لتوفير فرص لتدريبهم في المجالات التي تقع ضمن دائرة اهتمامهم .
- التشجيع المستمر لهم والثناء والصادق علي أعمالهم .
- تهيئة الفرص لهم للحصول علي المكافآت المرغوبة .
- إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في اتخاذ القرارات والتأثير علي سياسات العمل .
2- السلوك التعاوني :
إن السلوك العدواني شكل من أشكال المساعدة التي يقدمها الناس لبعضهم البعض من أجل الوصول إلى هدف معين ، وهو بذلك يكون بعيداً عن الأنانية ، لأن المصلحة عن طريقه تكون للمجموعة لا للفرد نفسه ، ويختلف التعاون عن غيره من أنواع المساعدة بأنه فعل تفاعلي يقوم به الطرفان من خلاله بالعطاء ، كما أنه فعل دون انتظار مقابل من الطرف الآخر ، كذلك فإن السلوك التعاوني له آثار إيجابية تعود علي الأفراد :
- التعود علي تبادل الآراء ، لا التمسك بالآراء دون رجعة عنها أو ما يسمي بالتعنت .
- تعميق مشاعر الأخوة والألفة والمودة .
- الاحترام الذي يسود بين الأفراد العاملين داخل المنظمة .
- انتشار النصيحة بين الأفراد العاملين وتماسكها .
- الثقة بالنفس فالشخص الذي يساعد الآخرين يتمتع دون غيره بقوة الشخصية والامتلاء بالمشاعر الإيجابية والسعادة .
3- الرضا الوظيفي :
إن الرضا الوظيفي هو الحالة النفسية أو الانفعالية السارة التي يصل إليها الموظف عند درجة إشباع معينة تحدث له جراء تعرضه لمجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية والمهنية والمادية ، لهذا دائماً ما يعبر عن الرضا الوظيفي علي مجموعة من الأحاسيس الجميلة التي يشعر بها الموظف تجاه نفسه ووظيفته والمؤسسة التي يعمل بها ، والتي تحول عمله ومن ثم حياته كلها إلى متعة حقيقة " متعة العمل ومتعة الحياة " .
نظريات الهوية التنظيمية :
أولاً : الهوية التنظيمية عند ( يورغن هابرماس Jurgen Habermas ) :
يري " هابرماس " أن أهمية الهوية التنظيمية من أهمية المشروع الذي تتبناه المدرسة النقدية وتصديها للعقلانية الأداتية ، والتي كان سبب في وقوع الإنسان في فخ الاغتراب والتشيؤ ، فقد أصبحت المجتمعات ما بعد الصناعية تعاني من صعوبات معيارية ، فكان الطرح البديل ( الهابرماس ) هو عقلنة تواصلية تتطلع لأخلقة المجال العمومي ذلك أن المجتمع ليس رهين قوي الإنتاج وأن الظواهر الثقافية يمكن أن تكون عنصراً حاسماً في تشكيل البني الاجتماعية .
ليس المجتمع مجرد مجموعة اقتصادية من المنتجين والمستهلكين ، إنما هو شبكة من الأفعال التواصلية ، إن الهوية المقصودة هي القوية التواصلية بالهوية موقف إنجازي وليست موقفاً إجرائياً . فالفرد لا يصنعها بفعله بشكل معزول ، فكل هوية هي هوية جماعية تعين سلفاً ولا نختارها بحرية ، ولها استمرارية تتجاوز الآفاق البيوغرافية لأعضائها .
هذه الهوية التواصلية هي التي تضمن اتصالية المجتمع وتحدد طريقة المجتمع في رسم الحد الذي يفصله عن محيطه وبيئته وتعيين نمط الانتماء إليه ، أي أن تفعيل هذه المعايير والقيم الثقافية بين أفراد المجتمع يتحقق من خلال التواصل بحيث يمكن تشكل الهوية الاجتماعية .
فالهوية عند " هابرماس " هي " بنية معيارية اتفاقية مرتبطة بأدوار اجتماعية محددة ، تكونت بشكل مؤسساتي ضمن انساق التعلم ودرجات من التطور " .
وحسب هذا الطرح الهابرماسي للهوية فإنه لا يكفي أن نكون تحت سقف واحد أو في مؤسسة واحدة أو مجتمعية موحد لكي نشعر بالانتماء والهوية التنظيمية مالم تترجم عبر فعل تواصلي تنظيمي ينعكس علي بني لغوية .
إن الفعل التواصلي المنتج للقيم الثقافية ، يساعد علي تعزيز الروابط الاجتماعية بين أعضاء المجموعة أو الفئة المهنية ، مما ينمي الثقة بين الفاعلين ليس فقط علي أساس الزمالة أو العلاقة المهنية بل علي أساس العلاقة الإنسانية وذلك أنه عندما نتكلم عن الروابط الاجتماعية في المؤسسة فإننا نتكلم عن علاقة نوعية تتجاوز إطار العلاقة المهنية القائمة علي التعاقد .
إن تأكيد " هابرماس " علي أهمية عنصر اللغة في الفعل التواصلي يكمن في إدراكه لقدرة اللغة علي خلق الروابط مع الآخرين والانفتاح نحوهم وتجسيد علاقة الانتماء .
وبهذا يكون " هابرماس " قد سبق نظرياً في تناول مسألة الهوية ذلك منذ مطلع السبعينات قبل أن تصبح موضوعاً رائجاً في أواخر القرن العشرين .
كما يمكننا الإشارة إلى الطرح الذي تناوله في موضوع الهوية من خلال الفعل التواصلي ، يتفق مع مقاربة كلود دوبار Claude Dubar التي تعتمد علي التفاعلية ومقاربة رينو سينسوليو Renaud Sainsaulieu التي تعتمد علي المثاقفة ، علي أساس أن الثقافة فعل اتصالي تفاعلي بامتيار .
ثانياً : الهوية التنظيمية عند كلود دوبار Claud Dubar :
حسب كلورد دوبار Claud Dubar الهوية ليست هي المعطي النهائي منذ الولادة ، إنما تتشكل باستمرار عبر سيرورة الزمن علي مدى الحياة ، كما أن الفرد لا يمكنه أن يشكل هويته بمعزل عن الآخر وأحكامه وتصوراته عن نفسه ، فالهوية نسق من تمثلات الأنا مرتبطة بنسق القيم وتمثلات الهوية الجماعية ، حيث تمكننا من معرفة ذاتنا والتموقع وتقييم كيفية تعريفنا من قبل الآخرين ، وتتشكل الهوية التنظيمية من خلال الهوية الشخصية والهوية الجماعية وتفاعلات ذلك مع المهنة .
فالشعور بالهوية التنظيمية هو محصلة للعلاقات التفاعلية المطورة في ميدان العمل ، وبناء الهوية التنظيمية بتأسيس عبر شكلين من مسار المعاملات الأولي تعامل موضوعي من خلال الآخرين بمعني هوية معينة ، والثانية تعامل شخصي من خلال العامل بمعني هوية تنظيمية للذات .
وفي مرحلة التعامل الموضوعي مع الآخرين يتطلع الفرد لاستيعاب توقعات الأدوار لتحقيق الاعتراف من عدمه ، بينما التعامل الذاتي الداخلي ، يمكن أن يعرف بعدين : الاستمرارية أو انقطاع بين الهوية الموروثة والهوية المتوقعة .
ثالثاً : الهوية التنظيمية عند رينو سينسوليو Renaud Sainsaulieu :
ظهرت أعمال وأبحاث " سينسوليو " ضمن تيار التحليل الاستراتيجي حيث قاد العديد من البحوث حول ثقافة المؤسسة وهوية الأفراد في التنظيمات برزت من خلال مؤلفه " الهوية في العمل " .
أكد علي أهمية التحليل الثقافي داخل التنظيمات والورشات كما رأي ضرورة إعادة النظر إلى الضوابط الثقافية المتجردة في عمق الممارسات والأفعال الفردية والجماعية علي مستوي التنظيمات وهذه الممارسات هي من طبيعة ثقافية لها قوي في استقرار المنظمات وتوازنها رغم أنها غير مرئية وغير مدركة بل موجودة فعلياً في التوجهات والاستجابات .
فالثقافة التنظيمية من وجهة " سينسوليو " تتجلي في الممارسات الجماعية لفئات العمل وشبكة الاتصالات والعلاقات بين الأقسام والإدارات التي تشكل حسبه رموز وإشارات تعطي نسق متكامل للمؤسسة .
وقد أعطي " سينسوليو " تعريفاً للمؤسسة بانها فضاء أو مكان اجتماع وتحيل التيارات الثقافية ، ويميز بين ثلاثة أنواع من الإنتاج الاجتماعي للثقافة وهي : الانتقال من السلف ، التأثير المعياري ، والتعليم التنظيمي .
ومن جهة أخرى حدد " سينسوليو " أربع هويات ذات طبيعة اجتماعية تشر إلى نطاق الممارسات الاتصالية التواصلية القائمة بين الرؤساء والزملاء تتمثل في : هوية انصهار ، هوية التوافق ، هوية انسحاب ، هوية تفاوض .
وقد حاول " سينسوليو " دراسة الهوية في العمل من خلال تفكيك البيئة الداخلية التنظيمية والثقافية ، واستخلص أن ثقافة المؤسسة تتبلور من خلال : الاحتكاك اليومي بين الفئات السوسيومهنية والاندماج والتحالف بين الأفراد والجماعات المهنية ، مما ساهم في تشكيل هوية التنظيم وجدراته .
يستند " سينسوليو " في تحديد مفهوم الهوية المهنية علي المقاربة الثقافة والتي تنظر إلى المؤسسة ليس كمجال مختص حول عملية الإنتاج ، بل انطلاقاً من كون المؤسسة مجال للتنشئة الاجتماعية ، وتشكل الهويات الفردية والاجتماعية ، حسب القيم والمعايير التي تشكلت عليها بنية المؤسسة .
بمعني أنه ينظر للعامل ليس " كعون منفذ " بل " كفاعل منتج " ومبدع يساهم في إنتاج ثقافة المؤسسة .
لذلك فإن الهوية المهنية عند " سينسوليو " لها سمات وبصمات البعد الثقاقي ، بمعني أننا أمام مجتمع مؤسسة بحيث يكون الفاعل ملتزم بقواعد وضوابط هذا المجتمع أي أن سلوكياته تعكس امتثاله للقيم والمعايير المنتجة جماعياً عبر التفاعل اليومي بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين ، وبالتالي نحت أمام مؤسسة اجتماعية تساهم في التنشئة الاجتماعية لأفرادها والخروج عن قيمها يعد سلوك غير مناسب للنسق العام .
ولأن تحقيق الذات مرهون باعتراف الآخر ، يقدم " سينسوليو " أربع ةشروط لتحقيق الاعتراف بالذات والآخر تتمثل في الانتماء للمؤسسة وتحقيق إنجاز فردي أو جماعي ، والمسار المهني ، والقدرة علي مقاومة كل أشكال الهيمنة التي تفرض في مجال العمل .
بحيث أن هذه العناصر الأربعة تساهم في تحقيق الذات كمعطي أولي يساعد علي التجاوز أو التغلب علي اكراهات السلطة البيروقراطية ومعاناة العمل ، كما يوفر جو الثقة المتبادل بين مختلف الفاعلين بحيث تصبح عملية التعاون ممكنة وعلاقات العمل أكثر ألفة وإنسانية ، تساعد علي تحقيق الاندماج الاجتماعي والتنظيمي ، مما يعزز الشعور بالانتماء إلى المؤسسة ، والتعرف علي الشعور المشترك بين كل فئة وأخرى وبذلك يتحقق الوجود المهني الفاعل بالمؤسسة ، ومنه تتشكل الهويات المهنية لمختلف الفئات المهنية .
رابعاً : الهوية التنظيمية عند تالكوت بارسونز Talcott Parsons :
حيث أنه سعي إلى تأسيس الهوية الفكرية علي أساس متطلبات نظرية ، من خلال تركه علي دراسة الفعل ، والنظام ، القيم في نفس السياق ، وعلي هذا يقوم المفكرون الأوروبيين بتوجيه النقد إلى " بارسونز " العقلانية النفعية الأنجلوسا كونية بإيمان ساذج ، وقدرات الاندماج لقوانين السوق والخصائص العقلانية لفعل الفرد ، وعلي عكس ذلك يعكف " تالكوت بارسونز " في نظرية الفعل الاجتماعي علي إبراز الفاعل . مع السعي إلى تحقيق أهداف بأفضل الطرق تكيفاً ، وفي ذات الوقت بالتقيد بمعايير ومحددات انتقالية .
أما في باقي الأعمال فسوف تمثل الشخصية ، المجتمع والثقافة ، الأنساق الثلاثة التي تكون النظرية العامة للفعل الإنساني ، ويعني المفهوم الأولي التنشئة والهوية ، بينما يعني الثاني بالتفاعلات والأدوار الاجتماعية ، وأخيراً يعني الثالث بالبناء الرمزي للقيم .
يمكن القول إن الهوية عند " تالكوت بارسونز " تقوم علي أساس دراسة الفعل والنظام والقيم التي تخلق اندماجاً بين الفاعل والسوق ، ونظرية الفعل الاجتماعية تسعي إلى إبراز دور الفاعل ، وتتكون الهوية من الثقافة والمجتمع . وعلي هذا يكون التفاعل وتنتج هوية .
تعليقات