![]() |
ما هو مفهوم الضمير الأخلاقي ؟ وما هي خصائصه ؟ |
بحث عن الضمير الأخلاقي :
محتويات البحث :
(1) مفهوم الضمير الأخلاقي ونشأته .
(2) خصائص الضمير الأخلاقي .
(3) نظريات في نشأة الضمير الأخلاقي .
مفهوم الضمير الأخلاقي ونشأته :
إن الضمير يتجلي في الأفراد الذين يظهرون هذه الصفة يتوخون الحذر والانعكاس والموثوقية ، مما يعني أنهم يميلون إلى أن يكونوا مواطنين تنظيميين مسؤولين . تشير الأبحاث إلى أن الضمير يرتبط فعلياً بمستويات أعلى من التفكير الأخلاقي ، مما يؤدى بالناس الذين يحتلون مكانة عالية في هذه الصفة إلى إظهار سلوك أقل معاداة للمجتمع وغير أخلاقي وحتى الإجرامي .
إن مصطلح الضمير Conscience يرادف مصطلح الذات العليا في تكوين الشخصية الإنسانية Super Ego وفقاً لنظرية التحليل النفسي ، والذات العليا هي العنصر الثالث في تكوين الشخصية إلى جانب كل من :
- الذات الدنيا - Id- .
- الذات الوسطي -Igo- .
فالذات العليا تهتم بالجوانب الأخلاقية والمثالية في الإنسان ، أما الذات الدنيا تعمل علي تحقيق اللذة وإشباع الشهوة والغرائز ، في حين الذات الوسطي تختص بمراعاة الواقع والظروف الخاصة بالمجتمع وتسير وفقاً للمنطق والعقل .
ولكن بالرغم من الاختلاف في الأدوار فإن هذه العناصر تعتبر مكملة لبعضها البعض في عملية تشكيل شخصية الإنسان . فمن دور الذات لا يمكن تشكيل شخصية الإنسان ، وكذلك نفس الأمر بالنسبة الذات الوسطي والذات العليا . كما يمكن القول إن تشكيل شخصية الإنسان لا تكون إلا من خلال توفر الذات الدنيا ، الذات الوسطي ، والذات العليا بهذا الترتيب حتى يمكن القول إن الشخصية قد تم تكوينها .
خصائص الضمير الأخلاقي :
إن الضمير الأخلاقي إضافة إلى ما سبق معنا من تعاريف ، فإنه عرف من بعضهم علي أنه معرفة الخير والشر ، ويعكس هذا التعريف ويوضح ما مدى أثر المعرفة النظرية التي تثقل كاهل الأخلاق ، حيث يفترض هذا التعريفي تحت كلمة الخير تحديد ما هو كائن حقاً ، وتحت كلمة الشر تحديد ما لا وجود له إلا بالوهم أو الخدعة ، كالخير أمر يصدر عن إرادة بعد أن تتبناه النية الطيبة ، وقيمة الخير تتجلي في تنفيذه .
وعلي ضوء ما سبق وباختصار شديد ، فإن الضمير الأخلاقي هو ذلك التأثير الذي تمارسه الذات الإرادية علي النشاط الإنساني ككل ، بحيث تستطيع أن تتحكم في هذا النشاط فتبيح أو تمنع وتسير أو تقيد كل حركة تصدر عن الاندفاع التلقائي .
وعليه فالضمير الأخلاقي ما جاء في الرأي الشائع هو الرقيب علي أعمال الإنسان ، أي رقابة حقيقية ، إذ أن كل حركة أو كل نشاط أو كل سلوك لكي يكون حقيقياً لابد من أن يجيزه هذا الرقيب .
وإذا كانت بقعة الحياة كما يقول " برغسون " تدفع بالذات إلى الانتشار في أوسع مدى ، فإن الإرادة التي تظهر في الضمير الأخلاقي تنظم هذا الانتشار ، وتهذبه فتشجعه وتحث عليه تارة ، وتقلل من سرعته وتمنعه تارة أخرى ، والحث علي عمل أو التغيير منه سواء كان هذا العمل عقلياً أو عاطفياً ، معناه الاستحسان أو الاستهجان وهما القطبان اللذان يحددان الضمير الأخلاقي .
وظائف الضمير الأخلاقي :
إن للضمير الأخلاقي وظائف محددة في الفكر العلمي الحديث وهي :
1- منع وقوع الأخطاء وارتكاب المعاصي والآثام والذنوب قبل وقوعها ، وهو في ذلك يشبه رجل الشرطة الذي يعمل علي حفظ الأمن ومنع الجرائم قبل وقوعها .
2- إنزال العقاب بالفرد إذا ما ارتكب فعلاً أو عملاً مؤثم أخلاقياً ، وذلك عن طريق تأنيب الضمير والشعور بالذنب أي القوة الداخلية الكامنة تعمل كقوة ذاتية في ضميرنا .
نظريات في نشأة الضمير الأخلاقي :
يمكن من خلال هذه النظريات أن نبرز التفسير العلمي لظاهرة الأخلاقيات الأخلاق أو نشأة الضمير الأخلاقي عبر الزمن ، ومن أبرز ما جاء في هذا الصدد من نظريات نجد : النظرية التجريبية ، والنظرية التصويرية ، والنظرية الوضعية ، وهذا ما يمكن أن نستعرضه من خلال الموالي :
1- النظرية التجريبية :
إن التوجه التجريبي يقوم بتفسير الضمير من الخارج ، فالتأثيرات التي تأتينا من التجارب الحسية تتطبع في النفس كما تنطبع الكتابة علي الورقة . وبتوالي هذه التأثيرات نصبح نتوقع حدوث الشئ متى حدث سببه .
ونحن إذا تتبعنا المذهب التجريبي وتفسيره لنشأة الشعور الأخلاقي نجده يتطابق تماماً مع تفسيره لنشأة الشعور الحسي ، فالفعل الخير هو يجعلك ترتاح أو تشر بالارتياح أما الفعل السيئ هو ما يجعلك لا ترتاح أي القلق .
ومنه فالتجربة هي التي تنشأ الضمير ومصدره الأساسي ، ونحن نستطيع أن ننكر قيمة هذا الاتجاه التجريبي ، وما يوضحه من أهمية الاستقراء كشرط من شروط الحياة الأخلاقية ، ولكن إذا كان الضمير الإنساني يتضمن نوعاً من الحكم Jugement أو التقدير القيمي Value of Jugement فإن هذا الحكم لا يمكن تبريره بالرجوع إلى مشاهد الواقع فحسب . وإذا كان العمل الذي يضمن لنا اللذة هو عمل واجب الأداء ، فهذا معناه أننا نفترض مبدئياً أن اللذة غاية يجب أن نسعي إليها .
وفوق ذلك فإن غاية الاتجاه التجريبي هو إعطاء مكانة للقيم الحسية ووضعها في الصدارة ، علي عكس الأخلاق التي تري أن القيم مكانتها أعلى من عالم الحس أي القيم المعنوية أو الروحية تتعارض مع القيم الحسية ، ومنه نحكم علي اللذة في بعض الأحيان أنها غير أخلاقية .
وعليه فالمذهب التجريبي أهمل الجانب الذاتي وركز علي الجانب الحسي في تكوين الضمير ، وهذا الجانب الحسي يمكن أن يعاني من قصور ، وبالتالي لا يمكن أن يشكل الضمير الأخلاقي للفرد .
2- النظرية التطورية :
إن النظرية التطورية نالت شهرة في القرن التاسع عشر ، وخاصة مذهب " سبنسر " ، فقد اهتم الناس اهتماماً كبيراً ، حيث تعود النواة الأولي التي استمد منها " سبنسر " أفكاره من نظرية " هوبر " عن حالة الطبيعة . حيث ربط " سبنسر " فكرة المضير الأخلاقي بالفكرة العامة التي تسيطر علي مبدأ التطور ، وهي فكرة بقاء الأصلح Survival of The Fitest .
فالضمير الأخلاقي حسب هذا الاتجاه قد نشأ من التغيرات التي اعترت الجنس بمحض الصدفة ، وظهرت فائدتها له فتمسك بها وتأصلت فيه بطريق الوراثة ، ومنه انطلاقاً من هذا التفسير فإن الأخلاق انبعثت أو صدرت من الآلية المحصنة . إذن من خلال الفكرة التي جاء بها التوجه التطوري وعلي رأسه " سبنسر " . أن الوراثة تدخل إلى حد ما في تشكيل أو تكوين الضمير الأخلاقي .
وعليه فإن حسب هاته النظرية فإن الوراثة هي مصدر تشكيل الضمير الأخلاقي لدي الفرد أو أي إنسان ، وبالتالي هنا لا دخل للإنسان في تشكيل الأخلاق . أي أن الأخلاق تتشكل بالوراثة ولا دخل لعامل الإنسان فيها ، إذ لا يمكن أن نطور أو نعدل الأخلاق لأنها أمر وراثي . أي أن الأسرة التي أخلاقها دنيئة ينشأ أفرادها بأخلاق دنيئة . والأسرة التي أخلاقها حسنة ينشأ أفرادها ذوي أخلاق حسنة حسب هاته النظرية ، ولكن هذا الأمر خطأ فهناك من الشعوب من كانت أخلاقها سيئة وبعد مجئ الإسلام أصبحت هاته المجتمعات من خلال ما جاء به الإسلام من أرقي المجتمعات ذات أخلاق رفيعة ، وعليه الأخلاق لا تتبني بالوراثة بصفة مطلقة وإنما يمكن أن تكون مكتسبة ويتم بناؤها .
3- النظرية الوضعية أو التفسير الوضعي :
إن المذهب الوضعي هو المذهب القائم علي أساس مفاده أن العلم هو الوسيلة الوحيدة المشروعة للمعرفة الإنسانية . فإن هذا المذهب لا يفسر الضمير بالنشاط المنبعث من باطن الذات وبالرجوع للقيم المطلقة ، لأن المطلق بالنسبة لهذا المذهب لا وجود له . وعليه فإن الشروط التي تخضع لها الحياة في المجتمع ، والتي تنظم علاقات الأفراد هي الأصل في نشأة الضمير الأخلاقي ، وليست الأخلاق إلا فصلاً من علم الإنسان ، وهذا العلم ينقسم إلى شعبتين أساسيتين : البيولوجيا وعلم الاجتماع ، وفكرة الضمير الأخلاقي تختلف بحسب ما نميل إليه من ربطها بإحدى الشعبتين .
تعليقات